اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. هل يُعيد تشكيل المشهد السياسي للقارة؟
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
يختتم الناخبون في 21 دولة بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، انتخابات البرلمان الأوروبي التي استمرت أربعة أيام، الأحد، في ظل توقعات بتحقيق الأحزاب اليمينية مكاسب غير مسبوقة قد تمنحها نفوذا أكبر في رسم السياسات وصناعة القرار داخل الاتحاد الأوروبي.
وتجري عمليات التصويت الأحد في حوالي عشرين دولة لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي، في ختام ماراثون انتخابي قد يعيد تشكيل التوازنات السياسية في البرلمان الأوروبي.
ودعي أكثر من 360 مليون أوروبي للإدلاء بأصواتهم لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، في انتخابات انطلقت في هولندا الخميس وفي دول أخرى يومي الجمعة والسبت.
وسيتم الإدلاء بالجزء الأكبر من الأصوات في الاتحاد الأوروبي، الأحد، حيث تفتح فرنسا وألمانيا وبولندا وإسبانيا مراكز التصويت، بينما تجري إيطاليا يوما ثانيا من التصويت.
مجموعات البرلمان الأوروبيويعد البرلمان الأوروبي أحد الكيانات الثلاثة الرئيسية بالاتحاد الأوروبي، إلى جانب المجلس الأوروبي الذي يبقى أعلى هيئة بالتكتل، ويضم رؤساء الدول والحكومات، ومجلس الاتحاد الأوروبي الذي يعرف كذلك بالمجلس الوزاري، والذي يضم ممثلين وزاريين مختصين عن كل بلد.
ولكل دولة من الدول الأعضاء عدد من المقاعد البرلمانية يتناسب مع عدد سكانها. وينقسم الأعضاء داخل الاتحاد إلى فرق ومجموعات برلمانية بناء على توجهات البرلمانيين وانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية.
وبعد انتهاء الانتخابات في أوروبا، ستسعى الأحزاب السياسية إلى تعزيز التحالفات القائمة وتشكيل تحالفات جديدة.
وتقوم معظم الأحزاب السياسية في البرلمان الأوروبي بتشكيل تحالفات مع بعضها البعض، مكونة مجموعات أكبر مع أولئك الذين يتشاركون نفس الأيديولوجيا. ومن المتوقع أن تهز انتخابات هذا العام المشهد السياسي للبرلمان مع توقعات بزيادة في دعم الأحزاب اليمينية المتشددة مما سيعزز المجموعات القومية واليمينية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، ستبحث الأحزاب الجديدة في البرلمان الأوروبي عن مجموعات للانضمام إليها، وبعض الأحزاب التي أعيد انتخابها تبحث أيضا عن تحالفات جديدة.
خارطة التحالفات1. حزب الشعب الأوروبي (EPP)
يمثل أكبر تجمع سياسي، وموقعه أقرب إلى يمين الوسط. ويضم أحزاب كبيرة مثل الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني (CDU) و"منصة المواطنين" البولندية. ويحظى بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان، ومن المتوقع أن يحتفظ بموقعه كأكبر مجموعة في البرلمان القادم.
2. التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D)
يشار إلى هذه المجموعة عادة باسم الاشتراكيين والديمقراطيين، وهي ثاني أكبر مجموعة. وتضم أحزابا مثل الحزب الاشتراكي الإسباني والحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني.
3. كتلة "تجديد أوروبا"
تجمع هذه المجموعة بين الأحزاب الوسطية والليبرالية، بما في ذلك حزب "النهضة" الذي يقوده، إيمانويل ماكرون. ومن المتوقع أن تخسر مقاعد في الانتخابات.
4. المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون (ECR)
تبقى المجموعة التي تحدث عنها محللون وصحفيون وسياسيون أكثر من غيرها خلال الأسابيع الماضية، وفقا لصحيفة "الغارديان"، التي أشارت إلى نقاش حول ما إذا كان يمين الوسط سيفتح الباب لمزيد من التعاون مع بعض أعضائها على الأقل.
