جو بايدن يسير إلى حرب نووية مع روسيا
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
في يوم الخميس الماضي، سمح الرئيس جو بايدن سرا لأوكرانيا باستعمال الأسلحة المقدمة إليها من الولايات المتحدة في ضرب أهداف محدودة داخل روسيا. لكن ما لم يوضحه بايدن هو إجابة للسؤال الأكثر أهمية، وهو هذا: كيف يصب هذا التصعيد في مصلحة أمريكا؟
الأمر المذهل ـ والمثير للقلق أيضا ـ هو أن يتحتم طرح هذا السؤال من الأساس.
في يوم الجمعة أوضح بلينكن أن تلك الخطوة هي محض «تكيف وتواؤم» مع تغير الأوضاع الميدانية، لكنه حتى في هذا البيان لم يقدم تعليقا على كيفية تغيير هذا التحول السياسي لمسار الحرب، وإفضائه إلى وضع أفضل لأوكرانيا أو إنتاجه ثمرة إيجابية لأمريكا. ولسنا بحاجة إلى كثير من التحليل لفهم أن هذا العمل لن يحقق أيا من هذه الأمور. وكل ما قد يفعله هو أن يزيد من تفاقم الموقف بالنسبة لأوكرانيا والولايات المتحدة.
إن لدينا خبرة نصف قرن بين الولايات المتحدة (والغرب بعامة) في مقابل الروس (والسوفييت من قبلهم) في أداء الحروب بالوكالة. ولطالما عمدت الديمقراطيات من جانب والشيوعيون أو الاستبداديون من جانب على تأجيج الحروب القائمة على أطراف بعضهم بعضا، بنية نيل كل طرف من خصمه، أو استنزاف موارده، أو إخماد رغباته التوسعية. والأمر الذي كانت الأطراف جميعا تتفاداه بجدية هو إمداد القوى الوكيلة بمساعدات فتاكة للقيام بهجوم مباشر على أراضي خصومهم المسلحة نوويا. وذلك حتى الآن.
حينما اندلعت الحرب في مطلع عام 2022، اعترى قلق كبير العالم الغربي بشأن توسع الحرب، وبشأن احتمال جذب روسيا إلى هجوم على الغرب فضلا عن كثير من القلق بشأن التجاوز لـ«الخطوط الحمراء» المفترضة. في البداية، كانت «أسلحة هجومية» لا أكثر، ثم أنظمة محددة من قبيل الصواريخ المضادة للدبابات، والصواريخ المضادة للطائرات، ومدافع الهاوتزر الأمريكية، ثم الدبابات الغربية الحديثة، وناقلات الجنود المدرعة، وأنظمة الدفاع الجوي، وأنظمة الصواريخ بعيدة المدى، وأخيرا طائرات إف 16 المقاتلة. وكان يخشى أن تكون تلك جميعا «خطوطا حمراء» قادرة على توسيع الحرب، فلم يفعل أي منها ذلك.
فكان أن افترض كثيرون في الغرب أنه بما أن أيًّا من هذه الأفعال لم يفض إلى هجوم روسي على الغرب، فما من عمل قد يؤدي إلى ذلك مطلقا. وذلك منطق أحمق لا يجب أن تقوم على أساسه سياسة؛ لأن هذه العقلية تعجز عن فهم ما يدفع الروس، وتعجز عن أخذ الأثر التراكمي بعين الاعتبار، ولا تأخذ بعين الاعتبار أيضا الطريقة التي قد نرد نحن بها على سياسات مماثلة من جانب بوتين.
هل بوسعكم أن تتخيلوا كيف كان للقادة الأمريكيين أن يتصرفوا خلال كارثة الحرب الأفغانية التي دامت لعشرين سنة لو أن الروس أو الصينيين لم يكتفوا بأن يقدموا لطالبان محض دعم معنوي بل قدموا لهم ماديا السلاح والذخيرة والتدريب والدعم المعلوماتي؟ وأزيد على ذلك فأقول لو أنهم بدأوا الإمداد بالسلاح والذخيرة فلم يساعدوا عدونا وحسب على قتل أفراد الجيش الأمريكي وإنما تقدموا فقتلوا قوات أمريكية على أراض أمريكية؟ قد نتصور ما الذي كان يمكن أن نقوله ولكننا لم نفكر في ما يقوله بالفعل القادة الروس.
في يوم الاثنين، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف إن بوتين وجه «تحذيرا شديد الأهمية ولا بد من أخذه بأقصى درجات الجدية» مضيفا أنه حذر القادة الأمريكيين «من خطأ الحسابات الذي قد يفضي إلى عواقب فتاكة».
