ظلت ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، على مدى سنوات طويلة، تضع الكثير من العراقيل أمام كل الجهود والمساعي الرامية إلى حلحلة موضوع "إطلاق سراح المعتقلين"، و"فتح الطرقات المغلقة"، دون مراعاة أن الملفين إنسانيان ويهدفان إلى رفع المعاناة والتخفيف عن أوجاع اليمنيين.

في اتفاقية السويد أواخر العام 2018، تم الاتفاق على فتح الطرقات الرئيسية المغلقة في تعز ومحافظات يمنية أخرى، وكذا إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين وفق "مبدأ الكل مقابل الكل"؛ إلا أن الميليشيات الحوثية ظلت تراوغ وتماطل في تنفيذ هذه البنود رغم سلسلة طويلة من المباحثات والاجتماعات، واتجهت صوب المزايدات السياسية لإفراغ هذين الملفين من محتواهما الإنساني.

طرق ملتوية

خلال الأيام الماضية، بدأت الميليشيات الحوثية وتحت مبادرة أطلقت عليها اسم "الرايات البيضاء" بفتح عدد من الطرق في محافظتي مأرب وتعز، بعيداً عن الطرق الرئيسية الـ20 المدرجة ضمن الاتفاقات المبرمة برعاية أممية في 7 محافظات يمنية. لفتح طريق بين مدينتي الحوبان وتعز وقبلها طريق يربط محافظتي البيضاء ومأرب.

الطرق المعلن فتحها من قبل الحوثيين، هي طرق بديلة وملتوية، جراء استحداثها بهدف إبقاء تموضع الميليشيات العسكري وشرعنة الحصار والتضييق على المواطنين. كما أن هذه الطرق جرى الإعلان عن فتحها بمبادرات أحادية من قبل الحكومة الشرعية خلال فترات سابقة ولم تستجب حينها الميليشيات كحلول مبدئية حتى فتح الطرقات الرئيسية المغلقة.

انتقاء فتح الطرقات البديلة والفرعية بعيداً عن الطرقات الرئيسية التي تخفف معاناة المواطنين والمسافرين يؤكد أن هذه الخطوة الحوثية ما هي إلا مراوغة جديدة هدفها تعزيز مواقعها العسكرية بعيداً عن ما يتم الترويج له بأن الهدف من فتحها إنساني. كما أن الهدف من هذه العملية إلتفاف صريح على الاتفاقات السابقة وإظهار الميليشيات بالطرف الملتزم بفتح الطرقات وعدم وجود عرقلة من جانبها.

مسرحيات مكشوفة 

مبادرة فتح الطرقات، سبقها مبادرة أخرى تتمثل في إطلاق سراح أكثر من 113 مدنيا ممن جرى اختطافهم واعتقالهم من نقاط أو حملات مداهمة نفذتها الميليشيات في مناطق سيطرتها. وجاءت هذه الخطوة أيضاً لتفضح حقيقة الوجه الحوثي الذي عرقل عودة مفاوضات تبادل الأسرى والمختطفين خلال الفترة الماضية، خاصة وأن المفرج عنهم ليسوا ضمن القوائم المدرجة ضمن عملية التبادل التي جرى عرقلتها منذ مطلع العام 2023.

الحكومة اليمنية وعلى لسان رئيس الوفد الحكومي في ملف الأسرى والمختطفين، يحيى كزمان، أكدت أن الحوثيين يتهربون من تنفيذ التزاماتهم في ملف الأسرى والمختطفين بخلق مسرحيات مكشوفة ومفضوحة. مشيرة إلى أن هذه المبادرات المعلنة من قبلها ما هي إلا ورقة ضغط ابتزاز سياسي بعيدا عن إنسانية الملف البحت.

الجانب الحكومي أكد أنه تقدم خلال جميع الاجتماعات المنعقدة برعاية أممية بتنفيذ الالتزام لإطلاق جميع سراح الأسرى والمعتقلين تحت "مبدأ الكل مقابل الكل"، إلا أن الميليشيات وقفت ضد هذا المبدأ وظلت تطالب بالتجزئة، وعرقلت إطلاق مزيد من الدفعات تحت حجج واهية.

ليست مكرمة 

ما تقوم به الميليشيات من إطلاق سراح للمختطفين أو فتح طرق مغلقة، حق إنساني ووطني وليس مكرمة منها تجود بها على اليمنيين الذين يعيشون ويلات الحرب العبثية التي تقودها هذه الميليشيات بدعم من إيران. 

عدد من المراقبين ربطوا ما يقوم به الحوثيون من تحركات في الملفات الإنسانية اليوم، محاولة لامتصاص الضربات الاقتصادية التي تعرضوا لها مؤخرا من قبل الحكومة اليمنية لتضييق الخناق على أهم الموارد المالية التي يستغلونها لتمويل حربهم وإثراء قياداتهم. في حين قال آخرون إنها مراوغات حوثية جديدة ضمن نواياها الخبيثة للحصول على مكاسب سياسية وعسكرية قادمة ليس لها علاقة بالجانب الإنساني.

