يمانيون — متابعات
تكمن أهمية العملية المزدوجة ضد حاملة الطائرات الأميركية في أنها مست “الذات الأميركية” بشكل أساسي، وأسقطت هيبة الردع الأميركي باعتبار الرمزية التاريخية لتلك الحاملة التي حسمت بها واشنطن الحرب العالمية الثانية وجعلت منها بعبعاً للرعب والردع.
من رعب البحر الأحمر وما ألمَّ بالبعبع الأميركي ورمز هيمنتها “إيزنهاور”، وصولاً إلى “حريق الشمال” وعمليات ميناء حيفا المشتركة، يعزز محور فلسطين الانتصار بالنقاط متوثباً للانتقال إلى مرحلة مرعبة ومؤلمة، وهو ما أوحى به ارتفاع منسوب التنسيق والعمل المشترك وما شهده الأسبوع المنصرم من مفاجآت ثبتت حقيقة تهشم وتآكل قوة الردع الأميركية والصهيونية.
عمليات الإسناد تتصاعد والعدو يترنح على حافة الهزيمة
بتفصيل أكثر، شهدت جبهات الإسناد مؤخراً، وعلى نحو متميز، تطوراً ملحوظاً على مستوى الأداء العسكري والتكتيك والتنسيق والكشف عن نوعيات متطورة من السلاح ذات فاعلية وتأثير قويين ضمن مرحلة رابعة تشي ربما بولادة مرحلة خامسة قد تكون أشد وأوسع ضد ثلاثي عدواني يترنح على حافلة الهاوية والهزيمة من دون حسم ولا نصر منذ السابع من أكتوبر العام الماضي.
إلى جانب صمود مجاهدي الفصائل الفلسطينية وما يجترحون من عمليات عسكرية أشبه بمعجزات، ومن بينها أسر جنود صهاينة، تتصاعد عمليات حزب الله كما ونوعاً. وقد أحرقت مؤخراً نظرية التفوق وقوة الردع، وأثبتت مجدداً عجز وفشل المنظومة الدفاعية للعدو الإسرائيلي من خلال “حريق الشمال” الذي التهم مساحات واسعة في “كريات شمونة”، وأشعل معه موجة غير مسبوقة من الهلع والانتقادات اللاذعة لأداء حكومة نتنياهو، وفشلها العسكري الواضح أمام قوة وقدرة حزب الله وعجزها عن “إعادة الأمن والمستوطنين” إلى المستوطنات شمال فلسطين المحتلة.
وعلى خط موازٍ، سجلت المقاومة الإسلامية في العراق عمليات نوعية متتالية باتجاه عمق كيان العدو في أم الرشراش وساحل البحر الميت، ونفذت عمليتين مشتركتين مع القوات المسلحة اليمنية على ميناء حيفا.
بعد استهداف “إيزنهاور”: اليمن يهدد بضربات أكبر
في أول خطوة جريئة ربما على المستوى العالمي، أقدمت القوات المسلحة اليمنية على استهداف حاملة الطائرات الأميركية “إيزنهاور” مرتين خلال 24 ساعة، في عملية مزدوجة ناجحة تسببت بـ”توقف حركة الطيران على متن الحاملة يومين متتالين، وأجبرت البحرية الأميركية على الهروب بحاملتها 880 كلم شمال غرب جدة، وغيرت مسارها بعيداً من المنطقة التي كانت تتموضع فيها، وما محاولات الإنكار الأميركية البائسة سوى تعبير عن الشعور الأميركي العميق بالحرج والهزيمة وانكسار الهيبة، وهذا ما كشفه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأسبوعي الأخير، مؤكداً ومهدداً بأن “إيزنهاور ستبقى هدفاً من أهداف القوات المسلحة ما سنحت الفرصة لذلك… وأن الضربات القادمة ستكون أكبر تأثيراً وفاعلية”، مهما حاول الأميركي أن ينكر عمليات الاستهداف.
تكمن أهمية العملية المزدوجة ضد حاملة الطائرات الأميركية في أنها مست “الذات الأميركية” بشكل أساسي، وأسقطت هيبة الردع الأميركي باعتبار الرمزية التاريخية لتلك الحاملة التي حسمت بها واشنطن الحرب العالمية الثانية وجعلت منها بعبعاً للرعب والردع واستعراض القوة.
والأكثر أهمية أنَّ هذه العملية تؤكد ثبات موقف اليمن وتصاعد عملياته، رغم القصف والعدوان الأميركي البريطاني عبر البحر والجو الذي تجاوز 490 اعتداء على مدى خمسة أشهر، من بينها الغارات الأخيرة على محافظة الحديدة.
