هل يَعِي (التقدميون) خطورةَ ما يفعلون؟
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقة أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) تضم عدداً لابأس به من الشخصيات المحترمة جداً؛ من الأكاديميين والإعلاميين والسياسيين الذين لهم تأريخهم الطويل في مجابهة الشمولية والديكتاتورية على امتداد تأريخ الظلم الطويل في بلادنا السودان. إلا أن المُثير للشفقة والحيرة حد البكاء، هو أنه بات من الصعوبة بمكان التمييز بين نشطاء الدعم السريع المعروفين بتأريخهم الكيزاني المتسخ، وبين معظم منتسبي (تقدم) الذين تحوّلوا من قادة وأيقونات ثورة ديسمبر إلى أدوات وأبواق لتجميد أفعال مليشيا الدعم السريع الإجرامية والتستبيح بحمد حميدتي بكرة و أصيلا! وما فرحة الكثير منهم بمذابح قرية ود النورة بالجزيرة والتحريض لإبادة مواطني الفاشر وموقفهم المستفز مما جرى لمواطني الجنينة منّا ببعيد .
* ان من نافلة القول الإشارة إلى معاناة أحزاب تقدّم -كغيرها-، من بطش حميدتي وأربابه الذين كان يحرسهم لأكثر من عقد من الزمن ؛ آخرها مجزرة فض اعتصام القيادة العامة و انتهاء بغدر انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر ؛ فيما عُرف بانقلاب تحالف (الموازة) مع العسكر (الجيش ودعمه السريع). لكن بعد اندلاع الحرب الحالية، وبدلاً من أن تقف (تقدم) على مسافة واحدة من القوتين،(الجيش ودعمه السريع) اللذَّين لا يخشيان في الوطن ولا المواطن إلّاً ولا ذمةً ؛ أعمتهم غبار الانتقام ، فأرتموا في احضان الدعم السريع، الفصيل الخارج أساسا من رحم الجيش، فارتضع من ثديه وترعرع على يد المستذئبين من قادته، أمثال البرهان وغيره...فاشتهر بالقتل، النهب، الحرق والاغتصاب.
* إن ارتماء تقدم في أحضان الدعم السريع بهذه السذاجة، لا تقل خطورة عن ارتماء بعض فصائل الكفاح المسلح في احضان الانقلابيين في انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر 2021، والذين لم يجنوا منه سوى تمكين الكيزان من التقاط انفاسهم وإعادة تدوير ماكينة الكيد والعمل على وأد جذوة ثورة ديسمبر المجيدة. الا ان خطورة تحالف(تقدم) مع الجنجويد تكمن في الآتي: أولاً: ان الدعم السريع لم يتمرد على صانعيه نتيجة لوعي ثوري وقناعة منه بضرورة التغيير ، وإنما تمرده جاء لهذين السببين:
1- استشعاره بانقضاء فترة وجوده كقوة مستقلة لها امبراطوريتها المالية بعيدة عن مؤسسة القوات المسلحة ؛ بعد أن كثُر الحديثُ عن ضرورة دمجه في الجيش؛ وذلك بعد ان انتهت مهمتها المتمثلة في حراسة نظام الكيزان من ضربات الخصوم.
2-طمع قائده في الحصول على كرسي الرئاسة بأي ثمن، حتى ولو على رقعة جغرافية معينة من السودان (دار فور تحديدا). وهو ما يدفعني بالقطع بأن كلا الطرفين يحاول التذاكي لاستغلال الآخر للنيل من خصومه ومن ثم ركله جانبا...وبالتالي فلا رابط يجمع بين (تقدم) والدعم السريع سوى فرضية أن (عدو عدوك صديقك) . ثانيا: لا شك أن للكيزان ارتباطاتهم وولاءاتهم الخارجية مع تنظيم الاخوان المسلمين في بلدان مختلفة، معتنقين ذات الأفكار المتطرفة التي لا تؤمن بدولة التنوع والديمقراطية . لكن في ذات الوقت يتمتع الدعم السريع أيضاً بذات التمدد الخارجي الذي يربطه بهم أهداف عرقية يتنافى تماما مع شعارات (تقدم) الرامية إلى وحدة السودان وديمقراطيته ووقف الحرب. إذ أن الدعم السريع لا يزال يمارس ذات الافعال والاقوال التي تعلمها من الكيزان، بجانب افكارهم المبنية على إبادة كل من هو (أمباي). وبالتالي، أعتقد ان أعضاء (تقدم) سيكونون أول ضحايا دولة الجنجويد إذا قُدر لهم إقامتها.
