لا يوجد كائن منافق ومداهن مثل الكائن الإخواني، رأينا وزير مالية الانقلاب يحمل إكليلاً من الورد وهو يتجه نحو قبر فلاديمير لينين، الرجل الذي يمثل الضلع الثاني في مثلث الفكر الماركسي (كارل ماركس – فلاديمير لينين – جوزيف ستالين)، النظرية التي عارضها الاخوان المسلمون، وأهدروا دماء معتنقيها على مر الحكومات التي شاركوا فيها، بما فيها الحكومة الأخيرة التي مثلوا رأس رمحها بعد انقلابهم على الشرعية، ليس هنالك تنظيماً سياسياً في السودان اتخذ من معاداة الشيوعية والاشتراكية هدفاً استراتيجياً، مثلما هو الحال بالنسبة للإخوان المسلمين، الذين غسلوا أدمغة بعض المغيبين وأقنعوهم بأن من يسلك طريق الحزب الشيوعي ما هو إلّا ملحد وكافر، ولا مفر من أن يستتاب ويغسل جسده بالتراب ثم الماء سبعين مرة، هكذا قاد التنظيم الإرهابي حملاته الشعواء على كل من تسول له نفسه تداول تلك الكتب الحمراء المرسوم على غلافها المثلث الأحمر، وما هي إلّا سنوات حتى حج وزير مالية الحكومة الانقلابية الإخوانية إلى موسكو، ويمم وجهه شطر الكعبة التي لطالما وصفها إخوان السودان بدولة الكفر والاستكبار، ودشنوا تجاهها حملات الإعلام المكثف إبّان ترأس الوزير لشركة الطيران المتخصصة في الدعم اللوجستي، لمن كانوا يطلقون عليهم وصف (المجاهدين) في زمان غابر، تلك الشركة الخاصة بالتنظيم والضالعة في رحلات مشبوهة بتهريب السلاح، كانت تقوم بها أيام السطوة المتجبرة للانقلاب الأول، لقد نسي شبيه الترابي ومقلده الأعمى تلك الهتافات التي كانت تنشدها كتائب الدفاع الشعبي، المطالبة برفع الأذان في البيت الأبيض ودك حصون روسيا التي دنا عذابها، ونحن نشاهد هذه الصورة المأساوية نرى بأم أعيننا انهيار مشروع الجبهة الإسلامية، وجميع مشاريع منظومات الإسلام السياسي على جدار قبر لينين، يا للسخرية ويا للعار أن ينتهي أصحاب (المشروع الحضاري)، على تخوم موسكو عاصمة المعسكر الاشتراكي الشرقي الذي وقفت ضده النظريات الاخوانية المنافقة.
لقد تعرّت فكرة الجماعة المتطرفة بعد أن أورثت الوطن الحرب الشاملة، وبعد أن تخبطت وتدهورت بسبب خطل مشروعها الخيالي الفاسد، وها هم رموزها تتكشف اقنعتهم لجموع مساكين الشعب السوداني، فلم يكونوا في يوم من الأيام أهل دين وتقوى، وما لفظوه من تلاوة لآي الذكر الحكيم ما كان سوى جسر للعبور إلى بستان الدنيا، المتدلية أفرع أشجاره بما طاب من ثمار الشجرة التي أغوت أبانا آدم عليه السلام، لو يعلم أمين مال الانقلاب أن عداء دولتهم لدول وبلدان العالم، بعد اختطافهم للسلطة الشرعية من فك رئيس الوزراء الهزيل آنذاك الصادق المهدي، قد كلّف الخزينة العامة ملايين الدولارات الذاهبة لمعالجة أخطاء دبلوماسية (ديك الصباح) – الرائد الإخواني يونس محمود، الصائح الرسمي باسم حكومة الزندقة والكهنوت والفكر الظلامي بدايات عهد الظلام، وترانا اليوم بعد أن حمل الاخوان المسلمون إكليل الورد ووضعوه على قبر أكبر رمز للفكر الذي عادوه منذ نشأة أظفارهم، نكاد أن نرى قتلاهم الذين قضوا في حرب الجنوب يتململون في قبورهم المعطونة بمياه خط الاستواء، تحت تراب ذلك البلد الحر الذي دحر الفكر الجهادي الملغوم، وفضح انحراف الفكرة المنافقة التي زعم مؤسسوها أنهم على اتصال دائم بخط ساخن يربطهم بالذات العليّة، كما قال نائب رئيس جمهورية الكهنوت، فنهاية امبراطورية الهوس الديني التي أشعلت الحروب الأهلية في ربوع البلاد، وقهرت النساء بجلدهن بالسياط، وأذلت الرجال بممارسات موظف الدولة (المغتصب) بزنازين التعذيب، تختم هذه الإمبراطورية السوداوية تاريخها الأسود، باحتضان قبر فلاديمير لينين الذي لطالما أصدرت الفتاوى التي أباحت إهدار دماء المواطنين السودانيين، لا لشيء غير أنهم اختاروا أن يكونوا ماركسيين أو بعثيين، فهذه هي تجليات العقل الإسلاموي الذي لا يرى في الدين إلّا مجرّد وسيلة لحب الدنيا وكراهية الآخرة.
