استقالة هاليفي تشعل الخلافات في أوساط الاحتلال.. الأفشل في التاريخ
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
في الوقت الذي يخوض فيه جيش الاحتلال حربه العدوانية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فإنه يخوض حربا أخرى قد لا تكون أقل دموية، ولكن من غير قصف ولا هجمات، ولكن حول المستقبل المنتظر لقائده هآرتسي هاليفي، وسط تزايد الدعوات باستقالته، بزعم أن تغييره هو وحده الذي سيعمل على تدفق دماء جديدة في جميع أنحاء الجيش، مما يتطلب منه أن يكون أول من يتنحى عن مسئولياته العسكرية بسبب دوره الكارثي في إخفاق السابع من أكتوبر، وفشله المتكرر في الحرب على غزة.
وذكر يوسي يهوشاع الخبير العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، "أن مرور الأيام يكشف عن عمق الفجوة التي لا تطاق بين قادة الجيش وكبار جنرالاته، لاسيما بسبب الغضب والمرارة تجاه رئيس هيئة الأركان، وهو غضب ومرارة تأخذان في التراكم كلما مر مزيد من الوقت".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، "أن ذلك يعني أن أزمة الثقة تضخمت إلى أبعاد غير مسبوقة، زادت في خطورتها عن حرب لبنان الثانية، رغم أن مسؤولية فشل السابع من أكتوبر تتحملها كل مستويات الدولة: سياسيا وأمنيا وعسكريا".
وأوضح، أن "التسليم بهذه القناعة لا يعني أن جوهر الانتقاد والفشل والإخفاق يتجه نحو رئيس الأركان الذي فشل وبقية جنرالاته في ذلك اليوم، ولذلك فلا يحتاج هاليفي لأحذية عالية للهروب من الثعابين المحيطة به في مقر هيئة الأركان في (الكرياه)، التي تعتبر أن استمراره في منصبه حتى بعد ثمانية أشهر من ذلك الإخفاق، يعني أنه لا يوجد قرار في الأفق بإقالته أو استقالته، مما يجعل الجيش الذي يستعد لمزيد من التكاتف الداخلي عشية خوض حرب في الشمال، يعيش في حلقة من المستحيل الخروج منها ما لم يفعل هاليفي ما هو مطلوب منه".
وأكد أن "هاليفي يمكنه أن يفعل ذلك بطريقة تحفظ له ما تبقى من ماء وجهه، ويوقف ما نسميها "الرقصة المجنونة"، لأنه لا يملك الشرعية لإنهاء دوره قبل أن يقوم هو وباقي المسؤولين الذين خذلوا الدولة بإخفاقهم، مع أنه كان جديرا به أن يستعد لدفع ثمن عزله من الجيش، ورغم ذلك فقد تجنب الأمر في الوقت الحالي، وكأنه فتح الطريق أمام باقي الضباط لمواصلة كسر التقاليد التي تنصّ على استقالة أي قائد يفشل في مهمته، ويعني ذلك التخلي عن الخدمة العسكرية، والانسحاب منها".
في المقابل، يرى الجنرال عاموس يارون الرئيس السابق لشعبة القوى البشرية في الجيش، أن "الهجوم الجاري على هاليفي يشبه إطلاق النار على الجنود داخل المدرعة، لأن التطاول عليه وصل حدّ التجرؤ بوصفه، وفي خضم الحرب، بأنه رئيس الأركان الأكثر فشلاً في تاريخ الجيش".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21"، أن "هذا سلوك صارخ للغاية، وكأن الإسرائيليين أصبحوا على موعد كل يوم يستيقظون على تصريح فاضح آخر لسياسي أو صحفي أو زعيم رأي، هنا وزير اعتدى بشكل صارخ على وزير آخر، هناك نقاش في الحكومة تحول إلى سيرك، وهنالك عضو كنيست آخر شتم عضوا آخر، حتى تحولت ساحتنا السياسية والحزبية إلى الشكل الأكثر انحطاطاً وقذارة".
وأوضح، أن "الهجوم هذه المرة على هاليفي لم يأت من الوزيرين ميري ريغيف أو إيتمار بن غفير، بل من جنرال زميل له وهو يفتاح رون تال، الذي وجه طعنة في ظهر هاليفي والجيش بأكمله، في دعوته لاستقالة كبار الضباط بسبب فشلهم في السابع من أكتوبر، رغم أنهم اختاروا تحمّل المسؤولية، والبقاء في الجيش لخوض الحرب، وهذا لا يستحق الإدانة، مع أنه كان من الأسهل عليهم الاستقالة فورًا".
