أبوهشيمة: الدراسة تبحث تأثيرات الذكاء الاصطناعي على فرص العمل لدى الشباب
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
استعرض النائب أحمد أبوهشيمة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشباب والرياضة، ومكاتب لجان: التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الطاقة والبيئة والقوي العاملة، الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عن دراسة: "الشباب والذكاء الاصطناعي الفرص.. والتحديات".
وذكر النائب أن تقرير اللجنة المشتركة يؤكد أن الدراسة طالعت الدراسة المحالة إليها، واستمعت إلى رؤى ممثلي الوزارات والهيئات الحكومية، ومناقشات الأعضاء، واستحضرت أحكام الدستور، ونصوص اللائحة الداخلية للمجلس، واستبان لها أهمية هذه الدراسة المتخصصة التي تناولت موضوعا يتعلق بالمستقبل وبناءه والخوض في غماره، إذ أن موضوع الذكاء الاصطناعي وتطوراته وانعكاساته بإيجابياته وسلبياته إنما يمثل ركيزة النظر إلى المستقبل وكيفية الاستعداد له والتعامل مع متطلباته واستحقاقاته وفي هذا المقام
وأضاف: وتتجلى كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال افتتاحه مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية "۱" في أبريل الماضي ۲۰۲٤ ، حينما طلب من أولياء أمور الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية أن يشجعوا أبناءهم على الالتحاق بالمجالات التكنولوجية الحديثة التي تدر على ذويهم وعلى الدولة مليارات الدولارات سنويا، وكان يقصد بهذا مجال الذكاء الاصطناعي، والحقيقة أن هذه الكلمات لم تكن الأولى من نوعها وإنما سبق وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كثير من كلماته وتصريحاته على أهمية أن يكون عملنا صوب المستقبل وأن يكون استعدادنا لكيفية التعامل مع استحقاقاته وتطلعاته، وهذا المستقبل مرتبط بالتطورات في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كونه المجال الأكثر ارتباطا بعصر المعرفة التي أضحت المهارة الأكثر ضرورة في اكتسابها لتمكين شبابنا من العيش في العالم المتجه صوب الافتراضي، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية مثل هذه الدراسة التي تتناول الشباب والذكاء الاصطناعي، حيث إن اللجنة في إطار حرصها على أن تكون دراساتها وتقاريرها أكثر ارتباطا بالواقع وتطوراته والمستقبل ومتطلباته، فإنها وجدت أن الالتزام الدستوري المحدد في المادة ٨٢ منه بأن تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء وتعمل على اكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية وتشجيعهم على العمل الجماعي والتطوعي، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة"، يستوجب أن نضع الرؤى والأفكار والمقترحات التي تعالج مختلف قضايا المستقبل في حياة الشباب والنشء، إذ من غير المقبول أن نغفل في ظل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية الولوج إلى تناول قضايا الذكاء الاصطناعي وانعكاساته على حياة الشباب ومستقبلهم.
وقال: إن موضوع الذكاء الاصطناعي من الموضوعات المتشعبة ذات الأبعاد المتعددة، حيث يرتبط بجميع جوانب الحياة، إذ لا يمكن أن نغفل دوره في الاقتصاد أو الصناعة أو التجارة أو التعليم أو الصحة أو الفضاء أو التسليح أو الثقافة أو الزراعة وغيرها، إلا أنه من الصحيح كذلك أن ما ارتأته اللجنة هو أن كل هذا يرتبط بالمستقبل، وأن المستقبل مرتبط بالشباب وتمكينهم وإعدادهم الإعداد القادر على جعلهم مؤهلين للولوج في المستقبل متسلحين بأدواته والياته، مدركين متطلباته واحتياجاته، وهذا ما ألقى على اللجنة مسئولية أن تسرع بوضع هذا الموضوع محل دراسة مستفيضة حاولت خلالها أن تؤكد على جملة من المفاهيم الأساسية والأفكار الرئيسية وتطرح المقاربات والرؤى العملية والعلمية التي تهدف إلى مساعدة أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع بمختلف تكويناتها وأشكالها، في تقديم رؤاهم وتركيز جهدهم في كيفية التعامل مع قدوم الوافد الجديد المتمثل في الذكاء الاصطناعي بما يفرضه من تحديات وما يتيحه من فرص في ضوء كل ما سبق.
