خبر لافت احتفت به وسائل الإعلام قبل أيام، عن إنشاء أول حضانة صديقة للبيئة على مستوى مصر والوطن العربى، فى مشروع رائد قامت به وزارة التضامن الاجتماعى، بالتعاون مع المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، التابع لوزارة الإسكان، ووزارة الإنتاج الحربى، باستخدام نظام إنشائى جديد صديق للبيئة، من التربة الطبيعية والأخشاب المحلية، فى قرية أغورمى بواحة سيوة.

كانت الصور المرفقة مع الخبر تشير لمبنى عصرى حديث يجمع بين التشطيبات والإضاءة الحديثة والألوان الزاهية والمرافق المخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة، بجانب عناصر معمارية من التراث المعمارى المصرى القديم من «القباب والقبوات» وهى العناصر التى سبق أن حاول المهندس المعمارى العبقرى حسن فتحى إحياءها، ضمن مدرسة معمارية لفتت أنظار العالم، ولا تزال تجذب عديد من المهندسين للسير على دربها وتطويرها.

لكن خلف هذا الخبر الذى اهتم به الإعلام، اتضح أنه كانت هناك حكاية تعود بدايتها ربما لعدة سنوات مضت من التجارب والاختبارات، بين أكثر من جهة بحثية وتنفيذية مصرية، من أجل إبداع نظام إنشائى مصرى جديد يتواكب مع التحديات العالمية والمحلية الراهنة، والمتمثلة فى ضرورة توفير الطاقة والموارد، وتقليل التلوث والانبعاثات الكربونية، ومواجهة التغيرات المناخية.

المستشار الهندسى لـ«التضامن»: هدفنا الحد من تلوث «الأرض والماء والهواء» وإنشاء مبانٍ اقتصادية موفرة للطاقة تقدم بيئة معيشية أفضل

فى مكتبه بمقر وزارة التضامن الاجتماعى بالعاصمة الإدارية، أخذ المستشار الهندسى لوزارة التضامن، المهندس لؤى أنس، يتحدث عن أسباب لجوء الوزارة للبناء بهذه الطريقة التى تدخل ضمن تقنيات ما يُعرف بـ«العمارة الخضراء أو البيئية»، مشيراً إلى أنه يأتى على رأس أهدافها: الحد من تلوث الأرض والماء والهواء، وتقليل الانبعاثات الكربونية المؤدية للاحتباس الحرارى، والتغيرات المناخية وما يصاحبها من ارتفاع درجات الحرارة، وهو ما يتم من خلال إنشاء مبنى موفر للطاقة، واقتصادى، ويؤدى لبيئة داخلية وظروف معيشية أفضل، ويُقلل من هدر الموارد بمعنى أن الموارد المستخدمة يمكن إعادة استخدامها، وهى الأمور المتوافرة كلها فى المبنى الجديد الذى تبنته الوزارة.

يتوسع المهندس لؤى فى شرح ما سبق، وتحديداً فكرة تقليل «الانبعاثات الكربونية»، مشيراً إلى أن «التلوث الكربونى له ثلاثة مصادر رئيسية، هى: المنشآت، والصناعة، والمواصلات»، لافتاً إلى أنه «على عكس الشائع فإن نسبة الانبعاثات الكربونية من المنشآت تمثل ما يقارب 43% من حجم التلوث على مدار العام، وهو أمر يبدأ من صناعة المنشأ نفسه، حيث إن صناعة الأسمنت ومواد البناء المختلفة تُسبب انبعاثاً كربونياً عالياً، بالإضافة لعملية إنتاج الخرسانة ذاتها، وكل ذلك يُسبب انبعاثات كربونية ضارة تؤدى للتغيرات المناخية»، مؤكداً فى الوقت نفسه أن المنشآت هى المسئولة عن النسبة الأكبر من الانبعاثات الكربونية، والنسبة الثانية والأقل تأتى من الصناعات المختلفة والمواصلات.

