كيف تدعم كوكاكولا الاحتلال.. وهل أربكت مقاطعة العرب التاريخية حساباتها؟
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
تجددت دعوات مقاطعة الشركة الأمريكية "كوكاكولا" بعدما ظهرت أسيرة إسرائيلية، أعلن جيش الاحلال تحريرها، وهي تشرب المنتج الشهير وتستعرضه مع ابتسامة واسعة، عقب عملية عسكرية في المنطقة الوسطى في قطاع غزة أدت إلى استشهاد أكثر من 210 فلسطينيين وإصابة 400 آخرين.
وظهرت نوعا أرغماني (25 عاما) رفقة والدها في مستشفى "شيبا" (تل هشومير) في تل أبيب، وهي تشرب "كوكاكولا"، بعد ساعات قليلة من خروجها من غزة، بينما يعاني الفلسطينيون هناك حتى من إيجاد مكان لعلاج المصابين، بعدما قضى الاحتلال على النظام الصحي خلال الحرب الممتدة لأكثر من ثمانية شهور.
ودعا العديد من نشطاء ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي إلى تجديد حملة مقاطعة "كوكاكولا" باعتبار أنها شرك في الجرائم الإسرائيلية الأمريكية وحرب الإبادة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.
حرقوا مخيم بأكمله لاخراج ٤ حثالة أولهم هذه الحشرة التي تروج لأسيادها كوكا كولا بعد خروجها مباشرة ...
ان لم تقاطع لحد الآن فأنت مثلهم حثالة بل وأكثر pic.twitter.com/0r80vvS4pI — إسراء ???????? (@Coachesra) June 8, 2024
الخوف من المقاطعة
تواجه الشركة الأمريكية الشهيرة، مثل العديد من الشركات الأميركية الكبرى، حملات مقاطعة في الشرق الأوسط وعدد من كبرى البلدان الإسلامية، إلا أنها لم تشر إلى تأثير هذه المقاطعة الحالية، كما لم تظهر إيراداتها من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 2023، لأنها دمجت المنطقة مع أوروبا وأفريقيا في تقريرها المالية.
ورغم ذلك، تراجعت أرباح الشركة 3 بالمئة في الربع الأخير من 2023 إلى 1.98 مليار دولار مقارنة بملياري دولار في الربع المقابل في 2022.
وحرصت دولة الاحتلال منذ قيامها على وجود كوكاكولا فيها، وتقول افتتاحيّة لجريدة "معاريف" الإسرائيليّة: "كوكاكولا في أي بلد آخر مجرد شراب عادي، ورمزٌ للحضارة الأميركيّة لكننا نرى كوكاكولا في إسرائيل.. عاملا سياسيا لكونها مناسبة لخروج إسرائيل إلى العالم العظيم الواسع".
بمناسبة عيد الأضحى مقاطعة جميع المنتوجات كوكا كولا.
لا تشتري هذا المنتوج دعماً #لفلسطين???????????????? pic.twitter.com/3WnMzcf1VX — abdeslam.lakhraki (@abdeslamlakhra) June 9, 2024
وبحسب ما نقل موقع "سنوبس" فقد حاولت الشركة عام 1949 فتح مصنع لها في "إسرائيل"، لكنّها لم تعط الترخيصَ، فلم تتابع الموضوع لأنها تحاول تجنب خسارة السوق العربيّة الكبرى التي كانت تقاطع حينها كلّ ما يدخل دولة الاحتلال.
وتعتمد ممارسة الأعمال التجارية في الشرق الأوسط بذلك الوقت في كثير من الأحيان على عدم ممارسة الأعمال التجارية في "إسرائيل"، ولذلك سارعت جامعة الدول العربية إلى المقاطعة، واضطرت المصالح المتعددة الجنسيات إلى الاختيار بين السوق الأصغر في "إسرائيل" والسوق الأكبر بكثير للدول العربية مجتمعة.
