خاص
كشف نائب رئيس بلدية جزيرة سيمي اليونانية، اليوم الأحد، العثور على جثة المذيع التلفزيوني البريطاني مايكل موسلي بعد أن ظل مفقودا لأيام.
وأفادت متحدثة باسم الشرطة اليونانية في الجزيرة إن جثة يعتقد أنها لموسلي عثر عليها في منطقة أييا مارينا على الجزيرة؛ حيث شوهد مايكل موسلي آخر مرة بعد أن انطلق في نزهة في جو شديد الحرارة على طول طريق ساحلي صخري.
وعند اختفائه انطلقت الشرطة وخفر السواحل وفريق الإطفاء ومتطوعون يستخدمون طائرة مروحية وطائرات بدون طيار وكلب إنقاذ للبحث في البر والبحر عن المذيع البريطاني، فيما عرف موسلي، البالغ من العمر 67 عاما، ببرامجه التلفزيونية والبودكاست الشهير “Just One Thing” على إذاعة بي بي سي راديو 4.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: اليونان جثة مذيع تلفزيوني
إقرأ أيضاً:
«الأساطير اليونانية» الحكايات والمعبودات!
(1)
منذ الصغر، ولسبب لا أعلمه، فتنت بالأساطير اليونانية وما تفرع منها أو عنها من قصص وحكايات لا تنتهي!
فإذا كانت ألف ليلة وليلة هي المنجم الأسطوري العربي الذي لا ينفد، فإن الأساطير اليونانية بدورها هي المنجم "اليوناني" الغربي الذي لا ينفد، وبامتداده كذلك الذي تجسد في الأساطير الرومانية.
كنت صغيرا جدا (في السابعة أو الثامنة ربما) عندما استمعت إلى برنامج إذاعي بعنوان "آذار" أو "عذراء الربيع" واستمعت لأول مرة إلى كلمة "أساطير" وكم كان وقعها في خيالي رائعا ولذيذا ولا ينسى، ارتبطت الأساطير إذن في مخيلة ذلك الطفل الصغير ببهجة الحكايات وسحرها وغموضها الفاتن، وما وراء تلك البهجة من أسرار لا تنفد ولا تنتهي.
تزامنت مشاهدة التلفزيون مع الاستماع إلى الراديو، وبدأت أشاهد بانبهار الأفلام السينمائية المأخوذة عن الأساطير اليونانية أو الرومانية القديمة أو ما يتصل بها، وتذكرت ما قرأته لصديقي المبدع القدير إبراهيم عبد المجيد وهو يجسد بقلمه المبدع تفاصيل تلك الفترة التي تمر بطفولة كل منا ممن افتتن بالخيال والأدب والإبداع والفن عموما، يقول:
"في طفولتي وصباي أسرتني الأفلام الأجنبية عن الأساطير اليونانية. أفلام عن هرقل، وأفلام عن حرب طروادة وهيلين، وعن أوليس أو أدويسيوس، وأفلام عن أوديب أو أنتيجون أو ياسون أو أخيل، وغيرها كثير. لم أكن أعرف أن وراء الحكايات أفكارًا فلسفية من أي نوع. كنت مثل كل من كانوا في عمري أنبهر بالمغامرات والحروب والحب بين الرجال والنساء، ومن ثم كنا نجري وراء هذه الأفلام في السينمات، لا نملّ الفرجة عليها قط، وقد نرى الفيلم الواحد عشر مرات، وهو يتنقل بين دور السينما ذات الأسعار المختلفة، من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثانية إلى الدرجة الثالثة. كانت الأسعار في متناول أيدينا، فإذا لم يكن لدينا أربعة عشر قرشا لسينما الدرجة الأولى، سيكون لدينا ثلاثة قروش للدرجة الثانية، أو تسعة مليمات للدرجة الثالثة".
