حرّك التوجيه السامي لجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - القاضي باتخاذ ما يلزم لمنح طلبة الابتعاث الداخلي الدارسين بمؤسسات التعليم العالي الخاصة من المستحقين مخصّصات شهرية.. حرّك الساكن في ملف مِنح الطلاب العمانيين الدارسين في الداخل وفتَح المجال واسعًا لمراجعته وإعادة صياغته.
ورغم دلالات خطوة مهمة كهذه، إلا أن الجميع يأمل أن تتبعها أُخرى متقدمة تستند على مبدأ أن لكل طالب عُماني يدرس في وطنه الحق في الحصول على مِنحة مالية، فبلادنا - ولله الحمد والمِنة - تمتلك الموارد المالية المتنوعة اللازمة.
إن أهمية تقديم المِنح دون اشتراطات لكل طلبة الابتعاث الداخلي وعدم التمييز بينهم بسبب تبعية المؤسسة التعليمية تنبع من اعتبارات عدة، أهمها أن جميع الطلبة هم أبناء الوطن الواحد وأن الكثير من المنتسبين لمؤسسات تقدم مِنحا مالية مشروطة كجامعة السلطان قابوس مثلًا لا تنطبق عليهم -ظاهريًا- شروط الحصول على المنحة.
معنى ذلك أنهم يقعون في «الخانة الرمادية»، فهم لا ينتمون لأسر مستحقة للضمان الاجتماعي «كما تنص القوانين» كأسر الدخل المحدود، فتحق لهم المنحة ولا للأسر الفقيرة على اعتبار أن ولي الأمر المسؤول عنها يتحصل على راتب قد يتجاوز الـ٥٠٠ ريال عماني.
واقعيًا عدد كبير من الطلبة المنتمين للفئة الثانية هُم «فقراء» مستحقون، فأولياء أمورهم مُعوزون بامتياز ورواتبهم ودخولهم تقضمها الديون والالتزامات الأسرية المتزايدة بسبب ارتفاع أسعار المعيشة.
من الاعتبارات أيضًا أن عدم حصول الطلبة الذين يمثلون هذه الشريحة على المنحة، قد تترتب عليه مجموعة من الإشكالات النفسية والأخلاقية الممكن تفاديها بقليل من فهم حراك المجتمع.
سأتحدث بداية عن الطلبة الدارسين بجامعة السلطان قابوس من ساكني محافظة مسقط والولايات القريبة ممن لا تحق لهم المِنحة ويعوضون عن ذلك بـ«النقل»، فأقول: إن هذا الإجراء بحاجة إلى مراجعة، فما الذي يجبر طالبا على الذهاب إلى جامعته من الساعة السادسة صباحًا أو قبل ذلك ومحاضراته تبدأ الساعة الثانية عشرة ظهرًا مثلًا ؟؟.
أتساءل: لما لا تُوفر مبالغ النقل هذه وحتى الوجبات الغذائية وتدفع للطالب كمنحة مالية ويتحكم هو في وقته وطعامه ؟ لماذا لا يؤخذ في الاعتبار إرهاق ولي الأمر المالي كونه يتحمل مصاريف سيارة ابنه أو ابنته التي سيشتريها «مُرغمًا» ليختصر عليه الجهد والوقت وهمُّ البقاء ساعات طويلة في الحرم الجامعي دون حاجة إلا انتظار العودة لمنزله بحافلة النقل مرهقًا كل مساء؟
أما عن حال الطالبات، فإن حجب المبلغ المالي عن قاطنات السكن الداخلي ممن ينتمين لأسر متوسطة الحال رغم توفير «التغذية والتنقل» أثر سلبًا كونهن بحاجة مستمرة لمتطلبات دراسية وشخصية.. كما ساهم وبقوة في وضوح تباين المستويات الاجتماعية والمعيشية ودفعت المقارنات بينهن إلى الإتيان بسلوكيات غير مسؤولة في محاولة لمسايرة الواقع وعدم الظهور كطالبة تنتمي لأسرة فقيرة أو مُعدمة.
إن آلية جمع البيانات عبر البحوث الاجتماعية التقليدية وحشد شهادات تقدير رواتب أولياء الأمور وفواتير استهلاك الكهرباء والمياه «مُضلّلة» و«عتيقة» لا تعكس حقيقة حال كثير من الأُسر.. كما أن التفاوت في تقديم المِنح بين المؤسسات التعليمية «دفع ببعض الطلبة والطالبات للتضحية بمِنح دراسية أجود في مؤسسات تعليمية رائدة طمعًا في الحصول على المبلغ الشهري الذي تمنحه ولو كان رمزيًا».
النقطة الأخيرة..
بعض آليات تقييم مستوى المعيشة من الشيخوخة والتكلُس بحيث لم تعد مهيأة للقبض على الحقيقة.. عليكم استبدال هذه الآليات بأخرى تُنقب في جزئيات صغيرة بالغة الأهمية لا يلتفت إليها أحد.
عُمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جامعة السلطان قابوس تدشن 5 إصدارات جديدة
مسقط- الرؤية
دشنت جامعة السلطان قابوس خمسة من إصداراتها الجديدة التابعة لدائرة النشر العلمي والتواصل بعمادة البحث العلمي، وذلك في ركن الجامعة في معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الـ 29، الذي يقام خلال الفترة من ٢4 ابريل وحتى ٣ مايو من عام 2025م.