وتضم هذه المجموعة، أحزابا مثل "إخوة إيطاليا" بقيادة، جورجيا ميلوني، وحزب "القانون والعدالة" المحافظ البولندي، إضافة إلى تجمعات مثل "فوكس" اليميني المتطرف الإسباني وحزب "استعادة فرنسا"، الذي أسسه، إريك زمور.
5. الهوية والديمقراطية (ID)
ويتشكل ائتلاف "آي دي"، من مجموعة من الأحزاب اليمينية المتطرفة، بما في ذلك "التجمع الوطني الفرنسي" بزعامة، مارين لوبان، وحزب الحرية النمساوي و"فلامس بيلانغ" البلجيكي. وفي مايو، تم طرد حزب "البديل الألماني" من المجموعة بعد سلسلة من الفضائح.
6. الخضر
ومن المتوقع أن تخسر مجموعة الخضر، التي تضم أعضاء مثل الخضر الألمان، مقاعد في هذه الانتخابات.
7. اليسار
تضم هذه المجموعة أعضاء مثل "فرنسا الأبية" الذي يقوده، جون جاك ميلانشون، و"شين فين" الأيرلندي.
اليمين المتطرف يتجه لـ"اجتياح" برلمان أوروبا.. ما التداعيات على القارة؟ مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي، يظهر أن الساحة السياسية الأوروبية على موعد مع "تحول جذري" قد يعيد رسم خارطة سياسات الاتحاد الأوروبي وتوازن القوى بداخل أروقته، في ظل تصاعد شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في أغلب أنحاء القارة وتوقعات تحقيقها مكاسب تاريخية في الاستحقاقات المقبلة. استطلاعات رأيوتتوقع استطلاعات للرأي أن يخسر الليبراليون والخضر مقاعدهم، مما يقلل أغلبية يمين الوسط ويسار الوسط ويعقد الجهود الرامية إلى إقرار قوانين جديدة للاتحاد الأوروبي أو زيادة التكامل الأوروبي.
وتضرر العديد من الناخبين من أزمة تكلفة المعيشة، وتساورهم مخاوف بشأن الهجرة وتكلفة التحول نحو الطاقة المتجددة، ويشعرون بالانزعاج بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، وفقا لرويترز.
ويبدو أن حزب الخضر الأوروبي سيكون من بين أكبر الخاسرين في الانتخابات.
ويواجه الحزب رد فعل عنيف من العديد من الأسر والمزارعين وقطاع الزراعة الذي يعاني من ضغوط شديدة بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي باهظة التكاليف التي تحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
والتوقعات بالنسبة لكتلة "تجديد أوروبا" الليبرالية قاتمة أيضا، نظرا للتوقعات بأن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، سيهزم حزب إيمانويل ماكرون في فرنسا.
وذكرت صحيفة بوليتيكو، أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف يتجه للحصول على ثلث الأصوات، وهو ما يزيد عن ضعف الدعم الذي يحظى به أقرب منافسيه.
وفي ألمانيا، وعلى الرغم من سلسلة من الفضائح، يتجه حزب البديل لألمانيا (AfD) إلى احتلال المركز الثاني، متفوقًا على جميع الشركاء في الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار، أولاف شولتز.
أما في إيطاليا، يحلّق حزب إخوة إيطاليا الذي تقوده رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بعيدا عن بقية الأحزاب المنافسة.
وفي النمسا، يمكن أن يمهد فوز حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف الطريق لانتصار في الانتخابات العامة للبلاد في أكتوبر.
وسيواجه رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، أصعب اختبار له منذ سنوات أمام زعيم المعارضة الجديد، بيتر ماجيار. ومن المتوقع أن يخسر حزبه "فيدس" ثلاثة من مقاعده الـ 12. وقد تضر نتيجة أسوأ من ذلك بطموحه في قيادة اتحاد للأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في أوروبا، وفقا لـ"فاينانشال تايمز".
