الحربُ الملوَّنةُ في «أبوكاليبس»
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
لطالما أحببتُ فكرة إعادة التلقي؛ كأن أعيد قراءة كتبٍ قرأتها أو مشاهدة أفلام شاهدتها، خاصة تلك التي اكتشفتُها لأول مرة في فترة ما من طفولتي فصارت جزءًا من معالم أَمسي وعالمه. بمرور الوقت تحولت الإعادة إلى عادة، وأصبحت طريقتي الخاصة التي أختبر من خلالها سعادةَ القراءة الثانية بوعي جديد وفي ظروف مختلفة، وهي عادةٌ غالبا ما يكون الحنين باعثها الأول.
شاهدت الفيلم عدة مرات منذ عرضه الأول، وظلَّ يمثل بالنسبة لي أول معرض بصري عن الحرب العالمية الثانية. وفي كل مشاهدةٍ ألتقطُ منه تفصيلا جديدا غاب عن انتباهي خلال المشاهدة السابقة. وقد حرصت هذه المرة على مشاهدة نسخته الكاملة بلا حذف، فاستعنت بنسخة غير أصلية متاحة على يوتيوب اجتهد مُعدُّها في أخذ المشاهد المتعلقة بالهولوكوست من النسخة الإنجليزية الكاملة وإلصاقها في النسخة العربية محلَّ المشاهد المحذوفة، والتي بالمناسبة تكاد تكون هي المشاهد الوحيدة بالأبيض والأسود، إذ اعتقد صانعوا الفيلم بضرورة عرض المشاهد المتعلقة بالهولوكوست كما هي، دون ترميم لوني.
إلى جانب الأرشيف الضخم من المشاهد المرممة بالألوان يعتمد الفيلم على استعراض الوقائع التاريخية بأسلوب سردي يحافظ على توازنه الدقيق بين التاريخ والأدب، دون أن تقع سرديته -كما أرى- في حبائل المكيدة والإغواء بين ما هو تاريخي وما هو أدبي فني، رغم أن بعض نقاده اتهموه بشيء من الاجتزاء والانتقائية التي لا بدَّ أن تؤدي بالسياق، في النهاية، إلى بعض الانزياحات الطفيفة عن الموضوعية التاريخية. كما أن الشخصيات التاريخية المحركة للأحداث الكبرى، كزعماء الدول وجنرالات الحرب، لم تكن وحدها محط اهتمام الفيلم. لقد عرَّفنا الفيلم على روز جولاند مثلا، طفلة بريطانية في إحدى ضواحي لندن حيث ستقضي أولى سنوات طفولتها في الحرب، لكنها ستنجو لتكتب بعد أيام من استسلام إمبراطور اليابان كلمةَ «النهاية» على قنبلة. كما يتابع الفيلم سرد أحداثه من خلال العودة إلى ما دوَّنه جنود مُهمَلون من يومياتهم خلال المعارك ويستشهد بمذكراتهم التي شرعوا بكتابتها بعد الحرب، كما هو الحال مع الملازم الألماني أوغست فون كاجنيك، والذي خدم في صفوف «الفيرماخت» كقائد دبابة في الجبهة الشرقية، قبل أن يتعرض لإصابة بالغة عام 1942 في ذلك الصقيع الروسي، والتي سيُنقل على إثرها إلى ألمانيا. يقتبس الفيلم من مذكرات الملازم ووصفه لتلك المأساة حيث كتب: «اختفى الإيمان، وأصبح الشكُّ مسيطرا. أصبح الموتُ أعز صديق، وهو صديق الإنسان الوحيد، لأنه سوف يخلصك من معاناتك». وببحثٍ سريع عن فون كاجنيك سنعرف أن هذا الشاب، ذا التسعة عشر عاما، والذي التحق في صباه بما عُرف آن ذاك بـ«شبيبة هتلر»، سيبدأ بعد الحرب حياته المهنية كصحفي، حيث سيتفرغ للكتابة كالكثير من النازيين التائبين.
«أبوكاليبس» كلمة يونانية قديمة، أصبحت تشير اليوم إلى فكرة نهاية العالم. أراد الزوج كوستال وكلارك أن يجعلا من عملهما المشترك ألبوما ملونا لحرب بشعة بلا ألوان راح ضحيتها، حسب التقديرات، خمسون مليون إنسان ينتمون إلى رقعة واسعة من جغرافيا العالم، بين أوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا. كانت حربا عالمية بالفعل، وليس في هذا المصطلح أي شبهة للمجاز كما قد يشكك البعض. فهل تستطيع «القوة التربوية» لفيلم كهذا، على حد تعبير عالم الاجتماع الفرنسي دومينيك وولتون، أن تسهم في إنقاذ عالم ينسى من آفة النسيان؟!