الصين الشعبية وضع لبنة مشروع نهضتها الاقتصادية ماوتسو تونغ، في مدى زمني أقل بكثير من العقود الثلاث التي جثمت فيها جماعة الإخوان على صدر الوطن، والنمر الآسيوي انتفض وانقض على فريسته في زمن مماثل للزمن الذي قضاه صبية الترابي جالسين على المقاعد الوثيرة، ينهبون ثروات الذهب الأسود ليشيدوا بها الأبراج العالية وناطحات السحاب السامية، بعواصم بلدان ذات هذا النمر الآسيوي، ودولة رواندا تعافت من مآسي الإبادة الجماعية وتصالحت وتسامحت، وأصبحت زهرة فوّاحة الطيب والأريج تتوسط جغرافيا القارة السمراء في عشرين عاماً، ودولة الإمارات العربية المتحدة أوجدت لنفسها مقعداً متقدماً على قوائم التميز والجودة العالمية، في مجالات البيئة الخضراء والتنمية الاجتماعية والاقتصادية عبر حقبة زمنية قياسية، وها نحن اليوم على وشك قضاء عقدنا الرابع وسفينتنا الوطنية ما زالت مختطفة ببندقية الجماعة الاخوانية الجشعة والبشعة، الضاربة بعرض الحائط كل الجهود الداخلية والخارجية الساعية لتضميد الجرح الوطني الغائر، والسادرة في غيها الكابح لجماح أي طموح فردي أو جماعي ينشد رفعة البلاد، فلو أرادت المجتمعات السودانية اللحاق بركب الأمم، عليها الالتفاف حول هذه الخلية السرطانية المتجذرة، ونزعها من جسد الوطن المريض حتى يتعافى، فالغراب الذي يهذي بين تمائم الكتب الصفراء ومداهنة أفكار الأسفار الحمراء، لن يكون دليل قومنا ولن يوصل الأوطان لنهايات الثراء الاقتصادي والأمان الاجتماعي.
إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تراث رمضان والعيد… طقوس مختلفة في المحافظات السورية
دمشق-سانا
تشكل طقوس رمضان والعيد جزءاً واحداً في العالمين العربي والإسلامي، فالناس تصوم هذا الشهر وتكرسه للعبادات، لتحتفل في نهايته بأداء هذه الفريضة الدينية.
ولا تخرج الطقوس التي يمارسها السوريون في التعامل مع هاتين المناسبتين عن ذلك، ولكنها تتشابه وتتباين بين محافظة وأخرى، وفقاً للموروث الاجتماعي والواقع السكاني، والتي بقي بعضها وتراجع الآخر جراء الواقع المعيشي ولا سيما في السنوات الأخيرة.
درعا… توزيع طعام العنايا على نساء العائلةففي محافظة درعا يتحدث يوسف العلي، معلم مدرسة، عن عادة “طعمة العنايا” أو “طعمة رمضان”: حيث يوزع رجال كل أسرة وجبات الطعام من اللحوم والدجاج على النساء في العائلة، ولا سيما للأخت والعمة والخالة، بهدف زيادة صلة القرابة والرحم بين الأهل والأقرباء.
ومن العادات التي عرفها أهل درعا في الشهر الفضيل وعيد الفطر يذكر العلي بعضها، مثل الاجتماع في أول يوم برمضان وبالعيد في بيت كبير العائلة من أب أو أخ أو جد، كما يحرص أبناء درعا على عادة السكبة أو الطعمة أي تبادل الطعام والحلويات التي يصنعونها في بيوتهم كالمزنرة والزقاريط، كما يحبذ أبناء حوران أن يطهوا في أول أيام العيد المليحي الحوراني والأوزي الدرعاوي، ولو أن بعضاً من هذه الأطباق تراجع حضورها في السنوات الأخيرة جراء الأحوال المعيشية.