وبما “يلائم المرحلة الرابعة من التصعيد”، والتعبير هنا للسيد عبد الملك، ويهيئ لمرحلة خامسة لا يمكن التكهن بطبيعتها ومسرحها وكيف ستكون، كشفت صنعاء خلال الأيام الماضية عن “صاروخ فلسطين” البالستي المتطور لأول مرة بعدما دشنته باستهداف أم الرشراش “إيلات” مجدداً، ورأينا في المشاهد التي وزعها الإعلام الحربي حجم وسرعة ذلك الصاروخ الذي يتوشح رأسه المتفجر “بالكوفية” الفلسطينية أو ما يسمى محلياً بالشال الفلسطيني، في رمزية تؤكد أن اليمن لن يتخلى عن غزة وفلسطين حتى الانتصار.
عمليات يمنية -عراقية مشتركة: ما الذي تؤسّس له؟
ومن التطورات المهمة التي شهدها هذا الأسبوع، والتي ينبغي التوقف عندها أيضاً، ما أعلنته صنعاء رسمياً من التنسيق المشترك والعمليات المشتركة بين القوات المسلحة اليمنية والمقاومة العراقية، والتي دشنت بعمليتين عسكريتين مشتركتين على ميناء حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة من شأنها الإسهام في تعطيل ما تبقى من موانئ الاحتلال وشل اقتصاده كلياً كما حصل تماماً لميناء “إيلات”، وبالتالي التأسيس ربما لمرحلة خامسة قد يطبق فيها الحصار البحري من كل الجهات وبشكل دائري على كيان العدو الإسرائيلي والشركات المتعاملة معه، بهدف الضغط على العدو وفرض شروط المقاومة الفلسطينية بوقف العدوان والحصار والانسحاب الكامل من غزة وإبرام صفقات التبادل كما تريد المقاومة لا كما تريد أميركا و”إسرائيل”.
جبهات الإسناد.. غرفة عمليات مشتركة؟
ما نخلص إليه هو أن هذا التناغم الواضح والتنسيق المشترك بين المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد تؤكد وجود غرفة العمليات المشتركة والتصعيد المتزامن، وإن بدا تكتيكياً، إلا أنه يؤسس لاستراتيجية جديدة من التصعيد سيكون لليمن فيها دور مهم وحاسم باعتبار ما يملكه من مميزات جغرافية وغير جغرافية قد لا تتوافر في الساحات الصديقة الأخرى، وإن حاولت أميركا الضغط عسكرياً أو اقتصادياً أو إنسانياً أو ورطت أياً من الدول العربية في سبيل ذلك لمحاولة ثني اليمن، فإنما تجني على نفسها براقش وتعرّض سفنها ومصالحها للمخاطر أكثر وأكثر من أي وقت مضى.
فاليمن كما أثبتت التجربة لا يخضع بالنار والحصار والإملاءات والضغوط العسكرية والاقتصادية، بل يزداد قوة وإصراراً وعزيمة، ولديه من الخيارات والقدرات وأوراق الضغط ما سيفاجئ العدو والصديق.
علي ظافر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة
إقرأ أيضاً:
غزَّة 2024 .. عام الصُّمود الأسطوريّ في مواجهة الإبادة “الإسرائيلية”
يمانيون../
في مواجهة حرب الإبادة “الإسرائيلية” التي استمرت طوال عام 2024 برز دور المقاومة الفلسطينية التي أثبتت أنها عصية على الانكسار والاستسلام، وجسدت معاني الصمود والتحدي والبطولة، لتوجه رسالة للمحتل أن غزة ستبقى مقبرة الغزاة.
الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، وصف هذا العام بـ”الصمود الأسطوري”، مشيرًا إلى أن المقاومة واجهت العدوان بمنطق المنتصر، رغم الكتلة النارية الهائلة التي استخدمها الاحتلال.
وشدد أبو زيد في حديثه” أن أبرز ملامح العدوان الإسرائيلي في غزة خلال 2024 الاستمرار بالقتال بمنطق المنتصر وبكتلة نارية كبيرة أدت الى التدمير والقتل الممنهج مع فقدان بوصلة الأهداف العسكرية حيث لم يعد لدى الاحتلال ما يقدمه من عمل عسكري في غزة وفشل المستوى العسكري بتحقيق اهداف المستوى السياسي حيث لم ينجح بالقضاء على المقاومة ولم يجرد المقاومة من أسلحتها ولم يحرر الاسرى بالقوة. واستخدم الاحتلال كتلة نارية ضخمة قدرتها بعض المصادر بـ 25 الف طن من المتفجرات وهذه الكمية تعد الأكبر في تاريخ الصراعات المسلحة اذا ما قارنه ذلك بقصف مدينة دردسن الألمانية في الحرب العالمية الثانية بـ 6500 طن من المتفجرات، وفق أبو زيد.
ورغم هذا التدمير الممنهج، فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة؛ لم يتمكن من القضاء على المقاومة، أو تجريدها من أسلحتها، أو تحرير الأسرى بالقوة.
