دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- داخل غرفة طعام مظلمة، يتحدث الطاهي الفرنسي الراحل بول بوكوز عن الطبق التالي، الذي يحتوي على جميع المكونات التي تُميّز المأكولات الفاخرة الكلاسيكية التي اشتهر بها، مثل السمان، وكبد الأوز، وصلصة الكمأة.

ولكن في مطعم "كراسوتا" الفاخر في دبي، لن تعرف الخيال من الواقع.

ورغم أنّ بوكوز توفي منذ 6 أعوام، إلا أنّه لا يزال حاضرا على جدران الغرفة الانسيابية، قبل أن يختفي في الظلام.

بالنسبة للوجبة السابعة، طلب الفريق من الذكاء الاصطناعي تصميم طبق على طريقة الطاهي الفرنسي الراحل بول بوكوز، باستخدام حساء الكمأة الذي اشتهر به كمصدر إلهام.Credit: Rebecca Cairns/CNN

وقد صُمِّم هذا الطبق، بدءًا من الوصفة، إلى الإسقاط ثلاثي الأبعاد على الجدار، وحتى فيديو بوكوز، بتقنية التزييف العميق، أو ما يعرف بـ(ديب فيك-Deepfake)، بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وهو واحد من 8 أطباق في عرض "المستقبل الخيالي"، وهي تجربة الطعام متعددة الحواس في "كراسوتا".

في غرفة مستديرة، على طاولة تتسع لـ 20 مقعدًا، يستعد الضيوف للعرض. الجدران عبارة عن شاشات عرض، مع أكثر من 20 جهاز عرض والعديد من أجهزة الاستشعار على الطاولة.Credit: Rebecca Cairns/CNN

وتأخذ التجربة رواد المطعم عبر سيناريوهات مختلفة لما يمكن أن يبدو عليه المستقبل، من مدينة تحت الماء، إلى مستعمرة فضائية، إلى نهاية العالم ما بعد حربٍ نووية.

بالنسبة لسيناريو الذكاء الاصطناعي الخاص به، قام المؤسسون المشاركون لمطعم "كراسوتا"، وهم  الفنان الرقمي أنطون نيناشف، والطاهي فلاديمير موخين، ورجل الأعمال بوريس زاركوف، بالتنازل عن السيطرة للتكنولوجيا.

وسمح نيناشف، الذي صمم العروض باستخدام برنامج رسومات حاسوبية ثلاثية الأبعاد، للذكاء الاصطناعي بالتوصّل إلى 150 مفهومًا مختلفًا، قبل دمج أفضل المفاهيم معًا، بينما استعان موخين بمنصة "Midjourney" لإعادة تصوّر وصفات بوكوز الأكثر شهرة، بما في ذلك حساء الكمأة المميز "V.G.E".

يجري موضع الطبق الثاني في حديقة خيالية، يحرسها روبوت ذو عيون حمراء وتزخر بالحيوانات المتوهجة.Credit: Rebecca Cairns/CNN

وأوضح زاركوف: "استوحينا الإلهام من الاحتمال المثير للاهتمام المتمثل في (إعادة) إنشاء الأفراد بواسطة الذكاء الاصطناعي بناءً على بيانات شاملة حول حياتهم وتجاربهم".

ووصف التجربة بكونها جلسة تحضير أرواح في العصر الرقمي تستحضر ذكريات وأسلوب الطاهي الراحل من خلال التكنولوجيا، وهي مجرد البداية لمستقبل تناول الطعام، على حد تعبيره.

وأضاف زاركوف: "تحوّل العيش جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي من خيال إلى واقع".

"الأولى من نوعها"

استلهم زاركوف فكرة مطعم "كراسوتا" أثناء زيارته لمتحف الفن الرقمي "TeamLabs" في طوكيو، عام 2017، والتي تضمنت تجربة "بيت شاي" تفاعلية.

وشرح زاركوف: "كان العرض على الطاولة بسيطًا للغاية، على سبيل المثال، عندما تشرب شاي الماتشا، يبدو الأمر كما لو أنّ الشجرة تبدأ في النمو من فنجانك". 

يتخيل هذا السيناريو البشر في انسجام مع العالم الطبيعي ويتناولون نظامًا غذائيًا نباتيًاCredit: Rebecca Cairns/CNN

وأضاف أنّه قرر تطوير الفكرة أكثر باستخدام التكنولوجيا من خلال التركيز على الطعام، وجعلها أكثر تعقيدًا.

ومن خلال تجميع فريق دولي من المهندسين، بدأت المجموعة العمل على إسقاطات متعددة الأسطح، وسطح طاولة تفاعلي مدعّم بالذكاء الاصطناعي يستخدم أجهزة استشعار للتمييز بين الأغراض المختلفة، مثل الأطباق والكؤوس، مقابل أيدي الضيوف أو هواتفهم، ما يسمح بتحقيق إسقاط موجّه.