وفي الأول من نيسان/ أبريل 1966، وفي مؤتمر صحفي في تل أبيب، اتهم رجل الأعمال موشيه بورنشتاين "كوكاكولا" برفض القيام بأعمال تجارية في "إسرائيل" خوفا من الانتقام وخسارة الأرباح في سوق المشروبات الغازية العربية، وبعد أسبوع في نيويورك، أصدرت رابطة مكافحة التشهير "ADL" التابعة لمنظمة بناي بريث، بيانا يدعم هذه الاتهامات، مما أثار عناوين الأخبار في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
شركة كوكا كولا تتأهب لاستقبال أرباح طائلة في عيد الأضحى ككل سنة فاجعلوها خيبة لهم -بإذن الله تعالى- pic.twitter.com/ctuM9f0MRW — Nizar (@TTitou21) June 9, 2024
خطأ أشعل المقاطعة
وفي عام 1961، وقعت في القاهرة حادثة كانت عبر الموظف الحكومي محمد أبو شادي، الذي حصل على زجاجة "كوكاكولا" مصنوعة في إثيوبيا، وأخطأ في تمييز الحروف الأمهرية الموجودة على ملصقها على أنها عبرية، واتهم "كوكاكولا" بممارسة الأعمال التجارية مع "إسرائيل".
وبسبب ذلك، رد مدير عمليات التعبئة المصرية للشركة بطمأنة الصحافة بأن "كوكاكولا" لن تسمح أبدا للإسرائيليين بالامتياز، بينما سارع مسؤولو الشركة إلى تفسير مفاده أن "إسرائيل" أصغر من أن تحصل حق الامتياز، وقدموا أسباب بقائهم بعيدا على أنها اقتصادية بحتة، وليست سياسية.
وبالعودة إلى عام 1966، بدأ الناس يتساءلون علنا عن السبب وراء عدم مواجهة قبرص المجاورة صعوبة في الحصول امتياز "كوكاكولا" على الرغم من أن عدد سكانها لا يتجاوز عُشر سكان "إسرائيل".
عندما ظهرت هذه القضايا إلى النور، أصبحت "كوكاكولا" في موقع محرج بالنسبة للولايات المتحدة و"إسرائيل"، لاسيما بعدما أعلن مديرو مستشفى "ماونت سيناي" في مانهاتن أنهم سيتوقفون عن تقديم منتجات الشركة، وتبعهم أصحاب متجر "ناثان هوت دوج" الشهير في كوني آيلاند.
وفي مواجهة احتمال المقاطعة اليهودية في الولايات المتحدة، حاولت الشركة تصحيح مسارها من خلال الإعلان عن أنها ستفتح مصنعا لتعبئة الزجاجات في تل أبيب، وبذلك أصبحت "إسرائيل"، وبسبب المقاطعة في الولايات المتحدة سوقا أكثر جاذبية.
المقاطعة العربية
ردت جامعة الدول العربية بوضع "كوكاكولا" على قائمة مقاطعتها، وبدأت في آب/ أغسطس 1968 واستمرت حتى أيار/ مايو 1991، أو حتى عام 1979 في مصر، التي وضعت قواعدها الخاصة بعد توقع اتفاقية السلام مع "إسرائيل"، بعيدا عن جامعة الدول العربية ولائحة المقاطعة، وكذلك فعلت الكويت في أيلول/ سبتمبر 1988، بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تاميز".
وتراجع الموقف العربي الرسمي أكثر حيال المقاطعة نهاية الثمانينيّات، ولاسيّما في عُمان والبحرين والإمارات، بينما دخلت "كوكاكولا" العراق من جديد بعد 37 عاما من المقاطعة لتكون أمام سوقٍ ضخمةٍ تقدّر حينها بـ 26 مليون نسمة.
وبدأت "كوكا كولا" عملها في "إسرائيل" عام 1968 بمنح حق امتياز لشركة "Central Bottling Company Ltd" الإسرائيلية التي تعرف حاليا باسم "كوكاكولا - إسرائيل"، بحسب منظمة "هوو بروفتس".
تاريخ من دعم "إسرائيل"
في 1991، اتفقت "كوكاكولا ـ إسرائيل" مع شركة "كارلسبرغ" الدانماركيّة على التوزيع الحصريّ لبيرة كارلسبرغ وتوبورغ في الأراضي المحتلة، وعلى إنشاء مصنع هناك بقيمة 32 مليون دولار.
وكانت "كوكاكولا - إسرائيل" ومديرها التنفيذيّ روني كوبروفسكي يملكان 45 بالمئة من شركة مياه "نيفيوت Neviot" المعدنيّة الإسرائيليّة في 2004، إلا أن الشركة بعد ذلك، وبإدارة موزي فيرتهايم، سيطرتْ على نيفيوت بأكملها، بحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس".
