وثائق مسربة تكشف طلب أميركا من حلفائها العرب عدم تحديد موعد نهائي لحل الدولتين
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
كشفت وثائق حصلت عليها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الولايات المتحدة طلبت من حلفائها العرب عدم تحديد موعد نهائي لتنفيذ حل الدولتين بعد أن تضع الحرب في قطاع غزة أوزارها.
وورد في تلك الوثائق أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تسعى لمنع حلفائها العرب من طرح رؤية بعيدة المدى لتسوية سلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد انتهاء الحرب في غزة، والاستعاضة عنها بإطار عام أضيق نطاقا تؤكد الصحيفة أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سترفضه.
وأشارت في تقرير لمدير مكتبها في الولايات المتحدة، جاكوب ماجد، إلى أن واشنطن ظلت، منذ بداية العام، تقود مجموعة اتصال من كبار الوزراء من السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية بهدف الدفع بخطة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب.
وفي أبريل/نيسان، فرغ الوزراء العرب -في اجتماع للتنسيق كمجموعة بشكل مستقل عن الولايات المتحدة- من صياغة رؤيتهم لما بعد الحرب، والتي تضمنت اعترافا دوليا فوريا بالدولة الفلسطينية، وإنشاء قوة لحفظ السلام في الضفة الغربية والقدس الشرقية وإطلاق محادثات سلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على أن تستكمل خلال عامين، بما يؤدي إلى نقل السيطرة الإسرائيلية على معابر الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، وفقا لمقاطع مسربة من الاقتراح حصلت عليها واشنطن.
وعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية تدعم حل الدولتين الأوسع نطاقا الذي يحاول شركاؤها العرب الستة المضي قدما نحو تنفيذه، فإنها اعتبرت مقترحهم "غير واقعي إطلاقا"، وفق التقرير نقلا عن دبلوماسي عربي رفيع المستوى مطلع على الموضوع.
ووفقا للمصدر العربي، فإن وزارة الخارجية الأميركية أدركت أنها لا تستطيع ببساطة رفض الاقتراح العربي دون تقديم بديل، فصاغت سلسلة من المبادئ التي يمكن استخدامها كأساس لمواصلة المحادثات مع الشركاء في الشرق الأوسط.
وأقر المسؤول العربي أن المبادرة لم تكن أولوية قصوى بالنسبة لإدارة بايدن، التي تولي أهمية أكبر بكثير للتوصل أولًا إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى يضع حدا للحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ومع ذلك، فإن وثيقة وزارة الخارجية الأميركية التي تحمل عنوان "بيان مشترك حول مبادئ دعم مستقبل السلام للإسرائيليين والفلسطينيين" قد حظيت بموافقة البيت الأبيض، حسبما قال مسؤول أميركي، مضيفا أن واشنطن تستخدمها كأساس لمواصلة المحادثات مع حلفائها العرب، بما في ذلك الاجتماعات التي سيعقدها وزير خارجيتها أنتوني بلينكن في مصر وقطر والأردن مطلع هذا الأسبوع.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن الوثيقة تتشابه إلى حد كبير مع مبادئ ما بعد الحرب التي وضعها بلينكن في طوكيو في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، رغم بعض الإضافات التي أدخلت عليها حيث تسعى الولايات المتحدة إلى أن تلتقي حلفاءها العرب في منتصف الطريق للتوصل إلى تفاهم.
10 مبادئ
وتتضمن الوثيقة التي حصلت عليها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" 10 مبادئ هي: دعوة المجتمع الدولي لدعم إعادة إعمار غزة، مع فتح المعابر إلى القطاع لضمان تدفق المساعدات دون عوائق، ورفض حكم الفصائل الفلسطينية المسلحة للقطاع، وانسحاب إسرائيلي كامل من غزة دون أي تقليص لأراضيها أو احتلال عسكري أو تهجير قسري للفلسطينيين، وإعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية.
وتدعو المبادئ إلى استئناف مفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ودعم قيام دولة فلسطينية "مستقلة ومتواصلة جغرافيا وقابلة للحياة" على أساس خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967، حسبما نصت عليه مبادرة السلام العربية.
وتعتبر تلك المبادئ أيضا أن إمكانية التطبيع بين إسرائيل والفلسطينيين مع إحراز تقدم ملموس نحو حل الدولتين، "مسار واعد" لتحقيق السلام والتكامل. كما ترفض الأعمال الأحادية الجانب من كلا الجانبين، مثل "توسيع المستوطنات…وتمجيد الإرهاب والعنف"، حسبما أوردت الصحيفة.
كما تدعو إلى الالتزام بالتعهدات التي توصلت إليها القمتان اللتان عقدتا العام الماضي في مدينتي العقبة وشرم الشيخ، ومناشدة السلطة الفلسطينية تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى "تركز على الحكم الرشيد والشفافية ومكافحة الفساد، والتعليم وإصلاح الرعاية الاجتماعية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة بین إسرائیل
إقرأ أيضاً:
اليمن يُذكّر العرب بالأسماء الحقيقية للمدن والبلدات الفلسطينية
د. شعفل علي عمير
تلعب الأسماء دورًا محوريًّا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حَيثُ تُستخدم كوسيلة لفرض السيطرة الثقافية والهيمنة السياسية. تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تغيير بعض الأسماء الجغرافية كمحاولة لطمس الهوية الفلسطينية وتزييف الحقائق التاريخية. في المقابل، فَــإنَّ التمسك بالأسماء الأصلية يعتبر تحديًا مباشرًا ومقاومة للسياسات الاحتلالية التي تهدف إلى تحويل الروايات التاريخية لصالحها.
