محمد فودة يكتب: ارفعوا أيديكم عن عمرو دياب
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
• الهضبة تصرف بعفوية شديدة ودون قصد ورد فعله "طبيعى"
• لمصلحة من تشويه أكبر رمز غنائى فى العالم العربى أمام الرأى العام؟
• صاحب الصفعة دائم التجول فى الأفراح لالتقاط الصور مع الفنانين بالعافية.. ولا تربطه أى علاقة بأصحاب المناسبات
• هل فنان كبير بحجم وقيمة ومكانة عمرو دياب يستحق كل هذا التجاوز على مواقع التواصل الاجتماعى؟
• عمرو دياب حائط الصد الأول ضد موجة الإسفاف والانحطاط الموسيقى
• قاهر الزمن سيظل نجما استثنائيا متربعا على عرش الأغنية العربية والصدارة فى ساحة الطرب
• حملات تشويه الرموز مرفوضة.
. والجمهور الحقيقي لا ينساق وراء المؤمرات
تابعت عن قرب حالة الانفلات غير المسبوق فى مواقع السوشيال ميديا التى هاجمت بضراوة النجم الهضبة عمرو دياب، بعد انتشار مقطع فيديو يظهر به شاب يدعى سعد أسامة، وهو يحاول التقاط صورة مع الهضبة عمرو دياب، ولقد رأيت ما فعله الشاب، حيث أمسك بملابس النجم وهو يغنى، وضغط على خاصره بشكل مفاجىء، وهو الأمر الذي أثار غضب الفنان الكبير، فاضطر لازاحة يده وصفعه بشكل عفوى ودون قصد وكأنه رد فعل طبيعى لما صنعه هذا الشاب وإقدامه على فعل شىء غير محمودة عواقبه، خاصة وأن الفنان مندمج فى أغانيه، وما لبث حتى تحول الأمر الى ثورة على الفيسبوك بين مؤيد ومعارض، وهو ما يؤكد أننا شعب طيب تحركه العواطف، ويتأثر بالمشاعر والأحاسيس التى تكون فى الغالب وليدة اللحظة.
ومع تقديرى الكامل للشاب المعجب ومحاولة التقاطه لصورة مع نجم كبير يحبه، إلا اننا لابد وأن نلتمس العذر لعمرو دياب، فهو لا يقصد بأى حال من الأحوال جرح مشاعر الشاب، أو تعنيفه أو صفعه، وإنما ما حدث هو لحظة عفوية تصرف فيها النجم بعفويته خاصة مع التزاحم الشديد من حوله أثناء غناءه، وهو يريد الانسجام مع ما يقدمه من فن، كما أن الفنان واقصد هنا أى فنان يتحمل مسؤلية عمله كاملة ويحاول أن ينجح فى ما يقدمه امام الجمهور، بدون تعطيل من أحد، وينبغي علينا أن نحترم هذه الرغبة ونضعها فى عين الاعتبار قبل إصدار الأحكام الظالمة، وتنصيب المحاكم من رواد السوشيال ميديا.
والمفارقة العجيبة أن هذا الشاب، تبين انه دائم الحضور فى الحفلات والأفراح والمناسبات العامة التى يتواجد فيها الفنانين كى يلتقط معهم صورا للذكرى، كما ان هذا الشاب لا تربطه أي علاقة بأصحاب الأفراح التي يتواجد بها، لكنه يريد أن يلتقط الصور فقط لإسعاد أقاربه وعائلته الذين يقطنون بالأقصر فقط لا غير، وللحق فإن الهجوم الشرس الذى يتعرض له قاهر الزمن عمرو دياب وهذا الانتقاد غير المسبوق الذى تعج به صفحات مواقع التواصل الاجتماعى شيء غريب حقاً ولا يمكن قبوله بأى حال من الأحوال، خاصة أن التصرفات الخاصة والجوانب الشخصية حق أصيل من حقوق الإنسان وليس معنى أن يكون الشخص مشهوراً أو نجماً كبيراً له جمهوره ومحبوه أن يتم استباحة حياته وأوقات عمله، الأمر الذى ليس له معنى سوى أنه نوع من محاولات ركوب التريند على حساب اسم نجم كبير.
