معهد بحوث الإلكترونيات يُعلن تجديد شهادة الأيزو 9001:2015
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أهمية البحث العلمي كمحرك رئيسي للتقدم والازدهار، مشيرًا إلى حرص الوزارة على بذل جهودها لتعزيز البنية التحتية للمراكز البحثية، وتوفير بيئة مثالية للباحثين، وذلك من خلال دعمهم وتمكينهم من إجراء أبحاث علمية متطورة تُثري المعرفة وتُساهم في إيجاد حلول مُبتكرة للتحديات التي تواجه مختلف القطاعات في الدولة، موضحًا أن الوزارة تُولي اهتمامًا كبيرًا بتوفير بيئة عمل محفزة ومُحكمة في مراكزها ومعاهدها البحثية، فالتطوير المؤسسي وتطبيق معايير الجودة الشاملة يُمثلان ركيزة أساسية في استراتيجية الوزارة.
وأعلنت الدكتورة شيرين محمد عبد القادر محرم رئيسة المعهد، عن تجديد شهادة الأيزو (9001:2015) لنظام إدارة الجودة، مشيرة إلى أن هذا الإنجاز يأتي تأكيدًا على إيمان المعهد الراسخ بأهمية الجودة الشاملة، كركيزة أساسية لتحقيق أهدافه الاستراتيجية، وتعزيز مكانته كمركز رائد للبحث العلمي والتطوير التقني في مجال الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة، موضحة أن التجديد يهدف إلى رفع كفاءة القُدرة المؤسسية والبحثية، دعم وتطوير منظومة العمل، الارتقاء بمستوى الأداء والتطوير المستمر والوصول إلى الاعتماد الدولي.
وأعربت الدكتورة شيرين محرم عن سعادتها لتجديد شهادة الأيزو للمعهد، موجه الشكر لمنتسبي المعهد على المجهودات المبذولة لإتمام هذا الإنجاز وعلى رأسهم أعضاء فريق الجودة، مؤكدة التزام المعهد بتقديم خدمات بحثية مُتميزة تُلبي احتياجات مختلف القطاعات، وتعزيز التعاون مع المؤسسات البحثية العالمية، للمُساهمة في دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي في مصر.
وأكدت رئيس معهد بحوث الإلكترونيات، أن المعهد نجح خلال الفترة الأخيرة في إحداث نقلة نوعية في تطبيق التحول الرقمي، وتوطين أنظمة المراسلات، ونظام الأرشيف الإلكتروني بالأقسام العلمية والإدارات المختلفة، كما تم تطبيق نظام قياس الأداء لقياس وتطوير أداء المعهد، وذلك لخلق بيئة إدارية إيجابية تُساهم في تحقيق محاور الخُطة الإستراتيجية للمعهد من أجل تطوير العمل البحثي والأداء الإداري، بما يتماشى مع الخُطة الإستراتيجية للدولة في التحول الرقمي والمدن العلمية الذكية من الجيل الرابع، موضحة أن المعهد يعمل حاليًا للحصول على شهادة الأيزو لمعامل القياسات والمعايرة والاختبارات للمعامل المتخصصة والمركزية بالمعهد، مشيرة إلى أنه من خلال هذه الإنجازات، سيُساهم معهد بحوث الإلكترونيات في تحقيق رؤية مصر 2030، والتي تهدف إلى بناء دولة عصرية قوية تُواكب التطورات العالمية، وتُحقق التنمية المستدامة في جميع المجالات.
