لجريدة عمان:
2024-11-19@23:09:34 GMT

ستنهار إسرائيل مهما طال الزمن

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

ما يحدث في قطاع غزة لا مثيل له في كل الحروب التي مر بها العالم، تدمير البيوت على ساكنيها، قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير كل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، وحتى الطبية، ضرب حصار حول غزة ومعاناة الناس، الجوع وافتقاد المياه، وجميعها أحداث مأساوية يشاهدها العالم لحظة بلحظة عبر كل وسائل التواصل طوال ثمانية أشهر، وكل المشاهد التي تقع في جباليا، وبيت حانون، وبيت لاهيا، ورفح وكل مناطق غزة، وجميع المآسي التي تحدث كل يوم لا يتحرك لها ضمير العالم إلا من خلال بيانات لا تتجاوز الكلمات المعسولة لتهدئة غضب الشباب الثائر في أوروبا وأمريكا والذين خرجوا في حشود هائلة معبرين عن غضبهم على جرائم إسرائيل، وقد شاهدنا خلال الأسبوع الماضي مشاهد مروعة لتدمير مدينة جباليا وتسويتها بالأرض على ساكنيها، كل ذلك يحدث تحت أعين وبصر العالم.

في كل مرة يخرج علينا الرئيس الأمريكي بايدن في تصريحات فجة، آخرها حينما قال بأنه لا يعترف بحكم المحكمة الجنائية الدولية، ولا يرى أن إسرائيل قد مارست أي نوع من الإبادة، وعندما سألته إحدى الصحفيات خلال الأيام الماضية عن الجرائم التي وقعت في شارع الرشيد، أجاب ببروده المعهود: إننا نسمع لوجهتي النظر من الجانبين، لكننا مازلنا ندرس الموقف، ومتواصلون مع إسرائيل لمعرفة الحقيقة! وعندما سئل رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو عن مجزرة شارع الرشيد، أجاب بغطرسته المعهودة: نحن نحاول أن نعرف ماذا حدث! لقد اقترب عدد شهداء قطاع غزة إلى ما يقرب من أربعين ألف شهيد، وضعف هذا العدد من الجرحى والمشوهين، ورغم ذلك فما يزال المقاتلون الفلسطينيون يفاجئون عدوهم من كل مكان، من تحت الأنقاض، من الأنفاق المهدمة، من الحارات الضيقة، بينما الشعب الفلسطيني برمته قد توحدت إرادته على الثأر، ترى الشباب والنساء والشيوخ في الشوارع المهدمة وبين أنقاض البيوت واثقون من النصر غير عابئين بقسوة عدوهم ولا بما يملكه من أسلحة فتاكة، قدمها له الأمريكيون والغرب بسخاء، بينما الرئيس الأمريكي ما يزال يحاول تجميل صورته وسط ردود فعل عالمية غاضبة.

في كل التصريحات التي يلقيها بايدن يواصل حديثه عن الأسرى الإسرائيليين، وشعوره بالألم بسبب تعطل الحياة الإسرائيلية، وخصوصًا في تراجع السياحة وتدهور الاقتصاد، ومعاناة الشعب الإسرائيلي في المخابئ وفي البيوت المحصنة، إلا أنه لم يصرح ولو لمرة واحدة عن مأساة الفلسطينيين في حياتهم ومعيشتهم، ولا عن المعتقلين في السجون الإسرائيلية من الرجال والنساء، وقد تجاوز عددهم عشرات الآلاف، ولا عن تلك الإبادة الجماعية لهذا الشعب الأعزل الذي يرفض الاستسلام، مفضلا الموت في سبيل قضيته العادلة، التي يناضل من أجلها بكل شرف وبسالة، نرى ذلك عبر كل وسائل التواصل، نرى الأطباء والمسعفين بعد كل عملية إجرامية يسارعون لإنقاذ الجرحى والبحث عن المفقودين تحت الأنقاض، غير عابئين بطلقات عدوهم، إنها ملحمة لا يعرفها إلا من كان مرتبطا بأرضه وبشعبه.

في كل مرة يخرج علينا الرئيس الأمريكي بايدن متحدثا عما أسماه بجرائم حماس في السابع من أكتوبر، ملقيا بكل اللوم على الفلسطينيين بعيدا عن سلسلة الجرائم التي ظل يمارسها الإسرائيليون طوال 75 عاما، ورغم ذلك فما يزال الفلسطينيون متمسكين بأرضهم، وهم واثقون من قدرتهم الفائقة على التكيف مع مأساتهم، وثقتهم المطلقة في النصر، رغم تباين القوى بشكل هائل، فالفلسطينيون يواجهون عدوهم بصدورهم وأسلحتهم البدائية، التي صنعوها بأنفسهم، بينما يستخدم عدوهم أحدث الأسلحة الذكية من الصواريخ والطائرات المسيرة والقنابل الحارقة، ورغم ذلك فالشعب الإسرائيلي يعيش حياة بائسة بسبب الخوف على حياته بعد أن توقفت كل المؤسسات الإسرائيلية عن أداء مهمتها، ولا يعبأ قادة إسرائيل بخروج المظاهرات كل يوم التي تحاصر بيت نتنياهو ومؤسسات الجيش، مطالبة بإبرام صلح والقبول بمشروعات التفاوض، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعلم جيدا أن توقف الحرب يعني نهاية مستقبله السياسي، وربما يقدم إلى المحاكمة التي تودي به إلى السجن.