وهنا أتساءل: هل فنان كبير فى حجم ومكانة وقيمة وقامة عمرو دياب يستحق كل هذا التجاوز على السوشيال ميديا؟، كنت أتمنى أن ينتظر رواد مواقع التواصل الاجتماعى إلى أن يتحدث أحد بعين الحقيقة ويوضح حقيقة ما حدث، خاصة أن هذا التصرف خرج بشكل عفوى وتلقائى ليس أكثر.
واحقاقا للحق فأنا أكتب مدافعاً عن عمرو دياب، لأنه نجما كبيرًا بحق، هو الذى تصدى بمفرده للحملات الممنهجة التى كانت تستهدف فى المقام الأول تهميش الأغنية المصرية وسرقة ريادتنا فى هذا المجال، فيكفى أن الهضبة استطاع وعن جدارة أن يكون حائط الصد المنيع لتهميش الاغنية، وبفضل موهبته وذكائه الفطرى استطاع أن يرسخ أقدامه أكثر وأكثر وأن يظل فى الصدارة، وعمرو دياب ومنذ بداياته الأولى اعتمد فى مشواره على عدة أمور، منها أنه لا يخضع لقالب معين، قبل كل ألبوم غنائى يقوم بإعداده يعتزل الناس من أجل دراسة ما يحدث فى العالم الخارجى من تطور الموسيقى خاصة فى التوزيع الموسيقى وما يترتب عليه من استخدام آلات موسيقية تواكب هذا التطور لكى يتفاعل مع الأحداث، لذلك فهو لا يعتمد على ملحن أو مؤلف معين مهما كانت شهرته، بل إنه قد يعتمد على مجموعة من الشباب الهاوى طالما أنهم لديهم الجديد، وما ساعد عمرو على ذلك هو انفتاحه الخارجى ونشأته فى بورسعيد تلك المدينة المفتوحة على العالم بحكم أنها أحد أكبر الموانى المصرية لذلك فهى تتعامل مع ثقافات مختلفة، فمن يستمع إلي عمرو دياب لا يستطيع أن يتمالك نفسه ويتحكم فى مشاعره دون أن يذوب عشقاً مع نغماته وأن يستعيد ذكريات غالية مرت به أو أن يعيش حالة خاصة من الحب والمشاعر والأحاسيس، بما يؤكد للجميع أنه فنان موهوب بمعنى الكلمة كما أنه يمتلك بالفعل مقومات العالمية التى استطاع أن يترك فيها بصمة واضحة وضوح الشمس ضارباً بذلك القدوة والمثل للفنان الملتزم المخلص لفنه، هذا من ناحية ومؤكداً من ناحية أخرى أنه فنان كبير يستحق كل التقدير، فهو صاحب الأغانى الراقية التى كانت ولاتزال وستظل تمثل خط الدفاع الأول فى مواجهة هذه الموجة الشاذة من الإسفاف والانحطاط الفنى الذى أفسد الذوق العام وألقى بساحة الغناء خلال السنوات الأخيرة فى الوحل، وهى الموجة الغنائية المعروفة إعلاميا بأغانى المهرجانات التى تمثل خطراً حقيقياً على الغناء والطرب الأصيل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عمرو دياب محمد فودة حفل عمرو دیاب
إقرأ أيضاً:
«فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
فى عالم الأدب، هناك أعمال تأسر القارئ منذ الصفحة الأولى، تأخذه فى رحلة فريدة داخل عوالم الشخصيات، تضعه أمام مرآة ذاته، وتدفعه للتأمل فى حياته وخياراته..ومن بين هذه الأعمال البارزة تأتى الرواية الجديدة للكاتبة أمانى القصاص، «فتاة وبحيرتان»، التى لا تروى فقط قصة فتاة مصرية سافرت بين البحيرات والشعوب، بل تبحر فى أغوار النفس البشرية، وتكشف عن صراعاتها العميقة التى تحدد مصيرها.
