الدكتور حماد أدم حماد ينجو بأعجوبة من دانات الجنوب وتصيبه دانة قاتلة بامدرمان

ياسر عرمان

⭕️١٩٩٥ في بداية ذلك العام والصيف قائظ والسماء الاستوائية صائمة عن مطرها المباح، هبطت بنا الطائرة المروحية في شرق الاستوائية بجنوب السودان في منطقة (موية سخن) التي تضم ينابيع مياه كبريتة سخنة لا يهتم بها أحد، كانت الطائرة تقل الزعيم جون قرنق وكنا بصحبته شخصي والقائد جيمس هوث ماي الذي أصبح لاحقاً رئيساً لهيئة اركان الجيش الشعبي لدولة جنوب السودان ووزير العمل الحالي، وكوال مجاك الذي لازم قرنق كظله وفي حراسته الشخصية وإذا ما رأيت كوال فان قرنق سيكون في مكان ما غير بعيداً منه.

كان المعسكر وسط غابات استوائية ويضم رئاسة القوة ومعسكر لأسر الضباط وضباط الصف والجنود ومواطنين ونازحين، استقبلنا الضباط بفتور واقترب مني حماد أدم حماد الموجود في ذلك المعسكر والذي اعرفه منذ سنوات وقال لي بصوت خافت ان مجيئنا خطأ كبير وان هنالك تحريض وعدم رضا واسع ضد قيادة الحركة وان المعسكر على شفا المجاعة ولا يوجد طعام أو ذخيرة وأدوية وزي عسكري ويعاني المعسكر من قلة الجرذان، وذكرت له ان دكتور قرنق مطلع على ذلك وذهبنا إلى منزل جون قرنق الذي تقوم الوحدات العسكرية بتشييده له من اعواد القصب والقطاطي في كل المناطق التي يزورها وهو الذي عاش حوالي ٩ سنوات في الولايات المتحدة الاميركية وقرر بمحض إرادته ان يمضي اكثر من ٢٠ عاماً محارباً وبرؤية شديدة الوضوح ينشر الفكر قبل السلاح ويوزع الأحلام والآمال ويقود مئات الآلاف جلهم من الفقراء المهمشين وعدد ليس بالقليل من المتعلمين دون ان يعطيهم مرتبات شهرية، وقبل عام من هذه الرحلة في (١٩٩٤) التقيناه بكمبالا وقد كان معظم الحاضرين من الضباط الغاضبين الذين طلبوا من دينق ألور وشخصي ان نقنعه بعقد اجتماع للاستماع اليهم، وعقد الاجتماع وأفرغ الجميع غضبهم وقد مضى على الحرب (١١ )عاماً كانوا مشاركين فاعلين فيها وثابتين بعد انقسام الحركة وبعد ان ضربتها رياح المتغيرات الداخلية والاقليمية، كعادته امتصّ غضب الجميع، وجلس من التاسعة مساءً حتى السادسة صباحاً فجر اليوم التالي واستمع بصبر لكل الحاضرين وأخرج دفتره الشهير ودون ملاحظات الجميع وبدأ ردوده أولاً بتوزيع القفشات معلقاً بان الزمن بالفعل قد مضى وقال لقد التقينا شباباً والآن قد كسا شعر رأسنا البياض واشار إلى بعض الحاضرين، ثم حدد الكوارث التي تحيط بنا وكيفية تحوليها إلى منفعة وأجاب بوضوح على سؤال رئيسي من كادر الحركة، (هل شكل حلف مع قدامى السياسيين ضد كادر الحركة؟) ثم انتقل إلى تحديد وجه المنفعة في كل كارثة وربط بين الآراء المتناقضة ووفق بينها بخيط ناظم نحو الانتصار والمضي إلى الأمام لا التراجع.
كان حماد صادقاً بأن قرنق سيواجه مأزقاً صعباً في المعسكر وبعد وقت وجيز دعا قرنق الضباط لمحاضرة وغفلت الطائرة التي حملتنا إلى المعسكر راجعة إلى قاعدتها وبدأ اللقاء خالياً من الحماس وأخذ قرنق في تحليل وضع الحركة والجيش الشعبي والهزائم التي تعرضت لها في حملات الجهاد وصيف العبور وسيوفه وفقدانها ما يقارب (١٦) مدينة حرّرتها بالدماء والدموع، والحصار الذي تتعرض له وتراجعها في كثير من المناطق إلى الحدود الدولية والإنقسام والنزيف الداخلي الذي تعاني منه ثم حلل الوضع في عموم السودان واستعداء النظام الحاكم لأغلبية السودانيين وخطر النظام على الاقليم وامتداد ذلك للمجتمع الدولي، وأكد ان الحركة سوف تكون في رفقة ممتازة عن قريب وانه قد التقى بقوى المعارضة السودانية وبالقادة الإقليميين وان مؤتمر للمعارضة سوف يعقد بالعاصمة الإرترية اسمرا وارتفعت درجات التفاعل معه رويداً رويداً بأعلى من ارتفاع حرارة الجو ثم انطلقت الأهازيج الثورية والهتافات بحياة قرنق والثورة من حناجر الضباط، وبلغت قمتها حينما أعلن انه لن يغادر المعسكر إلا بعد وصول المواد الغذائية والدواء والملابس العسكرية وانه سوف يقوم بإعلان … لقد كان قرنق مايسترو عظيم وفي صباح اليوم التالي أعلن عن …