لذلك، حسبما يوضح المستشار الهندسى لـ«التضامن»، جاء البحث عن بدائل للخرسانة فى البناء، وهو ما تم بالفعل فى مبادرة حضانة سيوة الصديقة للبيئة، التى تعتمد كلها على مواد طبيعية متوافرة فى الدولة المصرية، تتكون من التربة الطبيعية، وأخشاب شجر الجزورين، وهى أشجار منتشرة بكثرة لدينا، وتتم زراعتها فى أى وقت وأى نوع تربة، وتُزرع فى محيط محطات معالجة الصرف الصحى، للتخلص الآمن وتعظيم الاستفادة من مياه الصرف المعالج، وفى نفس الوقت فإن العمر الذى تستغرقه الشجرة لتنمو بسيط بالمقارنة بأنواع أخرى من الأشجار، حيث إنها تصبح شجرة كاملة خلال 3 أو 4 سنوات تقريباً، وهى ثروة مُهدرة لأنه يتم استغلالها غالباً فى إنتاج فحم الشواء والتدخين والتدفئة.

وبالإضافة لما سبق، كما يضيف المهندس لؤى، فإن مشروع بناء الحضانة متطابق مع العديد من أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، ومنها مثلاً «العمل المناخى»، حيث إن المبنى الجديد يسعى للحد من الانبعاثات الكربونية والمساهمة فى مواجهة التغيرات المناخية، و«طاقة نظيفة» حيث إن مواد البناء المستخدمة فى المبنى تعتمد على طاقة نظيفة وتقلل الاعتماد على الطاقة الملوثة، و«الصناعة والابتكار»، حيث إننا ابتكرنا فكرة جديدة تسهم فى تحقيق هدف آخر وهو «مدن ومجتمعات محلية مستدامة»، بالإضافة لـ«الحفاظ على الحياة فى البر» الذى يتضمن حماية النظم البيئية، ومنطقة سيوة كما هو معروف منطقة بيئية يأتى إليها السياح من مختلف أنحاء العالم لهذا الهدف، وكذلك الحد من الفقر عن طريق تفعيل البعد الاجتماعى وتدريب واشتراك الأهالى فى أعمال البناء المختلفة.

الخامات المستخدمة دخلت فى اختبارات هندسية.. وتم إجراء أبحاث نشرت فى مجلات علمية

ولكل هذه الأسباب السابقة، كما يقول المهندس لؤى، فإنه: «عندما عُرضت الفكرة على معالى وزيرة التضامن الاجتماعى الدكتورة نيفين القباج وافقت عليها ودعمتها، وكان ذلك منذ نحو عام، واستعانت الوزارة بأهل الخبرة، وتحديداً المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، التابع لوزارة الإسكان، والذى يُعتبر جهة استشارية لجميع جهات الدولة، حيث دخلت الخامات المزمع استخدامها فى الاختبارات الهندسية المطلوبة مثل اختبار الضغط والانحناء ومقاومة الرياح، وامتصاص الرطوبة وغيرها، ونجحت، وتم إجراء أبحاث عليها نُشرت فى مجلات علمية أجنبية محترمة، ليكون المبنى بذلك أول مبنى بيئى من نوعه فى مصر والوطن العربى، حسب تأكيده.

النظام الإنشائى الجديد لم تدخل فى بنائه «خرسانات» وقلل التكلفة بنسبة الثلث ولا يمكن تفريقه عن أى مبنى عصرى.. ونخطط لتكراره

لم تكن تلك المرة الأولى التى تحاول فيها «التضامن» بناء «مبانٍ بيئية»، وفقاً لمستشارها الهندسى، «حيث كانت هناك محاولات سابقة فى محافظتى أسوان والأقصر، ولكنها كانت مقتصرة على استخدام طوب بيئى من خامات طبيعية وغير محروق وغير أسمنتى، بحيث لا يُسبب أى انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة. لكن المبنى الجديد الذى تم بناؤه مؤخراً ويُعتبر الأول من نوعه، لم يدخل فى بنائه أى عناصر خرسانية أو استخدام للأسمنت بشكل موسع، بالإضافة إلى المميزات الأخرى التى ارتبطت به، ومنها السرعة فى التنفيذ، والتوفير فى التكلفة بنسبة تقترب من الثلث مقارنة بأى مبنى خرسانى، فضلاً عن البعد الاجتماعى الذى تمثل فى مشاركة أهالى المنطقة فى البناء، سواء بتوريد الخامات أو العمل بأيديهم، مما وفر فرصة لتحسين دخولهم».

