لجريدة عمان:
2024-12-23@01:17:41 GMT

إذا لم يكن هذا إرهابًا فما الإرهاب إذًا؟

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

بتاريخ ١٥ يوليو ٢٠١٣م ذكر القاضي ساينج يونج سونج رئيس المحكمة الجنائية الدولية آنذاك، في بيانه بمناسبة يوم العدالة الجنائية الدولية، أنه «في ١٧ يوليو ١٩٩٨م، شهد التاريخ حدثًا جللًا. إذ اتفق أعضاء المجتمع الدولي المجتمعون في روما بإيطاليا على إنشاء محكمة دولية دائمة، تتمثل مهمتها في معاقبة مرتكبي أشد الجرائم التي يمكن أن يتفتق عنها الخيال قسوة، وجبر أضرار المجني عليهم فيها.

وشرعت دول العالم، باعتمادها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ خطة طموحه لإقامة نظام للعدالة العالمية، يقوم على التعاون الدولي ويرمي إلى محاسبة المسؤولين عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية».

وأشار قبل نهاية بيانه إلى «أن العدالة الجنائية الدولية ليست حكرًا على ثقافة بعينها أو شعب بعينه. فهي قيمة مثالية إنسانية أصيلة؛ ولهذا لاقت المحكمة الجنائية الدولية ترحيبًا في قارات العالم كافة». لا أدري كيف ستكون حجم الصدمة للقاضي سونج عندما يستمع لرئيس -أكبر ديمقراطيات العالم- رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، الذي أعلن في مايو الماضي «أن الكونجرس سيتخذ إجراء لمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية وضمان أن قيادتها تواجه عواقب إذا واصلوا المضي قدمًا»، وهذا ما حدث بالفعل، حيث أقر مجلس النواب الأمريكي بتاريخ ٤ من شهر يونيو الحالي، مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كما يفرض عقوبات على المحكمة إذا حققت أو حاكمت أشخاصًا محميين من واشنطن أو حلفائها. وذلك تأديبًا لتجرؤ المدعي العام للمحكمة كريم خان، الذي طلب من المحكمة استصدار أوامر اعتقال بتهم جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بحق رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو ووزير دفاعه جالانت، وهي الجرائم التي شاهدها القاصي والداني، حيث أظهرت هذه الجرائم حقيقة الكيان الصهيوني وسرديته الزائفة التي استطاع في العقود الماضية أن يسوّقها في الولايات المتحدة والمجتمع الغربي. ويكون مجلس النواب الأمريكي بإصداره لهذا القانون قد خالف مبدأ من أهم المبادئ التي نص عليها الدستور الأمريكي الصادر في عام ١٧٨٩م. إذ نص في بداية ديباجته على أنه «نحن شعب الولايات المتحدة، لكي نؤلف اتحادًا أكثر رسوخًا، ولكي نقيم العدالة...». فكيف يتصور المرء أن هذه الدولة الديمقراطية الأكبر والأقوى في العالم والتي كانت على مدى عقود طويلة غاية أحلام شعوب العالم وخاصةً شعوب العالم الثالث، أن يوصلها الكيان الصهيوني إلى هذه المكانة التي تثير الشفقة. لقد استطاع الكيان الصهيوني خلال الأشهر الثمانية الماضية منذ بداية حربه على غزة وتطبيقه لكل ما يمكن استخدامه من عبارات في قواميس الإجرام، أن يقزّم الحكومات والمجالس النيابية في كلٍ من الولايات المتحدة وعدد من العواصم الغربية الفاعلة. وأدخل الرأي العام في هذه الدول بانقسام غير مسبوق، فأغلب شعوب هذه الدول تحمل الكثير من الجوانب الإنسانية والأخلاقية وترغب في أن ينعم العالم بالأمن والسلام، ولكنها في المقابل صُدمت بمدى تطرف وانحراف حكوماتها وبرلماناتها ووسائل إعلامها الموجهة في دعم الكيان الصهيوني المجرم والاستماتة في الدفاع عنه لدرجة الابتذال.