إن الاعتقاد السائد في الغرب بأن السماح باستعمال أسلحة بعيدة المدى ومقاتلات إف 16 في الهجوم على أهداف في الأراضي الروسية من شأنه أن يغير مسار الحرب هو اعتقاد مخجل السذاجة؛ لأن أي تحليل أولي لميزان القوى بين الجانب الأوكراني (بما له من دعم من الغرب) والجانب الروسي يبين أن قوات بوتين لديها مزايا حاسمة في القوة الجوية، والدفاع الجوي، والمدرعات، والصواريخ، والطائرات المسيرة، والقدرة الصناعية، والقوى البشرية.
وإن إطلاق حفنة من القذائف بعيدة المدى في روسيا سوف يضرها، لكنه لن يفعل شيئا لتغيير مسار الحرب، ناهيكم عن نتيجتها. ولنتأمل في أنه حتى الحملة الروسية المتمثلة في توجيه ضربات صاروخية بعيدة المدى متواصلة ومدمرة إلى البنية الأساسية العسكرية الأوكرانية الحيوية لم تنجح قط في إخضاع قوات كييف. وعلى نحو مماثل، لن تسفر أي حملة مستدامة وواسعة النطاق من جانب الغرب ضد روسيا إلا عن نتائج ضئيلة - ولكنها قد تدفع روسيا إلى الانتقام.
لن تكسب الولايات المتحدة شيئا، ولكنها سوف تخسر الكثير من خلال توسيع قائمة الأهداف المسموح بها لأسلحتنا وذخائرنا المقدمة لأوكرانيا. فالمخاطرة بالتصعيد النووي أمر غبي إلى أقصى درجة. ولا بد من الإلغاء الفوري لإذن بايدن الأسبوع الماضي قبل وقوع أي ضرر.
إن مسار العمل الأكثر حكمة في هذه المرحلة هو السعي إلى تسوية عن طريق التفاوض وصولا إلى أفضل الشروط المتاحة، وإنهاء هذه الحرب الحالية، وبذل كل ما في وسعنا دبلوماسيًّا لمنع اندلاع حرب أخرى في المستقبل. فالمخاطرة بحرب وجودية مع روسيا في حين لا يواجه الأمن القومي الأمريكي خطرا هو منتهى الحماقة.
دانيال ل. ديفيس زميل أول وخبير عسكري في أولويات الدفاع، وهو مقدم متقاعد في الجيش وله أربع عمليات انتشار قتالية.
ذي ناشونال إنتريست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بعیدة المدى من جانب
إقرأ أيضاً:
أستاذ في العلوم السياسية: الحرب والعقوبات وراء ارتفاع التضخم الاقتصادي في روسيا
قال الدكتور نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية، إنّ روسيا تواجه مشكلة كبيرة تتمثل في زيادة معدلات التضخم بالاقتصاد الروسي، موضحا أنه من الممكن التكيف مع هذا الوضع عبر الصمود والتصنيع المكثف، والاعتماد على الاكتفاء الذاتي.
الحرب والعقوبات الاقتصادية عامل أساسي للتضخموأضاف «بوش»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّه لا شك أن الحرب والعقوبات الاقتصادية هما العاملان الأساسيان وراء التضخم الذي يواجه الاقتصاد الروسي، مشيرا إلى أن هذا لا يعني انكسار الاقتصاد الروسي، خاصة أن روسيا ليست دولة عادية، لكنها مصنعة، معلقا: «التصنيع العسكري أخذ كثيرا من الاقتصاد الروسي بما يسمى اقتصاد الحرب».
على روسيا الصمود لتحقيق الانتصاروتابع: «رغم الأزمة الاقتصادية بروسيا إلا أن الرواتب والمكافآت تصل بوقتها إلى الشعب، كما أن الإنتاج يسير كما هو»، لافتا إلى أنه لا يوجد هذا الخوف الكبير على الاقتصاد الروسي، إذ أن لدى روسيا خيارا واحدا وهو الصمود لتحقيق الانتصار في الحرب ومن ثم التسارع في النمو الاقتصادي.
وأوضح: «ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد الروسي يعني خسارة روسيا وانتهاء الدولة الروسية، لذا لا يوجد خيارات أمام روسيا سوى الصمود وانتهاء الحرب، وبالتالي فإن انتهاء الحرب المؤشر الأكبر لانتهاء التضخم ونمو الاقتصاد الروسي».