وأوضح المهندس لؤى أن النظام المستخدم بديل عن الخرسانة المسلحة وقائم على استخدام مادتين طبيعيتين هما الخشب والتربة الطبيعية المعالجة المثبتة، حيث تم استبدال الهيكل الخرسانى للمبنى بهيكل خشبى، ثم يتم تشكيل وصب حوائط المبنى باستخدام التربة الطبيعية المعالجة المثبتة بسمك 10 سم، وذلك بديلاً عن حوائط الطوب بأنواعه، وبعد ذلك يتم عمل طبقات البياض الداخلى والخارجى بخلطة مكونة أيضاً من التربة الطبيعية المعالجة المثبتة، بديلاً عن البياض الأسمنتى العادى، وبعد ذلك يمكن عمل أى نوع تشطيب مطلوب طبقاً لنوعية المبنى، مؤكداً أنه رغم استخدام مواد طبيعية فى البناء إلا أنه خرج فى شكل «عصرى وحديث» بحيث لا يمكن تفريقه عن أى مبنى خرسانى آخر.

ولكل هذه المميزات يؤكد المستشار الهندسى لوزارة التضامن أن هناك خططاً موجودة حالياً بالفعل للتوسع فى استخدام هذه الطريقة فى البناء فى مبانٍ أخرى، بعد أن أصبحت جاهزة للتكرار والانتشار، حيث سيتم الاستعانة بها فى مبنى آخر فى الإسماعيلية، بالإضافة لسيوة نفسها التى احتفى أهلها بنموذج حضانة أغورمى صديقة البيئة وطلبوا تكراره.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حضانة صديقة للبيئة الانبعاثات الکربونیة التربة الطبیعیة المهندس لؤى من التربة فى البناء

إقرأ أيضاً:

العالم يعيش أفلام سينما الحروب المرعبة

العالم الآن تحكمه الحروب بكل قوانينها البشعة والمرعبة.. لا يوجد فى العالم الحقيقى ما هو أكثر رعبًا من الحرب، التى تجبر الناس على التحول إلى آلات قتل. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من الصراعات الكبرى فى العصر الحديث تركت ندوباً عميقة فى النفوس الجماعية للدول التى وقعت فيها. وليس من المستغرب أن نجد الحرب تحتل مركز الصدارة فى عدد من أفلام الرعب، سواء فى شكل كيان خارق للطبيعة أو مجرد شر بشرى عادى. 

 

رسائل من إيو جيما

فى عام 2006، شرع كلينت إيستوود فى تنفيذ مشروع طموح للغاية، حيث أخرج فيلمين عن معركة إيو جيما. وقد روى فيلم «أعلام آبائنا» من وجهة نظر أمريكية، وحقق نجاحًا كبيرًا فى شباك التذاكر. أما فيلم «رسائل من إيو جيما» فقد روى من وجهة نظر يابانية، ورغم حصوله على مراجعات أفضل، فقد تجاهله الجمهور العام إلى حد كبير. وربما كان الافتقار إلى نجومية الفيلم وحقيقة أنه كان باللغة اليابانية سببًا فى ذلك. يقدم كين واتانابى أداءً قويًا فى دور الجنرال تاداميتشى كوريباياشى، الذى يتم إرساله إلى إيو جيما لقيادة القوات فى المعركة. يركز جزء كبير من الفيلم على استراتيجياته الثورية. على سبيل المثال، كانت فكرته هى بناء مخابئ على سفح التل بدلاً من الشاطئ، لكن الفيلم له جانب فلسفى أيضًا. تحت إشراف كوريباياشى، يأتى الجنود إلى المعركة متوقعين الموت. هذا الالتزام هو ما يجعل جيشهم هائلاً.. تتعامل رسائل إيو جيما بشكل مثير مع التأثير النفسى للاستعداد للتضحية بالحياة من أجل مثال أعلى. 

 

يمكنه تدمير أوروبا

لقد أخضعت الحرب العالمية الأولى جيلاً كاملاً من الشباب لأهوال وفظائع أساليب الحرب الجديدة، ويرمز الخندق إلى الكثير مما جعل هذا الصراع مدمراً للغاية، سواء بالنسبة لأولئك الذين قاتلوا فيه أو على أرض الواقع نفسها. فى الخندق 11، يكتشف جنود الحلفاء أن هناك المزيد من الأشياء الكامن تحت الخنادق أكثر مما تصوروا على الإطلاق. 