فعندما يصرح قادة هذه الدول ووزراء خارجيتها وكبار مشرعيها أنهم لا يرون أي دليل على تعمد إسرائيل قتل المدنيين فكيف نتوقع أن تنظر لهم شعوبهم، التي رأت بأم أعينها وبشكل يومي حجم المجازر التي يرتكبها جيش الكيان الصهيوني بحق المدنيين العزل وبأسلحة أمريكية وغربية سلمت مجانًا لهذا الكيان من أموال دافعي الضرائب من هذه الشعوب. وعندما يقومون كذلك، بقمع الاحتجاجات الطلابية في الجامعات على استمرار المجازر في غزة، بحجة أن هذه الاحتجاجات في هذه الجامعات تروع الطلبة اليهود وهم يعلمون وشعوبهم تعلم أن الطلبة اليهود -الذين لم تدنسهم الصهيونية- هم من أكبر المشاركين في هذه الاحتجاجات، فكيف نتوقع أن تكون نظرة شعوبهم لهم بعد الدفاع عن هذا الكيان الذي لا يملك ذرة أخلاق، وخير دليل على ذلك، حجم الشتائم التي يوجهها وزير خارجية الكيان ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة للأمين العام للأمم المتحدة ولشخصيات سياسية ودبلوماسية دولية انتقدت هذه المجازر، لدرجة قيام المندوب الدائم للكيان الصهيوني بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة بعد أن كال الشتائم للدول التي صوتت للاعتراف بدولة فلسطين، في انكشاف مفضوح للمستوى المتدني من الأخلاق التي يتمتع بها رجالات هذا الكيان.

لقد شجعت هذه المواقف الأمريكية والغربية الكيان الصهيوني على الاستمرار في مجازره اليومية وانتهاكه للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وجرائمه بحق المدنيين العزل، الذين وصل عدد القتلى منهم حتى الآن إلى ما يقارب ٣٧ ألف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال و٨٤ ألف جريح والآلاف من المفقودين تحت الأنقاض، وتدمير ٧٠ ألف وحدة سكنية بالكامل ومسح البنية التحتية من جامعات ومستشفيات ومدارس ومساجد وكنائس ومقار حكومية ومقار إيواء وإغاثة بالأرض، واستخفاف بالعدالة الدولية بعد قيام محكمة العدل الدولية بتاريخ ٢٤ من مايو الماضي بإصدار قرار بمنع الكيان الصهيوني من القيام بأي أعمال عسكرية في رفح، والتي لم يعرها الكيان الصهيوني -والدول الداعمة له- أي انتباه، وأعلن أن هذا القرار لا يعنيه، واستمر في عدوانه الإجرامي حتى يومنا هذا. واكتمل المشهد المأساوي في ازدراء العدالة الدولية بقيام مجلس النواب الأمريكي بإصدار القانون المشار إليه وترهيب المحكمة وقضاتها، في سابقة أخلاقية تظهر مدى الخضوع والانصياع الذي وصلت إليه قيادات هذه الدول ومشرّعيها للكيان الصهيوني، ولو كان هذا على حساب سمعة ومكانة هذه الدول على الساحة الدولية والقيم التي تشدق بها هؤلاء القادة والسياسيون والمشرّعون على مدى عقود، من خلال العبارة الشهيرة التي يدخلونها في أي خطاب سياسي أو شعبي، وهي عبارة «قيمنا Our Values»، التي كشفت أحداث غزة حقيقتها وأنها لا وجود لها إلا في الخطابات. «قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ».

