استعادة إسرائيل لأسرى النصيرات هل يغير المعادلة مع المقاومة؟
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
بعد 9 أشهر من الحرب المدمرة على قطاع غزة تمكنت قوات من النخبة الإسرائيلية من وحدة اليمام وجهاز الأمن العام (الشاباك) من استعادة 4 أسرى لدى المقاومة كانوا محتجزين في منطقة النصيرات وسط القطاع.
ففي مساحة لا تتجاوز 9 كيلو مترات مربعة خاضت قوات الاحتلال اشتباكات ضارية مع المقاومة وتحت قصف ناري مكثف من الجو والبحر والجو لاستعادة أسراها الذين لم يكن منهم أي عسكري، وتم أسرهم في حفل موسيقى بأحد مستوطنات غلاف غزة.
وفي تفاصيل العملية التي بدأت تتكشف وفقا لمواقع إسرائيلية فقد تسللت قوات الاحتلال إلى مخيم النصيرات بشاحنات المساعدات الإنسانية لتدخل المنطقة دون لفت نظر المقاومة.
ونقلت قناة كان الإسرائيلية أن مقاومين فلسطينيين لاحقوا السيارة التي أجلت الأسرى وأطلقوا النار عليها وأصابوها بأضرار، ولم يتمكن جيش الاحتلال من إدخال مروحية قرب مكان إجلاء الأسرى واستعان بتعزيزات إضافية.
دعم خارجيلا يمكن في أي حال من الأحوال إخراج الأمر من سياق الدعم الذي حصلت عليه إسرائيل من العديد من الوكالات الاستخباراتية الدولية.
فقد ذكر موقع "ديكلاسيفايد" البريطاني المختص بالسياسة والاستخبارات أن الجيش البريطاني نفذ -منذ ديسمبر/كانون الأول حتى مايو/أيار الماضي- 200 مهمة تجسس جوية فوق قطاع غزة دعما لإسرائيل.
كما أنه يأتي بعد استخدام إسرائيل قوتها القصوى تكنولوجيا وناريا في سبيل القضاء على المقاومة وإضعاف قدراتها.
وفي هذا السياق، بدأت تتكشف المزيد من المعلومات عن أن هناك مشاركة أميركية فيما جرى بالنصيرات، فقد ذكرت مواقع إسرائيلية أن مسؤولا أميركيا وصل أمس تل أبيب لمتابعة العملية، مما يدلل على أن واشنطن كان لها دور أساسي في توفير المعلومات الاستخباراتية ومشاركة جيش الاحتلال في هذه العملية، وكان المسؤول ينتظر في الرصيف المائي التي تم إنشاؤه لحظة تنفيذ العملية.
وهو ما أكده موقع أكسيوس الإخباري نقلا عن مسؤول بالإدارة الأميركية من أن "خلية المختطفين الأميركية في إسرائيل" ساعدت في استعادة الأسرى.
نصر باهت
سعت إسرائيل إلى إظهار أنها حققت ما وصفته بالنصر والإنجاز ولكنه ظهر بصورة "نصر باهت" يعطي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحلفاءهم مزيدا من الوقت للمضي في العدوان على غزة.
فوصول جيش الاحتلال لبعض الأسرى ليس إنجازا كبيرا يستحق الاحتفاء، بل هو إنجاز بطعم "الهزيمة والإهانة" بحسب ما يقول المراقبون، فكيف لقطاع غزة الصغير والمحاصر والذي تم تدمير معظم مناطقه أن ينجح في الاحتفاظ بالأسرى طوال هذا الوقت خاصة وأن نصر إسرائيل الباهت تم بمساعدة أميركية.
كما أن الصورة التي يسعى جيش الاحتلال وحكومة نتنياهو تصويره على أنه نصر وفتح جديد في الحرب دليل على تراجع إسرائيل وفشلها، فمحاولات تحرير الأسرى السابقة لم تسفر إلا عن قتلهم والعديد من الأسرى في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، كما أظهرت ضعف الاستخبارات الإسرائيلية.