ومع توقع نتائج مماثلة في العديد من الدول الأصغر في الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يضم البرلمان الأوروبي المقبل عددا أكبر من الأعضاء المنتمين إلى اليمين المتطرف مقارنة بالقوة المهيمنة تاريخيا في البرلمان، وهي تكتل الشعب الأوروبي المحافظ التقليدي، وفقا لبوليتيكو.
الحسابات والتداعيات المرتقبةوفشل اليمين الأوروبي حتى الآن في تشكيل "مجموعة عملاقة"، حيث أن أعضاءه منقسمون، لا سيما فيما يتعلق بروسيا ومدى مشاركتهم في العمل التشريعي أو الاكتفاء بمعارضته بشكل منهجي ومتواصل، وفقا لصحيفة "فاينانشيال تايمز".
وكانت مجموعة الهوية والديمقراطية (ID) تقليديا مؤيدة لروسيا وتفضل مغادرة الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، مع سعي لوبان وغيرها من السياسيين في المجموعة لاستقطاب الناخبين في الانتخابات الوطنية المقبلة، فقد عدّلوا خطابهم.
وتطمح لوبان تشكيل مجموعة كبرى مع حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (ECR) بقيادة ميلوني، وأعضاء من الحزب الحاكم المجري فيدس، الذين تم استبعادهم من حزب الشعب الأوروبي (EPP) ولم ينضموا إلى أي مجموعة أخرى في البرلمان المنتهية ولايته.
وبينما من المرجح أن تظل الأحزاب الشعبوية والقومية في أوروبا مفككة للغاية بحيث لا تستطيع ممارسة نفوذ صريح بعد فرز الأصوات، مساء الأحد، فإن مجرد حقيقة نجاحها ستؤدي إلى "اضطراب سياسي"، وفقا للصحيفة التي شددت على أن "نتائج البرلمان الأوروبي تعد، في نهاية المطاف، بمثابة مؤشر لتوجه السياسة الوطنية في بعض العواصم الأوروبية الأكثر أهمية".
ومن المتوقع أن يكون للنجاح الكبير الذي تحققه الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي كانت تُعتبر في السابق شديدة الخطورة لدرجة تجعل التعاون معها أمرا مستحيلا، تأثيرا أعمق وأشمل على المشهد السياسي الأوروبي.
قراءة في صعود اليمين المتطرفوذكر تقرير لصحيفة "بوليتيكو"، أنه على الرغم من تنوع تيارات اليمين الراديكالي، إلا أنها تتقاسم رؤية للعالم تتمحور حول الدولة القومية العرقية، والعداء تجاه المهاجرين، لا سيما المسلمين منهم، والتشكيك في بمنظمات كالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وأحيانا حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وبغض النظر عن الانقسامات الداخلية التي تعصف بهذه الأحزاب المتحمسة، يشير تقرير "بوليتيكو" أيضا إلى أن روسيا نقطة الخلاف الأبرز. فبينما تعد بعض الأحزاب، كالبديل من أجل ألمانيا (AfD) أو حزب الحرية النمساوي، من أنصار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الصريحين، فإن أحزابا أخرى كإخوة إيطاليا والقانون والعدالة البولندي، تقف في مقدمة معارضيه، إما عن قناعة أو لأسباب براغماتية.
ومع انتقال اليمين الراديكالي من الهوامش إلى مركز الواجهة، بات يستقطب أصوات شرائح واسعة من المجتمع.
وتشمل قاعدة مؤيديه مزارعين وعمالًا يحمّلون سياسات الاتحاد الأوروبي مسؤولية تدهور أوضاعهم المعيشية، وناخبين من الطبقة الوسطى قلقين إزاء الهجرة وتآكل ما يعتبرونه قيمًا تقليدية. كما يستقطب بشكل متزايد شبابا يشعرون بالقلق حيال ارتفاع تكاليف المعيشة، أو منبهرين ببساطة بكل جديد.