خالد بن عمر المرهون، متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة مجلس النواب الأمریکی الکیان الصهیونی هذه الدول

إقرأ أيضاً:

صمود غزة يفتك بـ “اقتصاد الكيان الصهيوني”

يمانيون../
يتعرض العدو “الإسرائيلي” لخسائر اقتصادية فادحة نتيجة عدوانه الغاشم على غزة، هذه الخسائر ليست مجرد أرقام، وإنما تمثل تجسيدا حقيقيا للأثر العميق لعمليات المقاومة. فقد بلغت تكلفة الحرب مستويات قياسية، حيث تأثرت قطاعات حيوية بشكل غير مسبوق، ما أثر بشكل كبير على الحياة اليومية لملايين الصهاينة.

تشير الخسائر البشرية التي تكبدها العدو إلى أن صمود المقاومة الفلسطينية أمام العدوان كان له دور محوري في إحباط المخططات الإسرائيلية. ومع تزايد التقارير التي تُظهر تدهور سمعة الاقتصاد الإسرائيلي، يبدو أن المقاومة -رغم التصعيد- قد تمكنت من فرض واقع جديد أثر في قدرة “إسرائيل” على السيطرة. لم تعد هذه الحقائق قابلة للتجاهل، خاصة مع التصريحات المتزايدة من خبراء ومحللين “إسرائيليين”، إذ يؤكدون أن خسائر الاقتصاد “الإسرائيلي” منذ عملية طوفان الأقصى حتى الآن قد بلغت حوالي 100 مليار دولار، وما زالت هذه الخسائر تتصاعد.

يعاني الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً من تأثيرات الأحداث الحالية في غزة، التي تستنزف موارد “إسرائيل” عسكرياً وتكبّد خزينة الكيان مليارات “الشيكلات”. بالإضافة إلى ذلك، تستمر عمليات المقاومة الفلسطينية -المعززة بصواريخ ومسيرات الإسناد اليمني- في تحقيق نجاحات في العمق الإسرائيلي، في وقت تعاني فيه “إسرائيل” من الحظر البحري المستمر على حركة ملاحة سفنها والسفن المتعاونة معها في البحر الأحمر.

الكلفة الاقتصادية باهظة

في مقابلة أجرتها صحيفة “معاريف”، أدلى أفيغدور ليبرمان بتصريحات قوية ضد من يسمى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكداً أن الأخير “قاد إسرائيل إلى الدمار ولا يعرف إدارة أي شيء”. وفي إطار حديثه، أضاف ليبرمان أن نتنياهو يسعى فقط لضمان بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنة، في وقت تواجه فيه “إسرائيل” التهديدات الوجودية، وتدخل في أزمة متعددة الأبعاد هي الأعمق منذ إنشائها، تجلت في القتلى والجرحى من “الجنود” والمستوطنين، بالإضافة إلى الكلفة الاقتصادية الباهظة”.

في السياق، يكشف التقرير الصادر عن منظمة “لاتيت” للإغاثة الإنسانية أنه -بالإضافة إلى التحديات الأمنية والعسكرية الراهنة- هناك حرب أخرى، وهي “الحرب على الفقر، حيث تواجه “إسرائيل” اختباراً أخلاقياً يتطلب التضامن والمسؤولية المتبادلة. ويعد هذا الاختبار عاملاً حاسماً في تحديد مدى صمود المجتمع وقوته أو ضعفه عند مواجهة هذه الأزمات”.

وحسب صحيفتي “يديعوت أحرونوت” و”إسرائيل اليوم”، يوضح التقرير أن تكاليف المعيشة التي كانت مرتفعة بالفعل قبل الحرب، شهدت تفاقماً ملحوظاً بسبب الظروف الحالية، ما تسبب في ضغوط لزيادة الأسعار، وخصوصاً في قطاع المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية. وكشفت الأرقام أن متوسط الإنفاق الشهري للأسر المدعومة بلغ 10,367 شيكلاً (ما يعادل 2,870 دولاراً)، وهو أعلى بنسبة 1.7 مرة من متوسط صافي دخلها الشهري البالغ 6,092 شيكلاً (1,686 دولاراً).