يكتشفون مختبرًا أتقن فيه طبيب ألمانى شرير إنتاج طفيلى يمكنه تدمير أوروبا إذا تم إطلاقه. يستخدم الفيلم بمهارة البيئة الخانقة، بالإضافة إلى التأثيرات العملية. إن استحضار وباء محتمل يمكن أن يدمر حياة الإنسان يجعل الفيلم يبدو أكثر أهمية فى العالم.

 

سلم يعقوب

يقول توماس ويست لقد خلفت حرب فيتنام ندبة لا تمحى، ليس فقط فى حياة وعقول الرجال الذين قاتلوا فى الصراع، بل وأيضاً فى الخيال الجماعى الأمريكى. ويمثل فيلم الرعب «سلم يعقوب» الذى أنتج عام 1990 خلاصة مثالية لهذه العملية، حيث يتتبع قصة جندى يُدعى يعقوب سينجر، الذى تضرر إحساسه بالواقع والإدراك بسبب تجاربه فى ساحة المعركة. 

لا يعرف جاكوب ولا الجمهور ماذا يصدقون، وهو ما يمثل خلاصة مثالية لجنون العظمة والسخرية المحيطة بالصراع. ولعل مشهد المستشفى سيئ السمعة هو المشهد الأكثر إزعاجاً فى الفيلم بأكمله، ولكن هناك أيضاً رعبا فى عدم رغبة جاكوب فى الكشف عن الحقيقة حول ما يحدث للشخصية، سواء كان موضوعاً للتجارب التى أجرتها الحكومة أو مات بالفعل. وفى النهاية، عندما يواجه أخيراً موته، فمن الصعب ألا يشعر المرء بالارتياح، وهو ما يشكل طبقة أخرى من الاضطراب.

 

بزاوية 360 درجة

استنادًا إلى قصة حقيقية مروعة، تدور أحداث The Outpostفى CombatOutpost Keating. تقع القرية فى أفغانستان المحاطة بالجبال، ما يعنى أن الجنود المتمركزين هناك هم سمكة فى برميل لطالبان، الذين لديهم أرض مرتفعة بزاوية 360 درجة. يلعب أورلاندو بلوم دور الملازم الأول بنيامين كيتنج، ومهمته هى جعل رجاله يؤمنون تعاون شيوخ القرية فى صد طالبان. تتوقف هذه الخطة فجأة عندما تجد كيتنج نفسها تحت الهجوم.

الساعة الثانية من فيلم The Outpostعبارة عن سلسلة طويلة من المعارك، حيث يحاول عدد صغير من القوات الأمريكية صد مئات من أعضاء طالبان حتى وصول المساعدة. يقوم الناقد السينمائى السابق الذى تحول إلى مخرج رود لورى بتصوير القتال باستخدام لقطات طويلة ومتواصلة حتى نشعر وكأننا نتعرض للهجوم جنبًا إلى جنب مع الشخصيات. 

وحوش تلوح فى الأفق

فيلم DogSoldiers. تدور أحداث الفيلم فى المرتفعات الاسكتلندية الجميلة، وتدور قصته حول العديد من الجنود الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة فى مواجهة مجموعة من المستذئبين. 

إن الفيلم مزعج لأسباب عديدة، ليس أقلها تصميم شخصية المستذئبين أنفسهم، الذين هم وحوش تلوح فى الأفق، والمزيج المزعج تمامًا بين البشر والذئاب. ومما لا يقل إزعاجًا الكشف عن أن مجموعة الجنود لم تكن أكثر من طُعم لمحاولة الحصول على مستذئب للحكومة لدراسته. ولإضافة الإهانة إلى الإصابة، لا تصدق الصحافة البريطانية أى شىء عن ما حدث، مما يحول الأحداث المروعة فى الفيلم إلى مجرد نكتة فى الصحف الشعبية. إنها نتيجة مزعجة للغاية لأنها واقعية للغاية.