فقد ذكر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأخيرة بأن “من الملفت هو انزعَـاج المجرم نتنياهو من “مسيرة يافا” ومن العنوان الذي يتكرّر في -البيانات- بياناتنا اليمنية عن “يافا المحتلّة”، والعدوّ الإسرائيلي ينزعج حتى على مستوى التركيز في الأداء الإعلامي على الأسماء الحقيقية لفلسطين: فعندما تُذكر أسماء المدن والبلدات الفلسطينية بأسمائها الحقيقية فلذلك أهميّة كبيرة جِـدًّا انزعَـاج العدوّ الإسرائيلي من التركيز على الأسماء الحقيقية لفلسطين درس مهم؛ لأَنَّه يذكره دائمًا بأنه كيان غاصب ومحتلّ ومجرم وكيان مؤقت حتمي الزوال”.
انطلقت تصريحات الناطق العسكري للقوات المسلحة اليمنية من سياق أوسع يتعلق بالتضامن اليمني مع القضية الفلسطينية. تلعب الوسائل الإعلامية لتصريحات الناطق دورًا مهمًّا في توجيه الرسائل السياسية وإيصال الرؤى الثقافية والتاريخية ذات الأهميّة البالغة. تساهم هذه التصريحات في تذكير الجمهور العربي والدولي بالأهميّة القصوى للحفاظ على الهُوية الفلسطينية والدفاع عنها ضد محاولات التغيير والتهويد.
ففي سياق الصراعات الإقليمية والدولية، كانت الهوية الوطنية وسيلة فعالة للسيطرة والسيطرة المضادة، وفي هذا الموضوع تلعب الهوية الفلسطينية دورًا محوريًّا في تحديد مسارات الصراعات السياسية، والثقافية إن الجدل حول تسمية المدن الفلسطينية يعدّ أكثر من مُجَـرّد قضية أسماء فهو يمثل جزءًا من صراعٍ أوسع يشمل الهُوية، والانتماء، والذاكرة التاريخية. يجدر بنا بدايةً تحديد السياق الذي تُثار فيه هذه الإشكالية. فمنذ عقود عدة، تسعى السلطات الإسرائيلية جاهدةً لطمس الهوية الفلسطينية بكل أبعادها؛ الجغرافية، والثقافية، والتاريخية. ومن بين هذه المحاولات يأتي تغيير أسماء المدن والقرى الفلسطينية أَو تحريفها كجزء من مخطّط أوسع للسيطرة على الرواية التاريخية للمنطقة. وفي هذا السياق، تبرز البيانات العسكرية كوسيلة تستخدمها اليمن للتعبير عن المواقف السياسية والاستراتيجية التي يجب على كُـلّ العرب تبنيها للدفاع عن الحق العربي والفلسطيني في الحفاظ على كيانها التاريخي والثقافي.
لقد شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا في الانزعَـاج الإسرائيلي من استخدام البيانات العسكرية اليمنية الأسماء الفلسطينية الحقيقية للمدن. يعود ذلك لعدة أسباب جوهرية يُمكن القول إنها تتعلق بالشرعية والمشروعية. فنحن هنا نتحدث عن عملية إعادة إثبات للهوية الوطنية من خلال إعادة استخدام الأسماء التاريخية التي تم تغييبها أَو تحريفها في مجمل الخرائط والمراسلات الإسرائيلية الرسمية ويمكن اعتبار هذه الخطوة جزءًا من الاستراتيجية اليمنية للدفاع عن الهوية الفلسطينية في مواجهة محاولات الطمس الثقافي والجغرافي. فالاعتراف بالأسماء الحقيقية للمدن الفلسطينية يعد ضربة قوية للمحاولات الإسرائيلية لتغيير الوقائع على الأرض من خلال فرض تسميات جديدة أَو استبدال الأسماء التاريخية، والتي غالبًا ما تكون ذات أصول كنعانية أَو عربية، بأسماء عبرية تغذي الرواية الإسرائيلية الساعية لخلق ارتباط تاريخي مزعوم بالأرض. والخطورة في هذه الجهود الإسرائيلية لا تقتصر فقط على الجوانب الثقافية، بل تتعداها لتؤثر على الحقوق السياسية والقانونية للفلسطينيين. من هذا المنطلق، فَــإنَّ التمسك بالأسماء الحقيقية لا يمثل فقط مقاومة لفظية بل يعد شكلًا من أشكال المقاومة الثقافية والسياسية القوية التي قد تُستخدم لاستعادة حقوق مشروعة في الأرض والتاريخ والثقافة. هذه الجهود اليقظة من اليمن يجب أن تأتي في إطار مسعى استراتيجي عربي شامل يهدف إلى المحافظة على الذاكرة التاريخية الحقيقية ومحاربة الروايات الزائفة؛ لأَنَّ هذه المعركة ليست مُجَـرّد نزاع على أسماء أَو مسميات جغرافية؛ إنها جزء من صراع طويل ومعقد يمتزج فيه الديني بالتاريخي، والثقافي بالجغرافي، والسياسي بالقانوني لا بد من مواصلة جهود إعادة الاعتبار للأسماء التاريخية، وتثبيتها في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي، فالأسماء ليست مُجَـرّد كلمات، بل هي رموز لماضٍ وحاضر ومفتاح لمستقبل مُشرق، كما تمثل حقًا غير قابل للتجاهل، علينا استعادته في مواجهة محاولات الطمس والإلغاء.