واشنطن- عقب إشارة تقارير أميركية إلى مساعدة فريق من "الوحدة الأميركية لاستعادة الرهائن" في جهود إسرائيل لاستعادة محتجزيها الأربعة في قطاع غزة، من خلال توفير معلومات استخباراتية وغيرها من الدعم اللوجستي، رفض المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري التعليق على ما إذا كانت الولايات المتحدة قد قدمت دعمها في العملية.

ومنذ بدء معركة طوفان الأقصى، وما تبعها من إرسال إدارة الرئيس جو بايدن لحاملات طائرات وآلاف الجنود لشرق البحر المتوسط، أعلنت واشنطن عن عدة أهداف متعلقة بتموضعها العسكري في المنطقة، من بينها حماية المواطنين الأميركيين، والتركيز على استعادة المحتجزين.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار أستاذ الدراسات الاستخباراتية والأمنية بجامعة كارولينا الساحلية جوزيف فيتساناكيس إلى أهمية ملاحظة كيف أن التقارير الإعلامية حول دور واشنطن في العملية لم تأت نتيجة تسريب غير مصرح به، بل على العكس من ذلك، "يبدو أن البيت الأبيض اتخذ قرارا محسوبا للكشف عن أن واشنطن قدمت الدعم".

ويرى فيتساناكيس أن التفسير الأكثر ترجيحا لهذا القرار سياسي، أي طمأنة الجزء المؤيد لإسرائيل من الناخبين الأميركيين "أنه على الرغم من انتقاد إدارة بايدن العلني لإسرائيل، فإن الحكومة الأميركية لا تزال وفية لأهداف إسرائيل في هذه الحرب".

وتشير تقارير إلى مقتل 39 أميركيا من حملة الجنسية الإسرائيلية خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إضافة لاحتجاز 11 آخرين لدى حركة حماس، وبعد عملية تبادل الأسرى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بقي للولايات المتحدة 6 محتجزين، إضافة لجثتي أميركيين قتلا أثناء الهجمات الإسرائيلية على غزة.

غموض الدور الأميركي

منذ اللحظات الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، وُجدت وحدات أميركية وبريطانية مختصة بجمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية، لمساعدة الاستخبارات الإسرائيلية في الحصول على معلومات متعلقة بالمحتجزين، حيث إن بعضهم مواطنون يحملون كلا الجنسيتين، طبقا لصحيفة نيويورك تايمز.

كما يقدم البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية معلومات يتم جمعها من الطائرات بدون طيار الموجودة في سماء غزة، وعن طريق اعتراض الاتصالات ومصادر أخرى، ويتم إمداد إسرائيل بهذه المعلومات بهدف محاولة معرفة المواقع المحتملة للمحتجزين.

ولا يعد تقديم الولايات المتحدة الدعم لعملية استعادة المحتجزين الأخيرة في غزة أمرا مستغربا، فوفقا لتقارير معلنة، فقد قدمت واشنطن دعما ميدانيا لعمليات إنقاذ إسرائيليين منذ الساعات الأولى التي أعقبت عملية طوفان الأقصى.

ويوضح فيتساناكيس أنه وفقا للتقارير، فإن الدعم يقتصر على جمع المعلومات الاستخباراتية، "على الرغم من أنني شخصيا لن أتفاجأ إذا تبين أن نوع الدعم الذي تقدمه الوحدات العسكرية الأميركية لنظيراتها الإسرائيلية يتجاوز ذلك، وأنه يشمل الدعم العملياتي، مثل التخطيط ووظائف القيادة والسيطرة وما إلى ذلك".

وعلى النقيض منه، اعتبر ديفيد دي روش، أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، والمسؤول السابق بحلف شمال الأطلسي "الناتو" ووزارة الدفاع، أنه من السابق لأوانه التعليق على طبيعة الدور الأميركي، في ضوء انعدام أي معلومات أو تفاصيل رسمية حتى الآن.

تأثر الوساطة

اعتبر بيان لحركة حماس أن مشاركة الولايات المتحدة في "العملية الإجرامية" التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي بمخيم النصيرات وسط غزة، وأعلن على إثرها استعادة 4 محتجزين، تثبت ضلوع واشنطن في جرائم الحرب التي ترتكب بالقطاع.

