تلقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ضربة موجعة بعد انخفاض عدد أصوات حزبه الهندوسي المتطرف "بهاراتيا جاناتا" بشكل لافت خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أعلنت نتائجها الجمعة.

وانخفضت عدد مقاعد "بهاراتيا جاناتا" من 303 في برلمان 2019 إلى 240 في البرلمان الجديد، علما أن ائتلاف التجمع الوطني الديمقراطي "NDA" الذي يضم أحزاب صغيرة أخرى إلى جانب حزب مودي، حصل على 293 مقعدا، في انخفاض لافت من 2019 حيث شكّل حكومة أغلبية بـ343 مقعدا.



ومن المقرر أن يؤدي مودي اليمين مساء الأحد؛ ليُصبح رئيسا للوزراء لولاية ثالثة على التوالي، مع عودة أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان إلى حكومة ائتلافية.

وفي حال أراد مودي تشكيل حكومة أغلبية فإنه بحاجة إلى إقناع 32 نائبا في البرلمان الجديد للتحالف معه، فبالتالي من المتوقع أن يسعى خلال الأيام المقبلة لاسترضاء أحزاب إقليمية لمشاركته في الحكومة، حيث أن المقاعد اللازمة لتشكيل حكومة أغلبية هي 272.

وهذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، يحتاج فيها مودي إلى تشكيل حكومة ائتلافية، بعدما دأب خلال الأعوام الماضية على الفوز بأكثر من 272 مقعدا، وتشكيل حكومة بمفرده.

المعارضة تخطف الأنظار
في المقابل، كان صعود أحزاب المعارضة لافتا في هذه الانتخابات، إذ فاز التحالف الوطني التنموي الهندي الشامل، وهو المعروف اختصارا باسم "India"، بقيادة حزب المؤتمر المنتمي لتيار الوسط، ويتزعّمه راهول غاندي، بأكثر من 234 مقعدا ليفوق بذلك التوقعات.

واقترب تحالف "India" من مضاعفة أصواته التي حصل عليها في انتخابات 2019، حيث اكتفى حينها بـ127 مقعدا في البرلمان.

ويعد حزب "المؤتمر الوطني الهندي" (INC) أكبر أحزاب المعارضة، وأكثرها تهديدا لأطماع "بهاراتيا جاناتا" في الاستفراد بالحكم، حيث حصل على 99 مقعدا مضاعفا أصواته في 2019 حيث اكتفى حينها بـ52 مقعدا.

ويسعى الحزب العريق الذي تأسس عام 1985، وقاده المهاتما غاندي لسنوات، إلى استقطاب أحزاب المعارضة بمختلف توجهاتها، علما أن الحزب يقدم نفسه على أنه قومي علماني، ويمثل "يسار الوسط".


"ضريبة التطرف"
يعد الخطاب المتطرف الذي تبناه ناريندرا مودي خلال السنوات الماضية، واحدا من أهم أسباب تراجع أصوات " "بهاراتيا جاناتا" في الانتخابات.

فبرغم نجاح مودي في استقطاب الهندوس الأكثر تطرفا من الأحزاب اليمينية إلى صفوفه، إلا أنه خسر شريحة واسعة من أبناء ديانته الذين يرون في خطابه ضررا أكبرا على السلم المجتمعي في البلد الذي يتجاوز عدد سكانه 1.4 مليار نسمة.

وواصل مودي ترديد شعارات عنصرية ضد المسلمين خلال دعايته الانتخابية الأخيرة، حيث وصفهم نهاية نيسان/ أبريل الماضي بـ"الذين لديهم الكثير من الأطفال".

وقال محرضا أنصاره على المسلمين إنهم "إذا تولوا السلطة، سيوزعون ثروات الشعب على الدخلاء".

ويقترب عدد المسلمين في الهند من 200 مليون نسمة، ويعانون من اضطهاد وتمييز واضح حتى في الولايات التي يشكلون أغلبية فيها.

الوضع الاقتصادي
تُعد الهند حاليًا واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، مدفوعة في المقام الأول بقطاعاتها الخدمية والصناعية والزراعية، فضلًا عن كوّنها خامس أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي.

وفي عام 2022، نما اقتصاد الهند بمعدل 7.2 بالمئة، إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل مباشر على ملايين الهنود، الذين صوتوا للمعارضة احتجاجا على الوضع الاقتصادي.

وقبل أيام، أبقى البنك المركزي الهندي على الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة على التوالي، مع استمرار مخاطر التضخم.

وفي أحدث تقرير لمنظمة العمل الدولية، أظهر المؤشر أن 83 بالمئة من الشباب في الهند عاطلون عن العمل في القطاع الرسمي. أي لا يجدون عملا ضمن الاقتصاد الذي تشرف عليه الدولة.