⭕️١٩٨١-١٩٨٢ في أمبدة أمدرمان وعن طريق الصديق العزيز حسن نابليون الموجود الآن بأستراليا تعرفت على حماد أدم حماد المعلم والنقابي والشيوعي وقد كان ملء السمع والبصر في مجاله وفي فترة كان المسؤول السياسي لفرع أمبدة وتمكن مع زملائه من خلق نفوذ واسع للفرع في أوساط الشباب والنساء على أيام جعفر نميري والتقيت العديد من رواد هذه المجالات، كان نابليون يكن تقديراً لحماد وطلب مني زيارته في منزله وحسن نابليون من أهم أصدقائه في الحياة العابرة والتي سنتركها خلفنا، ففي سنوات الجامعة تعرفت عليه عبر صديقنا خالد محي الدين وقد كان مسؤلاً في مكتب الثانويات في ولاية الخرطوم التابع للحزب الشيوعي وعرفني بالكثير من طلاب الثانويات والذين انتقل بعضهم إلى الجامعات وكانوا يكنون له احتراماً كبيراً ومنهم الراحل حسن خضر سعيد وآخرين وربما من الأوفق عدم ذكر أسمائهم لتعقيدات أوضاعنا الراهنة، حماد أدم من الجزيرة أبا التي كانت حبلى بالثوريين وكان انساناً ساخراً أحفظ له العديد من القصص الموجعة والملهمة معاً ولولا ضيق المساحة لتطرقت لكثير منها ولكننا على عجل كأن الريح تحتنا وتحسدنا النعامة على (الجري والطيران) الذي كانت تطمح فيه.
ذات مرة قال لنا حماد وكنا مع حسن أحمد الحسن (نابليون): يا زملا (الميدان) الجديدة صدرت ولا شنو؟ لاقيت عدد من الزملا بتكلموا نفس اللغة وبنشروا نفس الأخبار كانهم وكالة نوفوستي! وهي أحدى وكالات الاتحاد السوفيتي ولاتزال الآن في روسيا الاتحادية.