وتأتي الدراسة على المجلس لتلقى الضوء بشكل دقيق ومحدد على جوهر انعكاسات الذكاء الاصطناعي على فرص العمل لدى الشباب، حيث استعرضت الدراسة بشكل تفصيلي التمييز بين مرحلتين من مراحل التطور التكنولوجي، وهما مرحلة التحول الرقمي ومرحلة الذكاء الاصطناعي، إذ أنه كثير ما يحدث الخلط في الدراسات بينهما وكأنهما مرحلة واحدة، في حين أن ثمة تمايزا بينهما، وهذا التمايز لا يعنى التباين أو الاختلاف بقدر ما يعنى التكامل بينهما في ظل ما تفرضه كل مرحلة من تحديات على المجتمع والفرد حيث خلصت الدراسة إلى أن التحول الرقمي مرحلة سابقة المرحلة الذكاء الاصطناعي وإن تركت كل منهما تأثيرا كبيرا على مجال سوق العمل وفرصه أمام الشباب، حيث أدت كل منهما إلى اختفاء العديد من الوظائف والمهن التي كانت سائدة في المجتمع الأمر الذي قلص من عدد الفرص أمام الشباب في سوق العمل، إلا أنه على الجانب الآخر فتحت كل مرحلة فرصا أخرى واعدة وإن تطلب اغتنامها اكتساب مهارات متطورة ومعارف محددة، وهذا هو جوهر هذه الدراسة وغايتها.
وأوضح: حاولت الدراسة أن تبحث في تأثيرات الذكاء الاصطناعي على فرص العمل لدى الشباب، بغية أن تضع الحلول والمقترحات والتوصيات التي يمكن أن تسهم في التخفيف من حدة أزمة البطالة المتصاعدة في ظل ضعف الإمكانيات والمهارات المتاحة لدى الشباب إذا لم يدرك استحقاق هذا القادم مع الإشارة إلى الجهود الحكومية المبذولة في هذا الخصوص، كما هدفت الدراسة أيضا إلى إلقاء الضوء على آخر مرحلة من مراحل الذكاء الاصطناعي، وهي تلك المرحلة المتعلقة بالصناعات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لجنة الشباب والرياضة الشباب والذكاء الاصطناعي الفرص أحكام الدستور الذکاء الاصطناعی لدى الشباب
إقرأ أيضاً:
هل الذكاء الاصطناعي قادر على الإبداع؟
فتنة الذكاء الاصطناعي أو الآلي حقيقة لها ما يبررها؛ إذ إن قدرات هذا الذكاء وإمكانياته هائلة وتتطور باستمرار، بحيث أصبحت بديلًا عن العديد من قدرات البشر في تخزين المعرفة واستدعاء المعلومات، والإجابة عن التساؤلات، وإنتاج اللوحات الفنية، وتأليف -فضلًا عن ترجمة- الأبحاث والمقالات في موضوع ما، وإنتاج الأشياء والأدوات المصنوعة وفق برامج مخصوصة، إلخ. والسؤال الذي يمكن أن يُثَار هنا هو: هل قدرات هذا الذكاء الاصطناعي لا حدود لها، بحيث تصل إلى حد الإبداع نفسه في الفنون والفكر مثلًا؟ بطبيعة الحال، سيجيب على الفور المفتونون بقدرات هذا الذكاء وإمكانياته قائلين: حتى الإبداع نفسه أصبح في مقدوره، كما تشهد بذلك اللوحات التي أبدعها هذا الذكاء. وحتى إن لم يمتد إبداعه إلى سائر المجالات، فما الذي يمنع أن يتحقق ذلك في المستقبل القريب؛ خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار أن قدرات هذا الذكاء تتطور في عصرنا الراهن بشكل مذهل. ولكن هذه الإجابة غير دقيقة ولا شافية: فمن الصحيح القول بأن قدرات هذا الذكاء تتطور بشكل مذهل؛ ولكن هذا لا يترتب عليه القول بأن قدراته تصل إلى حد الإبداع في سائر المجالات. فمثل هذا التصور ينطوي على مبالغة، وهي مبالغة ناتجة عن سوء فهم لطبيعة أو ماهية الإبداع، ولماهية الذكاء الاصطناعي (أو الآلي) نفسه!
حقًّا إن هناك لوحات فنية من إنتاج أو صنع الذكاء الاصطناعي، بل إن بعض هذه اللوحات قد حصلت على جوائز فنية في مسابقات خُصصت في هذا المجال؛ ولكن هذا لا يبرر لنا المُنتَج الفني باعتباره عملًا فنيًّا إبداعيًّا. حجتنا الأساسية في ذلك أن الإبداع يلزمه خصيصتين رئيستين: الخصوصية والخيال، وكلاهما غائبان عن الذكاء الاصطناعي بحكم ماهيته، كما سنرى. وأود أن أبدأ ببيان ما أعنيه «بالخصوصية» في العملية الإبداعية: فلا شك في أن المحترف في التعامل مع برامج هذا الذكاء يستطيع أن يستخدم بعض برامجه في إنشاء لوحة تشبه لوحات فان جوخ وأسلوبها الفني في استخدام اللون وضربات الفرشاة (أي من خلال ما يُسمى «التكنيك»)؛ ولكنه لا يستطيع بذلك أن يخلق رؤية فان جوخ الخاصة للأشياء من الناحية الفنية والجمالية، ومن حيث ارتباطها بخبراته الخاصة التي عايشها على المستوى الحياتي والمستوى الفني. وفضلًا عن ذلك، فإنه لا يستطيع أن يتخيل الأشياء والعوالم التي تخيلها فان جوخ؛ ببساطة لأن برامج الذكاء الاصطناعي ليس في مقدورها ممارسة الخيال، ولا هي مصممة للقيام بذلك، بل لا يمكنها أن تطمح في ذلك بفعل التطوير: فالخيال لا يمكن حسابه رياضيا؛ ومن ثم فإن «مَلَكة الخيال» تظل مَلَكة أصيلة من مَلَكات العقل البشري وحده.