وأوضح أن "هناك الكثير من الانتقادات القاسية للجيش وقائده قبل وبعد أكتوبر، لكننا نقول ذلك بطريقة واقعية، وليس شخصية، لأنه ماذا سيفكر الجندي في ساحة المعركة الذي يتعين عليه إطاعة الأوامر والمخاطرة بحياته، وهو يسمع أن رئيس الأركان يوصف بأنه الأكثر فشلا في تاريخ الدولة".
وتابع، أن "النتيجة الفورية لذلك هي إيذاء الجنود والقادة، وزعزعة ثقة الجمهور في نهاية المطاف بالجيش".
وتكشف هذه الخلافات الداخلية حول مستقبل هاليفي، بين الاستقالة والإقالة، أن ساعة انسحابه من الجيش تقترب يوما بعد يوم، لأنه يتعرّض لضربات موجعة منذ السابع من أكتوبر، ويتلقى كل يوم سلسلة من الإخفاقات العسكرية والعملياتية، مما يستدعي منه تحمّل المسؤولية، والتنحي جانباً، وإلا سيبقى جيش الاحتلال في حالة من المراوحة والتعثّر الميداني، في حين أن قادته مشغولون بحروب الوراثة والخلافة لليوم التالي لغياب هاليفي عن قيادة الجيش.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة هاليفي الخلافات غزة الاحتلال خلافات هاليفي طوفان الاقصي صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السابع من أکتوبر
إقرأ أيضاً:
انتهاكات لا تنتهي.. ماذا نعرف عن مشفى العودة الذي يستهدفه الاحتلال؟
"سوف نبقى هنا، كي يزول الألم، سوف نحيا هنا، سوف يحلو النغم.." هكذا أنشد الطاقم الطبي لمستشفى العودة، بقطاع غزة المحاصر، في ردّ صريح على صمودهم أمام العدوان المتفاقم الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي، على كامل غزة، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان.
بعيون حزينة، وصوت يمسّه شجن، تابع أطباء مستشفى "العودة" إنشادهم الذي جاب مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، آنذاك: "رغم كيد العدا رغم كل النقم، سوف نسعى إلى أن تعم النعم"؛ فيما توالى عدوان الاحتلال عليهم، في أبشع الصور.
وحين عطّل الاحتلال الإسرائيلي، عبر الاستهداف المباشر وغير المباشر، كافة المستشفيات الحكومية والأهلية في قطاع غزة. ظل "مستشفى العودة" الوحيد الذي لا يزال يعمل في شمال القطاع، بالحد الأدنى.
ترصد "عربي21" خلال هذا التقرير، صمود مشفى العودة، لأكثر من عام، في قطاع غزة المحاصر، قبل أن يتعمّده الاحتلال بشكل يوصف بـ"المُمنهج"، مواصلا خلاله جرائمه التي لا تنتهي ضد الإنسان والإنسانية.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة القدس البوصلة (@alqudsalbawsala)
ما نعرف عن المشفى؟
مستشفى العودة المتواجد في تل الزعتر، بمخيم جباليا، شمالي قطاع غزة، الذي تأسس عام 1985، توالت عليه هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث قصف بالمدفعية الطوابق العلوية منه، خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
آنذاك، استُشهد، 33 فلسطينيا، بينهم 21 امرأة؛ فيما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" نقلا عن المستشفى، بـ"وصول الشهداء والمصابين، عقب قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي عددًا من المنازل قرب مفترق نصار بمخيم جباليا شمال قطاع غزة"، ليتواصل عليه العدوان، ويرتفع عبره عدد الشهداء.
وسبق أن أعلنت إدارة مستشفى العودة، في بداية السنة التي شارفت على الإنتهاء، عن خروج أقسام العمليات والمختبر والأشعة عن الخدمة، بينما باتت خدمات الاستقبال والطوارئ والعيادات التخصصية والولادة مهدّدة أيضا بالتوقف التام.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Mohammed Ahmed | محمّد أحمد (@j_mohamed_ahmed)
وجرّاء "مجزرة الطحين" التي أودت بحياة 112 فلسطينيا ومئات الجرحى، الذين احتشدوا على شارع الرشيد جنوب غربي مدينة غزة، أملا في الحصول على كيس دقيق، من شاحنات مساعدات قليلة يسمح الاحتلال بوصولها من جنوب القطاع، قد استقبل مستشفى العودة 176 من الجرحى.
إثر ذلك، أجرى الأطباء في قلب المستشفى 7 عمليات جراحية، من بين 27 جريحا بحاجة إلى تدخلات جراحية عاجلة، وذلك عبر إمكانيات متواضعة وعلى كهرباء من بطاريات صغيرة وباستخدام كشافات يدوية.