يشير الخبير أبو زيد أن الخسائر في آليات واسلحة الاحتلال ظهرت في النصف الثاني من عام 2024 حيث بدأ الاحتلال يستخدم ناقلات ازخاريت وهي دبابات تي 55 من الحقبة السوفيتية أعاد الاحتلال بناءها كناقلات جنود ما يشير الى حجم الخسائر في ناقلات الجنود المتطورة النمر التي كان يستخدمها جيش الاحتلال في غزة منذ بدأ العملية العسكرية يضاف الى ذلك ان النقص في الذخيرة بدأ أيضا يظهر في قوات الاحتلال حيث بدأ بعد اكثر من 14 شهر من القتال ربوتات متفجرة داخل احياء غزة ما يؤكد ان هناك نقص في ذخائر المدفعية 155 ملم وذخائر الدبابات 122 ملم وصواريخ الطائرات يضاف لذلك خشية جنود الاحتلال من الدخول في الاحياء السكنية خوفا من كمائن المقاومة.
وأشار أبو زيد الى ان التدمير المممنهج الذي يقوم ب الاحتلال خاصة في شمال غزة تطبيقا لخطة الجنرالات التي بدأت قبل 83 يوم ولم ينجح فيها لغاية الان حيث يحاول لغاية الان تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة الا ان هذه المحاولات فشلت ولم يسجل بعد 453 يوم ان انقلبت الحاضنة الشعبية على المقاومة في غزة.
تكتيكات المقاومة
ولفت أبو زيد الى ان ابرز ملامح التحول في تكتيكات المقاومة ظهر مؤخرا بالتحول نحو تكتيكات حروب الشوارع وهي احد أنواع المقاومة الشعبية باستخدام السلاح الأبيض والتفجير بالأحزمة الناسفة والقنابل اليدوية ما يشير الى ان المقاومة ال تزال قادرة على التكيف مع مسرح العمليات وطريق قتال قوات الاحتلال ويعزز فكرة الارادة لدى المقاومة وإمكانية التحول نحو المقاومة الشعبية باستخدام أساليب اكثر إيلاما للاحتلال في الوقت الذي يلاحظ فيه ان هذا النوع من العمليات انحصر في المنطقة الجغرافية بين تل الزعتر وجباليا والتي شهدت تدميرا كليا من قبل الاحتلال ما يعني ان المقاومة في هذه المنطقة قد تكون تعرضت لنقص كبير في السلاح لكن تكيفت مع ذلك بالتحول نحو قتال الشوارع .
أبرز العمليات
وكانت ابرز العمليات العسكرية التي نفذتها المقاومة في غزة سلسلة الكمائن في رفح جنوب غزة بالقرب من الشارع الذي استشهد فيه السنوار بالإضافة الى الاحترافية في التعامل مع اهداف الفرصة من خلال القنص وتدمير الاليات حتى ان استمرار المقاومة بأطلاق الرشقات الصاروخية على عسقلان وغلاف غزة بالإضافة الى استخدام صاروخ سام 7 ضد مروحية أباتشي للاحتلال مؤشر على إمكانية المقاومة بإعادة انتاج نفسها رغم كل التدمير الذي وقع في غزة .
إقليم غائب
بحسب الخبير العسكري اللبناني ناجي ملاعب، حصل الاحتلال على دعم غير مسبوق من الولايات المتحدة، التي زودته بـ70 ألف طن من الأسلحة خلال 2024، إضافة إلى دعم من الدول الأوروبية وحلف الناتو. في المقابل، غاب الدور العربي والدولي، مما أتاح لـ”إسرائيل” المضي في عدوانها.
وقال ملاعب لـ”فلسطين أون لاين”: إن ما حصل في حي الشجاعية في الثلث الأول من ٢٠٢٤ عندما استهدف اللواء جولاني وفقد مجموعة من ضباطه على ايدي المقاومين واضطر للخروج من الشجاعية وكامل غزة لإعادة تنظيم قواته.. وانتهى العام ببسالة مشهودة للمقاومة في شمال غزة. هذا كان دليل على صلابة المقاومة وقوتها .
عام 2025: تساؤلات وآفاق
مع بداية عام 2025، تتزايد المؤشرات على إمكانية انتهاء العمليات العسكرية تحت مسمى هدنة إنسانية أو وقف مؤقت لإطلاق النار. ويرى الخبراء أن الصراع أصبح معقدًا، حيث صمدت المقاومة ولم تُهزم، بينما فشل الاحتلال في تحقيق نصر حاسم.
لكن التحديات القادمة تطرح تساؤلات -وفق الخبير ملاعب- حول مستقبل الصراع، خاصة في الضفة الغربية، حيث قد تتحول المقاومة إلى استنزاف مشابه لما حدث في غزة.
يظل السؤال مفتوحًا: هل يمكن أن تمتد روح الصمود إلى الضفة، أم ستبقى غزة وحدها الساحة الأساسية للصراع؟ رحل عام 2024 بعد أن رسّخ حقيقة أن الاحتلال قد ينجح في التدمير، لكنه لا ينتصر، بينما المقاومة تُثبت أنها قادرة على الصمود والتكيف، مهما كانت الظروف.
فلسطين اون لاين ـ علي البطة