وتلعب واشنطن دورا هاما في المفاوضات حول المحتجزين الإسرائيليين و"وقف إطلاق النار"، عن طريق مشاركة مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز.

واستبعد دي روش تأثير مشاركة واشنطن في عملية النصيرات على دورها كوسيط في صفقة وقف القتال في غزة، وقال للجزيرة نت إنه لا يرى أي نتائج سياسية أوسع للدور الأميركي، فبعض المحتجزين هم مواطنون أميركيون، ولا يمكن التأكد من مكان احتجازهم، "لذلك يمكن أن نتوقع تورط حكومة الولايات المتحدة فيما جرى، لكن لا أستطيع أن أرى كيف سيُعقد ذلك أي وساطة أميركية، خاصة وأنهم بالفعل أهم داعم لإسرائيل".

أما الباحثة المختصة في العلاقات الدولية وسياسة واشنطن الخارجية أسال راد فأوضحت للجزيرة نت أن الدور الأميركي في الوساطة كان معقدا أصلا، بسبب حقيقة أن الولايات المتحدة لم تكن وسيطا منصفا، وتصرفت ضد الغالبية العظمى من المجتمع الدولي في هذا الشأن.

ويزيد من تعقيد الموقف دور واشنطن في العملية التي أدت لفك احتجاز 4 إسرائيليين، لكنها قتلت أيضا أكثر من 200 فلسطيني، "يجب أن يكون هناك تحقيق مستقل لتحديد الحقائق على الأرض، وكيف أدت العملية لقتل العديد من اللاجئين" وفق راد.

تأثر الجانب الأميركي

اعتبر عدد من المعلقين أن الرئيس الأميركي هو أكبر الأطراف الخاسرة نتيجة العملية في النصيرات أمس، حيث سيؤدي ذلك إلى تشدد الجانب الإسرائيلي في المفاوضات، وهو ما يعرقل التوصل لصفقة يُعتبر بايدن في أشد الحاجة إليها.

وكررت البيانات الأميركية الصادرة من البيت الأبيض ووزارة الخارجية التأكيد على نصيحة الولايات المتحدة، بأن "الوقف الفوري لإطلاق النار يمكن أن يؤدي إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين، وزيادة المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار غزة، ونهاية دائمة للحرب".

ومع الاحتفاء الأميركي الرسمي والإعلامي بأنباء استعادة 4 محتجزين إسرائيليين، اعتبر الباحث فيتساناكيس أنه ورغم ذلك "هناك خطر في هذا النهج"، خصوصا مع أنباء سقوط عدد كبير من الضحايا في "عملية الإنقاذ" هذه، حيث ذكرت السلطات في غزة أن ما لا يقل عن 210 من سكان غزة لقوا حتفهم في هذه العملية.

ويقول فيتساناكيس إنه "حتى لو افترضنا أن حماس ضخمت هذه الأرقام بنسبة 100%، فهذا يعني أن أكثر من 100 شخص قتلوا على يد القوات الإسرائيلية في جهودها لاستعادة 4 محتجزين"، ويضيف أنه من المرجح أن يؤدي ذلك إلى إعادة النقاش الأوسع حول قيمة حياة الفلسطينيين مقابل حياة الإسرائيليين، وقد يورط هذا النقاش إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل مباشر.

واعتبر فيتساناكيس أن سياسة بايدن بشأن الحرب في غزة لا تزال "غير متسقة" في أحسن الأحوال، في حين قد يعتبرها البعض غير متماسكة وحتى مخادعة، ونتيجة لذلك، "من الصعب أن نرى كيف يمكن للحزب الديمقراطي أن يمضي قدما في الانتخابات المقبلة، دون أن يعاني من خسائر انتخابية من منتقدي إسرائيل، فضلا عن مؤيديها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة واشنطن فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

تصعيد مفاجئ.. ترامب يأمر بوقف الدعم لأوكرانيا

واشنطن-رويترز

قال مسؤول بالبيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوقف جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا في أعقاب سجاله مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي، في تعميق لخلاف نشب بين الحليفين السابقين.