أخيرا طرح الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال الأسبوع الماضي مبادرة جديدة على ثلاث مراحل، يتم خلالها تبادل الأسرى الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين وإعادة إعمار غزة، لكنه لم يتطرق إلى الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى إنهاء الصراع، من خلال إقامة دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧، وهو الموضوع الرئيس الذي يؤيده العالم إلا إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية، وأعتقد أن هذه المبادرة حتى لو قبلها الإسرائيليون والفلسطينيون إلا أنها لن تنه الصراع طالما بقي الفلسطينيون مجرد رعايا يعيشون تحت الإدارة الإسرائيلية، وهي مبادرة لا تحقق السلام العادل الذي لن يقبل به الإسرائيليون وقادتهم من الصهاينة، الذين يرفضون قيام دولة فلسطينية بعد أن أعمتهم القوة العسكرية الغاشمة، غير مدركين أنهم يقاتلون شعبًا جبارًا متمسكا بأرضه غير عابئ بقوة إسرائيل العسكرية.

لم يقرأ الإسرائيليون التاريخ بعد، وإن قرأوه فلا يستوعبوه، ما حدث في كل حركات التحرر في العالم من فيتنام إلى الجزائر إلى نضال الأفارقة وشعوب أمريكا اللاتينية، جميعها دروس تستحق الدراسة والتأمل، فلم يحدث أن استقر محتل على أرض اغتصبها عنوة، بعد أن دفعت هذه الشعوب أثمانا باهظة من دماء أبنائها، بل ظل الدرس الأكبر الذي سجله لنا التاريخ أن كل الشعوب التي ناضلت في سبيل الحصول على أرضها وحريتها قد كُتب لها النجاح، وخرج المستعمر مهزومًا يلعق جراحه، وبقيت كل حركات التحرر في العالم بمثابة دروس كبيرة، إلا أن الإسرائيليين وكل داعميهم لم يستوعبوا هذه الدروس، وسينتصر الشعب الفلسطيني في النهاية، طالما بقي مصرًا على القتال، وستنهار إسرائيل مهما طال الزمن.. عاش صمود الشعب الفلسطيني.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرئیس الأمریکی إلا أن

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأميركي يصل السودان.. واشنطن تسابق الزمن نحو تسوية قبل مغادرة بايدن ..

وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، إلى مدينة بورتسودان شرقي البلاد، الاثنين، في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، لمناقشة العديد من الملفات بين الأطراف المتنازعة في السودان، في إطار جهود إدارة الرئيس الرئيس الأميركي جو بايدن المكثفة من أجل الوصول إلى تسوية في النزاع الدائر منذ أبريل 2023

مصادر لـ"الشرق": الإصلاح الأمني ومستقبل الدعم السريع على طاولة المباحثات

دبي -الشرق
وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، إلى مدينة بورتسودان شرقي البلاد، الاثنين، في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، لمناقشة العديد من الملفات بين الأطراف المتنازعة في السودان، في إطار جهود إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المكثفة من أجل الوصول إلى تسوية في النزاع الدائر منذ أبريل 2023، قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير المقبل.

وتأتي الزيارة بالتزامن مع تحرّك دولي تقوده بريطانيا للحصول على دعم من أعضاء آخرين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بشأن مطالبة طرفي الصراع بوقف الأعمال القتالية، والسماح بالمساعدات الإنسانية.

وأضافت مصادر مطلعة لـ"الشرق"، أن بيرييلو سيلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائب قائد الجيش الفريق أول شمس الدين كباشي، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، ولجنتي الطوارئ الإنسانية وحقوق الإنسان.

كان المبعوث الأميركي، أرجأ زيارته المقررة إلى بورتسودان، "لأسباب لوجستية"، حسبما أكدت مصادر لـ"الشرق"، في وقت سابق.

تكثيف الجهود الدبلوماسية
وبحسب ما أكدته مصادر لـ"الشرق"، فإن بيرييلو، أبلغ طرفا ثالثاً بأن الرئيس بايدن يعتزم "تكثيف الجهود مع الجانب السوداني، للوصول إلى تسوية قبيل مغادرته المكتب البيضاوي في 20 يناير المقبل، مع نقل رؤية واشنطن بضرورة بحث المسار السياسي بين الفرقاء السودانيين".