وتلعب الهجرة دورا محوريا في جاذبية اليمين الراديكالي، إلى جانب قضايا الحرب الثقافية كالإجهاض وحقوق المثليين. ومؤخرا، أضافت الأحزاب الشعبوية الأوروبية الغضب من اللوائح البيئية إلى قائمة القضايا الساخنة التي تتبناها.
ومما يعزز زخم اليمين الراديكالي غياب البدائل الجذابة، وفقا للتقرير الذي أشار إلى أنه "في أوقات عدم الاستقرار التي تتسم بالحروب والأوبئة والغموض الاقتصادي، عادة ما يلجأ الناخبون إلى الأحزاب التقليدية الحاكمة".
لكن اليوم، تفككت تلك الأحزاب في العديد من البلدان، وتقول الصحيفة. إنه "بعد عقود من الصراع بين اليمين واليسار الأوروبي على الوسط السياسي، انهارا كملاكمين مخمورين، تاركين الساحة مفتوحة لمنافسين جدد".
وسيترك وصول اليمين الراديكالي إلى الواجهة الأوروبية تأثيرا طويل الأمد. فالولاءات السياسية التي تتشكل في بداية سن الرشد غالبا ما تستمر مدى الحياة، ذلك أن القاعدة الانتخابية لهذه الأحزاب تتشكل أساسا من الفئات الشابة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی البرلمان الأوروبی الیمینیة المتطرفة الاتحاد الأوروبی الأحزاب الیمینیة الیمینی المتطرف الیمین المتطرف فی الانتخابات من المتوقع أن هذه المجموعة بما فی ذلک العدید من
إقرأ أيضاً:
الأديب عبدالرحمن مراد – رئيس الهيئة العامة للكتاب: تأثرت الحياة الثقافية بسبب العدوان على بلادنا والانقسامات في المشهد السياسي
الكتاب اليمني لعب دوراً كبيراً ومحورياً في الثقافة العربية قديماً وتمتلك اليمن أكبر مخزون من الكتب والمخطوطات
جمود ملحوظ يشهده المشهد الثقافي في بلادنا، مع قصور المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، يرافق ذلك عزوف العديد من المبدعين وغيابهم عن إثراء هذا المشهد، كل ذلك يضع أمامنا الكثير من التساؤلات، فالعنصر الثقافي هو أحد مقومات الحياة وهو متنوع ومتعدد مع وصول الإنسان المعاصر إلى مستويات حضارية متقدمة، وبالتالي فلا يمكن الاستغناء عنه وفق ما يحدثنا الأديب عبدالرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب في حوار معه حول أسباب هذا الجمود وما يمكن وضعه من برامج ومشاريع ثقافية لدعم المبدعين وإثراء الحركة الثقافية وإيصال ذلك إلى جمهور القراء.
وأشار مراد إلى أن الكتاب اليمني قد لعب دوراً كبيراً ومحورياً في الثقافة العربية قديماً، وبلادنا تمتلك أكبر مخزون للكتب والمخطوطات، متطرقاً إلى أن الثقافة تعتبر جبهة فعالة لمواجهة الحرب الكونية على بلادنا، ولكن للأسف النظرة لها قاصرة.
واستعرض المحاولات والجهود التي تقوم بها الهيئة العامة للكتاب في تنشيط المشهد الثقافي وما قدمته خلال هذا العام، وكذا مشاريعها الثقافية للعام القادم.