جاء الكتاب الأول تحت عنوان (المتنابتات الجرثوميّة والفطريّة – أدوراها الوظيفية وتطبيقاتها العملية) للمؤلفين الدكتورة بشرى أحمد حالو، والأستاذ الدكتور راشد بن عبدالله اليحيائي. ويأخذ الكتاب على عاتقه عرض صورة من صور التكافل في أبهى حالاته وأنفعها، إذ إنها مرتبطة برئة الأرض ومخزن ثروتها ومصدر غذائها وشفائها: النباتات؛ فحين إلقاء نظرة فاحصة على باطن النباتات نجد أن ثمة أحياء دقيقة تتغلغل بين نسجها وخلاياها محتمية بها وداعمة لها، وبذا تتعدد الأدوار الوظيفية الممنوحة من قبل هذه "المتنابتات" لمضيفها النباتي: مدافعةً، مغذيةً، منشطةً ومقويةً، في أي مكان حل وفي أي بيئة نما: برية وبحرية، نظيفة وملوثة، باردة وحارة، جافة ورطبة، طبيعية ومجهدة.
وكان عنوان الكتاب الثاني (استراتيجيات التدريس وتقاناته في القرن الحادي والعشرين) للمؤلفين الدكتورة رابعة بنت محمد الصقرية، والدكتور محسن بن ناصر السالمي، جاء موضوع هذا الكتاب ليكون معينا للمعلم على مراعاة مبدأ الفروق الفردية بين المتعلمين، من خلال تقديم طرائق تدريس تتسم بالجدة والحداثة، وتقوم على التقانة الحديثة. وهو في الوقت نفسه جاء منسجما مع مقتضيات العصر ومتطلباته في مجال التربية والتعليم، ومحققا لتوصيات كثير من المؤتمرات والندوات والدراسات والبحوث السابقة، التي نادت بضرورة التنويع في طرائق التدريس وأساليبه، وعدم الاعتماد على الطرق التي تركز على الإلقاء والحفظ، والاهتمام بالمتعلم وجعله محور العملية التعليمية التعلمية، وربطه بواقعه المعاصر الذي يعتمد كثيرا على التقانة في مجالات الحياة المختلفة؛ ليكون فاعلا، ونشطا، وبدعا، ومبتكرا.
فيما يأتي الكتاب الثالث بعنوان (أمثال فارسية وأمثال عمانية (ترجمة وموازاة ودراسات)) للأستاذ الدكتور إحسان صادق اللواتي،. وقد جاء هذا الكتاب ليتناول أمثالًا متخيرة من اللغة الفارسية، مترجمًا إياها إلى اللغة العربية، وراصدًا بعدها ما يوازيها من أمثالنا العمانية الشعبية، ثم دارسًا هذه الأمثال وتلك في دراسات أربع اشترك في وضعها الباحثون المشاركون في هذا الكتاب.
وكتاب الدكتور محمد بن ناصر الحجري بعنوان (السوق حُكما وحِكمة " آلية السوق كمنظم وموجّه للاقتصاد في التجربة الإسلامية"). ويقدم هذا الكتاب عرضاً ومناقشة لطبيعة ودور السوق في ظل التجربة الإسلامية من خلال المبادئ والقواعد والأحكام التي جاءت بها الشريعة التي وجهت جوهر المبادلات وأشكال التعامل في السوق. ووقفنا على الآثار والنتائج المترتبة على هذه المبادئ والقواعد والأحكام وأثرها على طبيعة المعاملات، وعلى قيم وأسعار السلع ونوعياتها وجودتها، والآثار النهائية على المستهلكين والمنتجين وبقية المشاركين في لسوق، وبالتالي الآثار الإجمالية على شكل السوق ومدى كفاءة أدائها لوظائفها. وتم هذا العرض وهذه المناقشة من خلال سبعة فصول، أولها فصل تمهيدي.
كما تم تدشين كتاب (المعرفة المحلية في عمان: تراث ثقافي لا غني عنه) للمؤلف الأستاذ الدكتور علي التيجاني الماحي، . هذا الكتاب يتناول المعرفة المحلية في سلطنة عمان، وهو السفر الأول في عمان الذي يتناول المعرفة المحلية على امتداد السلطنة. كما يقوم الكتاب بتوثيق المعرفة المحلية وممارساتها في المجتمعات التقليدية في سلطنة عمان. وبنفس القدر يطرح الكتاب خطة وطنية لحفظ وصيانة هذا التراث والمعرفة الوطنية. كما تحتوي الخطة على الوسائل والسبل للحفاظ وصيانة هذه التراث الوطني القيم.
يشار إلى أن ركن الجامعة في معرض الكتاب لهذه الدورة يشارك بـ (91) إصدارًا؛ (28) منها تابع لمركز الدراسات العُمانية في الجامعة، و(63) إصدارًا تابعًا لدائرة النشر العلمي والتواصل بعمادة البحث العلمي بالجامعة. كما بلغ عدد الإصدارات الجديدة (9) منها (8) إصدارات لعمادة البحث العلمي، وإصدار واحد لمركز الدراسات العمانية.