ووفق المصادر، فقد أوضح بيرييلو، أن واشنطن ستبحث مع الجانب السوداني "مستقبل قوات الدعم السريع، وضرورة النظر في قضايا جوهرية كالإصلاح الأمني والعسكري وصولاً لقوات مهنية وموحدة، ودور الجيش في الانتقال والبناء الدستوري والعدالة وإدارة موارد الدولة".

وتعد زيارة بيريليو، هي الأولى منذ أن تسلّم منصبه في فبراير 2024، عندما أعلنت الخارجية الأميركية تعيينه مبعوثاً خاص للسودان.

مشروع قرار بريطاني
وحصلت "الشرق" على نسخة من مسودة مشروع قرار بريطاني بشأن السودان من المتوقع أن يُطرح للتصويت في مجلس الأمن، الاثنين، يطالب أطراف الصراع بوقف إطلاق النار والالتزام بالقانون الدولي، ويدين الهجمات ضد المدنيين.

ويحثّ مشروع القرار الجيش السوداني والدعم السريع على احترام وتنفيذ مخرجات "إعلان جدة"، بشأن الالتزام بحماية المدنيين، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بهم، بهدف إخلاء المراكز الحضرية، بما في ذلك المنازل السكنية، والامتناع عن استخدام السكان كدروع بشرية، وحماية الاحتياجات والضروريات التي لا غنى عنها.

كما يُعرب مشروع القرار وفقاً للمسودة، عن قلقه العميق إزاء الزيادة المبلّغ عنها في الانتهاكات والإساءات التي تم التحقق منها ضد الأطفال في السودان، بما في ذلك القتل والتشويه، والتجنيد والاستخدام، والاختطاف والعنف الجنـسي، والهجمات على المدارس والمستشفيات، واحتجاز الأطفال، كما هو موثقٌ في التقرير السنوي للأمين العام بشأن الأطفال والصراع المسلح.

ويدعو الأطراف إلى اتخاذ خطوات عاجلة لوقف ومنع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وضمان عدم استخدامه كتكتيك حرب، وتحسين الحماية وإيصال الخدمات إلى الناجين.

عشرات آلاف الضحايا
+وأظهر تقرير جديد، أصدره باحثون في بريطانيا والسودان، أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 61 ألفاً قضوا في ولاية الخرطوم خلال أول 14 شهراً من الحرب في السودان.

وتحدث التقرير عن وجود أدلة تشير إلى أن العدد الكلي أعلى بكثير مما سُجِّل من قبل.

وشملت التقديرات سقوط نحو 26 ألفاً بجروح خطرة أصيبوا بها بسبب العنف، وهو رقم أعلى من الذي تذكره الأمم المتحدة حالياً للحصيلة في البلاد بأكملها.

وأشار التقرير الذي صدر عن مجموعة أبحاث السودان في كلية لندن للحفاظ على الصحة وطب المناطق الحارة، في وقت سابق، إلى أن التضوّر جوعاً، والإصابة بالأمراض أصبحا من الأسباب الرئيسية للوفاة في أنحاء السودان.

وتقول الأمم المتحدة إن الصراع دفع 11 مليوناً إلى الفرار من منازلهم، وتسبب في أكبر أزمة جوع في العالم.

ويحتاج نحو 25 مليون نسمة، أي نصف سكان السودان تقريباً، إلى المساعدات في وقت تنتشر فيه المجاعة في مخيم واحد للنازحين على الأقل. ويشكل إحصاء عدد الضحايا تحدياً في ظل الحرب.

   

مقالات مشابهة

  • حسين فهمي يتحدث لـRT عن تكريم الشعب الفلسطيني في مهرجان القاهرة السينمائي
  • خريطة الفراعنة تقود إلى كنز "الفواخير": رحلة عبر الزمن لاستكشاف أقدم منجم للذهب بمصر
  • فرح حزين
  • أردوغان يدعو لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة
  • الوطني الفلسطيني: قصف إسرائيل على شمال قطاع غزة هدفه قتل جميع المواطنين
  • أستاذ علاقات دولية: قمة العشرين تكتسب أهميتها نتيجة للظروف التي يمر بها العالم
  • المبعوث الأميركي يصل السودان.. واشنطن تسابق الزمن نحو تسوية قبل مغادرة بايدن ..
  • الشعب الجمهوري: مشاركة السيسي في قمة العشرين تؤكد دور مصر الريادي
  • مارسيل بروست.. ماذا تعرف عن ملحمته الأدبية البحث عن الزمن المفقود؟
  • التلوث الاجتماعي