⭕️١٩٩٠ اقترحت على قيادة الحركة دعوة الأستاذ والمبدع الكبير محمد وردي لمعسكرات اللاجئين في جنوب السودان وبشجاعته المعهودة استجاب للدعوة ولعب القائد الراحل مارتن مانييل دوراً رئيساً في تلك الزيارة، انطلقنا من اديس ابابا وفي مدينة قمبيلا في اقصى غرب إثيوبيا التقينا بالقائد سلفاكير الرجل الثالث في الحركة حينها وتحركنا لمعسكر (اتنغ) للاجئين وربما هو اكبر معسكر للاجئين في جنوب السودان، استقبلنا قائد المعسكر تعبان دينق نائب رئيس دولة جنوب السودان الحالي ووسط الجموع رأيت حماد ادم حماد (المابغباني) ومعه الطيب عبدالله فارس في مفاجأة سارة وكليهما أصدقاء قدامى والطيب عبدالله فارس انسان عجيب وهو من ابناء الجزيرة أباً ولا يزال في الوقت الراهن في جبال النوبة ولم يبدل تبديلا وهو من جذب زكريا محمد أحمد للعمل السياسي كما حكى لي زكريا حتى أصبح شيخاً ومجذوباً من المجاذيب. ولما كان كليهما مستجدين قلت لهما: (بعدين في عشا للأستاذ محمد وردي، ولن يسمح لكم كمستجدين بالدخول انتظروني قدام الباب من بدري وندخل مع بعض) وهذا ما حدث وجلس حماد والطيب في الطاولة المجاورة خلف الأستاذ وردي، وحماد المستجد لا يتورع عن السخرية وفي بدايات العشاء وكان الجو ساخناً من نسمات تلسع العرق الممزوج بالأملاح
تسآل الأستاذ وردي: يا جماعة ما عندكم تلج؟
فأجابه حماد: يا أستاذ وردي تلج في معسكر لاجئين؟!
سأله وردي : منو انت يا أخوي؟
فأجاب: حماد أدم
فسأله مرة أخرى: من وين؟
فأجاب من امبدة والآن في ايتنغ
سأله الجابك هنا شنو؟
فأجاب يا أستاذ كلنا في الهوا سوا فضحك الجميع، وذكرت لوردي من هو حماد ادم والطيب عبدالله فنهض من كرسيه وعناقهم بحرارة.
في صباح اليوم التالي أعلن قرنق عن ترقيات جديدة للضباط فوصلت المعنويات إلى عنان السماء واتت الشاحنات تحمل الطعام والأدوية والذخيرة والملابس العسكرية وقام قرنق بتسليمها لقائد المنطقة واعطاه التعليمات ومن ضمن الضباط الذين تم ترقيتهم جمعة بابو (ابو حديد) الذي شارك في معركة بور في ١٦ مايو ١٩٨٣ معلنين انطلاقة الجيش الشعبي وبعد ترقيته إلى قائد مناوب جاء مع كل زوجاته واولاده وكبرى زوجاته تحمل (صفارة) وهو يحمل قرن تور ويردودون الاغاني ويصدرون أصوات موسيقية ويدرون حول منزل قرنق وقام قرنق بتحيتهم كعادته وقد ادخلوا ابتسامة وضحكة على وجه ذلك المناضل المنتمي والثوري والمفكر الملتزم بوحدة السودان، والذي غُيب بعد يوم الساحة الخضراء يوم الفقراء والمهمشين والمثقفين يوم التحام الريف بالمدينة وقد وصل قرنق إلى مرافئ قاعدة اجتماعية جديدة كانت السبب في تغييبه.
بعد ساعات جاءت المروحية وخرج المعسكر بكامله لوداع قرنق الآلاف من النساء والأطفال والرجال خلفه لقد كان قرنق التاريخ يصنعه رجال ونساء خلف بندقية وفكرة، وجاء حماد آدم لجانبي وقال لي ساخراً : (عمك الساحر والأطفال وضع يده على الاشجار اليابسة فأخضرت وادخل الابتسامة في قرية ميتة!) وعدنا إلى كمبالا وفي اليوم التالي أقلتنا طائرة أخرى إلى مدينة اسمرا عاصمة دولة ارتريا وقمنا بإنشاء مكتب يطل على الجبهة الشرقية! وكما وعد قرنق فعل وبدأت أزمنة جديدة وتركنا ٦ سنوات عجاف خلفنا، لقد كان قرنق بحق زعيمنا وقائدنا وأخانا الكبير ولازال يشدني الحنين في رحابه، نحن الذين أتيناه من جغرافيا بعيدة في مشوار انساني نظل نعتز به.

⭕️١٩٩٢ زارني حماد ادم بالقرب من كاجو كاجي في غرب الاستوائية على ضفة النهر أمضى معي اياماً ممتعة مليئة بالسخرية وتحاورنا في تجارب الماضي وإيجابيات وسلبيات تجربتنا في الحركة الشعبية، تحدثنا حول كل شئ ولازلت اذكر ان حماد اخبرني انه حينما تولى المسؤولية السياسية في فرع امبدة وصعد إلى قسم مدينة امدرمان كان يعتقد انه من الأجدر ان يكون مسؤولها السياسي ويصعد لمديرية الخرطوم ولكن ذلك لم يحدث وتسأل عن السبب هل هو تكتل ابناء المدينة ضد الريف أم العنصرية، لازال سؤاله معلق في هواء أسئلةً ذات صلة بما يدور في مجتمعنا اليوم وبعد سنوات التقينا مرة أخرى في مدينة الخرطوم وفي كوستي والجزيرة أباً بعد اتفاقية السلام بعد دورة كاملة من الحياة المعقدة وما شاء الله فعل.
يطلق الجيش الشعبي على كل من يقدم خدمات طبية لقب (دكتور)، حكى لي حماد انه كان مسؤولاً عن العيادة العلاجية في منطقة (نيربنغ) بجنوب السودان، فجاء وفد من منظمة طبية أمريكية فسأل الجنود هل لديكم طبيب؟ فأجابوا بالإيجاب وذهبوا للقرية للبحث عن حماد وحينما أتى وقابل الأطباء سألوه هل انت طبيب؟ فأجاب بالإيجاب وأردف احدهم تخرجت من اي جامعة؟ فقال لهم من جامعة (نيربينغ) فسأله أحدهم هل هي بألمانيا؟ فأجاب حماد بسخريته المعهودة نعم هي في ألمانيا، وعرف حماد في سنوات الجنوب بالدكتور حماد ادم.