حوار / خليل المعلمي
جمود المشهد الثقافي يا ترى ماهي الأسباب؟ وهل هناك قصور من قبل بعض المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية أم أن هناك عزوفا من قبل المبدع بسبب الظروف التي يعيشها؟
– كل تلك الأسباب مجتمعة وراء الجمود الذي يشهده المشهد الثقافي الوطني، فاليمن تمر بمرحلة حرجة تعاني فيها حصاراً خانقاً وعدواناً أتى على مقدراتها وفي كل المستويات منذ عشرة أعوام أو تزيد، فالحصار يشمل الجانب الاقتصادي وكل مقومات الحياة، لذلك ترك أثراً على كل المستويات الثقافية.
التواصل الثقافي منقطع لذلك تعطلت الحياة الثقافية كما تعطلت كل أسباب الحياة بسبب العدوان والانقسامات في المشهد السياسي.
ما الذي حققته الهيئة العامة للكتاب هذا العام ونحن نقترب من نهايته؟
– الهيئة العامة للكتاب تحاول أن تزرع بذرة أمل وهي تعاني من انعدام الإمكانات بشكل كلي ولكنها خلال العام الحالي نفذت عدداً من الأنشطة الثقافية واطلقت موقعها الالكتروني على الشبكة العنكبوتية -ونعاني من عدم القدرة على تشغيله- وتعمل على إصدار الأعمال الكاملة لشاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني بما فيها العملين الأخيرين وقد شارفنا على الانتهاء من التصحيح والتدقيق وفق المرجعيات الصادرة في حياة البردوني وقد أخذ ذلك جهداً ووقتاً كبيرين، كما حاولت رصد التفاعل مع القضية المركزية للأمة قضية الأقصى واصدرت ديوان «لستم وحدكم» كأقل ما يمكن المساهمة به مع قضايا الأمة الكبرى، فضلاً عن صراعها الدائم في الحفاظ على بنيتها التحتية التي تتعرض بين الفينة والأخرى إلى تغيير وظائفها الثقافية بسبب بعض المجتهدين الذين لا يقدرون أهمية البنية الثقافية في واقع مضطرب وغير مستقر تسعى المؤسسة الثقافية أن تشكل فيه وحدة إنسانية مشتركة.
هل لدى الهيئة خطة لتنشيط المشهد الثقافي خلال العام الجديد وبحيث يسهم في تنشيط المشهد الثقافي؟
– الحقيقة هناك خطط لكن تفتقر للإمكانات وقد أعيانا البحث عن الإمكانات، منها استراتيجية وطنية لمحتوى رقمي يمني فاعل، ومنها مشاريع جوائز وإصدارات وغيرها من الأعمال لكن الظرف قاهر ودون مستوى الطموح الذي نتطلع إليه، لكن لم نفقد الأمل في صناعة واقع ثقافي فاعل وطموح، وكنا قد أعددنا مشروعاً طموحاً تنفيذا لتوجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى في خطابه عشية الاحتفاء بثورة الـ٢١سبتمبر يتضمن كتابات متنوعة عن ثورة 21سبتمبر، وحددنا الأطر والمجالات وكل ما يتعلق بتنفيذ التوجيه وبما يثري المشهد ويحفظ للأجيال التضحيات والنضال في مختلف المجالات وبحيث تتوازن الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية استشعارا للمسؤولية وتنفيذا للتوجيهات العليا، وتم اقرار الخطة في اجتماع رأسه نائب وزير الثقافة والسياحة وتم رفعها لنائب الوزير ونحن في انتظار التوجيهات لبدء التنفيذ، إذ أن العائق الوحيد هو عدم توفر الإمكانات، ونقدر اهتمام القيادة بشريحة الأدباء والكتاب وتوجيهاتها المتكررة للحكومة بضرورة الاهتمام بهذه الشريحة، أحدها ما سمعناه في خطاب رئيس المجلس السياسي في ذكرى الثورة التي نأمل أن تنعكس إلى خطوات عملية في قابل الأيام كوننا ندرك أهمية التنفيذ من باب المسؤولية التي نتحملها في هذا الظرف الذي نفتقر فيه إلى كل مقومات العمل.