(2)
انتقالًا من تلك المرحلة الطفولية البريئة إلى مرحلة البحث والتقصي والمعرفة.. كانت ثمة سنوات طويلة من القراءات والمراجعات، وميزتُ حينها بين نص الأساطير (أو القصص المروية في إطار ذلك المسمى الكبير والعريض) وبين دراستها والتعرف على ماهيتها وارتباطها بالفولكلور تارة، والأنثروبولوجيا وتاريخ الإنسان البدائي وعلم الإنسان والثقافة تارة أخرى، وبالأدب والفن والإبداع عموما في دائرة ما عرف باستلهام التراث اليوناني وتراث الأساطير اليونانية تارة ثالثة، فضلًا عما عرف في القرن العشرين بعلم الأسطورة أو الميثولوجيا، تارة رابعة!!
وقد استعدت تلك الأطياف التي قاضت بها الذاكرة، وتلك الذكريات الرائعة، وأنا أطالع ذلك الكتاب الممتع الصادر عن دار الرواق للنشر والتوزيع بعنوان «الأساطير اليونانية ـ الحكايات والمعبودات»، للباحث المتخصص في التاريخ القديم والآثار الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية.
يستكمل عبد البصير سلسلة كتبه التثقيفية الرائعة في التاريخ القديم وعلم الآثار والأساطير (بخاصة المصرية القديمة) التي نشط في كتابتها وتأليفها في السنوات الخمس الأخيرة، وإن المرء ليدهش حقيقة من غزارة الإنتاج وكم الكتب التي أنتجها الدكتور عبد البصير خلال تلك السنوات، وإن كان ذلك يبدو مقنعا أو منطقيا لو علمنا أن الباحث قد أمضى سنوات طويلة خارج مصر يتلقى العلم ويؤطر دراساته بأطروحات أكاديمية نال عنها درجتي الماجستير والدكتوراه في التاريخ القديم وعلم الآثار، وعضد هذه الخبرة الأكاديمية وهذه المعرفة النظرية، ممارسة عملية امتدت لسنوات طويلة أيضا من خلال حملات البحث والتنقيب عن الآثار ومن خلال الإشراف على المتاحف وعرض الآثار.
(3)
عبر مقدمة واثني عشر فصلا وخاتمة، فضلا على ملاحق وألبوم صور، يعالج الكتاب الذي يقع في 334 صفحة من القطع المتوسط (أو الأصغر من المتوسط قليلا إذا شئنا الدقة) موضوع الأساطير اليونانية مركزا على الحكايات والمعبودات.
ومهد المؤلف لكتابه بحديث عن عالم الأساطير اليونانية القديمة في الفصل الأول، وعارضًا لأهم الأساطير اليونانية القديمة وأنواعها في الفصل الثاني. وكما يقول البلاغيون العرب، سيأتي التفصيل بعد الإجمال، فإذا كان المؤلف قد أجمل الحديث عن عالم الأساطير ككل، وعن أشهرها وأنواعها ككل أيضا فإنه سيفصل القول في كل فصل تال عن نوع شهير من أنواع هذه الأساطير، معرفا بها وعارضا لأبرز وأشهر حكاياتها ومضمنا معلومات ثرية ومهمة وتعريفية بأبطال هذه الأساطير وحدود الالتباس أو التداخل أو التقاطع بين التاريخي والمرجعي والأسطوري الخيالي المحض.
هكذا جاءت الفصول الثالث والرابع والخامس والسادس لتعالج على الترتيب:
أساطير الخلق (كيفية تصور اليونانيين القدماء لعملية الخلق، بدءا من الفوضى الأولى، مرورا بالأجيال المختلفة من الآلهة، مثل الجبابرة والآلهة الأولمبية. ويوضح كيف كانت تلك الأساطير تعكس مفاهيم الحياة والموت والوجود، كما أنها كانت تعكس الصراعات بين القوى المختلفة في الكون)..
وأساطير الآلهة (دراسة الآلهة الرئيسة في الميثولوجيا اليونانية، مثل زيوس، وهيرا، وأثينا، ويمثل كل منها جوانب مختلفة من الحياة الإنسانية والطبيعة. يتم استكشاف شخصياتها وخصائصها، وكذلك العلاقات المتشابكة بينها، مما يعطي للقارئ فهما أعمق لدور كل إله في الحياة اليومية للقدماء)..
