لجريدة عمان:
2024-07-02@00:11:03 GMT

ستنهار إسرائيل مهما طال الزمن

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

ما يحدث في قطاع غزة لا مثيل له في كل الحروب التي مر بها العالم، تدمير البيوت على ساكنيها، قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير كل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، وحتى الطبية، ضرب حصار حول غزة ومعاناة الناس، الجوع وافتقاد المياه، وجميعها أحداث مأساوية يشاهدها العالم لحظة بلحظة عبر كل وسائل التواصل طوال ثمانية أشهر، وكل المشاهد التي تقع في جباليا، وبيت حانون، وبيت لاهيا، ورفح وكل مناطق غزة، وجميع المآسي التي تحدث كل يوم لا يتحرك لها ضمير العالم إلا من خلال بيانات لا تتجاوز الكلمات المعسولة لتهدئة غضب الشباب الثائر في أوروبا وأمريكا والذين خرجوا في حشود هائلة معبرين عن غضبهم على جرائم إسرائيل، وقد شاهدنا خلال الأسبوع الماضي مشاهد مروعة لتدمير مدينة جباليا وتسويتها بالأرض على ساكنيها، كل ذلك يحدث تحت أعين وبصر العالم.

في كل مرة يخرج علينا الرئيس الأمريكي بايدن في تصريحات فجة، آخرها حينما قال بأنه لا يعترف بحكم المحكمة الجنائية الدولية، ولا يرى أن إسرائيل قد مارست أي نوع من الإبادة، وعندما سألته إحدى الصحفيات خلال الأيام الماضية عن الجرائم التي وقعت في شارع الرشيد، أجاب ببروده المعهود: إننا نسمع لوجهتي النظر من الجانبين، لكننا مازلنا ندرس الموقف، ومتواصلون مع إسرائيل لمعرفة الحقيقة! وعندما سئل رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو عن مجزرة شارع الرشيد، أجاب بغطرسته المعهودة: نحن نحاول أن نعرف ماذا حدث! لقد اقترب عدد شهداء قطاع غزة إلى ما يقرب من أربعين ألف شهيد، وضعف هذا العدد من الجرحى والمشوهين، ورغم ذلك فما يزال المقاتلون الفلسطينيون يفاجئون عدوهم من كل مكان، من تحت الأنقاض، من الأنفاق المهدمة، من الحارات الضيقة، بينما الشعب الفلسطيني برمته قد توحدت إرادته على الثأر، ترى الشباب والنساء والشيوخ في الشوارع المهدمة وبين أنقاض البيوت واثقون من النصر غير عابئين بقسوة عدوهم ولا بما يملكه من أسلحة فتاكة، قدمها له الأمريكيون والغرب بسخاء، بينما الرئيس الأمريكي ما يزال يحاول تجميل صورته وسط ردود فعل عالمية غاضبة.

في كل التصريحات التي يلقيها بايدن يواصل حديثه عن الأسرى الإسرائيليين، وشعوره بالألم بسبب تعطل الحياة الإسرائيلية، وخصوصًا في تراجع السياحة وتدهور الاقتصاد، ومعاناة الشعب الإسرائيلي في المخابئ وفي البيوت المحصنة، إلا أنه لم يصرح ولو لمرة واحدة عن مأساة الفلسطينيين في حياتهم ومعيشتهم، ولا عن المعتقلين في السجون الإسرائيلية من الرجال والنساء، وقد تجاوز عددهم عشرات الآلاف، ولا عن تلك الإبادة الجماعية لهذا الشعب الأعزل الذي يرفض الاستسلام، مفضلا الموت في سبيل قضيته العادلة، التي يناضل من أجلها بكل شرف وبسالة، نرى ذلك عبر كل وسائل التواصل، نرى الأطباء والمسعفين بعد كل عملية إجرامية يسارعون لإنقاذ الجرحى والبحث عن المفقودين تحت الأنقاض، غير عابئين بطلقات عدوهم، إنها ملحمة لا يعرفها إلا من كان مرتبطا بأرضه وبشعبه.