رغم أهمية البعد الثقافي في حياة الأمم في كل مراحل التاريخ، إلا أنه في اليمن في آخر سلم الاهتمامات والسياسات سواء اليوم أو في الماضي.. من وجهة نظرك ماهي أسباب ذلك؟
– الحقيقة العنصر الثقافي من مقومات الحياة ومن أسبابها وهو متعدد ومتنوع وفق ما وصل إليه الإنسان المعاصر من مستويات حضارية وهناك علاقة جدلية بين السياسي والثقافي، فالعلاقة بينهما علاقة ضرورة وعلاقة احتياج وعدم استيعاب هذه العلاقة كان سبباً في وصول اليمن إلى مرحلة الانقسامات والتشظي الذي نحن عليها اليوم، ولعل التباس مفهوم المصطلحات مثل مفهوم الحرية والاستقلال ومفهوم الوطنية والعمالة وغيرها من المفاهيم دال على اختلال اللغة واحتلال ممنهج لمفرداتها ومعانيها ومثل ذلك بسبب سوء العلاقة بين المثقف والسياسي، فالثقافة مفهوم واسع ومتعدد وهي عنصر مهم من عناصر التطور والتفاعل وهي لا تعني أيديولوجيا بعينها يؤمن بها مكون دون آخر بل نشاط متكامل يسعى عن طريق الفن والأسلوب إلى تكوين وحدة إنسانية مشتركة بين أفراد المجتمع وصولاً إلى حالة التناغم والتعايش بين مكونات المجتمع وهي قضية وطنية شاملة والاهتمام بها يشكل عنصراً مهما من عناصر التكوين والاستقرار في المجتمعات.
نحن في اليمن ننظر إلى الثقافة نظرة قاصرة وهنا تكمن المشكلة بالرغم أنها اليوم في ظل العدوان والحرب الكونية تشكل جبهة لوحدها لا تقل شأناً عن الجبهة العسكرية من حيث الأهمية، ولكننا نتعامل معها كترف غير لازم وغير مجد بالرغم أن العالم من حولنا يطلق مشاريع كبرى للأمن القومي الثقافي في مواجهة هذه الحرب التي يشنها النظام الرأسمالي على العالم في بقاع متعددة من الكرة الأرضية.
من باب المسؤولية الوطنية والقومية وبعيداً عن التنظير.. ماهي خطواتكم الإجرائية.. هل لديكم مشروع مثلاً في هذه المرحلة في سياق الأمن القومي الثقافي الذي تشير إليه؟
– مبلغ اجتهادنا في هذه المرحلة أن نقترح المشاريع لكنها تصطدم بعدم توفر الإمكانات وتحال في الكثير من الأوقات للحفظ لذات السبب، حتى مقومات العمل غير متوفرة لنا إلا بما يبقي الرمق فقط، فأنا كرئيس هيئة عامة لا أحصل على مقومات الحياة سوى على جزء بسيط أدفعه كإيجار ولم أحصل على وسيلة مواصلات تحفظ لي التوازن النفسي والاجتماعي في المشهد العام، في حين النظراء يحصلون على مثل ذلك لكننا نستشعر المسؤولية الوطنية في هذا الظرف ونعمل بكل جد واجتهاد وبما يرضي الضمير الوطني والأخلاقي ويسهم بدور فاعل في معركتنا الوجودية.
وكيف ترى الحل في مثل هكذا واقع؟
– الحل يكمن في إعادة تقييم الواقع والمرحلة وضرورات المعركة وأهمية البعد الثقافي في التصدي للحرب الباردة التي تدار الآن وفق سيناريوهات تم الاشتغال عليها في مراكز الدراسات الغربية ومراكز صنع القرار، وتعتمد الحرب الباردة كوسيلة لحقيق أهداف السيطرة وفرض الهيمنة على الشعوب ومقدراتها وهي معلنة وفي تجارب الحرب بين الشرق والغرب بيان واضح لمن اراد الاستبصار والوعي، وقد كتبت مقالات متعددة في صحيفة الثورة وصحيفة المسيرة حول هذا الموضوع، لكن يبدو أنه لا أحد يرى خطورة ما نرى، قد أكون على خطأ وقد يكون غيري على صواب لكننا اجتهدنا والتاريخ هو الفيصل لبيان الخطأ والصواب في الرؤية.