 

الحرب وإراقة الدماء المحيطة

تدور أحداث فيلم Deathwatch، الذى تدور أحداثه فى الحرب العالمية الأولى، حول مجموعة من الجنود البريطانيين فى خندق حيث لا يقتصر الرعب الحقيقى على الحرب وإراقة الدماء المحيطة بهم.

وبينما يبتلع الشر والجنون الجنود ببطء، يصبحون عاجزين عن الدفاع ضده، فيتحولون ببطء ضد بعضهم البعض ويستسلمون لرغبة سفك الدماء التى تبدو كامنة فى أذهانهم. وعلى نحو مماثل، لا يستطيع الجمهور إلا أن يجلس عاجزًا بينما تغرس البارانويا مخالبها ببطء فى عقول وأجساد الجنود. وفى حين أن الحرب المستعرة حول هؤلاء الشباب الفقراء مروعة، يبدو أن الجمهور محاصر أيضًا، مجبر على أن يشهد بينما يمزق هؤلاء الرجال بعضهم بعضًا. ولعل نهاية الفيلم، التى تشير إلى أن نفس العملية سوف تستمر إلى أجل غير مسمى، هى أكثر ما يثير الصدمة والانزعاج على الإطلاق.

تدور أحداث الفيلم أثناء الحرب المكسيكية الأمريكية، ويركز الفيلم على جندى يُدعى بويد، ينجو من معركة، ثم يواجه رجلًا شريرًا يُدعى إف دبليو كولكوين (الذى يُعرف أيضًا باسم العقيد إيفز). ويتبين أن هذا الرجل آكل لحوم البشر، مثل أمريكا نفسها، يلتهم الآخرين حتى يتمكن من اكتساب قوتهم. 

إن أكثر ما يزعج فى الفيلم هو مدى إجباره الجمهور على التعامل مع قبح ووحشية التاريخ الأمريكى. ففى فيلم Ravenous، لا يمثل الدفع المدمر للقدر الواضح مجرد استعارة؛ بل إنه يتجسد حرفيًا فى قصة أكل لحوم البشر. لا شك أن هناك مركزًا أخلاقيًا هنا، ولكن عندما يموت بويد فى النهاية، فإنه يوضح إلى أى مدى يكون السبيل الوحيد أحيانًا للخروج من الظلام هو الموت نفسه.

 

المخاوف البدائية 

ونظراً للأهوال التى أحدثوها فى التاريخ الحقيقى، فليس من المستغرب أن نجد النازيين فى قلب بعض أفلام الرعب الشهيرة. ففى فيلم الرعب The Keepالذى أخرجه مايكل مان عام 1983، على سبيل المثال، تقع مجموعة من النازيين فى مواجهة كيان شرير قديم فى حصن بعيد فى جبال الكاربات. وبينما يخترق هذا الكيان الشرير صفوفهم، يصبح من الممتع تقريباً أن نرى النازيين وهم ينالون جزاءهم العادل. 

الفيلم فى بعض الأحيان يفتقر إلى التحفيز القصصى، لكنه يعوض عن هذا النقص فى المؤثرات البصرية. فمشاهد القتل والدماء مزعجة، وفكرة وجود كائن قديم لا يمكن احتواؤه بالقوى البشرية تثير المخاوف البدائية.

فخ المحاكاة

فى فيلم Ghostsof War، لا شىء على ما يرام كما يبدو. ورغم أن الفيلم يبدأ بمجموعة من جنود الحلفاء وهم يستعدون لحراسة قصر، فإنه سرعان ما يتبين أن هناك شيئًا أكثر شرًا يحدث، وخاصةً بعد أن يتضح أن المنزل مسكون. وتزداد الأمور تعقيدًا عندما يتبين أن السرب على قيد الحياة فى الوقت الحاضر للفيلم. وبعد النجاة من تفجير انتحارى فى أفغانستان، يخضع الجنود الآن لمحاكاة لمحاولة مساعدتهم على معالجة صدماتهم الجسدية والعقلية. 

لا تنتهى أحداث الفيلم بنهاية متقنة، ومن المرعب مشاهدتها. ففكرة الوقوع فى فخ المحاكاة، أو إجبارك على تكرار نفس الظروف الرهيبة مرارًا وتكرارًا، أمر مزعج للغاية.

‏R-Point هو فيلم كورى جنوبى مثير للرعب. تدور أحداثه أثناء حرب فيتنام، ويركز على فصيلة يتم إرسالها لإنقاذ مجموعة مفقودة من الجنود. وسرعان ما يجدون أنفسهم تحت رحمة قوى خارقة للطبيعة لا يمكنهم مقاومتها. 

إن بعض أكثر اللحظات رعباً وإزعاجاً فى الفيلم هى تلك التى يستحوذ فيها الشيطان على الجنود، مما يدفعهم إلى الانقلاب على بعضهم البعض. إن أهوال الحرب فى هذه الحالة لا تكمن فقط فى عقول العدو، بل وأيضاً فى المناطق العميقة من الذات. إن نهاية الفيلم، التى لا نرى فيها سوى ناجٍ واحد، تترك أثرها فى ذهن المشاهد.

سلالة من الجنود الخارقين 

تتحد الأحداث التاريخية البديلة والتجارب النازية المروعة والزومبى فى فيلم Overlord، الذى تدور أحداثه حول مجموعة من جنود الحلفاء فى قرية ألمانية حيث يستخدم الألمان مادة سوداء شريرة لمحاولة إنشاء سلالة من الجنود الخارقين. هناك ثراء دموى فى الفيلم يسمح له بالوصول إلى ما هو أبعد من فخاخ أفلام الدرجة الثانية. 

ولكن وراء كل هذا، نجد تفاعلاً مع الرعب الذى أحدثه النازيون وجهودهم الرامية إلى إخضاع العالم لسيطرتهم. والواقع أن وجودهم فى هذا الفيلم على وجه التحديد هو ما يجعله مثيراً للقلق إلى هذا الحد. فخلافاً لأى عنصر خارق للطبيعة، كانوا حاضرين حقاً، الأمر الذى يُظهِر مدى ما يختبئ به الشر فى كثير من الأحيان داخل الروح البشرية. 

فى فيلم BloodVessel، تصعد مجموعة من الحلفاء على متن سفينة ألمانية استولى عليها مجموعة من مصاصى الدماء الذين جلبهم النازيون بحماقة على متن السفينة. وينشأ قدر كبير من الفوضى وسفك الدماء، حتى يتمكن الحلفاء من تفجير السفينة، مما يترك شخصيتين فقط، جين وسينكلير، على قيد الحياة.

لسوء الحظ، أصيبت جين بالعدوى، وقتلت سنكلير قبل أن يتم إنقاذها. وكما يحدث غالبًا فى أفلام الرعب، فإن الاضطراب يأتى من إدراك عبثية الفعل البشرى فى مواجهة الوحش. لا تكتمل هزيمة مصاص الدماء أبدًا، لأن المخلوق سيجد دائمًا طريقة للعودة، وستبدأ العملية المروعة بأكملها مرة أخرى.

الطبيعة الوحشية للعبودية

تدور أحداث فيلم GhostBrigade، الذى تم إصداره تحت أربعة عناوين مختلفة بما فى ذلك The Killing Box، أثناء الحرب الأهلية الأمريكية، أحد أكثر الصراعات تدميراً فى تاريخ البلاد. فى هذه الحالة، تتحد مجموعة من جنود الاتحاد والكونفيدرالية لمحاربة مجموعة من الجنود الذين تحولوا إلى زومبى بواسطة كيان خارق للطبيعة. 

يتضمن الفيلم مشاهد قتالية بارزة وكثيرًا من الدماء. لكن ما يجعل فيلم GhostBrigade أكثر إزعاجًا هو أصول الكيان الخارق للطبيعة: فقد تم إحضاره إلى الشواطئ الأمريكية بواسطة سفينة تحمل أشخاصًا مستعبدين. بالإضافة إلى تسليط الضوء على الشر المتأصل والطبيعة الوحشية للعبودية، فإنه يذكر المشاهد بمدى بناء العظمة الأمريكية فى كثير من الأحيان على اضطهاد الآخرين، ونتيجة لذلك، زرع بذور تدميره.

كانت الحرب العالمية الأولى حدثًا مرعبًا بشكل فريد. على سبيل المثال، من المرجح أن يكون معظم المشاهدين على دراية بالرعب الشديد الذى خلفته حرب الخنادق. يجسد فيلم Bunkerالبؤس والوحشية التى اتسمت بها الحرب العالمية الأولى، رغم أنه يستخدم غرور مخلوق مرعب يُعرف باسم ملاك الحرب لتوضيح رسالته المناهضة للحرب. 

يركز الفيلم على مجموعة من الجنود الذين يجدون مخبأً تم فيه صلب جندى ألمانى. هناك تعمل قوى شيطانية، ويبدأ جنون العظمة والموت فى النزول على الجنود. لا يتجنب الفيلم مشاهد القبح والوحشية والعنف، وخاصة عندما يبدأ الجنود فى الانقلاب على بعضهم البعض. فى خيال الفيلم المزعج، تأتى شرور الحرب بشكل أكثر إزعاجًا من الداخل.

فيلم TheDevil'sRock 

فى خيال الرعب، لا يعتبر النازيون مجرد مرتكبى إبادة جماعية؛ بل إنهم أيضًا عملاء للفوضى الخارقة للطبيعة. فى فيلم The Devil's Rock النيوزيلندى، يتعثر جندى فى محاولة نازية لإطلاق العنان لشيطان خطير. فى البداية، يقيد الشيطان فى زنزانة، عاجزًا عن الهروب من سجن الجزيرة.

ولكن كل شىء ليس كما يبدو، وذلك لأن مشهد ما بعد نهاية الفيلم يحمل فى طياته مأساة حقيقية للمشاهد، عندما يبدأ المخلوق المتغير الشكل فى إغراء جندى ألمانى لتحريره. إنها نهاية مزعجة للفيلم، وتشير إلى أن النازيين ربما يتمكنون من اكتساب قوة تمنحهم السيطرة على العالم التى يسعون إليها بشدة. فى فيلم The Devil's Rock، يتحول التاريخ نفسه إلى رعب.

فيلم Enemyat theGates هو نظرة على معركة ستالينجراد من خلال عيون قناصين - أحدهما ألمانى والآخر سوفيتى. فاسيلى زايتسيف (جود لو) هو قناص روسى ماهر. أرسل النازيون القناص الألمانى الماهر إروين كونيج (إد هاريس) للقضاء عليه. يطارد الاثنان بعضهما البعض بينما يحتدم القتال حولهما.

يتطور قدر كبير من التوتر عندما يلعب الرجال لعبة القط والفأر المميتة. يحاولون باستمرار إغراء بعضهم البعض للخروج إلى العراء حتى يتمكنوا من إطلاق النار. وبطبيعة الحال، لأنهم قناصة، فإنهم يختبئون دائمًا على أمل ألا يتم اكتشافهم. 

استنادًا إلى قصة حقيقية، يقوم فيلم Enemy atthe Gatesبعمل ممتاز فى إعادة إنشاء نطاق وفوضى معركة الحرب العالمية الثانية هذه بتصوير سينمائى رائع، خاصة فى البداية. بمجرد أن تبدأ عيادة الرماية بين فاسيلى وكوينج، يستخدم الفيلم متاهات خانقة من الأنقاض المتربة غير الجذابة لنقل مزاج عام من جنون العظمة واليأس. يدرك الجنود أن أى نفس قد يكون آخر أنفاسهم. إذا كانت الحرب جحيمًا، فإن ستالينجراد كانت موطئ قدم الشيطان أثناء مسيرة النازيين عبر روسيا. 

مقالات مشابهة

  • فيديو| بهدف السيطرة على التغيرات المناخية.. خطة لتعبئة المحيطات بالحديد
  • مطلقَو الرسالة المفبركة لإخلاء مبنى في الطريق الجديدة في قبضة قوى الامن
  • جهاز أكتوبر الجديدة: تنفيذ 25 مبنى خدميا بمواقع «سكن لكل المصريين»
  • أشرف غريب يكتب: الإسكندرية تنتظر مهرجانها
  • شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: تجربة مصر الفتاة والمعركة مع سمير رجب
  • وزير الري يتابع موقف مشروع تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية بدلتا النيل والساحل الشمالي
  • العالم يعيش أفلام سينما الحروب المرعبة
  • السحر فى واقعنا المعاصر
  • التخطيط تبحث تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ودعم مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية
  • دبي ياختس تُطلق أول تجربة يخوت صديقة للبيئة في المنطقة