التركيزُ الإسرائيلي على التحضيرات للحرب ضدّ "حزب الله" في لبنان يسلط الضوء على "الأهداف الحقيقية" التي تريد تل أبيب تحقيقها عبر "ضربة" تسعى أن تكون قوية لتهدئة جمهورها الغاضب.
لدى مراقبة تصريحات المسؤولين والمحللين في تل أبيب، سيظهر بشكلٍ قاطع أن الحديث عن "الأهداف" ضائع، فإسرائيل تُهدّد بالحرب وتتوعد بتدمير لبنان، ولكن.

. كيف ستتمكن من إضعاف "حزب الله" وما هي خططها لذلك؟ هذا السؤالان يمثلان خلاصة التحليلات الإسرائيلية التي سلّطت الضوء على مُعسكرين، الأول يؤيد الضربة فيما الثاني يعتبرها "مقتلاً جديداً" لإسرائيل، لاسيما إن كانت من دون أهداف واضحة.
السؤال الأكثر طرحاً وسط كل هذه المعطيات هو التالي: ما هو مدى قدرة الحرب على ضرب قوة "حزب الله" العسكرية؟ وهل هذا الأمرُ واردٌ حقاً؟
التدقيقُ بمضمون المواجهة الأولية سيؤدي إلى أمرين أساسيين:
- الأول هو أن "حزب الله" ولحظة بدء المعركة، سيفتح الباب لصواريخه بالانطلاق نحو إسرائيل بشكلٍ عشوائي. هنا، ما سيحصل هو أن القبة الحديدية الإسرائيلية ستدخلُ في ارتباكٍ كبير، في حين أن "حزب الله" سينشط على أكثر من صعيد صاروخي، الأول وهو المهتم بإطلاق رشقات مكثفة عبر القذائف الدقيقة، فيما الثاني سيركز على إحباط سلاح الجو الإسرائيلي من خلال استهدافه وإسقاط الطائرات.
- الأمر الثاني يرتبط بالزحف الإسرائيليّ باتجاه لبنان، وهذه الخطوة ستشهد على المفاجآت الميدانية، وعندها من الممكن ألا يكون التقدم باتجاه العمق اللبناني وارداً باعتبار أنَّ المواجهة ستكون ضارية.
إذاً، أمام هذا السيناريو المطروح، كيف يمكن لإسرائيل أن تُضعف قوة "حزب الله" العسكرية؟ على هذا السؤال، تجيب مصادر معنية بالشؤون العسكرية فتقول إنّ إسرائيل تحاول حالياً استثمار الحرب المحدودة لتدمير ما تيسر لها من مواقع تقول إنها تابعة لـ"حزب الله"، وتضيف: "مما لا شك فيه هو أن الحزب خسر أصولاً عسكرية مُهمة في جنوب لبنان في حين أن الضربات التي يتلقاها تؤثر جداً على قوته وتركيزه العسكري في مناطق متقدمة".
وتتابع: "مع ذلك، فإنّ الحزب يلقى ضغطاً إضافياً في بيئته بعد الإستهدافات التي تطالها، الأمر الذي قد يشكل عبئاً إضافياً إليه، ويجعل من المراكز التي أسسها ضمن المناطق والبلدات، هدفاً إضافياً للقصف، ما قد يُساهم بالإضرار بحركته وبغرف عملياته الموزعة بين نقاطٍ عديدة". 
إلا أنه في الوقت نفسه، فإنّ المصادر ترى أنَّ هذه الأمور قد لا تعني تضرر الأصول الاستراتيجية الأساسية حتى وإن طال القصفُ جزءاً أساسياً منها، فهناك أماكن عديدة ما زالت مُحصنة وبعيدة عن القصف، ناهيك عن الغرف العسكرية والمستودعات الموجودة تحت الأرض".