للكتاب دور تنويري في المجتمع وفي نشر الثقافة الوطنية، ما هو دور الكتاب اليمني في ذلك قديماً؟
– الكتاب اليمني لعب دوراً كبيراً ومحورياً في الثقافة العربية قديما وأعتقد أن اليمن تمتلك أكبر مخزون للكتب والمخطوطات سواء كانت لمؤلفين يمنيين أو غير يمنيين وقد عملت حكومة الإمام يحي حميد الدين على حفظ الكثير من ذلك المخزون من خلال تأسيس مكتبة عامة في الجامع الكبير بصنعاء عام 1936م، حوت الكثير من الكتب النادرة والكثيرة وقد خرج الكثير من الكتب إلى مكتبات عالمية بسبب الحروب والصراعات في اليمن، وبالرغم من ذلك ما زلنا نحتفظ بثروة كبيرة جلها لم يطبع ولم يُحقق حتى الآن.
الكتاب شكّل الهوية الثقافية والسياسية والتاريخية للمجتمع وهو جوهري في حياة الأمم والشعوب واهتمام الإنسان اليمني به اهتمام كبير يصل إلى حد العشق والتماهي ولعل نشاط اليمن الثقافي يحاول خدمة الكتاب اليمني وعلى صناعته ويحرص على وصوله إلى القارئ في كل مكان من خلال معارض الكتب في العواصم العربية ومن خلال الانتشار الواسع للمكتبات العامة في عواصم المحافظات والمدن الثانوية على المستوى المحلي ومن خلال التشجيع على الطباعة والشراء من المؤلفين بقيمة تشجيعية.
وماذا قدمت الهيئة العامة للمكتبات الوطنية المنتشرة في المحافظات والتي تعمل حالياً بجهود ذاتية؟
– الحقيقة لدينا فروع في كل المحافظات لكن بسبب الأوضاع الحالية يؤسفني القول أننا لم نقدم شيئا للمكتبات وهي تعاني بسبب عدم توفر الإمكانات والبعض بعدم القدرة على دفع الإيجارات لكننا نبذل جهوداً كبيرة في الحفاظ على المقدرات والبنية المتوفرة ونأمل أن تتعافى الدولة وتعود الأمور إلى طبيعتها.
تم تدشين مشروع المكتبة الوطنية في عام 2012م.. إلى أين وصل هذا المشروع الوطني العملاق؟ وهل سيتم افتتاحه قريباً؟
– المكتبة الوطنية الكبرى مشروع كبير وهو من المشاريع الثقافية العملاقة في اليمن تكفلت بتمويله وتنفيذه دولة الصين الصديقة، وقد توقف العمل به بسبب العدوان وهو في مراحل التنفيذ الأخيرة، وحال أن يتوقف العدوان وتستقر اليمن ستعود الشركة الصينية المنفذة للعمل لاستكماله.
والمشروع متعدد الأغراض والوظائف ويعتبر الأول على مستوى المنطقة والإقليم لم تسبقنا لمثله سوى مصر ونأمل أن يرى النور قريباً.
برأيكم ماذا يمثل المشروع للثقافة اليمنية والمثقفين وللأجيال القادمة؟
– المشروع معلم ثقافي وحضاري كبير وهو سوف يشكل منعطفاً مهما في تاريخ الثقافة اليمنية والعربية من خلال تعدده وتنوع وظائفه ومن خلال البنية الثقافية والتقنية الحديثة التي يهيئها للمشهد الثقافي الوطني وسيكون معلماً بارزاً في تاريخ اليمن نفخر بإنجازه للأجيال المستقبلية.