وفي نفس العام، وافقتْ "كوكاكولا - إسرائيل" على شراء “تارا للألبان والأجبان - Tara Dairy"، وهي ثالث أكبر شركة إسرائيليّة في هذا المجال حينها، مقابل 39 مليون دولار، بحسب "هآرتس" أيضا.
وعلى الصعيد الرياضيّ، رعت "كوكاكولا ـ إسرائيل" منتخبَ الاحتلال لكرة السلة، واستثمرت مئاتِ آلاف الدوارات سنويّا في هذا المجال، كما سبق أن رعت سباقاتِ الماراثون الإسرائيليّة، ومباريات كرة المضرب الإسرائيلية.
ورعت "كوكاكولا ـ إسرائيل" أيضا مهرجانات كثيرة، من بينها مهرجانُ "آراد" للجاز في منطقة البحر الأحمر، وفي صيف 2003 رعت أضخم نشاطٍ فنيّ في تاريخ "إسرائيل" حينها، وهو مهرجان على شواطئ "نيتسريم" الذي استغرق عشرين يوما، وهي المنطقة العسكرية الإسرائيلية الحالية التي تقسم قطاع غزة إلى نصفين شمالي وجنوبي.
وفي الولايات المتحدة، تعد "كوكا كولا" أحد الرعاة الخيريين لفرع "الاتحاد اليهودي الموحد في أتلانتا الكبرى"، الذي يدعم الجالية اليهودية عبر "إعادة توطين اللاجئين" اليهود في الأراضي المحتلة، بحسب موقع "أتلانتا بيزنس كرونغل".
انتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان
وتواجه "كوكا كولا" اتهامات على خلفيّات لا علاقة لها بتأييد "إسرائيل" فحسب، فقد واجهت اتهامات بأنها استأجرت مسلحين لقتل قادة نقابيّين في كولومبيا طالبوا برفع الأجور، وفي شباط/ فبراير 2010 قُدّمت دعوى ضدّها على خلفيّة أحداث قتل واغتصاب قي حق قادة نقابيين في غواتيمالا في أواخر السبعينيّات، بحسب "مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان".
كما تُتّهم "كوكاكولا" بتشغيل أطفال دون السنّ القانونيّة في السلفادور، هذا وقد تسبّب إعلان لها في نهائيّ كرة القدم الأميركيّة سنة 2013 بسخط العرب الأميركيّين لأنّه يعرض صورة نمطيّة رجعيّة للعرب.
وتبرعت "كوكاكولا - إسرائيل" بمبلغ 50 ألف شيكل (نحو 14 دولار حينها) لمجموعة "إيم تيرتزو" اليمينية المتطرفة الإسرائيلية في عام 2015، بحسب صحيفة "هآرتس".
ويذكر أن "إيم تيرتزو" هي حركة يمينية صهيونية تحمل خطاب عنصرية وكراهية بحق العرب، ومن أبرز مواقفها معارضتها لإحياء فلسطينيي الداخل ذكرى النكبة، وشن حملات على نشطاء اليسار الإسرائيلي.
وتنتهك "كوكا كولا - إسرائيل" للقانون الدولي بإقامة مصانع لها داخل مستوطنة "عطروت" في الضفة الغربية، والذي تلقت على إثره تحذيرا من الأمم المتحدة بإدراجها في القائمة السوداء عام 2017 للشركات المتربحة من الاستيطان.
As we prepare for Eid, let's make sure we don't drink any Coca-Cola at gatherings.
Coca-Cola violates International law by operating in Atarot. Atarot is an illegal Israeli settlement that has been built on land stolen from Palestinian families.