في كل مرة يخرج علينا الرئيس الأمريكي بايدن متحدثا عما أسماه بجرائم حماس في السابع من أكتوبر، ملقيا بكل اللوم على الفلسطينيين بعيدا عن سلسلة الجرائم التي ظل يمارسها الإسرائيليون طوال 75 عاما، ورغم ذلك فما يزال الفلسطينيون متمسكين بأرضهم، وهم واثقون من قدرتهم الفائقة على التكيف مع مأساتهم، وثقتهم المطلقة في النصر، رغم تباين القوى بشكل هائل، فالفلسطينيون يواجهون عدوهم بصدورهم وأسلحتهم البدائية، التي صنعوها بأنفسهم، بينما يستخدم عدوهم أحدث الأسلحة الذكية من الصواريخ والطائرات المسيرة والقنابل الحارقة، ورغم ذلك فالشعب الإسرائيلي يعيش حياة بائسة بسبب الخوف على حياته بعد أن توقفت كل المؤسسات الإسرائيلية عن أداء مهمتها، ولا يعبأ قادة إسرائيل بخروج المظاهرات كل يوم التي تحاصر بيت نتنياهو ومؤسسات الجيش، مطالبة بإبرام صلح والقبول بمشروعات التفاوض، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعلم جيدا أن توقف الحرب يعني نهاية مستقبله السياسي، وربما يقدم إلى المحاكمة التي تودي به إلى السجن.

أخيرا طرح الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال الأسبوع الماضي مبادرة جديدة على ثلاث مراحل، يتم خلالها تبادل الأسرى الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين وإعادة إعمار غزة، لكنه لم يتطرق إلى الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى إنهاء الصراع، من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧، وهو الموضوع الرئيس الذي يؤيده العالم إلا إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد أن هذه المبادرة حتى لو قبلها الإسرائيليون والفلسطينيون إلا أنها لن تنه الصراع طالما بقي الفلسطينيون مجرد رعايا يعيشون تحت الإدارة الإسرائيلية، وهي مبادرة لا تحقق السلام العادل الذي لن يقبل به الإسرائيليون وقادتهم من الصهاينة، الذين يرفضون قيام دولة فلسطينية بعد أن أعمتهم القوة العسكرية الغاشمة، غير مدركين أنهم يقاتلون شعبًا جبارًا متمسكا بأرضه غير عابئ بقوة إسرائيل العسكرية.

لم يقرأ الإسرائيليون التاريخ بعد، وإن قرأوه فلا يستوعبوه، ما حدث في كل حركات التحرر في العالم من فيتنام إلى الجزائر إلى نضال الأفارقة وشعوب أمريكا اللاتينية، جميعها دروس تستحق الدراسة والتأمل، فلم يحدث أن استقر محتل على أرض اغتصبها عنوة، بعد أن دفعت هذه الشعوب أثمانا باهظة من دماء أبنائها، بل ظل الدرس الأكبر الذي سجله لنا التاريخ أن كل الشعوب التي ناضلت في سبيل الحصول على أرضها وحريتها قد كُتب لها النجاح، وخرج المستعمر مهزومًا يلعق جراحه، وبقيت كل حركات التحرر في العالم بمثابة دروس كبيرة، إلا أن الإسرائيليين وكل داعميهم لم يستوعبوا هذه الدروس، وسينتصر الشعب الفلسطيني في النهاية، طالما بقي مصرًا على القتال، وستنهار إسرائيل مهما طال الزمن.. عاش صمود الشعب الفلسطيني.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرئیس الأمریکی إلا أن

إقرأ أيضاً:

كيف نظر العالم لثورة 30 يونيو فى مصر؟.. الدول العربية أيدت الأمر لمعرفتها بخطر الجماعات الظلامية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بعد خروج ملايين الشعب المصرى للشوارع فى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وعزل الرئيس المعزول محمد مرسي، استقبلت مصر دعمًا دوليًا واسعًا من مجموعة كبيرة من الدول والمنظمات الدولية أبرزها المجموعة الخليجية التى تعلم جيداً مخاطر وصول جماعات الظلام للحكم.

وفور علمها بالتطورات السياسية فى مصر وخروج الملايين من الشعب المصرى للمطالبة بالتغيير، أدركت الدول والمنظمات العالمية مخاطر وصول جماعة الإخوان لحكم البلاد.