مكاسب المقاومةفي سياق المعارك بين المقاومة وجيش الاحتلال وتحقيق الإنجازات، لا يمكن بحال من الأحوال إغفال أن المقاومة تمكنت خلال المعركة من أسر وقتل جنود إسرائيليين، ففي 25 مايو/ أيار الماضي أعلن أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن أسر وقتل وجرح جنود إسرائيليين خلال عملية مركبة عصر ذات اليوم شمال القطاع حيث استدرجوا قوة إسرائيلية لأحد الأنفاق بمخيم جباليا.
وقال أبو عبيدة إن مقاتلي القسام أوقعوا أفراد القوة الإسرائيلية في كمين داخل النفق في جباليا وعلى مدخله، وتمكنوا من الاشتباك مع هذه القوة من مسافة صفر.
وأوضح أن مقاتلي القسام هاجموا بالعبوات قوة الإسناد التي هرعت للمكان وأصابوها بشكل مباشر، ومن ثم انسحبوا بعد تفجير النفق المستخدم في العملية.
وأكد أبو عبيدة أن مقاتلي القسام أوقعوا جميع أفراد القوة الإسرائيلية بين قتيل وجريح وأسير، واستولوا على العتاد العسكري.
ومنذ ذلك الوقت، لم تعلن إسرائيل عما جرى في تلك العملية التي تعد في المقياس العسكري ضربة قاسية بحق جيش الاحتلال وإنجازا للمقاومة.
الحرب.. استمرار المقاومة
ما جرى في النصيرات لن يغير كثيرا في مسار الحرب، إذ لم تسفر عملية استعادة أسيرين سابقا -والعثور على جثامين بعض الأسرى الذين قتلوا بالقصف الإسرائيلي- عن تغير كبير في مسار الحرب الجارية بالقطاع.
فقد استمرت المقاومة باستنزاف قوات الاحتلال وإيقاع خسائر كبيرة فيها، فقد توغل الاحتلال في العديد من مناطق القطاع ولكنه انسحب ولم يقدر على ترجمة ذلك وتحرير أي من أسراه، ويظهر مسار الحرب القائمة على القطاع أن جيش الاحتلال يعاني من خسائر كبرى، فوفقا للقناة الـ12 الإسرائيلية فقد بدأت وحدات احتياط بالجيش البحث عن متطوعين للقتال بغزة عبر إعلانات على تطبيق "واتساب".
وأضافت القناة الإسرائيلية أن إعلانات البحث عن متطوعين للجيش تأتي في ظل نقص حاد بالجنود في وحدات الاحتياط. وأكدت أن جنودا في وحدات الاحتياط بغزة والشمال عبروا عن صعوبة الحفاظ على قوتهم طيلة هذا الوقت. ونقلت القناة عن جندي احتياط قوله "هناك حالة استنزاف كبيرة في صفوف الجنود، وضغوط كبيرة من العائلات وأماكن العمل".
عملية مماثلةما حدث في عملية النصيرات كان متوقعا لها أن تحدث الأيام الأولى للحرب، فعدد الأسرى لدى المقاومة يعد بالمئات كما أن بعضهم لم يكونوا لدى المقاومة وإنما لدى بعض عائلات غزة التي أسرت بعض الإسرائيليين في عملية اقتحام مستوطنات غلاف غزة التي جرت في معركة طوفان الأقصى.
ففي فبراير/شباط الماضي تمكن جيش الاحتلال من استعادة أسيرين في رفح جنوب القطاع بعملية عسكرية ليلية، تزامنت مع قصف عنيف على المدينة أسفر عن استشهاد 63 فلسطينيا على الأقل. وقد تمت العملية بمشاركة الجيش وقوات خاصة تابعة للشرطة والشاباك، وتابعها نتنياهو.
مسار التفاوض
قد يمنح ما جرى في النصيرات نتنياهو وحلفاءه فرضة لالتقاط الأنفاس وتقديم ما جرى على أنه إنجاز يحسب لهم، وقد يدفع نتنياهو والولايات المتحدة إلى التشدد في مفاوضات وقف الحرب ومحاولة الضغط على المقاومة لتقديم تنازلات والموافقة على ما يعرض على الطاولة وفق قول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بليكن.