* إن السبب الرئيسي وراء تخاذل المجتمع الدولي في التحرك العاجل لوقف العنف في السودان هو أن هذا الصراع دائر بين قوتين لا يختلفان كثيراً في كثير من الجوانب . إذ ان اي تحرك منهم لدعم القوات المسلحة سيوقعهم في ورطة اعادة إحياء نظام الاخوان المسلمين في السودان. وذلك لأن جل قادة الصف الأول للجيش السوداني يدينون بولاء لا محدود لحزب المؤتمر الوطني (الوجه السوداني لتنظيم جماعة الإخوان العالمية). من جهة أخرى يدرك المجتمع الدولي خطورة دعم الدعم السريع ، لأنها تدرك حقيقة هذه القوات التي لم ترتقِ بعد لدرجة النضج الثوري الذي يجعلها متحررة من أدبيات الكيزان الارهابية. لم يبقى أمام الأسرة الدولية سوى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، لكن ارتماء الاخيرة في أحضان الدعم السريع دفعهم إلى صرف النظر عن الصراع السوداني ولعب دور المتفرج فقط. وهو في اعتقادي خطر على الوطن والمواطن وعلى (تقدم) نفسه. لذلك، وحتى تستردّ (تقدم) احترامها ومكانتها لدى الشعب السوداني والمجتمع الدولي ؛ اعتقد أن عليها التحرر من تلك التبعية الخطيرة التي تمجد القتلة وتبرر قتل المواطنين واغتصابهم وتشريدهم .
وغداً ستكشف الأيام ما سكتت عنها الألسن والأقلام.
أحمد محمود كانم
8 يونيو 2024
# لا_للحرب
amom1834@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ان الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
إيطاليا تقدم عرضا لإدارة وتشغيل شبكة القطار الكهربائي السريع في مصر
عقد الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل اجتماعا عبر الفيديو كونفرانس مع ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء ووزير النقل والبنية التحتية الايطالي وذلك لبحث تدعيم التعاون بين الجانبين في مجالات النقل المختلفة وحضر اللقاء السفير ميكيلي كواروني سفير إيطاليا بالقاهرة والمهندس وجدي رضوان نائب وزير النقل للسكك الحديدية والجر الكهربائي.
في بداية اللقاء أشاد الوزير بعمق العلاقات المصرية الإيطالية وبالتعاون القائم بين الجانبين في تنفيذ عدد من المشروعات في مجالات ( النقل الذكي على الطرق ومترو الانفاق والسكك الحديدية والنقل البحري ) مؤكدا على التطلع لزيادة حجم التعاون بين الجانبين في مجالي النقل والصناعة مؤكدا ان مصر منفتحة على التعاون مع كافة دول العالم والشركات العالمية
في كافة المجالات ومنها مجال النقل وخاصة وان المناخ الاستثماري في مصر مناخ واعد وأن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة النقل تولي اهتماما كبيرا بتعظيم التعاون مع القطاع الخاص الدولي والمحلي تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية .
وخلال الاجتماع تباحث الجانبان حول المناقشات الجارية حاليا بين وزارة النقل المصرية و شركة سكك حديد ايطاليا لبحث امكانية قيام الشركة بتقديم عرض لادارة وتشغيل شبكة القطار الكهربائي السريع بمصر وكذلك اخر المستجدات الخاصة
بالتعاون مع شركة ميرمك الايطالية في مجالات السكك المختلفة مثل توريد ماكينة فحص السكة وتطوير نظم الاشارات بخط الفردان بئر العبد واهمية قيام الشركة بإنشاء مصنع كبير لانظمة الاشارات في مصر بهدف توطين مثل هذه الصناعات.
كما تطرقت المباحثات الى خط الرورو المصرى الإيطالي الذي تتواصل رحلاته بانتظام من ميناء دمياط إلى ميناء تريستا بإيطاليا ومنه الى اوريا والعكس حيث أكد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل على أهمية هذا الخط بين مصر وإيطاليا مشيرا الى انه نتاج وثمرة جهود كبيرة من الجانبين المصري والإيطالي لإنشاء ممر أخضر بين جمهورية مصر العربية والجمهورية الإيطالية لنقل البضائع باستخدام الشاحنات المبردة والجافة وهو ما يجسد العلاقات المتميزة بين القيادة السياسية والشعبين في البلدين الصديقين لافتا إلى أن هذا الخط البحرى يعتبر جسر صداقة مستديم وثابت بين البلدين وليس فقط خط تجاري لنقل البضائع.
ووجه الفريق مهندس كامل الوزير الدعوة لنائب رئيس الوزراء ووزير النقل والبنية التحتية الايطالي لزيارة مصر وعقد مباحثات مكثفة بين الجانبين بحضور المختصين لوضع خارطة طريق لاوجه التعاون المستقبلي خاصة مع حرص الجانبين على زيادة حجم التعاون في مجالات النقل المختلفة وتحقيق انطلاقة وشراكة استراتيجية في هذا المجال وهو مارحب به لنائب رئيس الوزراء ووزير النقل والبنية التحتية الايطالي والذي أكد على حرص الحكومة الإيطالية على زيادة حجم التعاون المشترك مع الجانب المصري خاصة وأن المناخ الاستثماري في مصر مناخ واعد