تفاعلت العديد من الدول والمنظمات الدولية بشكل إيجابى تجاه الثورة المصرية وقررت دعم مصر فى هذه المرحلة الصعبة. قامت تلك الدول والمنظمات بتقديم الدعم السياسى والاقتصادى لمصر، وعبّرت عن دعمها للشعب المصرى فى رغبته فى بناء دولة ديمقراطية.

وفى ضوء التحديات والمخاطر التى تترتب على وصول جماعة الإخوان للحكم، تبنت العديد من الدول والمنظمات دعم مصر فى مجالات مختلفة منها الاقتصادية والأمنية والتنموية بهدف تجاوز الأزمة ودعم الشعب المصرى فى تحقيق طموحاته وتحقيق التقدم والاستقرار.

بهذا المنوال، فإن الدعم الدولى الواسع لمصر بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وعزل محمد مرسي، يعكس الإدراك العالمى للتحديات التى تواجه مصر والدعم القوى المقدم لها فى هذه المرحلة الصعبة.

لكن رفضت بعض المنظمات الدولية والعالمية وبعض الدول ما خروج الشعب الى الشوارع واتهمت الشعب بانه قام بانقلاب عسكري، ولكن ومع مرور الوقت ايقنت هذه الدول ان الشعب هو صاحب القرار وانه لا يمكن لأحد فرض رأيه على الشعب المصرى وعادت لفتح العلاقات مع مصر بشكل واسع.

وكان من أبرز المنظمات التى وقفت فى البداية فى وجه ثورة الشعب:

الاتحاد الأفريقي

حيث قرر الاتحاد الافريقى يوم الجمعة ٥ يوليو تعليق نشاط مصر فى أعمال الاتحاد على خلفية عزل محمد مرسي، لكن بعد اليقين أن الشعب هو من قرر مصيره ألغى الاتحاد الأفريقى القرار السلبى ضد مصر وعادت مصر تزين مقعدها فى الاتحاد الأفريقي.

الأمم المتحدة

فيما قال الأمين العام للأمم المتحدة: "فى هذه اللحظة التى تشهد استمرار التوتر والضبابية، يجدد الأمين العام دعوته للتحلى بالهدوء والحوار وضبط النفس ونبذ العنف."

وأضاف: "لقد أعرب الكثير من المصريين خلال احتجاجاتهم عن قلق مشروع وإحباط شديد. لكن فى نفس الوقت فإن تدخل العسكريين فى شئون أى دولة يثير القلق. ولذا من الضرورى استعادة الحكم المدنى طبقا لمبادئ الديمقراطية سريعا."

الاتحاد الأوروبي

أصدر الاتحاد الأوروبى تصريحًا مقتضبًا وردَ فيه: «إننا ندعو جميع القوى السياسية فى مصر إلى التزام الهدوء وتجنب العنف ومباشرة الحوار السياسي".

قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما “مرسى رئيس منتخب لكن على حكومة مرسى الآن احترام المعارضة وجماعات الأقليات”.

المملكة المتحدة

قال رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون فى مجلس العموم: "يجب أن نناشد جميع الأطراف التزام الهدوء ووقف مستويات العنف، ولا سيما الاعتداءات الجنسية"، وأن هذا ليس من أجل المملكة المتحدة. "لدعم أى مجموعة أو حزب بمفرده. ما يجب أن ندعمه هو عمليات ديمقراطية مناسبة وحكومة مناسبة بالتراضي".

وقال رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون: "لم ندعم أبدا تدخل الجيش فى أى دولة، لكن نحتاج حاليا فى مصر أن تزدهر الديمقراطية وأن يحدث انتقال ديمقراطى حقيقي."

فرنسا

دعا المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو السلطات المصرية للاستماع إلى "المخاوف المشروعة" للمحتجين.

ألمانيا

قال وزير الخارجية الألمانى غيدو فيسترفيله: "هذه انتكاسة كبرى للديمقراطية فى مصر. ومن الضرورى فى مصر أن يعود النظام الدستورى فى مصر بأسرع ما يمكن."