⭕️٢٠٠٥ وقعت اتفاقية نيفاشا للسلام، أختفى حماد في ريف جنوب السودان وانقطعت الاتصالات معه وكنت واحد من مجموعة ظل يكلفها القائد سلفاكير في لجان اختيار الوزراء ضمت دينق ألور وكوستي مانبيبي وآخرين احياناً، ولما كنت مسؤولاً عن القطاع الشمالي حينها رشحت حماد آدم وزيراً بولاية النيل الأبيض ومر أكثر من شهرين ولم نجد للوزير خبراً رغم الإعلان عن اسمه في الإذاعة والتلفزيون وهو في ريف الجنوب لا يقيم وزناً للإذاعة والتلفزيون أو تعيينه وزيراً وقمت بزيارة والده وأسرته في الجزيرة أباً وقد اصابهم القلق على حياته وبفضل القائد بيور أجانق (بيور أسود) الذي كان في قيادة الجيش وبذل مجهود مقدراً للوصول اليه عن طريق وحدات الجيش وبيور اسود كبير في انسانيته التي ظللتنا في سنوات الحرب ومحبتي لبيور أسود لا تنقطع وسوف أحملها إلى ضفة العالم الاخر وهو لا يزال فاتحاً زراعيه لكل رفاقه القدامى دون منْ أو أذى. جاء حماد متأخراً عن الوزارة وتولى رئاسة الحركة الشعبية بالنيل الأبيض وبعدها تفرقت بنا السبل.

⭕️٢٤ مايو ٢٠٢٤ صحوت على خبر هذه الدانة اللعينة في مدينة امبدة-امدرمان التي أخذت طريقها إلى حماد ادم حماد وابن اخته أحد قادة لجان المقاومة بامبدة ظافر حامد ابو قرجه ، رواغ حماد كل الدانات في جنوب السودان ورفض ان يحدد موعداً معها وهو من ذهب للجنوب طوعاً واختيارا ونجا من جميع الدانات بأعجوبة حتى صادفته واحدة مجانية في حرب ١٥ أبريل اللعينة، العزاء الحار لأسرته وأصدقائه وعارفي فضله وقدر ابن اخته ظافر ابو قرجه في أمدرمان والجزيرة أباً وكل السودان.

الوسومآثار حرب السودان الحركة الشعبية حماد ادم حماد ياسر عرمان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحركة الشعبية حماد ادم حماد ياسر عرمان

إقرأ أيضاً:

كيف وظّف متصوفة السينغال التّمويل التشاركي في ريادة الحركة الاجتماعية؟

على عكس واقع الحركات الصوفيّة في المغرب الإسلامي التي انزاح نشاط سوادها الأعظم إلى مربّع الطرقيّة الفلكلورية، المنفصمة عن واقعها الاجتماعي والسياسي منذ النصف الثاني من القرن العشرين، نجحت الحركة الصوفيّة المُريديّة بغرب إفريقيا، في تمثّل الحالة الثّقافيّة الدّينيّة والاجتماعيّة السّياسيّة للإنسان الإفريقي ـ جنوب الصّحراء، السّنغالي على وجه الخصوص، منذ نهاية القرن التاسع عشر وبواكير القرن العشرين. تمثّلُ بوّأها ريادة مشروع إصلاحيّ وطني يراعي قيم الإسلام وخصوصيّات المجتمع المحلّيّ في السّنغال ويرسم خارطة طريق المتصوف الإفريقي العضوي الذي لا يفِرّ من الخلق ويعتزل الحياة، بل يشارك الخلق في تحمّل أعباء الحياة مع التّعلّق في الآن ذاته بالقيم الرّوحيّة الّتي دعا إليها الخالق الرّحيم.

ولأنّ التمويل التشاركي بات يُعدّ "واقعا مشهودا واستقبالا منشودا في السّنغال، باعتباره بديلا تمويليّا مُهما لفائدة العديد من الجهات كالشّركات الصّغرى والمتوسّطة، وروّاد المشروعات الصّغيرة، والكثير من الجهات الخيريّة" التي وسّعت من مجال عملها بغرب إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء على مدى العقدين الأخيرين، فإنّ الاهتمام به وبمجالات تطبيقه عند المريديّة بالسنغال على المستويين البحثي والأكاديمي أضحى أولوية بالغة لمن رَامَ دراسة النُّقلة النَّوعية لحركات التصوّف في اتجاه تَبيِئَة منظومات اقتصاديّة اسلامية وتوظيفها لخدمة مشاريعها الاجتماعية. ومن أوائل البحوث المتناولة لآليّة التمويل التشاركي وانتمائها إلى طريقة صوفيّة معيّنة، الكتاب المعنون بـ "التّمويل التّشاركي عند المريديّة بالسنغال" لمؤلفه امبي سونغ والذي نُوقِش كرسالة ماجستير بحث في الاقتصاد والماليّة الإسلاميّة بالمعهد العالي لأصول الدّين، جامعة الزيتونة التونسية، قبل سنة من الآن.

