أبوذر بابكر
abuzar_mohd5@hotmail.com
على وجه الشمس
أقمنا عرشَ الحلمِ الأول
عاليةً
عاليةً
كانت الممالك
على دفء الهمسِ
أزهر بوح الصمت هتافًا
أناخَ الفرحُ رواحلَه وترجل
خضراًء
خضراًء
أضحت المسالك
ومع ترنيم الأمسِ
غنى القمر وهلل
رفقة طعم الضوء تحول
يزين ليل الوجع الحالك
في جب خطيئتنا الرجس
إنفتح الحلم
ثم تأول
أن
سبعَ ضحكاتٍ وضيئة
تطفئ سبع آهاتٍ عجاف
علنا نجتاز المهالك
والآن
نحن الواقفون
وظلالنا تسير
فيا شاردات القول
إدنينا
يا واردات الهول
إعفينا
فلا الآمال أطيارٌ تنادينا
ولا رف الجناحُ فينا كي نطير
نحن الواقفون
وظلالنا تسير
الآن
حيث لا حقول ولا اغنيات
تاهَ في صحراء الصمت
حادي الشدو
أضناه المسير
فبأي اسماء مدينتكم تحلمون
بأي امنيات فجيعتكم تسبحون
الآن
حيثما مددت قلبك إلفةً
يرتد ضوء عتمتك
وهو منطفئا كسير
نحن الواقفون
وظلالنا تسير
إن زارت الشموس أرضنا
تغوص في المسام حرقة
تمزق الحشا
والنهر، ذلك الدفق النبيل
على الضفاف ممدد كسيح
والموج يستجير
لا نادم النسمات ولا انتشى
إن جاد في الزمان دهرنا
تيبست خطى المنى
نحن الواقفون
وظلالنا تسير
لوحدها تسير
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
لبنان يرفع علمه على جراحه.. ويبحث عن نفسه بين أنقاض الحلم
في بعض الأوقات، نحسدُ نحنُ، الشّباب اللبنانيّ، شباب بعض الدول العربية والأوروبية وغيرها على جنة الأمن في بلادهم.. هذه الميزة، التي على الرغم من الصمود داخل هذا البلد نفتقدها من وقت إلى آخر، خاصةً خلال هذه الفترة، بعد أنّ سلبت منّا آلة القتل الإسرائيلية أمننا وحريتنا، وبتنا رهينة إنذار، واتصال تحذيريّ، وطائرة مسيّرة، وغيرها من أفكار البطش الإسرائيلي.منذ 5 سنوات، ولبنان مجروح، يعاني من كافة جوانبه، اقتصاديًا، سياسيا، واجتماعيًا، وحتى الشعب الذي يظهر لك أنّه صامد، وهذا فعلا هو الحال، إلا أنّ داخله مكسور ومحطّم على حال بلد عريق، قدّم للعالم الحرف، والثقافة، والإبتكارات والأدمغة، التي استفادت منها دول العالم ولم يستفد منها الداخل كما يجب.
هكذا يحلّ عيدا العلم والإستقلال على لبنان، مثقلين بالهموم والمشاكل، وسط أزمات تتلبد كالغيوم السوداء في سماء الوطن، ومحملين برائحة البارود وصرخات الأمهات وحطام الأحلام. هذا الوطن الذي حلم به أجدادنا حرًا وسيّدًا، يقف اليوم مثقلًا بأعباءٍ تكاد تطحن قلبه. لا تُرفع الأعلام بزهو كما كانت تُرفع، ولا تُعزف الأناشيد الوطنية إلا على أوتار القهر والغضب.
أكثر من مليون لبناني نزحوا من بيوتهم، تاركين وراءهم ذكرياتٍ امتزجت بدخان المعارك. هل يمكن أن يكون الوطن سجنًا يهرب منه أهله؟ في المدارس والكنائس وبيوت الشركاء في الوطن، يصنع النازحون أوطانًا صغيرة من بقايا عنفوانهم الممزق، لكن الوطن الكبير يبدو ضائعًا بين حقول الألغام ونيران المصالح.
مصالحٌ، دفعت بشبابنا إلى أن يملاوا الطائرات التي خرجت من المطار أسرابا أسرابا حاملة أدمغة وشبابا غادروا بأعينٍ ملأى بالدموع والخذلان. لا يعودون، ولا يلتفتون إلى الوراء، لأنّ الوطن الذي حلموا بخدمته خذلهم مرارًا وتكرارًا.. فهم يعلمون حجم الكسرة التي سيشعرون بها عندما تطأ اقدامهم تراب الغربة، ولكن هكذا اعتدنا نحن كلبنانيين.. اعتدنا على الإستمرارية، والمواجهة، والتحدي، ولن نتوقف عن الحلم.
اليوم، أمام هذا الكمّ من الخراب، يقف اللبنانيون متسائلين: ماذا يعني الاستقلال؟ هل الاستقلال هو علمٌ يرفرف بينما البلد يتهاوى؟ هل هو نشيدٌ يُنشد بينما العيون تذرف دمعًا؟ الاستقلال ليس مجرد ذكرى. إنه مسؤولية، حلم مستمر يجب أن يُحيا كل يوم. ولكنه اليوم يبدو كجثةٍ محنّطة تُعرض في كل عام لتذكيرنا بما فقدناه، وليس بما يجب أن نحافظ عليه.
رغم كل ما مرّ، لا يزال اللبناني يحتفظ بشيءٍ من الصمود. شيء يشبه عناده. شيء يقول: لن نستسلم. قد يبدو الأمل ضئيلاً، لكنه كافٍ ليبقي هذا الوطن واقفًا على قدميه، ولو بترنّح. ربما يأتي يوم يستعيد فيه الاستقلال معناه الحقيقي، يوم ينفض فيه الوطن عن نفسه غبار الحروب والفقر، ليقف قويًا كما حلم به أجدادنا يوم انتزعوه. وحتى ذلك اليوم، سنبقى نبحث في هذا الحطام عن وطن يليق بنا. المصدر: خاص لبنان24