ويؤكد الخبير العسكري العميد ركن محمد الكميم، أن الحكومة اليمنية اتخذت قرارات وإجراءات قوية من شأنها إجبار مليشيات الحوثي التابعة لإيران، على فتح جميع الطرقات، والتحرك نحو تنفيذ التزاماتها التي تخلفت وماطلت بتنفيذها على مدى سنوات.

وقال: أجراءات متلاحقة من البنك المركزي إلى النقل والاتصالات هدفها تجفيف منابع الإرهاب الدولي الحوثي- الإيراني، وهذه الضربات سوف تلحقها ضربات قوية أخرى ستجبر الحوثي على تنفيذ الكثير من الإلتزامات. مؤكداً: "أن الإجراءات الأخيرة للشرعية، ستصل باليمنيين إلى مخرج، "بأي طريقة سواءً بحرب أو استسلام حوثي إيراني كامل".

بدوره يرى الناشط الحقوقي عارف ناجي أن التحركات الحوثية الأخيرة من إطلاق المختطفين لديه وفتح الطرقات تتطلب ضمانات أمنية وتحت إشراف مكتب المبعوث الأممي والمجتمع الدولي. خصوصا وأن هناك مفاوضات عدة جرى الاتفاق فيها في هذا الجانب وكانت الميليشيات الحوثية ترفض وتتعنت في تنفيذها واليوم تقوم بها بشكل مفاجئ.

وأكد أن الجميع فقد ثقته في هذه الجماعة التي تبرم الاتفاقات وتتخلف عن تنفيذها، فالجماعة لها أهدافها من أي تحرك تقوم به، فهي تسعى لتحقيق مآربها العسكرية والسياسية والإعلامية حرصاً على وضع إنساني زائف ومختلق.

دعم إخواني 

ما تقوم به ميليشيا الحوثي من مبادرات إحادية لتلميع وإظهار نفسها بالطرف الإيجابي، يثير الكثير من المخاوف والهواجس والحذر في التعامل مع ما يتم طرحه. إلا أن ما ثير التساؤل هو الاستجابة الفورية والعلنية لسلطات الإخوان في مأرب وتعز التي تسارع للترحيب بالخطوات الحوثية وتعتبرها مكرمة تحتفي بها في وسائل إعلامها أو عبر النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

الاستجابة الإخوانية المتسرعة للمسرحيات الحوثية الهزلية، لقيت ردا صريحا وواضحا من قبل وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري الذي رفض ما تقوم به الميليشيات من مراوغة وخداع وكذب تحت مبرر فتح الطرقات المغلقة.

وقال وزير الدفاع اليمني، الفريق الركن محسن الداعري، السبت، إن فتح الطرقات المغلقة من قبل ميليشيا الحوثي، يتطلب اتفاقًا لوقف إطلاق النار، لضمان سلامة المدنيين والمسافرين اليمنيين. مؤكدا في اجتماعه مع قيادة محور تعز العسكري الموالي للإخوان: "أن جميع الطرقات في مختلف المحافظات، مفتوحة من جانب القوات المسلحة والحكومة اليمنية، ولم تقطعها سوى ميليشيا الحوثي الإرهابية، إمعانًا في معاناة اليمنيين".

وأشار إلى ما دأبت عليه ميليشيا الحوثي من "الكذب والخداع والمراوغة، خاصة فيما يتعلق بفتح الطرقات"، طبقًا لما نقلته وكالة سبأ الرسمية. وحمّل وزير الدفاع الميليشيا "مسؤولية حياة المواطنين والمتنقلين عبر الطرق"، مشيرا أن الميليشيا زرعت "الألغام والمتفجرات في مختلف الطرق".

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة میلیشیا الحوثی فتح الطرقات إطلاق سراح من قبل

إقرأ أيضاً:

توجّه دولي يضع نهاية لزمن الميليشيات.. عون:.. الجيش اللبناني وحده الضامن للحدود والقرار بيد الدولة