ويوجد في الهند نخبة من أصحاب المليارات والطبقة الوسطى المتنامية التي جذبت مجموعة كبيرة من الشركات الدولية لممارسة أعمالها إلى الهند، ومن جهة أخرى هناك نصف مليار شخص يقتربون أو ينخفضون إلى ما دون خط الفقر البالغ 3.65 دولار في اليوم.


"غضب المزارعين"
فقد حزب مودي في الانتخابات الأخيرة شريحة واسعة من الناخبين، وهي المزارعين الذين يعدون رقما مهما في أي محفل انتخابي.

وتعد ولاية أتر برديش المحاذية لنيبال أكثر الولايات المعروفة بالزراعة في الهند، وفازت المعارضة فيها بـ41 مقعدا، مقابل 36 لتحالف حزب مودي.

واللافت أن الولاية ذاتها - غالبية هندوسية - صوتت في انتخابات 2019 بأغلبية لصالح تحالف مودي، حيث فاز حزبه بـ64 مقعدا حينها.

وفي انتخابات 2014، حاز تحالف مودي على 71 مقعدا في ولاية أتر برديش من أصل 80، وحينها كان قطاع المزارعين يؤيد مودي بشدة.

وفشل مودي خلال السنوات الأربع الماضية في كسب ود المزارعين الذين يواصلون احتجاجاتهم منذ أزمة فيروس "كورونا" عام 2021.

ويطالب المزارعون الذين يغلقون طرقا تربط بين مدن كبرى كل فترة، بالحد الأدنى المضمون من الدعم المالي لجميع محاصيلهم الزراعية.

وبرغم إلغاء مودي في 2021 ثلاثة قوانين أغضبت المزارعين،  وذلك بعد شهور من سنّها فقط، إلا أن القطاع الذي يعمل به ما لا يقل عن 38 مليون هندي لا يزال غير راض عن سياسات الحكومة تجاهه.

خسارة في معاقله
بحسب موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز"، فإن خسائر حزب بهاراتيا جاناتا ذات أهمية بالغة، فالهند دولة ذات أغلبية هندوسية، ولكن بالنظر إلى أن 36 بالمئة من الأصوات الوطنية كانت لصالح حزب بهاراتيا جاناتا، فإنه من الواضح أن أيديولوجيته القومية الهندوسية فقدت بعضًا من صداها.

  فقد خسر الحزب الناخبين على الرغم من أن مودي، قبل أشهر فقط، افتتح معبدًا كبيرًا ومثيرًا للجدل في توقيت مناسب لتحريك الدفة نحو حزبه قبل التصويت. ولكن شعبية حزب بهاراتيا جاناتا تركزت إلى حد كبير في "الحزام الهندي" في وسط وشمال الهند ولم يستطع حتى الاحتفاظ بالدعم هناك. وقد خسر حزب بهاراتيا جاناتا بشكل سيء للغاية في الولايتين اللتين تضمان أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، أوتار براديش (80) في الشمال وماهاراشترا (48) في الغرب.


اضطرار للتنازل
بحسب تقرير ""جيوبوليتيكال فيوتشرزط الذي ترجمته "عربي21"، فإن مودي بات مضطرا إلى التنازل بعض الشيء من أجل إيجاد حلفاء له لتشكيل الحكومة.

وأضاف الموقع أنه من شأن خلق توازن القوى الجديد في البرلمان نوعًا من عدم اليقين السياسي الذي قد يثبط عزيمة الشركات والمستثمرين الأجانب الذين كانوا يتطلعون إلى الهند كبديل محتمل لممارسة الأعمال التجارية في الصين.

ومنذ أن تبنت الهند إصلاحات السوق في التسعينيات، كان مصدر قلق  الشركات الأجنبية الأكبر هو أنه مع وجود عدد لا يحصى من أصحاب المصلحة السياسيين، فإن البلاد معقدة للغاية بحيث يصعب التعامل معها. وكان صعود حزب بهاراتيا جاناتا حلًا من نوع ما لتلك المشكلة. ومع أن أيديولوجيته القومية الدينية كانت إشكالية، إلا أن الأمل كان معقودًا على أن يجد الحزب طرقًا لتحقيق التوازن بين ضروراته الاقتصادية ودوافعه الأيديولوجية.

وتابع أن الحزب سيكون تحت ضغط أكبر لخلق فرص عمل، وهو ما يستلزم المضي قدمًا  في الإصلاحات. وهذه لم تكن مهمة سهلة عندما كان موقفه في البرلمان أكثر قوة. والآن أصبحت الأمور أكثر صعوبة، وسيتعين على الحزب أن يتكيف مع وضع يتطلب تنازلات سياسية من شأنها أن تعرقل جهوده على جبهتين رئيسيتين: تحقيق الحوكمة والتمسك بالتزامه بالأيديولوجية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الهندي مودي الهندوسي بهاراتيا جاناتا المسلمين الهند المسلمين مودي الهندوس بهاراتيا جاناتا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب بهاراتیا جاناتا فی انتخابات فی البرلمان حزب مودی فی الهند إلا أن

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري عن لقاء ترامب ونتنياهو: “الأسوأ على الإطلاق”

#سواليف

أثارت #زيارة رئيس وزراء #الاحتلال الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو إلى الولايات المتحدة انتقادات عديدة من وسائل إعلام عبرية، وسط استياء من ما وصف بأنه “أسوأ لقاءات” نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب.