وبداية الشهر الجاري، استشهد أخصائي العظام "الوحيد" الموجود في شمال قطاع غزة، سعيد جودة, برصاص الاحتلال، عندما كان في طريقه لمزاولته عمله في مستشفى "العودة" شمال القطاع, وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة رام الله مكس | RamaLLah Mix (@ramallah.mix)
صمود بوجه الحصار
خلال شباط/ فبراير الماضي، استهدف الاحتلال الإسرائيلي، أجزاء كبيرة من مستشفى العودة وحوصر لمدّة 18 يوما؛ غير أن المستشفى الفلسطيني، رغم ذلك، واصل تقديم الخدمات الطبية، بطاقة 50 في المئة للمرضى والمصابين، وسط نقص الإمكانات والمستلزمات الطبية الناتج عن الحرب.
وكان الطبيب بالمشفى، محمد صالحة، قد قال في تصريح صحافي: "بعد انتهاء الحصار الذي استمر لمدة 18 يوما منذ الخامس من ديسمبر/ كانون الأول وحتى 22 من الشهر نفسه الماضي، عاد المستشفى للعمل، وبدأنا في تقديم الرعاية الطبية للمرضى والمصابين بطاقة استيعاب بنسبة 50 في المئة".
وتابع الطبيب، لوكالة "الأناضول": "خلال فترة الحصار، كانت حركتنا داخل أروقة المستشفى مقيدة للغاية خشية من إطلاق الرصاص من قبل القنص الإسرائيلي، وأيضا لم تتمكن سيارات الإسعاف والمواطنين من نقل الجرحى والمرضى بسهولة للمستشفى".
وأكّد: "خلال فترة الحصار، قام الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على المستشفى، مما أسفر عن استشهاد 3 من العاملين داخل المبنى وتدمير الطابقين الثالث والرابع"، مردفا: "العديد من السيدات استشهدن لصعوبة وصولهن إلى المستشفى بشكل سريع، خاصة النساء الحوامل".
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Ķhàłèđ???????? (@khaled_rassem)
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، "لم تصل المستشفى أي قطرة سولار أو أدوية" بحسب تأكيد صالحة، مشيرا إلى أن المؤسسات الصحية تُحاول إدخال المساعدات الإنسانية والأدوية للمشفى، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرفض دائما ذلك.
وأردف: "تعاني المستشفى أيضا من عدم توفر الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية وسيارات الإسعاف؛ الأمر الذي دفعها إلى الاعتماد على المولد الصغير".
"نحن نضطر إلى شراء الوقود له من الأسواق المحلية بصعوبة جدا نتيجة ندرته" تابع الطبيب، موجّها في الوقت نفسه، نداء إلى الهيئات الصحية الدولية، من بينها منظمة الصحة العالمية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بـ"توفير الأدوية والمستلزمات الطبية على وجه السرعة لخدمة الجرحى والمرضى".
إلى متى؟
في خضمّ الظروف المُفجعة، التي يمر بها كامل القطاع المحاصر، لأكثر من عام كامل، رصدت "عربي21" تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من قلب جباليا التي توصف بـ"منبع الأبطال"، جُملة من مقاطع الفيديو، توثّق ما وصفوه بـ"الجحيم على الأرض".
مقاطع، جابت حسابات عدّة على مواقع التواصل الاجتماعي، لأسابيع طِوال، تبرز بالصّوت والصورة ما يحصل من انتهاكات في القوانين المرتبطة بحقوق الإنسان، بحق مستشفى العودة الفلسطيني؛ غير أنّها لم تحرّك ساكنا، ولا تزال المأساة متواصلة، أمام مرأى العالم.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Mohammed alghefari (@mr.abuhakim)
أيضا، كشفت المقاطع نفسها، عن حجم الدّمار الذي يخلفه الاحتلال الإسرائيلي بالمشفى، من تدمير للبناية نفسها إلى سيارات الإسعاف، جرّاء كل قصف يمسّه به. يعدّ "العودة" أبرز المستشفيات القليلة التي لا تزال تقدّم بعضا من خدماتها الصحّية، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل.
في السياق نفسه، كان مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، قد أوضح: خلال الحرب، أخرج الاحتلال الإسرائيلي 30 مستشفى (من إجمالي 36) عن الخدمة، بالإضافة إلى 53 مركزا صحيا، واستهدف 150 مؤسسة صحية، وعوّقها عن العمل.
وأضاف "كما استهدف 122 سيارة إسعاف، دمرها بالكامل بهدف القضاء على القطاع الصحي في غزة".