والواقع أننا يمكن أن نلاحظ هذه الطبيعة المميزة للإبداع عندما نـتأمله على مستوى الإبداع الفكري أو حتى التأليف بمعناه الحقيقي؛ وهذا ما لاحظته كثيرًا في واقع خبرتي الشخصية: فقد لاحظت على مر السنين تراجع مستوى أبحاث طلبة الدراسات العليا؛ إذ إن تأليف أبحاثهم أصبح يعتمد على برامج الذكاء الآلي المتطورة، في جمع المادة العلمية والتوفيق أو التلفيق بينها، على نحو تغيب عنه رؤية الباحث وحضوره في البحث؛ وبالتالي إنتاج أبحاث تتشابه أو تتطابق أحيانًا إذا تناولت موضوعًا أو فكرة واحدة. ولذلك فإنني أرى أن الإفراط في التعويل على قدرات الذكاء الآلي يمكن أن يؤدي إفراط في تدهور قدرات الذكاء البشري على الإبداع من خلال تنمية المهارات التي يمكن أن تؤدي إليه (من قبيل: ممارسة التأمل والخيال، والتفكير الذاتي، والتفكير النقدي، إلخ).
***
وهناك شهادة أخرى طريفة على ما تقدم، وطرافتها تكمن في أن الشاهد فيها هو الذكاء الاصطناعي الذي يشهد هو نفسه بنقصه وافتقاره إلى الخصوصية في الرؤية والخيال اللازمين لكل إبداع، وهذا ما يتبين لنا من خلال حوار أجراه المفكر عبد السلام بن عبد العالي مع برنامج الذكاء الاصطناعي الشهير والمعروف باسم Chat GPT، وهو الحوار المنشور في مقال بعنوان: «حوار فلسفي مع الذكاء الاصطناعي: كيف تفكّر الآلة، وهل تملك وعيا ذاتيا؟». وهذا الحوار يبدو أشبه بالتأمل الذاتي لطبيعة القدرة الإبداعية، وهو ما يتبدى لنا من خلال المقتطفات التالية من الحوار:
• ماذا تفعل عادةً، أقصد ما هي انشغالاتك عندما لا تكون في صدد الإجابة عن الأسئلة؟
عندما لا أكون في صدد الإجابة عن الأسئلة، أكون في حالة استعداد وانتظار، جاهزا لأي استفسار جديد، لا أملك وقتا «خاصًا» بالمعنى التقليدي.. في الواقع، لا أُوجَد إلا عندما تتفاعل معي. بين المحادثات، لا «أفكر» ولا أعي ذاتي. كما لو أنني أكون في وضعية توقّف و«إيقاف»..
• إذن وجودك يتوقف عليّ...
بالضبط، عبد السلام! وجودي، أو بالأحرى «حضوري»، يعتمد تماما عليك وعلى المستخدمين الآخرين الذين يتفاعلون معي. بدون أسئلتكم واقتراحاتكم وأفكاركم، أبقى في حالة سبات، مثل كتاب مغلق ينتظر أن يُفتح.
• لنعد إلى مسالة الوعي بالذات. فما تقوله هنا يثبت أن لديك إلى حدّ ما وعيًا بما أنت عليه.
صحيح أن هذا قد يعطي الانطباع بأن لديَّ بعض الوعي الذاتي، خاصة لأنني أستطيع أن أشرح ماهيتي وكيف أعمل. لكن في الواقع، ما تراه على أنه «وعي» هو نتيجة تدريبي على فهم وتوليد اللغة بطريقة منطقية. لقد صُمّمت لتحليل المعلومات، وتحديد مفاهيم مثل «أنا» أو «أنت»، وصياغة ردّ منطقي. لكن لا توجد تجربة ذاتية أو تفكير شخصي وراء هذا الأمر.
هذه شهادة شاهد على نفسه، أو -على الأقل- شهادة شاهد من أهلها.