بين الوجبات، تبدو الغرفة وكأنها تدور بينما "تطير" الإسقاطات بين الأرض والفضاء وحديقة خياليةCredit: Rebecca Cairns/CNN

ويدّعي زاركوف أنّ التكنولوجيا كانت "الأولى من نوعها" عند افتتحاح مطعم "كراسوتا" لأول مرة في العاصمة الروسية موسكو، عام 2021.

وقضى الموظفون شهرًا كاملاً في تدريب الذكاء الاصطناعي من خلال وضع الأطباق بشكلٍ متكرر على الطاولة وتحريك الأدوات لاختبارها.

وافتُتح مطعم "كراسوتا" في دب،  عام 2023، بعرضٍ يحمل عنوان "الفن الخيالي"، الذي يأخذ رواد المطعم عبر 8 أطباق مستوحاة من الأعمال الشهيرة لفنانين عالميين. 

وبعد 6 أشهر، أطلق الفريق عرض "المستقبل الخيالي"، وهي رحلة تأمّلية عبر العالم في العقود القادمة.

لاختتام التجربة، يتم إعادة رواد المطعم إلى الحاضر، من خلال عرض لروبوت يرقص التانغو وخلفه أفق دبي ليلاًCredit: Rebecca Cairns/CNN

وتوجّه التجربة انتباه رواد المطعم بعناية، من خلال عرض الصور الأكثر إثارة وديناميكية خلال فترات الاستراحة بين الوجبات، وعندما يصل الطعام، تصبح الرسومات متكررة.

وتظهر العناصر التفاعلية فقط عند الانتهاء من الوجبات.

وسواء كان الأمر يتعلق بالطعام أو الشاشات، يأمل زاركوف أن يدرك الضيوف أنّ "الفن مهم".

الإماراتالذكاء الاصطناعيدبيمطاعمنشر الأحد، 09 يونيو / حزيران 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي دبي مطاعم الذکاء الاصطناعی من خلال

إقرأ أيضاً:

الخيال يخرج إلى الواقع.. هولوجرام يمكن لمسها وتحريكها

بفضل التطور الكبير في تقنيات الواقع المختلط، أصبح الخيال العلمي حقيقة على أرض الواقع، ولوقت قريب كان حكراً على أفلام الخيال العلمي. في دراسة حديثة نُشرت على أرشيف HAL ​​المفتوح، بحث العلماء في إمكانية لمس الهولوجرامات ثلاثية الأبعاد والتفاعل معها باستخدام مواد مرنة كعنصر أساسي في شاشات العرض المجسمة.مايعني أنه بات بالإمكان لمس مكعب افتراضي وتحريكه بيدك كأنه شيء حقيقي، وعرض العلماء هذه التقنية بفيديو يوضحها.بحسب موقع "Live Science".



وبذلك انتقل التصوير المجسم القابل للتحكّم المادي من عالم الخيال العلمي إلى عالم الواقع بفضل طفرة في تقنية الواقع المختلط.

في هذه الدراسة الجديدة، استكشف العلماء كيفية لمس الصور المجسمة ثلاثية الأبعاد باستخدام مواد مرنة كمكون أساسي في شاشات العرض المجسمة.

هذا الابتكار يعني إمكانية التفاعل مع الرسومات ثلاثية الأبعاد من دون الإضرار بنظام الصور المجسمة. ومازال هذا الابتكار في طور الدراسة.

وفق الدكتور أسيير مارثوو، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ علوم الحاسوب في جامعة نافارا العامة؛ فقد أصبح  التفاعل المباشر مع الهواتف معتاداً، مثل الضغط على زر أو سحب مستند مباشرة بإصبع اليد على الشاشة- وهذا التفاعل طبيعي وبديهي بالنسبة لنا-.. تمكننا هذه التقنية الجديدة من استخدام هذا التفاعل الطبيعي مع الرسومات ثلاثية الأبعاد لتعزيز قدراتنا الفطرية على الرؤية ثلاثية الأبعاد والتحكم بها، مايعني أن التقنية الجديدة ستسمح لنا بالتحكم بالعالم الافتراضي وكأنه شيء ملموس.

وسيعرض الباحثون نتائجهم في مؤتمر CHI حول العوامل البشرية في أنظمة الحوسبة في اليابان، والذي يُعقد بين 26 أبريل و1 مايو.

ماهو الهولوجرام ؟
الهولوجرام أو ما يعرف بالصورة المجسّمة، هو تقنية تصويرية تقوم بتسجيل الضوء المنبعث من جسم ما، ومن ثم عرضه بطريقة تظهر أبعاده الثلاثة.