في الحوار التالي الذي أجراه خِصِّيصا لـ "عربي21"، الكاتب والصحفي الحسين بن عمر يناقش امبي سونغ، الباحث السينغالي المتخصّص في الاقتصاد والمالية الإسلاميّة بجامعة الزيتونة التونسيّة، جهود الحركة المريديّة في السّنغال في المِعراج بالحركة الصوفيّة السنيّة من واقع الانعزال وعدم الاهتمام بمشاكل النّاس وقضايا معيشتهم إلى مستوى حركة اجتماعيّة إيجابيّة وفاعلة في عمليات التّنمية الاقتصاديّة المحلّيّة بوّأتها منازل الرّيادة والنّفوذ الاقتصاديّ في السّنغال، ويسائله إلى أيّ مدى يمكن للتّمويل التّشاركيّ المريديّ تحقيق ديمومته في ظلّ توجّهاته الفكريّة؟

س ـ هل من تعريف مبسّط للتمويل التشاركي وللحركة المريديّة في السينغال؟

 ـ التّمويل التّشاركيّ هو آلية تمويلية يمكن اعتبارها بديلا تمويليّا مهمّا لفائدة كثير من جهات المجتمع كالمنظّمات الاجتماعيّة الخيريّة، والمؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة الّتي تمثّل نسبة كبيرة من النّسيج الاقتصاديّ للعديد من البلدان النّامية بما فيها السّنغال، وقد عرفت هذه الآلية التّمويليّة تجارب ناجحة في غير ما دولة على الصّعيد العالميّ، وحقّقت تطوّرا تصاعديّا ملحوظا خاصّة في السّنوات الأخيرة. وقد خصّصنا مبحثا من الكتاب لتأصيل المفاهيم الواردة في العنوان وضبطها مثل التمويل التشاركي والمريدية والسنغال، ومختلف المسائل التي لها صلة مباشرة به مثل النشأة والأنواع والخصائص، والأهداف والمزايا والمخاطر.

س ـ لماذا تمّ الاختيار على آلية التمويل التشاركي دون غيره من آليات التمويل الأخرى؟

 ـ سؤال وجيه، ذلك أنّ اختيارنا آلية منصّات التّمويل الجماعيّ على نموذج التّمويل التّشاركيّ الّذي تزاوله المريديّة بالسّنغال، مردّه أنّ هذا النّموذج التمويلي مستلهمُ من صميم المجتمع السّنغاليّ و وجد تجاوبا وقبولا كبيرا خاصّة من الجماعة المريديّة، ولذلك جاء عنوان كتابي موسوما ب:"التّمويل التّشاركيّ عند المريديّة بالسّنغال". كما أنّ المبتغى كان ولا يزال العمل على استثمار هذا الموروث الاقتصاديّ المريديّ بوصفه آلية في التّنمية السّنغاليّة، باعتباره نابعا من صميم المجتمع السّنغاليّ عموما والجماعة المريديّة بصفة خاصّة، وإمكانية توفيرها آفاقا مستقبليّة في الدّولة السّنغاليّة.

س ـ طيّب، عودا على المّريديّة ربّما يحتاج القارئ تذكيره بهذه الحركة وظروف نشأتها ومؤسسها.

 ـ  إنّ كلمة المريديّة مشتقّة من الإرادة، التي تعني المشيئة، ولقد شاعت كلمة " الإرادة أو المريد " في الفكر الصّوفيّ عموما؛ إذ إنّها تعني التّوجه إلى الله تعالى، والانقطاع إليه سبحانه بالإرادة الصّادقة لبلوغ مرضاته تعالى. كما أنّ (الإرادة) هي أوّل مقام المتصوّف عندهم، وإلى ذلك أشار الإمام القُشيريُّ، إلاّ أنّها أصبحت عَلَماً خاصّا بالطّريقة المريديّة بالسّنغال، بحيث ينصرف الذّهن حين إطلاقها في المحيط السّنغاليّ إلى المنتمين إلى هذه الطّريقة. وعليه؛ فإنّ المريديّة بوصفها طريقة صوفيّة: "حركة إصلاحيّة، تجديديّة، صوفيّة إسلاميّة، سنّيّة، أسّسها الشّيخ (أحمد بمبا) عام ( 1301 هـ/1883م) في السّنغال، وقد تميّزت بموقفها الباسل في مناهضة الاحتلال الفرنسيّ الغاشم ثقافيّا، وقيامها على أنقاض النّظم الأرستقراطيّة المحلّيّة الجائرة، وحفاظها على العادات والتّقاليد الّتي لا تتناقض مع الرّوح الاسلاميّة وتعاليمه" .

وللطريقة المريديّة أسس، ومبادئ، من أهمّها: العلم النّافع، والعبادة، والأدب المرضيّ والعمل (الكسب الحلال) والخدمة بكفّ الضّرّ عن الخلق، ومجانبة كسر خواطرهم، مع الحرص على إيصال النّفع إليهم لوجه الله تعالى. وتعدّ من أكبر الطّرق الصّوفيّة بالسّنغال، وأكثرها نفوذا، ولها خدمات جليلة في ميادين مختلفة، كالميدان العلميّ، والاقتصاديّ، والاجتماعيّ. كما أنّ له امتدادا واسعا في دول الغرب الأفريقي. ولها أيضا نظام تمويليّ تشاركيّ، يهدف هذا البحث إلى إبرازه في المباحث القادمة.