ومن عادات أهلنا في حوران ألا يمر العيد إلا وتكون الخصومات انفضت بين الأهل والجيران وأبناء الحي أو القرية، حيث يذهب وفد من الرجال إلى كلا طرفي الخصومة، ويسعى إلى حلها بعد دخولهم إلى منزل المتخاصمين.
حماة… مركز الإخبار بموعد رمضان والعيدومن حماة يوضح وليد السقا، موظف متقاعد أن هذه المدينة تفردت بأنها ظلت قرابة نصف قرن تعتمد على شخص واحد في التماس هلال رمضان والعيد، وهو الراحل أحمد نعسان الأحدب أبو عزو الذي كان إسكافياً، وكان يقف نهاية شهري شعبان ورمضان على الجانب الغربي من قلعة حماة لمشاهدة الهلال، حتى أصبح مصدراً معتمداً على مستوى العالمين العربي والإسلامي.
وللحمويين في رمضان والعيد شغف كبير بالحلويات مثل الكنافة والقشطلية وحلاوة الجبن، إضافة إلى المشروبات، حيث كانوا يميلون لتحضيرها بالبيت ولكن ذلك تراجع حالياً لصالح شرائها من الباعة، ومن أشهر هذه المشروبات، العرقسوس والخشاف وشراب الورد والتوت.
ومن عادات الحمويين في رمضان وعيد الفطر زيارة قلعة المدينة بعد صلاة التراويح وفي أمسيات العيد، حيث تنتشر حولها المنتزهات الشعبية لتناول القهوة والنرجيلة.
الحسكة تتزين لرمضان والعيدأما في مدينة الحسكة فتزدحم مع نهاية شهر رمضان الأسواق بشكل مضاعف يتكاثر الباعة المتجولين، وتصدح الأصوات بالنداءات المتنوعة، وغالباً ما تكون النساء هن المسؤولات عن صناعة طعام وضيافة العيد، والتي تبدأ بوقت مبكر، ومن أشهر هذه الأطباق السمبوسك والكبب العربية، والشاكرية والباميا تحضران بقوة ودائماً الصدارة للحوم بأنواعها ولكن يعاني كثيرون من عبء إحضارها جراء غلاء أسعارها.
وفي الحسكة أيضاً يكون التكافل الاجتماعي بأعلى صورة خلال هذا الشهر الفضيل عبر الزيارات العائلية التي تبدأ بعد صلاة التراويح، والاجتماع على وجبة السحور الأساسية التي تحتوي على التمر الممزوج بالسمن العربي والجبن واللبنة والبيض.
دير الزور… أهل الثرود والكليجةوفي دير الزور يبين ياسر الحسن، موظف، أن الناس بعد أن تكون بدأت شهر صيامها بالبياض، أي تكون الطبخة الأولى باللبن، واعتادت تناول التمر والبيض بالسمن البلدي في سحورها، تشرع مع اقتراب نهاية شهر الصيام بتبادل العزائم والتي تكون الصدارة في أطباقها لأكلة الثرود، كما توزع الحلويات الديرية مثل الكليجة، حيث تجتمع نساء الحي ويتساعدن في صنعها في سهرات رمضان بعد الإفطار.
أبناء دمشق يحزنون لفراق رمضانوفي العاصمة دمشق يرى أمين الحبال، تاجر، أن العادات لا تختلف عن باقي المحافظات، وفي الأيام الأواخر من رمضان تستعد العائلات الشامية لتحضير حلوى العيد، مثل (المعمول والسمبوسك الحلوة وخبز السرايا واللقيمات وكب كيك الكنافة وتمر محشو بالكريمة والمكسرات).
وفي أواخر شهر رمضان تنتشر في شوارع وأسواق دمشق الأناشيد الدينية التي تعبر عن لحظات فراق ووداع شهر الصوم، ومن هذه الأناشيد التي تقال في هذه المناسبة نشيدة مطلعها: (فودعوه ثم قولوا له: يا شهرنا قد آنستنا…) وتقال هذه النشيدة يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من الشهر الكريم.
طقوس رمضان والعيد عند السوريين التي وإن غاب أو تراجع بعضها، إلا أنها ما زالت تميز السوريين بطقوس دينية واحتفالية تعكس المحبة والتآخي والخير الذي يكرسه الشهر الفضيل.