البلاد – بيروت
أكد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزيف عون أن قرار حصر السلاح بيد الدولة قد اتُّخذ بشكلٍ لا رجعة فيه، مشددًا على أن لبنان ماضٍ في تثبيت سلطة المؤسسات الشرعية وبناء دولةٍ قويةٍ قادرة على حماية حدودها وأمنها الداخلي.
وأضاف عون خلال استقباله وفدًا من مجلس الشيوخ الفرنسي أمس الاثنين في بيروت، أن الجيش اللبناني ينتشر بكفاءةٍ على الحدود الشمالية الشرقية، ويتولى كامل مسؤولياته الوطنية في مكافحة الإرهاب، ومنع التهريب، وحفظ الأمن، بما يكرّس مسؤولية الدولة الحصرية عن السيادة والأمن من دون شراكة مع أي طرفٍ آخر، مؤكدًا أن استكمال انتشار الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية لا يكتمل إلا بانسحاب إسرائيل من “التلال الخمس”، باعتباره ضرورة قصوى لتعزيز حضور الدولة اللبنانيّة على كل شبرٍ من أراضيها.
وفي موازاة الملف الأمني، أشار رئيس الجمهورية إلى أن الإصلاحات البنيوية انطلقت وستُنفذ بوتيرةٍ متصاعدة، مشددًا على أن هذه الإصلاحات تُمثل حاجة لبنانية خالصة، وليست مجرد استجابة لضغوط أو مطالب خارجية، قاطعًا بأن مكافحة الفساد تندرج في صلب هذه العملية، باعتبارها ركيزةً أساسية في بناء دولةٍ حديثةٍ قادرةٍ على خدمة مواطنيها وتعزيز الثقة الداخلية والخارجية بمؤسساتها.
على الصعيد الإقليمي، أعلن الرئيس أن لبنان سيتحرك نحو تشكيل لجان مشتركة مع سوريا لمعالجة الملفات العالقة، وفي مقدمتها ترسيم الحدود البرية والبحرية، وتسوية أوضاع النازحين السوريين الذين غادروا بلادهم لأسباب اقتصادية، بما يخفف من الأعباء المتفاقمة على الدولة اللبنانية.
أما داخليًا، فقد شدّد عون على أن الانتخابات البلدية ستُجرى في موعدها المحدد، مع توفير الدولة لكل المتطلبات الإدارية والأمنية لإنجاح العملية الانتخابية، مشيرًا إلى أن الخيار سيكون للبنانيين وحدهم لاختيار ممثليهم بحريةٍ وديمقراطيةٍ كاملة.
وختم الرئيس اللبناني بالتأكيد أن كل هذه المسارات المتوازية، من التثبيت الأمني إلى الإصلاحات ومكافحة الفساد والانتخابات، تهدف إلى إعادة بناء الدولة اللبنانية وترسيخ حضورها الفاعل داخليًا وخارجيًا، عبر مؤسساتٍ شفافةٍ وقوية تُعيد ثقة اللبنانيين والعالم بلبنان الجديد.
يأتي هذا الحراك في ظل تقارير أمريكية تكشف عن اتخاذ قرار دولي بتطبيق القرارات الأممية وتحرير لبنان من نفوذ “حزب الله”، مع معلومات تفيد بأن أمريكا بدأت الإعداد لتحرّك عملي إذا لم تتحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها. وفي هذا الإطار، يكشف تقرير صادر عن وحدة القيادة المركزية الأمريكية “CENTCOM”، المسؤولة عن منطقة تشمل 20 دولة من بينها لبنان، عن وجود تنسيق أمريكي-أوروبي واسع يشمل إنهاء الجناح العسكري لـ”حزب الله” والحدّ من هيمنة جناحه السياسي على القرار اللبناني، ويجري التنسيق الاستخباراتي مع عدة دول على رأسها فرنسا، مع دعم إقليمي ملحوظ لهذا التوجه.
وتُظهر التقارير أن المرحلة المقبلة ستكون محوريةً للبنان والمنطقة بأسرها، مما يزيد من أهمية التمسك بخيار بناء دولةٍ قوية وشفافة وفاعلة، بعدما أثبتت مشاريع الميليشيات والجماعات فشلها في تحقيق الاستقرار المنشود.
وفي هذا السياق، يندرج تريث الرئيس عون في التعامل مع “حزب الله” ليس باعتباره ضعفًا، بل خيارًا مدروسًا لقطع الطريق أمام أي انزلاقٍ إلى صراعٍ داخلي، خاصةً في هذا الظرف المحلي والإقليمي والدولي الضاغط، الذي يُحتمّ اعتماد نهجٍ هادئ وحازم في آنٍ معًا.

مقالات مشابهة

  • توجّه دولي يضع نهاية لزمن الميليشيات.. عون:.. الجيش اللبناني وحده الضامن للحدود والقرار بيد الدولة
  • متهم بالسرقة وتعاطي المخدرات وإطلاق نار.. شرطة أربيل تطيح بـقاقي (فيديو)
  • عدن على صفيح ساخن: إغلاق الطرقات في كريتر
  • اندلاع حريق ضخم على أوتوستراد جنوبي العاصمة الإيرانية طهران (شاهد)
  • غارات جوية تستهدف ثكنات ومواقع المليشيا الحوثية غرب تعز
  • تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !
  • قصف مدفعي وإطلاق نار من طائرات مروحية على المناطق الشرقية لمدينة غزة
  • عاجل .. غارات أميركية بقنابل خارقة للتحصينات تدك مواقع مليشيا الحوثي بالعاصمة صنعاء واستهداف لمنازل قيادات حوثية
  • كربلاء المقدسة .. مدينة النور التي أخرست ألسنة التشاؤم وأضاءت دروب الأمل
  • ترامب يتوقع إبرام اتفاقات تجارية مع شركاء الولايات المتحدة خلال شهر