س ـ نأتي الآن إلى مجال تخصصكم الأكاديمي، ما هو مفهوم التمويل التشاركي؟

 ـ يمكن تعريف التّمويل التّشاركيّ على أنّه: " آلية تمويل مستحدَثة لا تعتمد على الوساطة الماليّة المعروفة، والممارَسة من قِبل المصارف والمؤسّسات الماليّة الأخرى، بل تعتمد على الانترنت، وتهدف إلى تعبئة الأموال، وتمويل المشاريع، الّتي يبادر بها أشخاص، أو مؤسّسات تجاريّة، أو منظّمات خيريّة، ويتمّ تمويل المشروع عبر مساهمات صغيرة من قبل عدد كبير من الأشخاص المتحمّسين للمشروع، والمساهمة إمّا أن تكون بالمال، أو بالمعرفة، أو بالخبرة، ويكون في شكل تبرّع، أو إقراض، أو استثمار. وقد شهدت سوق التمويل التشاركي طفرة تصاعدية ملحوظة على الصعيد العالمي، حتّى إنّ هناك توقّعات أن يشهد نموّا كبيرا مع حلول عام 2025م؛ حيث يقدّر وصول الاستثمارات في هذا المجال إلى أكثر من ثلاثمائة مليار دولار أمريكيّ عالميا.

وقد اختلف في تحديد تاريخ نشأته؛ حيث يرى البعض أنّ البدايات الأولى للتّمويل التّشاركيّ تعود إلى عام (1875م) وبالتّحديد إلى حملة تدشين تمثال الحريّة في نيويورك بأمريكا، في حين يذهب رأي آخر إلى أنّ فكرة التّمويل التّشاركيّ أو الجماعيّ تعود إلى التّسعينات من القرن العشرين، إلى سنة (1997م) تحديدا، بينما يرى آخرون أنّ أوّل ظهور للتّمويل التّشاركيّ يعود إلى عام (2006م). ويمكن تصنيف أنواع التمويل التشاركيّ حسب النّماذج التّالية وهي: التّمويل التّشاركيّ القائم على نظام التبرّعات، والقائم على المكافآت، والقائم على الإقراض، والاستثمار، أو على العملات المشفّرة الذي ظهر حديثا في سنة (2021م).

س ـ هذا مفهوم التمويل التشاركي بصفة عامّة، فماذا عن التمويل التشاركي المُريدي؟

 ـ في الحقيقة، إنّ أكبرحدث ملموس يمكن التأصيل به لنشأة التمويل التشاركي المريدي هو مرحلة إطلاق مشروع بناء الجامع الكبير بمدينة طوبى، حين حدّد الشّيخ أحمد بمبا مبلغا قدره ثمانية وعشرون درهما (28) يتبرّع به الأتباع جميعهم، وذلك في عام ( 1342 هـ-  1922 م).

س ـ إلى أيّ مدى يمكن الحديث عن تمويل تشاركيّ مريديّ؟ ما طبيعته؟ وما هي خصائصه؟

 ـ يعني التّمويل التّشاركيّ عند المريديّة بالسّنغال، تعبئة الأموال والموارد قصد تمويل المشاريع الّتي تبادر بها المشيخة العامّة أو فروعها عبر مساهمات صغيرة وكبيرة من قبل عدد كبير من الأشخاص أو الجماعات المنتمين إلى الطّريقة، والمتحمّسين لمشاريعها، وتكون المساهمات بالمال، وهو الأغلب، أو بالمعرفة، أو بالخبرة، أو بالثّلاثة معا، وبشكل تطوّعيّ غير ربحيّ، تستند إلى مرجعيّة أيديولوجيّة دينيّة، ممّا يعني أنّ التّمويل التّشاركيّ عند المريديّة ذو طبيعة تطوّعيّة خالصة؛ إذا هو تمويل قائم على نظام التّبرّع الذي لا يُنتظر منه مردود مادّيّ نقديّ. وللتمويل المريدي خصائص نجملها فيما يلي: خاصية المرجعيّة الدّينيّة وخاصّية الرّبحيّة الصفريّة. ونعني بالأولى أنّ من أهمّ ما يميّز التّمويل التّشاركيّ عند المريديّة عن غيره استنادُه إلى مرجعيّة فكريّة دينيّة صوفيّة(روحيّة) بالأساس، تمّ استفادتها من كتابات الشّيخ أحمد بمبا امباكي المؤسّس. أمّا خاصّية الرّبحيّة الصّفريّة فالمقصود بها هو: أنّ التّمويل التّشاركيّ المريديّ يتميّز بكونه عملا تطوّعيا صرفا، لا ينتظر منه المريدُ المموِّل مردودا مادّيّاً؛ إيمانا منه بالرّوح الجماعيّة داخل الطريقة وأنّ كلّ فرد جزء من المشروع، ونجاحه يعود بالنّفع على الجميع، فهو استثمار أخرويّ يرجو فيه المريد ثواب الله وحسن أجره تعالى.