شهدنا تنظيم معرضين للكتاب قبل أعوام هل يمكن تكرار التجربة هذا العام ولكن بشكل أوسع وعلى نطاق أكبر؟
– تنظيم المعارض التي قامت الهيئة بها خلال الأعوام الماضية من باب تأكيد الوجود ليس أكثر وبحيث نجدد حضور الكتاب في حياة المجتمع وقد كانت معارض محلية إذ يتعذر إقامة معارض دولية للكتاب بسبب العدوان والحصار ولكننا نحاول البقاء على هذا النشاط وفق معطيات الواقع الذي نعيش.
وخلال العام القادم نفكر في إقامة معرض محلي والفكرة مطروحة على طاولة النقاش مع اتحاد الناشرين اليمنيين وربما ننفذها مطلع العام الجديد.
بالرغم من الأزمة التي يمر بها الوطن إلا أن هناك إصدارات خرجت إلى النور بجهودكم الذاتية.. ماهي الرسالة التي يحملها الكتاب والمبدع اليمني للعالم؟
– الرسالة التي نحاول تقديمها في مثل هذا الظرف الذي يمر به اليمن هو توثيق تضحيات الجيل الحالي الذي يخوض صراعا مريراً مع قوى الاستكبار العالمية التي استهدفت كل شيء في اليمن حتى آثارنا وبنيتنا الثقافية، فخلال سنوات العدوان تم تدمير عدد من المتاحف والمواقع الأثرية والمدن والمراكز الثقافية والمكتبات العامة في الكثير من البقاع في اليمن.
كيف تعمل الهيئة على تغطية أنشطتها وهل تقدم الحكومة الدعم لهذه الأنشطة؟
– الهيئة تحاول أن تعمل بطاقة مضاعفة في ظل الظروف الاقتصادية القاهرة وعدم توفر الإمكانات بسبب الحصار وانقطاع المرتبات وغالب نشاطها يتم بدعم مباشر من القيادة الثورية والقيادة السياسية في السنوات السالفات وترعى أحيانا أنشطتها الثقافية بعض الشركات المهتمة بالجانب الثقافي لكن في الفترة الأخيرة تعذر علينا إقامة الأنشطة مثل إحياء ذكرى المقالح وكانت مهمة لما يمثله من رمزية ومثل احياء يوم اللغة العربية الذي اعتدنا التفاعل معه بسبب عدم الإمكانات واعتقد أننا سوف نتجاوز هذا الظرف في قابل الأيام، نتفاءل بحكومة التغيير والبناء في الاهتمام بالجانب الثقافي الذي أصبح جزءا من المعركة الباردة التي تستهدف المجتمعات كجزء مفصلي وجوهري من الاستراتيجيات الدولية في الحرب وتهجين الهويات في بوتقة هوية كونية غالبة وتستهدف اليمن على وجه الخصوص كون اليمن تخوض معركة مع قوى الاستكبار منذ عشرة أعوام أو تزيد.
أين موقع صندوق التراث والتنمية الثقافية من دعم ورعاية أنشطة وبرامج الهيئة؟
– صندوق التراث يحتاج إلى تجديد بنيته التشريعية وتوسيع دائرة أوعيته الإيرادية وتجديد أهدافه حتى يتمكن من القيام بوظيفة التنمية الثقافية وفي ظني أن التطورات التقنية قد فرضت تداخلا مع كل ما هو ثقافي ومازال الوعاء الايرادي التقني غائبا ويحتاج إلى تعديل من المجلس التشريعي حتى تتحسن موارد الصندوق ليتمكن من القيام بوظائفه.
وبالنسبة لدعم الكتاب وطباعته من قبل الصندوق هي وظيفة اقتصرت على شراء المطبوعات بأسعار تشجيعية وقد توقفت بسبب ظروف الصندوق.