وأساطير الأبطال (يركز على حكايات الأبطال؛ مثل هرقل وأوديسيوس، وما يمثله كل منهم من قيم الشجاعة والإصرار، ويوضح كيف أن مغامرات أولئك الأبطال كانت تجسد التحديات التي يواجهها الإنسان في سعيه نحو المجد والخلود)..
والأساطير التاريخية أو شبه التاريخية (ويقصد بها تناول الأساطير التي تتداخل مع التاريخ، مثل تلك المتعلقة بحروب طروادة. ويسلط الضوء على كيفية دمج التاريخ والأسطورة، مما يجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والخيال).
(4)
فيما جاءت الفصول السابع والثامن والتاسع، على الترتيب أيضا، لتعالج الأساطير تصنيفا موضوعيا؛ أي الأساطير الرمزية، والأساطير الأخلاقية، والأساطير التفسيرية (والأخيرة تسلط الضوء على الأساطير التي حاولت تفسير الظواهر الطبيعية، مثل الفصول الأربعة والزلازل. ويوضح كيف استخدم الناس الأساطير كأداة لفهم العالم من حولهم في وقت كانت فيه المعرفة العلمية محدودة).
وجاء الفصل العاشر ليرصد أوجه التشابه والاختلاف بين الأساطير اليونانية وغيرها من أساطير العالم، ويبحث هذا الفصل في الأساطير من ثقافات مختلفة، وكيف تتشابه أو تختلف عن الأساطير اليونانية، مما يساعد في فهم الأسس الثقافية التي تشكلت منها تلك المعتقدات.
ثم في الفصل الحادي عشر، يرصد تأثيرات الأساطير اليونانية على أساطير وثقافات العالم موضحا التأثير العميق للأساطير اليونانية على الثقافات الأخرى، وكيف أثرت في الأدب والفن والديانة في مختلف الحضارات.
وهذا الفصل، فيما أتصور، من أهم فصول الكتاب ولربما أهمها لأنه يتوقف عند المنبع الذي تغذت منه الفنون والآداب الحديثة بأكملها تقريبا ولم ينج من تأثيرها نوع أدبي أو فن من الفنون أو إبداع من الإبداعات الإنسانية.
ويأتي الفصل الثاني عشر ليستكمل بحث تأثيرات الأساطير اليونانية في الفنون والآداب، حيث يبحث كيف ألهمت الأساطير اليونانية الفنانين والكتاب عبر العصور، ولا تزال حتى وقتنا هذا تشكّل أساسًا لعددٍ كبير من الأعمال الفنية والأدبية. وخاتمة تعرض لأهم ما تناوله الكتاب وعرض له وركز فيه القول.
أما ملاحق الكتاب فقد تضمنت معجمًا لأشهر الآلهة اليونانية القديمة، وآخر لأشهر شياطين الأساطير اليونانية، كما تتضمن الملحقات مجموعة من المعلومات الإضافية التي تعزِّز من فهم القارئ للأساطير اليونانية، بما في ذلك معجم لأشهر المعبودات والشياطين. وأخيرا اشتمل الكتاب على ألبوم الصور التوضيحية الشارحة.
(4)
هذا بإيجاز شديد عرض لبنية الكتاب وهيكله العام وتوضيح لمبناه الذي ينبني عليه معناه ومادته ومنهجه ومنظور معالجته.
وبالتأكيد لن تفي هذه المساحة بالحديث المفصل عن هذا الكتاب الدسم والذي يستحق عرضا تفصيليا لمادته المهمة ولما اشتمل عليه كذلك من ملاحق مفيدة وصور داعمة، لكننا سنحاول قدر الإمكان الإحاطة ببنية وهيكل الكتاب وتبويبه، والموضوعات التي عالجها على أن نستكمل الحديث عن منهجه وأفكاره وخصوصية معالجته والغاية منها في حلقات تالية.