ويظهر التقرير أن 78.8% من الأسر المدعومة من “حكومة” العدو تعاني من الديون، مقارنة بـ26.9% من عامة السكان، فيما عانى 65% من متلقي المساعدات من تدهور أوضاعهم الاقتصادية، بالإضافة إلى 32.1% من عامة الناس خلال العام الماضي. تقوم هذه الأرقام بتسليط الضوء على عمق الأزمة الإنسانية التي تؤثر على فئات مختلفة من الصهاينة.

كذلك، تشير النتائج إلى التأثير على الأطفال والمراهقين الذي أحدثته الحرب، حيث تأثرت الإنجازات الأكاديمية لـ44.6% من الأطفال المدعومين بشكل كبير مقارنة بـ1.14% في صفوف عموم السكان. بل ووجد أن خُمس الأفراد الذين تلقوا المساعدات أفادوا بأن أحد أطفالهم ترك المدرسة أو اضطر للانتقال إلى مدارس داخلية بسبب الضغوط المالية.

وبالنظر إلى فئة كبار السن من اللصهاينة، تظهر التقديرات أن 81.7% من هؤلاء المستفيدين يعانون من الفقر، و52.6% في فقر مدقع. كما يُعاني أكثر من ثلثهم (34.8%) من انعدام الأمن الغذائي الشديد، و60.4% من كبار السن المدعومين اضطروا للتخلي عن الأدوية أو العلاج الطبي بسبب عدم قدرتهم على تحمل التكاليف.

ويؤكد تقرير “لاتيت” أن العائلات داخل كيان العدو تعيش في حالة من الخوف المستمر من نفاد الطعام، وعدم قدرتها على تأمين وجبات متوازنة لأطفالها. ومع تصاعد التحديات، تنبأ مؤسس شركة “لاتيت” والرئيس التنفيذي للمنظمة بأن التوقعات المستقبلية ليست مطمئنة، حيث من المتوقع أن تؤدي الإجراءات الاقتصادية المخطط لها -مثل زيادة ضريبة القيمة المضافة وشروط التأمين- إلى تفاقم معاناة الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع. هذه الوقائع تكشف عن أزمة شاملة يمر بها الكيان المؤقت.

هشاشة الوضع الاقتصادي الإسرائيلي

تشير التقارير الأخيرة من “إسرائيل” إلى أن الاقتصاد يعاني من تقلبات حادة نتيجة العدوان على غزة، ما يعكس عدم جدوى هذا العدوان بدلالة تأثيره المدمر على الاستقرار الاقتصادي حيث أصبح الكيان الصهيوني مقصداً للمضاربين الذين يستغلون الظروف الصعبة لجني الأرباح. فبدلاً من الاستقرار، تتعرض الأسواق للارتباك، ما يبرز فشل “إسرائيل” في تحقيق أهدافها العسكرية. تعكس تصرفات المضاربين حقيقة يأس المستثمرين وفقدانهم الثقة في مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي.

إن التحولات الاقتصادية التي يشهدها السوق “الإسرائيلي” تؤكد أن العدوان لم يحقق أهدافه، بل ساهم بدلاً من ذلك في تعزيز صمود المقاومة وزيادة هشاشة الوضع الاقتصادي في “إسرائيل”. ومن المتوقع أن تشير التطورات المستقبلية إلى استمرار هذا الاتجاه، ما يعزز الأمل في تحقيق نتائج إيجابية تعكس ما أنجزته جهود المقاومة من انتصارات مستمرة.

تستمر الأحداث في “إسرائيل” في كشف واقع اقتصادي متزعزع، حيث أدت التطورات الجارية إلى خلق بيئة مواتية للانتهازية المالية. تظهر التغيرات السريعة في أسعار العملات -مثل الشيكل- تقلبات غير مسبوقة؛ فعلى سبيل المثال، انخفض “الشيكل” بشكل حاد إلى أكثر من 4″ شيكل” لكل دولار في بداية العدوان على غزة.