ومن جانبه، أوضح الدكتور هشام عبد الهادي رئيس فريق الجودة بالمعهد، أن نظام الجودة الشامل يعمل على تطبيق كافة معايير ومتطلبات الجودة القياسية طبقًا لمواصفات الأيزو 9001/2015 والمعايير الدولية في هذا الشأن، مشيرًا إلى قيام لجنة الجودة بالمعهد بتنفيذ العديد من ورش العمل للعاملين، للتعريف بالمواصفة القياسية الأيزو 9001، وكذلك تنفيذ كل المُتطلبات والأنشطة اللازمة لتجديد الشهادة على أكمل وجه، مؤكدًا أن المعهد استطاع بجهود فريق الجودة وكافة منتسبيه الحصول على تجديد شهادة الجودة الأيزو (ISO 9001:2015) لنظام إدارة الجودة عام 2023، والذي يُعرف كمعيار نظام إدارة عام دولي مُعتمد.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التنمية المستدامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أيمن عاشور معهد بحوث الإلكترونيات الأيزو 9001 شهادة الأیزو
إقرأ أيضاً:
مفارقة التقدم العلمي
في مقالنا السابق، عبرّتُ عن حاجتنا العاجلة إلى مراجعة علاقتنا بالأنظمة التقنية وآلية تفاعلنا معها بما تحمله من تأثيرات يمكن أن تخرجَ المجتمعات الإنسانية عن نمطها الإنساني السليم، ونستكمل في مقالنا الحالي شيئا من هذا التوجّس الرقمي الآخذ في التقدّم السريع الذي يطرق أبواب وعينا؛ لنعيد تحديد بُوصلتنا الإنسانية وفقَ أطرها العقلانية ومبادئها الأخلاقية؛ إذ ترسّخ في قاموس معارفنا أن التقدّم العلمي والتقني يمثّل تجسيدا لانتصار الإنسان على الجهل والمرض والعوز، ولكن مع هذا التقدم تتضاعف مشكلاتنا الوجودية بلباسها الجديد التي تهدد استقرار الإنسان النفسي والاجتماعي، وتنشأ تساؤلات تتعلق بالتقدم العلمي والتقني وضريبته التي تدفعها المجتمعات الإنسانية -رغم كل الفوائد الناتجة- فكيف يمكن أن يكون للتقدم العلمي وجه مظلم؟ ولماذا نشعر بالضياع والقلق كلما اقتربنا أكثر من تحقيق «الحلم التقني»؟
قبل عقود ماضية، كان الإنسان يرى في التقدّم وسيلةً للخلاص والتطوّر المحمود؛ حيثُ وضع آماله على التقدّم العلمي في إيجاد حلول لمشكلاته الكثيرة منها إطالة عمره، وتحسين صحته، وتخفيف أعباء العمل، وبات كثير من هذه الأمنيات حقيقةً واقعية؛ فأصبح متوسط عمر الإنسان أطول، والأمراض أقل فتكًا، وأصبحت الآلات تؤدي الكثير من المهام الشاقة. لكن في المقابل، زاد التقدمُ العلمي الفجوة النفسية والاجتماعية؛ فتقلصت مستويات السعادة، وزادت معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر وفقدان المعنى والشغف؛ فارتفعت معدلات الجريمة والانتحار.
كان يفترض أن تمنحنا التقنية مزيدًا من الوقت للراحة والتأمل، ولكنها -في بعض حالاتها غير الموزونة- جعلتنا عالقين في دوامة لا تنتهي من الإدمان الرقمي، والمقارنات الاجتماعية، وانعدام المعنى؛ فبدلًا من تحقيق الراحة المنشودة، أصبحنا عبيدًا للهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعمل المستمر دون انقطاع. كانت المجتمعاتُ الإنسانية التقليدية قائمةً على أنظمة اجتماعية وثقافية مستقرة تمنح الإنسان إحساسًا بالهوية والانتماء، ومع تطوراتنا العلمية، قادت العولمة الرقمية والتقدم التقني إلى تفكيك هذه البنى؛ لتجعل الفرد يشعر بالعزلة والاغتراب رغم تضاعف الارتباط بين المجتمعات الإنسانية في العالم بسبب النشاط التقني وانتشار وسائله التواصلية، ولكن في المقابل، باتت هذه المجتمعات وأفرادها أكثر تفككًا من الناحية العاطفية؛ فتهاوت القيم الأخلاقية وضعفت المكتسبات العقلية والمعرفية العميقة، وتحولت الحياة إلى سباق مفتوح من الاستهلاك والتطوّر المستمر بلا هوادة؛ ليفقد الإنسان أهم تساؤل فطري ينبغي للعقل البشري أن يثيره: لماذا؟