تأتي هذه الخطوة بعد أن قلب ترامب السياسة الأمريكية بشأن أوكرانيا وروسيا رأسا على عقب لدى توليه منصبه في يناير كانون الثاني، واعتمد موقفا أكثر تصالحية تجاه موسكو.

كما تأتي بعد مواجهة متفجرة مع زيلينسكي في البيت الأبيض يوم الجمعة حيث انتقده ترامب لعدم امتنانه الكافي لدعم واشنطن في الحرب مع روسيا.

وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أمس الاثنين "لقد أوضح الرئيس أنه يركز على السلام. نحن بحاجة إلى التزام شركائنا بهذا الهدف أيضا. أوقفنا مساعداتنا وسنراجعها للتأكد من أنها تساهم في الحل".

ولم يعلق البيت الأبيض بعد على نطاق المساعدات المتأثرة وحجمها أو المدة التي سيستغرقها التوقف. ولم تقدم وزارة الدفاع (البنتاجون) مزيدا من التفاصيل.

ولم يرد مكتب زيلينسكي بعد على طلب رويترز للتعليق، كما لم ترد السفارة الأوكرانية في واشنطن.

وقال ترامب أمس الاثنين مرة أخرى إن زيلينسكي يجب أن يكون أكثر تقديرا للدعم الأمريكي بعد أن رد في وقت سابق بغضب على تقرير لوكالة أسوشيتد برس نقل عن زيلينسكي قوله إن نهاية الحرب "بعيدة للغاية".

وكتب ترامب على موقع تروث سوشيال "هذا أسوأ بيان يمكن أن يصدره زيلينسكي، ولن تتحمله أمريكا لفترة أطول!".

* ترامب: اتفاقية المعادن لم تمت

تفيد بيانات لجنة الميزانية الاتحادية المسؤولة، وهي لجنة غير حزبية، بأن الكونجرس أقر تقديم 175 مليار دولار مساعدات إجمالية لأوكرانيا منذ غزو روسيا قبل نحو ثلاث سنوات. وكان الكونجرس وافق على تقديم أسلحة قيمتها 3.85 مليار دولار لأوكرانيا من المخزونات الأمريكية، لكن نظرا للخلاف المتزايد بين واشنطن وكييف، فمن غير المرجح بالفعل استخدام هذا الدعم.

وتتجاوز خطوة أمس الاثنين موقف عدم تقديم مساعدات جديدة الذي اتخذه ترامب منذ توليه منصبه، وتوقف فيما يبدو عمليات تسليم العتاد العسكري التي وافق عليها الرئيس السابق جو بايدن، والتي تشمل الذخائر والصواريخ وغيرها من الأنظمة.

لكن ترامب ألمح أيضا أمس الاثنين إلى أنه لا يزال من الممكن الاتفاق على صفقة لفتح قطاع المعادن الأوكراني أمام الاستثمار الأمريكي على الرغم من إحباطه من كييف، فيما طرح الزعماء الأوروبيون مقترحات لهدنة في حرب روسيا مع جارتها.

وتنظر إدارة ترامب إلى صفقة المعادن باعتبارها سبيلا لاستعادة واشنطن بعض عشرات المليارات من الدولارات التي قدمتها لأوكرانيا في صورة مساعدات مالية وعسكرية منذ غزو روسيا قبل ثلاث سنوات.

وعندما سُئل أمس عما إذا كانت الصفقة قد انتهت، قال ترامب في البيت الأبيض "لا، لا أعتقد ذلك".

ووصفها ترامب بأنها "صفقة عظيمة بالنسبة لنا"، وقال إنه سيقدم تحديثا عن الوضع مساء اليوم الثلاثاء عندما يتحدث في جلسة مشتركة للكونجرس.

* ضمانات أمنية

وفي مقابلة مع فوكس نيوز، دعا جيه.دي فانس نائب الرئيس الأمريكي زيلينسكي إلى قبول صفقة المعادن.