تُقدّر المصادر أن يكون الحزب قد بنى طيلة السنوات الماضية وتحديداً بعد حرب تموز عام 2006، مدينة عسكرية تحت جنوب لبنان، أساسها يتعلق بتخزين الأسلحة والصواريخ ومنصات الإطلاق ناهيك عن الأنفاق التي تسهل حركة مرور الآليات وعمليات نقل الأسلحة والمُقاتلين، بالإضافة إلى المصانع التطويرية للأسلحة والصواريخ والتي لم تستطع إسرائيل حتى الآن الإقرار بتنفيذ أي عملية طالتها.
إذاً، إن كانت بنية "حزب الله" الأساسية موجودة تحت الأرض.. فكيف يمكن لإسرائيل أن تقضي عليها؟ هنا، تقول المصادر إن الأمور لا تقتصرُ على ذلك، بل ترتبطُ بالمدى الجغرافي الذي يستغله الحزب سواء في عمق جنوب لبنان أو خارجه، مشيرة إلى أن امتداد "حزب الله" يصل إلى البقاع وبيروت، وبالتالي فإن إحباط قوته يحتاج إلى الوصول نحو بيروت، إلا أن هذا السيناريو هو من أكثر السنياريوهات التي وُلدت ميتة، والإسرائيليون يدركون ذلك، بحسب ما تعتبر المصادر.
الخطوة الوحيدة التي ستسعى إسرائيل لتعويض خسائرها العسكرية عبرها هي إستهداف البنى التحتية اللبنانية، في تكرارٍ لسيناريو العام 2006. المسألة هنا تأتي في سياق الضغط العسكري والإستراتيجي على الحزب، الأمر الذي قد يدفع البيئة اللبنانية للإنتفاض عليه ومطالبته بوقف الحرب، والدفع نحو مفاوضات سريعة.
لهذا السبب، تُظهر التقارير الإسرائيلية كيف أن المحللين هناك يتحدثون عن ضرورة التعاطي مع "لبنان كدولة" وليس مع "حزب الله" كتنظيم خلال "الحرب الشاملة"، مع العلم أنّ الأخير سيحظى بمُساندة كبرى ومفتوحة من جبهات أخرى مختلفة. هنا، تتوقع المصادر أن تدخل جبهة الجولان على الخط، بينما سيعود الحوثيون في اليمن لينشطوا أكثر بكثير، في حين أنّ العراق ستكون له كلمته.
عملياً، فإن كل ذلك سيعني أن إسرائيل ستكون أمام مواجهة جبهات متفلتة، وبالتالي سيكون جيشها قد دخل مرحلة إستنزاف حقيقية سيكون من الصعب عليه الصمود أمامها. فبكل بساطة، "تفرّع الجبهات" وتعددها لا يُعد مؤشراً جيداً لإسرائيل، علماً أن هذا الأمر قد يُخفف الضغط أيضاً عن "حزب الله"، ويجعله يصمد أكثر في المعركة الميدانية والعسكرية.
وعليه، وخلال هذه المعركة، فإن إسرائيل ستكون خاسرة، أولاً لأنها ستتعرض لدمار كبير، وهذا باعتراف السياسيين والمحللين لديها، وثانياً لأنها لن تتمكن من تطويق "حزب الله" عسكرياً.
في خلاصة القول، فإنّ ما يتبين هو أن المعركة المقبلة ستكون خطيرة جداً بأبعادها، فالشمولية فيها قائمة، لكن النتائج ستكشف عن مستقبل جديد للمنطقة.. فهل سيكون لبنان هو الناظم الأول للتوازنات الجديدة؟ الميدان سيحكم والتطورات ستكشف ما سيجري.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