لكن متابعة مسار التفاوض وموقف المقاومة يدلل على أن ما يجرى لن يؤثر على موقفها ولن يدفعها لتقديم تنازلات لا تتناسب مع إنجازها على الأرض وحجم ما قدمه أهالي القطاع من تضحيات وصمود ساعد المقاومة في موقفها.
إضافة إلى ذلك فقد لا تقبل المقاومة لاحقا بأن تكون الولايات المتحدة وسيطا وتتعامل معها على أنها طرف في الحرب. وفي حال تم ذلك وإدخال وسطاء جدد فإن هذا سيعطي قوة للمقاومة في المفاوضات.
وكانت المقاومة قد أعلنت سابقا على لسان الناطق العسكري باسم القسام أن "الثمن الذي سنأخذه مقابل 5 أسرى أحياء أو 10 هو نفس الثمن الذي كنا سنأخذه مقابل جميع الأسرى لو لم تقتلهم عمليات قصف العدو".
كما أن المقاومة تمكنت الشهر الماضي وقبل أيام من أسر العديد من جنود الاحتلال في جباليا، وما زالت تحتفظ بعشرات الأسرى، ويظهر أن المقاومة أعدت نفسها لمعركة طويلة ومعقدة كما يقول خبراء عسكريون وبيانات المقاومة نفسها.
ومهما يكن من أمر، يبقى الهدف المعلن للاحتلال منذ بدء حربه على قطاع غزة هو إنهاء وجود حركة حماس واستعادة الأسرى والقضاء على المقاومة ومقدراتها، وهو ما لم يتحقق شيء منه حتى الآن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات لدى المقاومة جیش الاحتلال قطاع غزة ما جرى کما أن على أن
إقرأ أيضاً:
شهيدان فلسطينيان في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استشهد مواطنان فلسطينيان، مساء اليوم الجمعة، في قصف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن مواطنا فلسطينيا ونجله ارتقيا، وأصيب ثمانية آخرون في قصف لطائرات الاحتلال على منزل في محيط أبراج عين جالوت بمخيم النصيرات.
وذكرت مصادر طبية أن عدد الشهداء في قطاع غزة ارتفع إلى 38 شهيدا منذ فجر اليوم، جراء غارات الاحتلال الإسرائيلي.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 44،056 فلسطينيا، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 104،268 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
ومن جهة أخرى، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم، شابا عند مدخل بلدة إذنا، واقتحمت بيت عزاء شهيد، في قرية الكوم، بمحافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
وذكرت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اعتقلت الشاب صدام نبيل عوض (39 عاما) بعد أن احتجزته لعدة ساعات على حاجز عسكري أقامته عند مدخل بلدة إذنا، غرب الخليل.
وفي قرية الكوم، جنوب غرب الخليل، اقتحمت قوات الاحتلال مساء اليوم، بيت عزاء شهيد في القرية.
وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت ديوان عائلة الرجوب، حيث كان يقام بيت عزاء للشهيد مراد الرجوب الذي ارتقى في قصف للاحتلال على مدينة غزة يوم أمس، وأجبرت العائلة على إغلاقه، كما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم، قرية أم صفا، شمال رام الله.
وأفادت مصادر محلية، بأن قوة راجلة من جيش الاحتلال اقتحمت أم صفا من مدخلها الشرقي وتمركزت وسط القرية، واستجوبت عددا من الشبان.
وأضافت المصادر أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي وقنابل الصوت بين منازل المواطنين، ما تسبب بأضرار في عدد من خزانات المياه.
من ناحية أخرى، اعتدى مستوطنون إسرائيليون، مساء اليوم، على مواطنين فلسطينيين في مسافر يطا، جنوب الخليل.
وقال الناشط ضد الاستيطان أسامة مخامرة، إن مستوطنين بحماية جيش الاحتلال، اعتدوا على مواطنين من قرية المفقرة بالمسافر، ونكلوا بهم.
وكانت مجموعة من المستوطنين قد سرقت مساء أمس، مركبة من أمام أحد المنازل في منطقة حوارة بمسافر يطا، فيما استولت قوات الاحتلال على عدة مركبات من بلدتي دورا ويطا.