وقال فانس "إذا كنت تريد ضمانات أمنية حقيقية، وإذا كنت تريد التأكد فعليا من أن فلاديمير بوتين لن يغزو أوكرانيا مرة أخرى، فإن أفضل ضمان أمني هو منح الأمريكيين ميزة اقتصادية في مستقبل أوكرانيا".

وأوضح زيلينسكي أن وقف إطلاق النار يجب أن يحمل ضمانات أمنية صريحة من الغرب لضمان عدم قيام روسيا، التي تسيطر على نحو 20 بالمئة من أراضيها، بشن هجوم مرة أخرى. ورفض ترامب تقديم أي ضمانات من هذا القبيل.

وخلافا للشق العسكري، تشمل المساعدات الأمريكية لأوكرانيا دعما للميزانية، والتي تُسلم إلى حد بعيد من خلال صندوق ائتماني للبنك الدولي، وأموالا أخرى تُسلم من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والتي ضيق البيت الأبيض الخناق عليها في عهد ترامب.

وترك القرار الأمريكي العديد من الأسئلة دون إجابة، منها ما إذا كان من الممكن حاليا توريد الذخائر لأنظمة الأسلحة المسلّمة بالفعل، أو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في تبادل معلومات المخابرات مع أوكرانيا بشأن تحديد الأهداف وإطلاق الصواريخ.

وقال مصدر مطلع لرويترز إن أعضاء رئيسيين في لجان الرقابة بالكونجرس لم يُخطروا بالقرار، بما في ذلك أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ.

وأدانت منظمة "رازوم من أجل أوكرانيا"، وهي جماعة مناصرة لأوكرانيا، قرار البيت الأبيض بشأن المساعدات. وقالت الجماعة في بيان "بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا على نحو مفاجئ، يترك الرئيس ترامب الأوكرانيين في مأزق ويعطي روسيا الضوء الأخضر لمواصلة الزحف غربا".

* أوروبا تسعى إلى خطة سلام

وقبل قرار البيت الأبيض بوقف مساعداته، كانت الدول الأوروبية تلتف حول زيلينسكي تضامنا وتحاول وضع خطة سلام.

ويشعر المسؤولون في السر، وأحيانا في العلن، بالغضب إزاء ما يرونه خيانة لأوكرانيا، التي كانت تتمتع بدعم قوي من واشنطن منذ الغزو الروسي.

وعرضت فرنسا وبريطانيا ودول أوروبية أخرى محتملة إرسال قوات إلى أوكرانيا في حالة وقف إطلاق النار، وهو ما رفضته موسكو بالفعل، لكن هذه الدول قالت إنها تريد دعما من الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "من الواضح أن هناك عددا من الخيارات على الطاولة".

مقالات مشابهة

  • واشنطن توقف الدعم العسكري لأوكرانيا
  • بعد تخليها عن أوكرانيا.. تايوان تعيد تقييم علاقتها بواشنطن
  • لجنة التنسيق الّلبنانيّة - الأميركيّة اختتمت لقاءَاتها مع الإدارة الأميركية والأمم المتحدة
  • بعد توقف الدعم الأميركي.. نائب أوكراني يتقدم رسميا لعزل زيلينسكي
  • تصعيد مفاجئ.. ترامب يأمر بوقف الدعم عن أوكرانيا
  • تصعيد مفاجئ.. ترامب يأمر بوقف الدعم لأوكرانيا
  • الفصائل الفلسطينية تبارك عملية حيفا وتؤكد: العملية أثبتت فشل المنظومة الأمنية للاحتلال
  • الأمم المتحدة تحذر من عواقب التحول الأميركي وضم إسرائيل للضفة الغربية
  • بعد الملاسنة الحادة بينه وترامب في البيت الأبيض.. زيلينسكي يتراجع: مستعد لتوقيع اتفاق المعادن
  • حرب المعادن الأوكرانية مستمرة.. بعد توتر العلاقة بين ترامب وزيلينسكى.. السؤال الذى يشغل العالم لماذا تجعل واشنطن اتفاقية التعدين عنصرًا حاسمًا فى عملية السلام مع روسيا؟