Make a pledge for Palestine… pic.twitter.com/o2oZIRWNxZ — Friends of Al Aqsa (@FriendsofAlAqsa) April 5, 2024
ويعد دعم المستوطنات أساس دعوات المقاطعة التي أطلقتها جهات مختلفة منذ سنوات، حيث دعت حملة أصدقاء الأقصى في بريطانيا لمقاطعة الشركة، قائلة إن "الفلسطينيين أصبحوا بلا مأوى لإفساح المجال للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، مثل عطروت، التي تعمل فيها الشركة الشهيرة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية كوكاكولا إسرائيلية المقاطعة إسرائيل المقاطعة كوكاكولا مقاطعة كوكاكولا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة کوکا کولا pic twitter com
إقرأ أيضاً:
زمان يسرائيل: الفجوة الصحية بين العرب واليهود في إسرائيل مثيرة للقلق
أصدر البرنامج الوطني لمؤشرات جودة الصحة في إسرائيل مؤخرا تقريره عن عام 2023، وتضمن بيانات مثيرة للقلق عن الفوارق الصحية بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل، كما وصف تقرير آخر صادر في فبراير/شباط الماضي عن وزارة الصحة الإسرائيلية واقعا مماثلا.
وقال الكاتب والمحامي مراد مفرّع، رئيس "منتدى تعزيز الصحة في المجتمع العربي بإسرائيل"، في مقال نشرته صحيفة "زمان يسرائيل"، إن وزارة الصحة أصدرت في السابق تقارير مماثلة تتناول عدم المساواة الصحية، وأكدت أن فجوات الرعاية الصحية بين العرب واليهود ما زالت تمثل تحديا كبيرا يتطلب سياسات شاملة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مركز الأمل.. مبادرة تفتح لشباب غزة باب العمل والدراسة عبر الإنترنتlist 2 of 2لوفيغارو: أين اختفت إيفانكا ابنة ترامب المفضلة؟end of listوذكر أن المواطنين العرب في إسرائيل يعانون من انخفاض متوسط العمر المتوقع مقارنة باليهود، كما ترتفع بينهم معدلات وفيات الرضع والأمراض المزمنة، خصوصا أمراض القلب والجهاز التنفسي والسمنة والسكري، مما يعكس تباينا في جودة الرعاية الصحية.
تحديات أمام المواطنين العربوأوضح الكاتب أن هذه الفجوة تُعزى بشكل أساسي إلى محدودية وصول المواطنين العرب إلى الرعاية الصحية، حيث تعيش المناطق العربية تحديات اجتماعية واقتصادية تحول دون حصولهم على الخدمات الطبية الملائمة، إضافة إلى قلة الفحوصات الوقائية وضعف التوعية حول أهمية الوقاية.
وقال إنه في حين يحصل اليهود على فحوصات دورية للكشف المبكر عن السرطان وأمراض القولون وأمراض أخرى، تفتقر المجتمعات العربية إلى مثل هذه الخدمات.
كما أن العديد من الأسر العربية تضطر إلى التنقل لمسافات طويلة للوصول إلى المستشفيات، مما يعزز التفاوت في الفرص الصحية.
التلوث وارتفاع الأمراض التنفسيةكما لفت الكاتب إلى أن العوامل البيئية في المناطق العربية تؤثر سلبا على صحة السكان، إذ إن العديد من المناطق العربية تعاني من التلوث، مما يزيد انتشار الأمراض التنفسية مثل الربو. وفي المقابل، تتمتع المناطق اليهودية بسياسات بيئية أفضل مما يقلل تلوث الهواء، وينعكس إيجابا على صحة السكان.
وأكد أن الحكومة تستثمر بشكل أكبر في المناطق اليهودية من حيث تطوير المرافق الصحية، مما يضمن لهم وصولا أسرع وأفضل للخدمات الطبية، نتيجة لذلك، يضطر العديد من المواطنين العرب إلى تأجيل أو تجاهل العلاج حتى تتفاقم الأمراض، ما يزيد الضغط على النظام الصحي ويضاعف التكاليف.
جهود المجتمع المدنيوشدد الكاتب على أن سد الفجوات الصحية بين العرب واليهود يتطلب جهودا مجتمعية واسعة وشراكات بين الهيئات الصحية والتعليمية والقيادات المحلية، مشيرا إلى تأسيس "المنتدى الأكاديمي لتعزيز الصحة في المجتمع العربي"، بهدف تعزيز هذه الجهود.
وأشار إلى أن هذا المنتدى يضم مجموعة من الأطباء والمختصين والقيادات المجتمعية، ويعمل على تقديم توعية صحية ملائمة لاحتياجات كل مكونات المجتمع، مضيفا أن إشراك المؤسسات الدينية والتعليمية أمر ضروري لتعزيز الوعي الصحي وتغيير العادات غير الصحية المنتشرة بين العرب في إسرائيل.