س ـ ماهي الخلفيّة الفكريّة والمرجعيّة الدّينيّة للتّمويل التّشاركيّ عند المريديّة؟

 ـ يستند التّمويل التّشاركيّ عند المريديّة إلى مرجعيّة فكريّة دينية تمثّل المحرّك الأساس، والمخزون العاطفيّ الدّينيّ الذي يحفّز هذا التّمويل التّشاركيّ عند المريدين أفرادِ هذه الحركة، وحسب ما توصّلت إليه فإنّها ترتكز على رباعيّة الخدمة، والهديّة، فالاكتفاء الذّاتيّ، ثمّ المجتمع الفوزينيّ، هذه الرّباعيّة الّتي بعضها (الخدمة والهديّة) وسائل للأخرى (الاكتفاء الذّاتيّ) سعيا في النّهاية إلى بناء المجتمع الفوزيني.

أما الخدمة فهي إحدى أهم الركائز أو المبادئ الأساسيّة للمريديّة، وبها كسبت شهرة كبرى، وحقّقت وزنا اجتماعيّا واقتصاديّا على الصّعيد السّنغاليّ. وهي كما يعرّفها بعض باحثي المريدية: " منظومة معرفيّة توائم بين متطلّبات الجسد والرّوح في بِنْية أحاديّة المصبّ ألاّ وهي إصلاح العالم وفق نظريّة الخلافة الاسلاميّة في بُعديها المعرفيّ والاجتماعيّ"؛ أي أنّها " تحتوي انشطارا في آن واحد إلى ما هو روحانيّ نفسانيّ، وإلى ما هو واقعي اجتماعيّ"، في ازدواجية يلتقي فيها الفرديّ بالاجتماعيّ، على غرار تلك المقولة المشهورة: "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا" وهي العبادة بمفهومها الأشمل ما يجعلها-بوصفها مرجعية- يستوعب التمويل التشاركي المريدي.

وأما مبدأ الهديّة فله مكانة خاصّة في الطّريقة المريديّة، وتمثّل جزءً من المرجعيّة الفكريّة الدّينيّة للتّمويل التّشاركيّ المريديّ. وترجع مكانتها بالأساس إلى أهمّية الفلسفة الكامنة وراءها في الاعتقاد المريديّ؛ ما يجعلها تتمتّع بخصوصيّة تجعلها تتجاوز مفهومها اللغويّ والفقهيّ وحتّى مطلق الإنفاق الإسلاميّ المعروف من حيث فلسفة الثّواب الكامنة وراءها من حيث إنّ "الهديّة الواحدة يجزى باثني عشر ألفا، وهو الأقلُّ فيها، والأكثر من ذلك لا يعلمه إلاّ الله مالك الملوك عزّ وجلّ" كما أوردها الشيخ أحمد بمبا في إحدى رسائله. وكلّ التبرّعات التي يقدّمها المريدون، وإن أسميتُها مساهمات، فإنّ مسمّاها الحقيقيّ هو الهديّة بالاصطلاح المريديّ الدّقيق.

ويتمثّل المبدأ الثالث في الاكتفاء الذّاتيّ وهو: اعتماد المريدين على أنفسهم في تمويل مشاريعهم، وعدم التّعويل على دعم مالي خارجيّ، ويأتي هذا المبدأ من مقال الشيخ أحمد بمبا أيامَ إطلاق مشروع بناء الجامع الكبير في طوبى بعد أن جمع المريدون الأقساط الأولى: " إنّي لا أقصد من هذا جمع المال، وصرفه وإنّما أريد إعطاءكم درسا عمليّا مفيدا في الاعتماد على الذّات، وبذل أقصى جهد ممكن في قضاء حوائجكم بأنفسكم دون الاعتماد على غيركم، لأنّ من يضمن لكم عيشكم يسلبكم حرّيّتكم إذا شاء" وقد أصبحت هذه المقولة بوصفها جزءا أساسيا من المرجعية الفكرية لدى المريديّة.

ليأتي تحقيق المجتمع الفوزينيّ الذي هو عبارة عن خطّة تنمويّة شاملة ذات جوانب متعدّدة أرفقها الشّيخ المؤسّس مدينته طوبى-عاصمة المريديّة -أوان تأسيسها، وضمّنها في قصيدة أسماها "مطلب الفوزين" وقد جاءت كاملة في شكل دعاء وابتهال إلى المولى عزّ وجل، كما هو معهود في كثير من كتاباته.