وأشارت قناة كان (هيئة البث العربية) إلى أن زيارة نتنياهو إلى #واشنطن انتهت فجأة وبسرعة مثيرة للريبة إلى حد ما، ولم تحقق أي تقدم في #المفاوضات أو خفض للرسوم الجمركية.

وأشارت إلى أن النهاية السريعة وغير المتوقعة للزيارة تثير تساؤلات حول مجريات المباحثات التي جرت بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض.

مقالات ذات صلة سلاح إيران السري.. كيف سيُسقط الاقتصاد العالمي في 24 ساعة؟ 2025/04/08

من جهته، قال موقع “واللا” العبري إن زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن قد تكون ” #أسوأ #لقاءات بنيامين نتنياهو مع دونالد ترامب على الإطلاق”.

وأشار الموقع العبري إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي في المكتب البيضاوي في موقف لم يكن يتوقعه، في حين لفتت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن نتنياهو عاد إلى منزله “خالي الوفاض” بعد اجتماع متسرع مع ترامب.

وقالت الصحيفة العبرية، إن تصريحات ترامب ونتنياهو كشفت بعد لقائهما أن السبب الحقيقي وراء وصول نتنياهو المتسرع إلى واشنطن هو بدء المفاوضات مع إيران وليس الرسوم الجمركية المفروضة على إسرائيل كما اعتقد البعض.

وبحسب الصحيفة، فإن الرئيس الأمريكي أراد إطلاع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بشكل خاص على “المفاوضات رفيعة المستوى مع الإيرانيين، حتى لا تكون هناك مفاجآت ولكن أيضا لضمان عدم تدخل إسرائيل أو تعطيل الجهود، ربما حتى عن طريق شن هجوم على إيران”.

واعتبرت الصحيفة أن الاجتماع بين ترامب ونتنياهو فشل في دفع عجلة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.

وتطرقت “يديعوت أحرونوت” العبرية إلى تصريحات ترامب بشأن تركيا ونفوذها في سوريا، الذي يثير استياء دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ولفتت إلى أن ترامب أعرب خلال لقائه مع نتنياهو في البيت الأبيض عن إعجابه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعرض المساعدة إذا واجهت إسرائيل أي مشكلة مع تركيا.

وأشاد ترامب بعلاقته مع أردوغان، مشيرا إلى أن على وزير الاحتلال الإسرائيلي أن يكون “عقلانيا” لحل المشاكل العالقة مع تركيا بشأن سوريا.

وقال ترامب للصحفيين خلال استقباله نتنياهو في البيت الأبيض، الاثنين: “لدي علاقة رائعة مع رجل اسمه أردوغان وأحبه ويحبني، وإذا كانت لديك (يحدث نتنياهو) مشاكل معه فيتعين عليك حلها، وعلى الإسرائيليين التصرف بعقلانية لحل أي مشكلة مع تركيا”.

وفي السياق، أبدى الرئيس الأمريكي رغبته في وقف الحرب في قطاع غزة، موضحا أن العمل جار لتحرير الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، لكنه أضاف أن ضمان إطلاق سراح جميع الأسرى “عملية طويلة”.

وردا على سؤال عن ما إذا كان سيفي بوعده الذي قطعه خلال حملته الرئاسية بإنهاء الحرب في غزة، قال ترامب: “أود أن أرى الحرب تتوقف، وأعتقد أنها ستتوقف في وقت ما، ولن يكون ذلك في المستقبل البعيد للغاية”.

مقالات مشابهة

  • جالتييه: الخسارة أمام الشمال هي الأسوأ خلال مسيرتي التدريبية
  • السفير القطري: ملتزمون بتحقيق الاستقرار وتطلعات الشعب الليبي
  • حمدان بن محمد لناريندرا مودي: شكراً على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة
  • ماتيتش: أونانا «الحارس الأسوأ» في مانشستر يونايتد
  • الخسارة 21.6%.. أنشيلوتي يعيش «الموسم الأسوأ» مع الريال!
  • الأسوأ في العالم.. فريق يستقبل 123 هدفاً في 12 مباراة!
  • الأهلي المصري يحجب هلال السودان ويحجز مقعدا فى نصف نهائي أفريقيا
  • إعلام عبري عن لقاء ترامب ونتنياهو: “الأسوأ على الإطلاق”
  • مودي: زيارة حمدان بن محمد إلى الهند تعزز الشراكة الاستراتيجية الشاملة
  • حمدان بن محمد خلال لقائه مع ناريندرا مودي: العلاقات بين الإمارات والهند تقودها رؤية مشتركة