حزب الله يؤكد أنه لا يمكن أن يقبل أن تواصل إسرائيل استباحة لبنان

قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أمس السبت إن الحزب لا يمكن أن يقبل بأن تكون هناك معادلة تستبيح فيها إسرائيل لبنان، وطالب بوضع حد لعدوانها، مؤكدا أن الحزب التزم باتفاق وقف إطلاق النار ولا وجود مسلحا له في الجنوب.

وقال قاسم في خطاب متلفز "إسرائيل هي في موقع العدوان، هذا العدوان يجب أن يوضع حد له. لقد تجاوزت بأن قصفت الضاحية الجنوبية لأول مرة منذ وقف إطلاق النار، وكذلك اعتدت على مناطق عدة في جنوب لبنان، لا يمكن أن نقبل أن يستمر هذا المنهج".

وشدد بأنه لا يمكن للحزب أن يقبل بأن تكون هناك معادلة تستبيح فيها إسرائيل لبنان "وتسرح وتمرح في أي وقت تريد ونحن نتفرج عليها. كل شيء له حد".

وقال "لن نسمح لأحد أن يسلبنا حياتنا، وأرضنا، وعزتنا، وكرامتنا، ووطنيتنا، وقوتنا وإمكاناتنا في مواجهة هذا العدو"، مضيفا  "لسنا ضعفاء في مواجهة مشاريع أميركا وإسرائيل. إذا كنا صبرنا خلال المرحلة السابقة حتى الآن، فهو صبر الذي يريد أن يعطي الفرصة لحلول تخفف من الآلام والضحايا".

وأكد أن المقاومة لا يمكن أن تبقى متفرجة إذا واصلت إسرائيل القتل والتدمير.

كما قال بإنه لا يمكن أن يقبل الحزب بالتطبيع ولا بالمسارات السياسية التي تحاول من خلالها إسرائيل تحقيق مكاسب.

القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية خلف 5 قتلى و20 جريحا (الفرنسية)

وقصفت إسرائيل الجمعة ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، للمرة الأولى بعد أربعة أشهر من الهدنة، وزعمت أن القصف جاء ردا على إطلاق صواريخ على أراضيها، ونفى حزب الله أي صلة له بإطلاق هذه الصواريخ.

إعلان

وأسفرت 3 من تلك الغارات على الجنوب اللبناني عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 20 آخرين، ضمن سلسلة الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

وتابع قاسم "منذ عقد اتفاق وقف إطلاق النار غير المباشر مع الدولة اللبنانية، أصبحت المسؤولية عند الدولة اللبنانية. مسؤوليتها أن تنهي الاحتلال، وتوقف العدوان، وتضغط على الدول الكبرى التي رعت، وتفتش عن الأساليب المناسبة  لإنهاء الاحتلال".

وأضاف "إذا كانت تظن إسرائيل أنها تصنع معادلة جديدة في أن تتذرع بذرائع واهية من أجل أن تقتل وأن تدخل إلى هذه الأماكن المختلفة، وأن تعتدي على الضاحية والبقاع والجنوب، فهذا أمر مرفوض. وعلى الدولة اللبنانية أن تتصدى له، وما زال الوقت يسمح بالمعالجة السياسية والدبلوماسية".

لكنه أكد أنه إذا لم تلتزم إسرائيل باتفاق الهدنة و"لم تتمكن الدولة اللبنانية من القيام بالنتيجة المطلوبة على المستوى السياسي، فلن يكون أمامنا إلا أن نعود إلى خيارات أخرى لا تنسجم مع الوضع الحالي".

وأضاف أن حزب الله التزم بالاتفق بشكل كامل، ولم يكن لديه تواجد مسلح في جنوب نهر الليطاني، في حين لم تنسحب إسرائيل من كامل الأرض اللبنانية، وبقيت محتلة لنقاط، بحسب قوله.

وشدد قاسم بأن "إسرائيل تخترق وتعتدي في كل يوم، سواء على الأفراد أو على الممتلكات أو على المناطق، سواء في الجنوب أو في البقاع أو في كل مناطق لبنان"، وقال إن "هذه كلها سُميت في فترة معينة خروقات، لكن بعد ذلك لم تعد خروقات، لأنها عدوان تجاوز كل حد والتبريرات الإسرائيلية لا معنى لها".

مقالات مشابهة

  • محللون: إسرائيل تعيد إنتاج معادلة جديدة مع حزب الله
  • حسن بدير.. من هو القيادي في حزب الله الذي استهدفته إسرائيل؟
  • الخارجية الأمريكية تصف غارات إسرائيل على لبنان: دفاع عن النفس
  • يمتد كيلومتراً..إسرائيل تعلن تدمير نفق لحماس في شمال غزة
  • لبنان.. اعتقال مشتبه بهم في إطلاق صواريخ على إسرائيل
  • بعد إستهدافها الضاحية... ما هو مُخطّط إسرائيل في لبنان؟
  • عودة: مؤسف أن الشياطين التي أفسدت النفوس وخربت البلد ما زالت متغلغلة وتحول دون الإصلاح
  • حزب الله: لن نقبل أن تواصل إسرائيل استباحة لبنان
  • حزب الله يؤكد أنه لا يمكن أن يقبل أن تواصل إسرائيل استباحة لبنان
  • حزب الله: إسرائيل تقوم بعدوان على لبنان تجاوز كل حد