وأضاف: "ثمة مخاطرة كبيرة بأن يلحق التحول الديمقراطى فى مصر ضرارا بالغا."

روسيا

فيما قالت روسيا على لسان وزير الخارجية الروسية إنه على جميع الأطراف فى السياسة المصرية الامتناع عن استخدام العنف لأنه "سيؤدى إلى مزيد من التصعيد" فى البلاد. ونحن ندرك تماما أن القضايا المعاصرة فى مصر لا يمكن حلها ما لم يتم التعامل معها من خلال سياق قانونى من أجل ضمان الوحدة الوطنية والتوافق على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية اللازمة.

جامعة الدول العربية

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي: "أتوجه بالتحية والتهنئة إلى الشعب المصرى العظيم على تحقيق هذا الانجاز التاريخى الذى يهدف إلى تخطى مرحلة الأزمة والاضطراب التى عاشتها مصر خلال الفترة الماضية.

وأضاف "العربي": "أنا على يقين بأن ما تشهده مصر اليوم هو لحظة تأسيسية فارقة فى مستقبلها صنعتها الارادة الحرة للشعب المصري."

السعودية

قال الملك السعودى عبد الله بن عبد العزيز مهنئا الرئيس المؤقت عدلى منصور: "باسم شعب المملكة العربية السعودية وبالأصالة عن نفسي، نهنئكم بتولى قيادة مصر فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخها.

وأضاف: "ندعو الله أن يعينكم على تحمل المسئولية الملقاة على عاتقكم لتحقيق آمال شعبنا الشقيق فى جمهورية مصر العربية."

الإمارات العربية المتحدة

وصف قائد شرطة دبى ضاحى خلفان على حسابه على تويتر البيان الصادر عن الجيش المصرى بأنه "داعم لمطالب الشعب". وأضاف "كونوا مع الناس لا ضدهم لانهم وحدهم هم القادرون على استقرار البلد".

سوريا

قال وزير الإعلام عمران الزعبى إن الأزمة السياسية فى مصر لا يمكن تجاوزها إلا إذا أدرك مرسى أن الغالبية العظمى من شعبه المصرى يرفض وجوده ويريد إزالته. فى ٣ يوليو، وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها منظمة "إرهابية" و"أداة أمريكية".

وقال بشار الأسد إن ما يحدث فى مصر «هو سقوط لما يسمى الإسلام السياسي» وأضاف «من يأت بالدين ليستخدمه لصالح السياسة أو لصالح فئة دون أخرى سيسقط فى أى مكان فى العالم".

تركيا

قال وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو: "من غير المقبول لحكومة جاءت عبر انتخابات ديمقراطية أن تتم الإطاحة بها باستخدام وسائل غير مشروعة، أو بالأحرى انقلاب عسكري، وفيما بعد غيرت تركيا موقفها وفتح علاقات مع مصر."

قطر

أعربت قطر عن احترامها لإرادة الشعب مصر، بحسب ما نقلته قناة "الجزيرة" عن وزارة الخارجية، وبدأت بعدها فى الاعلان عن رفض ثورة ٣٠ يونيو ولكن موقفها تغير كثيراً وفتح علاقات واسعة فى كافة المجالات مع مصر.

مقالات مشابهة

  • كيف نظر العالم لثورة 30 يونيو فى مصر؟.. الدول العربية أيدت الأمر لمعرفتها بخطر الجماعات الظلامية
  • ردود فعل غاضبة بعد هجوم زعيم المعارضة التركية على حماس
  • ردود فعل غاضبة بعد هجوم زعم المعارضة التركية على حماس
  • إنزو باتشي: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي، ونعيش مرحلة تاريخية من الاضطراب العالمي
  • طفلة تنمو عكس الزمن بفعل مرض وراثي نادر.. ما هو حثل المادة البيضاء؟
  • شرقا وغربا.. المظاهرات المؤيدة لغزة تتواصل في أنحاء العالم
  • فتح: انضمام إسبانيا إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل انتصار لقيم الإنسانية
  • نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الإعلامي عبدالعزيز الأغبري
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بشن هجوم نووي على إيران.. العالم سيتفهم ذلك
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بشن هجوم نووي ضد إيران.. العالم سيتفهم ذلك