هذه التغيرات تعكس عدم استقرار الوضع الاقتصادي في الكيان ، وهو ما يخلق صورة مواتية للمستوطنين الصهاينة عن انهيار النظام المالي وضعف أجهزة الإدارة الاقتصادية للكيان. كما ازدهرت التقلبات فور بداية العدوان، ومع التوصل لاتفاق مع لبنان يظل اقتصاد العدو الإسرائيلي في حالة عدم استقرار مستمر، مع تذبذبات تفوق تلك التي شهدها اليورو في ذات الفترة.

وتشير دراسات لخبراء ومحللين متخصصين في الاقتصاد الاسرائيلي إلى أن المضاربين يستخدمون أدوات مالية متطورة ومعرفة عميقة بالسوق، ما يمنحهم ميزة تنافسية لا تتوفر للآخرين. فالعديد من الصهاينة يجدون صعوبة في فهم أسباب تراجع السوق أمام الظروف الإيجابية، وهذا يُظهر الفجوة بين الخبراء والمستثمرين غير المحترفين. كلما زاد عدم استقرار السوق، زادت فرص الربح للمضاربين، ما يعكس فشلاً في “مجتمع” المستثمرين الأوسع.

الدراسات أثبتت أن السياسات الـ”حكومية” الفاشلة في معالجة الأمور داخل الكيان وخلق انقسامات عميقة في لدى المستوطنين بأنه تتحول “إسرائيل” إلى ملعب مالي مفتوح للمضاربين، حيث تسهم الصراعات السياسية والاجتماعية، ومغالطات ما يسمى بـ”الإصلاحات القانونية المتعلقة بالعدالة”، إلى عمق ما وصل إليه حال الانقسامات في داخل الكيان وما باتت تلعب من دور بالغ الأهمية في زيادة الهوة بين الاستقرار والثقة في السوق. على سبيل المثال، شهدت “إسرائيل” احتجاجات واسعة ضد هذه الإصلاحات، ما أثر على الثقة في أجهزة إدارة الكيان المؤقت وأدى إلى انخفاض في الاستثمارات الأجنبية. بينما يستفيد المضاربون من هذه الفوضى، فإن المستوطنين العاديين يشعرون بارتباك حول كيفية تأثير الأحداث على استثماراتهم ومدخراتهم.

كما تشير التغيرات الاقتصادية غير المدروسة والتي ساهمت في تفتيت الثقة ووضعت الكيان المؤقت في موقف يمكن وصفه بكونه ملعباً للمضاربين. ذلك ما أكده “عيران هيلدسهايم” المراسل الاقتصادي لموقع “زمن إسرائيل” بالقول إن “هذا التدهور الاقتصادي يسلّط الضوء على حقيقة كارثية مفادها أن سياسات الـ”حكومة” الحالية لم تخلق انقساما وصدعا داخليا فحسب، بل غيّرت أيضا وضعها الاقتصادي من قوة تجتذب العديد من الاستثمارات، إلى ملعب مالي للمضاربين من جميع أنحاء العالم، ممن يستغلون عدم الاستقرار والاضطرابات التي تمر على “إسرائيل” لجني الأرباح” وفق مراسل المقع.

مشيرا إلى أن المضاربين -المعروفون بقدرتهم على اتخاذ قرارات سريعة- يعتمدون على تحليل التغيرات اللحظية في السوق. على سبيل المثال، يمكن للمضاربين “شبه أسماك القرش” أن يستفيدوا من الأخبار غير المؤكدة، مثل الشائعات حول التوصل إلى اتفاقات سياسية أو عسكرية، ليشتروا الأصول قبل أن ترتفع قيمتها. وقد أظهرت البيانات أن البنوك الكبرى مثل “جيه بي مورغان” و”غولدمان ساكس” قد حققت أرباحا كبيرة من تلك التغيرات، حيث توقعت تقارير أن تحقق هذه البنوك ما يصل إلى 475 مليون دولار من عمليات التداول المتعلقة بالسندات و”الشيكل”.