في ختام حلقته الأخيرة «الجحيم» يهدي هذا الفيلم تحية مستحقة لمصوري الحرب: «فلنكن ممتنين للمصورين والأبطال المبتوري الأذرع الذين صوروا هذه المعارك لأجل الأجيال القادمة، وإلى جميع من قام بتصوير هذه الحرب بكل ما فيها من بشاعة وقلة احتشام». ولكن لا يبدو أن أحدا يتعلم من الأمس كما ينبغي، وليس في الألوان ما يكفي من طاقة لمقاومة شمس النسيان التي تطلع على التاريخ كل يوم فتبعدنا عنه أكثر. كأن تعلُّم درس الماضي لا يجوز بلا ألم جديد، وكأن زعماء هذا العالم يفضلون إعادة تكرار التاريخ على أرض الصراع، بكلفة الدم الطازج، بدلا من إعادة قراءته في بطون الكتب أو إعادة مشاهدته مرة، مرتين، في شريط وثائقي ملوَّن كهذا.
التحية في الختام لروح المغدور محمد عارف السعيد، ولصوته الذي لن يذهب سدى في الريح.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
كنت أختنق.. مخرج «Mission: Impossible» يكشف ردود أفعال المشاهدين للفيلم |صور
كشف المخرج كريستوفر ماكواري، في مقابلة مع مجلة Empire Magazine، عن أن المشاهد الخطرة التي نفذها النجم توم كروز في فيلم Mission: Impossible – The Final Reckoning القادم، كانت شديدة للغاية لدرجة أنها أثارت الذعر لدى الجمهور.
خلال عرض خاص للفيلم، اعترف أحد الحاضرين بأن المشاهد عالية المخاطر التي يؤديها كروز جعلته يشعر وكأنه “يختنق”، مضيفًا: “كنت على وشك الإصابة بنوبة قلبية”.
ورد ماكواري، الذي أخرج الأجزاء الأربعة الأخيرة من السلسلة، قائلاً: “أعتقد أننا فعلنا شيئًا صحيحًا.”
و يشتهر توم كروز، البالغ من العمر 62 عامًا، بأداء مشاهده الخطرة بنفسه، ويتابع تحدي حدود أفلام الأكشن في هذا الإصدار الجديد، وعلى الرغم من أن ماكواري وصف الفيلم بأنه يتضمن “أصعب شيء حاولا القيام به على الإطلاق”، إلا أنه لم يفصح عن تفاصيل المشاهد بدقة.
العرض الترويجي للفيلم أشار إلى العديد من اللقطات المذهلة، من بينها:
•مشاهد تحت الماء.
•حركات بهلوانية خطيرة على متن طائرتين.
•مشاهد أكشن عالية التقنية، تواصل إرث شخصية “إيثان هانت” في سلسلة Mission: Impossible.
على الرغم من التحديات التي واجهها الجزء السابق (Dead Reckoning Part One)، مثل المنافسة الشديدة من أفلام أخرى والميزانية المتأثرة بجائحة كورونا، يعد الفيلم الجديد بجذب الجماهير من خلال مشاهده المثيرة.
موعد العرضيضم الفيلم نخبة من النجوم مثل فينج رامز، سيمون بيج، فانيسا كيربي، وهايلي أتويل، بالإضافة إلى الوافدين الجدد بوب أودينكيرك وهانا وادينجهام.
سيُعرض فيلم Mission: Impossible – The Final Reckoning في دور العرض يوم 23 مايو، ليواصل سلسلة المغامرات التي ينتظرها عشاق شخصية “إيثان هانت”.
توم كروز ألمح أيضًا إلى استمراره في تقديم المزيد من المغامرات مع السلسلة المحبوبة.
أولمبياد باريسوكان قد تصدر توم كروز محركات البحث ومواقع السوشيال ميديا على مستوى العالم بعد ظهوره الأخيره فى ختام أولمبياد باريس.
وتسببت لحظة دخول توم كروز لحفل ختام الأولمبياد فى ابهار الجميع، وجعلته حديث العالم حيث أنه دخل استاد دو فرانس هابطا من السقف وسط تصفيق حاد من الجميع