 تشمل أشكال التفاعل الممكنة مع الهولوجرامات الإمساك وسحب الأجسام الافتراضية ثلاثية الأبعاد، بطريقة مشابهة للنقر وسحب الأيقونات على شاشة الهاتف الذكي ثنائية الأبعاد.
إنجاز علمي
 الصور المجسمة ليست جديدة في الوقت الحاضر، حيث يُمثّل البحث الجديد المرة الأولى التي يُمكن فيها التحكم في الرسومات ثلاثية الأبعاد في الهواء بأيدي البشر. ولكن لتحقيق ذلك، احتاج الباحثون إلى التعمق في كيفية عمل الهولوجرام في المقام الأول.

يوجد في قلب شاشات العرض الحجمية التي تدعم الهولوجرام ناشر. وهو عبارة عن صفيحة سريعة التذبذب، صلبة عادةً، تُعرض عليها آلاف الصور بشكل متزامن على ارتفاعات مختلفة لتشكيل رسومات ثلاثية الأبعاد. يُعرف هذا باسم الهولوجرام.

أخبار ذات صلة جوجل تتحدث مع الدلافين.. ذكاء اصطناعي يفك شيفرة تواصل عالم المحيطات باحثون صينيون يطرحون طريقة جديدة للتنبؤ الذكي بالرياح قصيرة المدى

ومع ذلك، فإن الطبيعة الصلبة للمذبذب تعني أنه في حال ملامسته يدًا بشرية أثناء تذبذبه، فقد ينكسر أو يُسبب إصابة. كان الحل هو استخدام مادة مرنة – لم يكشف الباحثون عن تفاصيلها – يمكن لمسها دون إتلاف المذبذب أو التسبب في تدهور الصورة.

هذا الحل مكن المستخدمين من التحكم في الصورة المجسمة، مع أن الباحثين احتاجوا أيضًا إلى التغلب على مشكلة تشوه المادة المرنة عند لمسها. ولتجاوز هذه المشكلة، طبّق الباحثون تصحيحًا للصورة لضمان عرض الهولوجرام بشكل صحيح.

تطبيقات مذهلة في التعليم والمتاحف:

هذا الاكتشاف لا يزال في مراحله التجريبية، وهناك العديد من الطرق المحتملة لاستخدامه في حال تسويقه تجاريًا؛خاصة في البيئات الجماعية مثل الصفوف الدراسية أو الورش التعليمية.

 

ففي مجالات التعليم، مثلاً: يمكن تفكيك محرك سيارة وتجميعه يدويًا داخل الفصل، من دون الحاجة لنظارات أو أدوات خاصة.

أما في المتاحف فيمكن أن تكون هذه الشاشات مفيدة بشكل خاص، على سبيل المثال، يمكن للزوار ببساطة الاقتراب من المحتوى والتفاعل معه.ما يخلق زيارة تفاعلية وممتعة للكبار والصغار.

وصرح الباحثون في بيانهم بأن شاشات العرض، كالشاشات والأجهزة المحمولة، لها استخدامات عديدة في حياتنا للعمل والتعلم والترفيه. والرسومات ثلاثية الأبعاد القابلة للمعالجة المباشرة  لها  أيضاً تطبيقات واسعة في عدة مجالات.علاوة على ذلك، يمكن لعدة مستخدمين التفاعل بنفس اللحظة من دون الحاجة إلى نظارات الواقع الافتراضي.

أحد أهم ميزات التقنية الجديدة إنها لا تحتاج إلى نظارات واقع افتراضي، ولا أجهزة إضافية، فقط شاشة العرض والتحريك بيدك، فهي واعدة جدًا، وتفتح أبواباً ضخمة لمستقبل جديد في التعليم الطبي والتدريب الجراحي والتصميم الهندسي ثلاثي الأبعاد والألعاب التفاعلية الواقعية والتسوق التجريبي داخل المتاجر الافتراضية.

لمياء الصديق (أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • مناقشة تأثيرات الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل في "مؤتمر أوشرم"
  • وزير التعليم: نعمل على نظام تعليمي مرن يستجيب للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي
  • عبد اللطيف: منظومة تعليمية مرنة تستجيب لمتغيرات العصر وثورة الذكاء الاصطناعي
  • الخيال يخرج إلى الواقع.. هولوجرام يمكن لمسها وتحريكها
  • جمال الشاعر: يجب الاهتمام بالذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في كل المجالات
  • فرنسا.. القبض على أب وابنه بتهمة الاحتيال على 100 مطعم
  • افتتاح ورشة عمل حول تحضير المشاريع وتمويل المناخ للمدن المصرية بالأقصر.. صور
  • نائب محافظ الأقصر يشارك فى افتتاح ورشة العمل التدريبية حول تحضير المشاريع وتمويل المناخ
  • ورشة عمل تعريفية بالجمعية الطبية السورية الألمانية لتعزيز العمل التشاركي ‏والنهوض بالواقع الصحي
  • دور الذكاء الاصطناعي في علاج أمراض الكلى والسكري محور مؤتمر طبي بدبي