سبق أن وصفتُ الإنسانَ الحديث بالإنسانِ الرقمي؛ لاقترانه الكبير بالتقنيات الرقمية التي قرّبته من معارف كثيرة -رغم سطحيتها- لم يكن من السهل بلوغها مع زمن سابق يندر فيه مثل هذا الاقتران الرقمي، ورغم كل الوسائل التقنية المتاحة له، نجده يعاني من شعور دائم بأنه ضائع في متاهات الحياة التي تؤرقه بمستجداتها الفاتنة ذات المعايير المثالية، ولم تعد هناك حقائق مطلقة؛ إذ تراجعت الفلسفة أمام العلم مفتوح المصادر، وتحولت الأسئلة الوجودية العميقة إلى قضايا «لا عملية» لا تحظى بالاهتمام ولا تثير دهشة العقل، والأدهى أن يفقد الإنسان ذاته ومعنى وجوده؛ فكيف -حينها- يمكن لإنسان أن يعرف عن عالمه الفيزيائي المحيط فيما يكون عاجزًا عن فهم ذاته ومعنى وجوده؟
مع ظهور الذكاء الاصطناعي وتسارع تطويراته، اتسعت هذه المفارقة وضاقت حلولها؛ فبعد أن أخذت الظنونُ بالإنسان بأنه الكائن الأذكى في الوجود والأجدر في فهم قواعد الحياة -دون منافس- وحل ألغازها، يجد نفسَه الآن في مواجهةٍ مع كياناتٍ اصطناعية ذكية تتجاوزه في مستويات التفكير واتخاذ القرارات والإبداع؛ ليبرز السؤال المهم: أما زلنا مميزين؟ وهل سيفقد الإنسان قيمته في عالم تسيطر عليه الخوارزميات الذكية؟ تصل بنا حتمية واقعنا الحالي إلى نتيجة مفادها أن التقدّم في الذكاء الاصطناعي ومشتقاته مثل الروبوتات الذكية وأنظمة التواصل الرقمية ليس مجرد إنجاز علمي، ولكنه بمنزلة التحدي الوجودي الذي فرض واقعه علينا بكل ثقل؛ ليعيد الإنسانُ صياغةَ مفهوم المسائل الوجودية ومشكلاتها الجديدة؛ فسبق أن أسس الإنسانُ تقدمَه على فكرة تفرّده بالعقل ومركزيته الوجودية؛ فإذا فقد هذه المَيزة لصالح الذكاء الاصطناعي، فما الذي سيبقى له؟ مثل هذه الأسئلة، لم تكن تطرح إلا في الفلسفات القديمة على سبيل المنحى الفلسفي النظري الذي لا يعوّلُ على واقعٍ ملموس وقطعي؛ لتصبح اليوم قضايا عملية يمكن أن تحدد مصيرنا مجتمعاتٍ وأفرادًا.
كل ما سقناه في الأعلى من تأملات تخص مفارقة التقدّم العلمي؛ فإنها لا تسوّق حصر المشكلة في التقدم العلمي بحد ذاته، ولكن في آلية استعمالاتنا للتقنيات المصاحبة للتقدم العلمي واستيعابنا لضرورة تحقيق التوازن بين الممارسة الرقمية والممارسة الإنسانية بجميع أبعادها؛ فينبغي أن تكون التقنية أداةً لخدمة الإنسان، لا سجنًا يفرض عليه أنماطَ حياةٍ غير طبيعية. نحن بحاجة إلى فلسفة جديدة تواكب هذا التقدّم وتعيد التوازن بين العلم والروح المنسية في زحمة التطوّر العلمي غير المحكم والموزون وبين المادية والمعنى وبين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي. نحن بحاجة إلى إعادة تعريف النجاح والتقدّم؛ فلا يقاسان بمعدلات النمو الاقتصادي أو الاكتشافات العلمية فحسب، ولكن بمقدار ما يضيفانه إلى حياة الإنسان من سلام داخلي وتوازن نفسي. علينا أن نتريّث قليلا قبل كل خطوة نخطوها نحو التطور التقني؛ لنسأل أنفسنا: أهذا التقدم يجعلنا أكثر سعادةً، أم أنه سباقٌ مجهول النهاية؟ إن المفارقة الحقيقية ليست في التقدم ذاته، ولكن في عدم قدرتنا على استعماله بحكمة؛ فالتقنية، كما قال الفيلسوف الألماني «مارتن هايدغر» ليست مجرد أدوات، وإنما طريقة جديدة لرؤية العالم، وإن لم نتحكم في هذه الرؤية ومساراتها؛ فإننا نجد أنفسنا في عالم متقدم تقنيًا، لكنه خالٍ تمامًا من الروح والمعنى الذي سنفقد بسببه مغزى الوجود والتقدّم المفيد.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني