بين فرنسا والولايات المتحدة.. علاقة اقتصادية متقلّبة
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، زيارة دولة إلى فرنسا حيث استقبله نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بحفاوة، احتفالا بعودة العلاقات إلى سابق عهدها بين الطرفين.
ويسعى الطرفان خلال الزيارة إلى إظهار عودة العلاقة بين واشنطن وباريس إلى سابق عهدها بعد سلسلة من التباينات خلال الأعوام الماضية.
وبدت العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وباريس، وأوروبا عموماً، أقلّ توتراً خلال نهاية ولاية جو بايدن الرئاسية، بعدما طغت عليها الاضطرابات خلال عهد سلفه دونالد ترامب.
ويقول سيباستيان جان المدير المساعد لبرنامج الاقتصاد الجغرافي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، "لقد تغيّر الخطاب بشكل جذري" بين الرئاستين، وفقا لما ذكره تقرير وكالة فرانس برس.
يمكن وضع عقد "مجلس أعمال فرنسي أميركي" على هامش زيارة بايدن إلى باريس في إطار المناخ الإيجابي الطاغي على هذه العلاقات مؤخراً. ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التحدث السبت أمام هذا المنتدى الذي يجمع حوالى أربعين من قادة الأعمال.
ولكن على الرغم من وحدة الموقف السياسي التي برزت طيلة الأسبوع بين البلدين على خلفية الاحتفالات لمناسبة ذكرى إنزال النورماندي، إلّا أنّ الحقائق "لم تتغيّر" بالمقارنة مع الإدارة الأميركية السابقة، وفقاً لسيباستيان جان، الذي يشير إلى العديد من الملفات الساخنة التي لا تزال موجودة.
في صيف العام 2022، أقرّت واشنطن قانون خفض التضخم الذي ينص على برنامج مساعدات ضخم لدعم الشركات في قطاع تحول الطاقة. وقد أثار هذا القانون مخاوف القادة الأوروبيين من انتقال الشركات أو من مغادرة المستثمرين الأميركيين.
كانت الولايات المتحدة تسعى من خلال هذا القانون إلى الرد على دعم الصين لصناعاتها وإطلاق استراتيجيتها الخضراء الخاصة، "من دون تقدير العواقب المحتملة على بقية دول العالم"، حسبما قال بيان من الإليزية.
وفي هذا الإطار، تقول إيغلي ريشمون المديرة العامّة لغرفة التجارة الأميركية في فرنسا المعنية بتعزيز العلاقات عبر الأطلسي، إن الأمر "شكّل صدمة"، مشيرة إلى "انقسام ثقافي وبنيوي بين قدرة الولايات المتحدة على اتخاذ هذا القرار وقدرتنا على التعامل معه في أوروبا وعلى التوافق" على المبادئ التوجيهية الرئيسية.
ولكن وفق الإليزيه، فقد توصّلت أوروبا منذ ذلك الحين إلى "حوار ملموس من دولة إلى أخرى، أو بين الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية" بشأن مبالغ الدعم الممنوحة، مؤكداً أن القارة تدافع عن نفسها بشكل أكبر.
ولكن يبدو أن السياسة الأميركية لها تداعياتها على الأرقام، فقد سلّطت شركة "إيرنست & يونغ" (Ernest & Young) الضوء مؤخراً على قانون خفض التضخم لشرح التراجع في عدد المشاريع الاستثمارية الأميركية-الأوروبية، بنسبة 15 بالمئة بين العامين 2022 و2023.
شهدت سنوات عهد ترامب فرض ضرائب عقابية على العديد من الشركاء، بما في ذلك الاتحاد الأوروبيالذي طالته رسوم جمركية على الصلب والألومنيوم في العام 2018.
غير أن مغادرة دونالد ترامب لم تضع حدّاً لهذه السياسة، حيث تمّ تجميد مبدئها حتى نهاية العام 2025 فقط. كما أن العودة المحتملة للملياردير إلى السلطة بعد انتخابات نوفمبر تثير مخاوف من عودة الضرائب على اعتبار أن أحد وعوده تتمثل في فرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على جميع المنتجات التي تصل إلى الأراضي الأميركية.
من جهة أخرى، وقّعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في العام 2021 معاهدة على مدى خمس سنوات تتعلّق بخلافاتهما القديمة بشأن الدعم الممنوح لشركتي الطيران إيرباص وبوينغ، كما اتفقتا على عدم فرض رسوم جمركية عقابية خلال هذه الفترة.
وبعيداً عن النزاعات التجارية، تبدو التبادلات مستقرة نسبياً بين فرنسا والولايات المتحدة. ورغم أن الصادرات الفرنسية أظهرت تراجعاً خفيفاً العام الماضي مقارنة بالعام 2022، إلا أنها ما زالت قريبة من مستوى ما قبل الجائحة، حسبما أفادت إحصاءات الحكومة.
في مقابل ذلك، زادت الواردات بشكل كبير، الأمر الذي يرجع جزئياً إلى زيادة مشتريات الغاز الطبيعي الأميركي بعد أزمة الطاقة اعتباراً من العام 2021.
في ما يتعلق بأوكرانيا، تؤيد الولايات المتحدة أكثر من الأوروبيين استخداماً أكثر طموحاً للأصول الروسية المجمّدة بشكل رئيسي في القارة العجوز.
وبينما تبدو فرنسا وشركاء آخرون أكثر تحفّظاً في هذا الشأن، إلا أنه "تمّ إحراز تقدّم" في هذا الملف، حسبما أعلنت الرئاسة الإيطالية لمجموعة السبع في نهاية مايو، مشيرة إلى أن ذلك يشكّل أساساً لاتفاق محتمل في منتصف يونيو في قمة رؤساء الدول والحكومات.
ولكن هناك ملف آخر أظهر خلافات بين ضفّتي الأطلسي، في ظلّ الاقتراح الفرنسي البرازيلي بشأن الحدّ الأدنى من الضرائب على الأثرياء الذي تعارضه وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الصين تتوعد بالرد على الرسوم الجمركية الأميركية
تصاعدت حدة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الواردات الصينية اعتبارًا من 4 مارس/آذار المقبل، مما دفع الصين إلى التوعد باتخاذ "كل التدابير المضادة الضرورية" لحماية مصالحها.
وأعلنت وزارة التجارة الصينية في بيان رسمي "إذا أصرت الولايات المتحدة على المضي في هذا الاتجاه، فسوف تتخذ الصين كل التدابير المضادة الضرورية للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة"، مشيرة إلى أن الإجراءات الأميركية "ستزيد العبء على الشركات والمستهلكين الأميركيين وستعرّض استقرار السلسلة الصناعية العالمية للخطر".
وأضاف البيان أن الاتهامات الأميركية بأن الصين تساهم في أزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة "مجرد محاولة لإلقاء اللوم على الآخرين"، مؤكدة أن "الصين لديها واحدة من أكثر السياسات صرامة وشمولية لمكافحة المخدرات في العالم"، وأنها تتعاون مع الولايات المتحدة ودول أخرى في هذا الملف.
كندا والمكسيك
بالإضافة إلى الرسوم على الصين، أعلن ترامب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات الكندية والمكسيكية، قبل أن يعلق قراره لمدة شهر، وهي الفترة التي تنتهي الثلاثاء القادم. وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أكد ترامب أن الرسوم ستُطبق كما هو مقرر حتى يتم "توقف مشكلة الفنتانيل أو الحد منها بشكل جدي".
في المقابل، صرحت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم أنها تأمل في التحدث إلى ترامب لمنع فرض الرسوم، بينما أكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن المسؤولين يعملون على مدار الساعة لتجنب الإجراءات الأميركية، مشددًا على أن "أقل من 1% من الفنتانيل والمهاجرين غير المسجلين الذين يدخلون الولايات المتحدة يأتون عبر الحدود الكندية" بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
انعكاسات اقتصادية فوريةأثرت تصريحات ترامب والرد الصيني سريعًا على الأسواق العالمية، حيث سجلت الأسواق الآسيوية تراجعا ملحوظا، إذ انخفض مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 3.9%، وهو أكبر انخفاض يومي منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما تراجع مؤشر سي إس آي 300 الصيني بنسبة 1.9%. كما شهد اليوان الصيني انخفاضا طفيفا إلى 7.29 مقابل الدولار.
إعلانوقال الخبير الاقتصادي في بلومبيرغ تشانغ شو: "ترامب قد يضغط أكثر من اللازم، فالصين حتى الآن تحلت بضبط النفس، ولكن قد يتحول هذا إلى موقف انتقامي أكثر حدة مما سيؤدي إلى حرب تجارية أكثر ضررًا".
وتعتزم القيادة الصينية الأسبوع المقبل عقد اجتماعات لوضع خطط لحماية اقتصاد البلاد من تأثير التهديدات الأميركية، وسط توقعات بإعلان حزم تحفيزية بقيمة تتراوح بين 500 و700 مليار يوان (69 – 97 مليار دولار) لدعم الاستهلاك والاستثمار التكنولوجي.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الصينية أن فرض الرسوم الجمركية الجديدة "سيؤثر بشكل خطير على الحوار" بين البلدين بشأن مكافحة المخدرات، متهمة واشنطن بممارسة "الابتزاز". وقال المتحدث باسم الوزارة لين جيان إن "الضغط والإكراه والتهديدات ليست الطريقة الصحيحة للتعامل مع الصين. الاحترام المتبادل هو الأساس".
توسيع نطاق التعريفاتوفي سياق متصل، وسَّعت إدارة ترامب حملتها ضد بكين عبر فرض قيود جديدة على تدفقات الاستثمار بين البلدين، وفرض رسوم مقترحة على السفن الصينية التي تنقل البضائع إلى الولايات المتحدة، وإجراء محادثات مع المكسيك لحثها على فرض تعريفات على السلع الصينية.
ووفقًا لتقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونغرس العام الماضي، فإن الفنتانيل المتجه إلى الولايات المتحدة يُصنَّع في المكسيك باستخدام مواد كيميائية صينية، مما يشير إلى أن الاتهامات الأميركية قد تستند إلى دوافع سياسية أكثر منها تجارية.
ومع اقتراب دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن واشنطن وبكين من التوصل إلى اتفاق يمنع تصاعد الأزمة؟ أم أننا أمام فصل جديد من الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم؟ في ظل الغموض الحالي، يترقب العالم تداعيات هذه المواجهة على الاقتصاد العالمي برمته.
إعلان