رحلة نداء: من الدلتا إلى جنيف
تدور الرواية حول نداء، الفتاة المصرية التى نشأت فى إحدى القرى الساحلية شمال الدلتا، حيث البحيرات المتصلة بالبحر المتوسط كانت تشكل عالمها الأول، تفوقها الدراسى فتح لها أبواب الإسكندرية، ثم حملها طموحها العلمى إلى جنيف بسويسرا، حيث عاشت وسط أرقى المجتمعات وأكثرها حضارة ورفاهية، ورغم هذا الثراء الثقافى والمادي، ظلت روحها تبحث عن شيء ما، عن اكتمال مفقود لم تحققه المدن الراقية ولا النجاحات الأكاديمية.
قصة حب ليست كأى قصة
تبدأ رحلة نداء نحو السعادة حين تلتقى حسين، الرجل الذى تراه فارس أحلامها، والذى يجعلها تشعر لأول مرة بجمال الحياة. ورغم الفارق الكبير فى السن والثقافة والتجربة الحياتية، وجدت فى حبها له مرسى وأمانًا. لكن سرعان ما تتحطم سفينتها على صخرة الواقع، حينما يتحول الأمان الذى شعرت به معه إلى وهم، ويدخل زواجهما فى منعطف غامض يجعلها تتساءل: هل كانت مخدوعة فى حبها؟ أم أنها كانت تهرب من شيء أعمق بداخلها؟
صراع الذات.. والهروب إلى العلاج
تجد نداء نفسها عالقة فى دوامة من الاكتئاب، تلجأ إلى الطعام العاطفى كمهرب، وتعانى من نوبات هلع تدفعها للانسحاب من حياتها بالكامل، وعندما تقرر أخيرًا البحث عن حل، تتجه إلى طبيبة نفسية لمساعدتها فى فهم ما حدث لها، معتقدة أن مشكلتها الوحيدة تكمن فى زواج خذلها..لكن المفاجأة تأتى حينما تقرر الطبيبة أن تعود بها إلى طفولتها، إلى ذكرياتها الأولى، إلى علاقة والديها بها، إلى الجروح القديمة التى ظلت حية رغم مرور السنين.
رحلة التعافي.. واكتشاف الذات
تدرك نداء، من خلال العلاج، أن المشكلة لم تكن فى زواجها فقط، بل فى ماضيها الذى ظل يطاردها دون أن تدرك. تكتب خطابات لكل من آلمها، تواجه مخاوفها وكوابيسها، وتبدأ فى فهم نفسها من جديد. تدرك أن الألم ليس مجرد حدث يمر، بل هو درس يجب أن يُفهم، وأن السعادة الحقيقية لا تأتى من الخارج، بل من السلام الداخلى والوعى بالذات.
رواية للروح.. وليست فقط للقلب
ما يميز «فتاة وبحيرتان» ليس فقط حبكتها القوية وأسلوبها السلس، بل العمق النفسى الذى تطرحه الكاتبة أمانى القصاص. إنها رواية تمزج بين السرد الروائى والتحليل النفسي، تأخذ القارئ فى رحلة تأملية تجعله يعيد التفكير فى اختياراته وعلاقاته، وتطرح تساؤلات جوهرية حول الحب، القدر، والذات.
إنها ليست مجرد قصة حب، بل حكاية تعافٍ ونضج، حكاية فتاة لم تكن تبحث فقط عن فارس أحلامها، بل عن ذاتها الضائعة بين البحيرات. إنها دعوة لكل قارئ ليغوص فى أعماق نفسه، ويعيد اكتشاف ماضيه، ويفهم كيف تشكلت اختياراته، وكيف يمكنه أن يصنع سلامه الداخلى ليعيش الحياة التى يستحقها.