ولقد كانت هذه الخطّة في تلك الآونة بأبعادها المتعددة أشبه ما تكون بأحلام الفلاسفة القدامى في تنظيرهم للمدينة الفاضلة، إلاّ أنّها الآن انتقلت إلى حدّ كبير-بفضل جهود المريدين بزعامة المشيخة العامّة-من عالم الفكر والتّنظير إلى عالم التّفعيل والتّطبيق. وقد ركزت على مواضيع متعددة منها العبادة والتربية والرخاء والأمان وغيرها. وتمثّل أهمّ مرجع فكري لمنظمة طوبى تياكنم.

س ـ ما أهمّ الهياكل والجهات المجسّدة للتّمويل التّشاركيّ عند المريديّة؟ وفيم تتجلّى آليات استدامتها؟ 

  ـ يمكن تلخيص الهياكل أو الجهات التي تجسد التّمويل التّشاركيّ عند المريديّة في ثلاث جهات كالآتي: صندوق المشيخة باعتباره الهيكل الأعلى من الهرم التّسلسليّ للمريديّة والنّظام التّمويليّ المريديّ، ومنظمة "طوبى تيَاكَنَمْ" باعتبارها منظّمة رسميّة غير ربحيّة داخل النّظام التّمويليّ في المريديّة، أمّا الثّالثة: فصندوق الزّكاة باعتباره أحد هياكل التّمويل التّشاركيّ المريديّ وتشرف عليه المنظّمة ولكل من هذه الجهات مصادر تمويلية معيّنة تناولها الكتاب بالتفصيل كما عرض عيّنة مشاريع تمّ تمويلها من قبل صندوق المشيخة ومنظمة "طوبى تيَاكَنَمْ" مما يصوّر معا واقع التمويل التشاركي المريديّ في السنغال.

س ـ إلى أيّ مدى يمكن الحديث عن آفاق مستقبليّة للتّمويل التّشاركيّ عند المريدية باستخدام منصّات التّمويل التّشاركيّ في السّنغال؟ وما علاقتها بمدى ديمومة هذا التّمويل المريديّ واستمراريّته؟

 ـ هنا تكمن الإشكالية والتحدّي الأكبر المتمثل في طرق استدامة التمويل التشاركي المريدي؛ ذلك أن أكبر مشاكل التمويلات التبرّعية تتمثل في مدى إمكانية استمراريتها وديمومتها؛ وتعني في عمومها ضمان وجود مصدر ماليّ دائم للاستمرار في مزاولة النّشاطات، وكذلك كفاءة استخدام الموارد الماليّة المتاحة لضمان الاستقرار الماليّ وتزايد التّدفّقات الدّاخلة (الإيرادات)، لتمكين الاستثمار في الأنشطة الحاليّة والمستقبليّة للوحدة. والحقيقة أنّ المرجعيّة الدّينيّة تمثّل الخيط النّاظم والقاسم المشترك لاستدامة مختلف الجهات، وكذلك التحوّل من الصرف المباشر إلى إيجاد مصادر تنمويّة دائمة، مما أفضى في النّهاية إلى القول إنّه لكي يضمن هذا التّمويل التّشاركيّ المريديّ ديمومته فلا بدّ له من التّوجّه نحو الاستثمار الرّشيد المنتج والدّائم، وذلك بعد استناده إلى المرجعيّة الدّينيّة المبيّنة.

كما يمكن للتمويل التشاركي المريدي الاستفادة من الثورة الرقمية منطلقا من فرضية مفادها إمكانية أن يصبح هذا التّمويل المريديّ رائدا في قطاع التّمويل التشاركي في السّنغال إذا استطاعت المريديّة إقامة منصّات كفؤة في الغرض، كما أنّها ممّا يساهم في تحقيق ديمومتها، الأمر الذي سيؤثر إيجابا على الاقتصاد الوطني.

مقالات مشابهة

  • “أرحومة” يجتمع بمدراء بعض الشركات التي قدمت خدماتها للجنة الطوارئ لمدينة سبها ومدن الجنوب الغربي
  • كيف وظّف متصوفة السينغال التّمويل التشاركي في ريادة الحركة الاجتماعية؟
  • مدير الصحة العالمية ينجو بإعجوبة من قصف مطار صنعاء
  • مدير الصحة العالمية ينجو من القتل خلال الغارة الإسرائيلية على مطار صنعاء
  • مدير منظمة الصحة العالمية ينجو بأعجوبة بعد قصف إسرائيلي لمطار صنعاء
  • حماد يتفقد حجم الأضرار التي خلفتها مياه الأمطار في سلوق
  • الصغير: تحويل الدعم مباشرة لأهالي الجنوب سيحسن الوضع بمليون مرة
  • الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
  • «دانة الإمارات» تطبّق برنامجاً دولياً معتمداً للسلامة
  • الشاهد جيل ثورة ديسمبر الذي هزم انقلاب 25 أكتوبر 2021 بلا انحناء