وأكد أن من المتوقع أن يكسب البنك الأمريكي الرائد جيه بي مورغان 70 مليون دولار من هذه المعاملات، ما يجعله أكبر رابح بين البنوك العالمية العشرة، ويشير النمو الرقمي إلى نشاط غير عادي وإيجابي في الأصول “الإسرائيلية”، وبالتحديد في عام يتسم بنشاط تداول ضعيف نسبياً، ومن المتوقع أن يسجل بنك “غولدمان ساكس” و”سيتي غروب” أرباحاً كبيرة نتيجة لذلك.

خاتمة

تشير التطورات الاقتصادية في “إسرائيل” إلى أن العدوان على غزة لم يؤد فقط إلى نتائج عسكرية غير محمودة، بل أسفرت أيضاً عن تفكيك الأساس الاقتصادي للكيان المؤقت. إن هذه البيئة من الفوضى توفر فرصة للمستثمرين المتخصصين، بينما تترك المستوطنين العاديين في حالة من الارتباك وعدم اليقين.

تتجلى قوة المقاومة الفلسطينية في غزة كرمز للصمود والعزيمة، حيث تبرز الأحداث الأخيرة مؤشراً على أن هذا الصمود يأتي في إطار الحق الطبيعي للفلسطينيين في نيل حريتهم واستعادة أراضيهم. تشهد “إسرائيل” اليوم نتائج العدوان التي تعكس الفشل في تحقيق الأهداف العسكرية، وبينما تعاني من تصاعد الفقر وأزمات اقتصادية خانقة، تتأكد حقيقة أن المقاومة لا تزال تمثل حجر الزاوية في النضال الفلسطيني.

يشير الواقع الاقتصادي في الكيان إلى أن الصمود الذي أبدته غزة لم يكن مجرد رد فعل، بل هو جزء من مسيرة طويلة نحو التمكين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، يتوجها القدس عاصمة لها. الفشل الاقتصادي الذي تواجهه “إسرائيل” اليوم هو نتيجة مباشرة لثبات الفلسطينيين ولإرادتهم في المقاومة، ما يبرز الفجوة بين ادعاءات القوة العسكرية والواقع الملموس.

في مواجهة هذه الظروف، يبقى الأمل قائماً بأن المقاومة ستكون سنداً لتحقيق الأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني، ويجب أن يتم تعزيز هذا الصمود عبر التضامن والتنظيم، ليتمكن الفلسطينيون من العبور نحو غد مشرق ومزدهر، حيث تستعاد الحقوق المسلوبة وتُحقق الأهداف الوطنية. إن المسيرة نحو الاستقلال وبناء الدولة المستقلة على كامل التراب الفلسطيني باتت أكثر وضوحاً، في ظل هذا الصمود المتواصل.

أنصار الله – يحيى الربيعي

مقالات مشابهة

  • أول حوار لمدعي عام «الجنائية الدولية» السابق: تعرضت للتهديدات وكنت على حق بمساءلة إسرائيل وفقا للقانون
  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • المدعية السابقة لـ«الجنائية الدولية» لـ«الوطن»: تلقيت تهديدات أمريكية وإسرائيلية بسبب فلسطين
  • صمود غزة يفتك بـ “اقتصاد الكيان الصهيوني”
  • فريق الأمم المتحدة يزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الصهيوني بميناء الحديدة
  • التزاما بمذكرات الجنائية الدولية.. بولندا: سنعتقل نتنياهو إذا دخل أراضينا
  • الأمم المتحدة: قدمنا أدلة تدين نظام الأسد إلى الجنائية الدولية والعدل الدولية
  • جيش الكيان يوجه رسالة إلى ابنة حسن نصر الله
  • الكيان الصهيوني يطلق النار على أهالي درعا السورية
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على كيانات إيرانية والحوثيين في تصاعد للتوترات.. العقوبات تهدف إلى تعطيل تدفق الإيرادات التي يستخدمها النظام الإيراني لتمويل الإرهاب في الخارج وللقمع الداخلي لشعبه