حمَّل مقال نشره مركز “كارنيغي” للسلام الدولي، النخب السياسية والتشكيلات المسلحة، في ليبيا، الجزء الأكبر من مسؤولية فشل مساعي التكيف مع تداعيات أزمة المناخ.

وأكد المركز أن ليبيا من البلدان الأكثر عرضة للتداعيات السلبية للتغير المناخي، وتأتي  في المرتبة الـ126 من أصل 182 دولة، في مؤشر البلدان الأكثر هشاشة، وهو ما ينعكس في ندرة المياه وموجات الحرارة المتتالية والجفاف المستمر.

وأكد الباحث فريدريك ويري، في مقاله المنشور أمس الجمعة، أن أزمة الحوكمة والانقسام السياسي والمؤسسي، والتوترات السياسية، والصراع المسلح، فاقمت من هشاشة ليبيا أمام تداعيات تغير المناخ. كما أعاقت أي استجابة متماسكة للتخفيف من آثار الأزمة، وإمكان التكيف معها.

وقال الكاتب: “في المناطق الثلاث التي شملها استطلاع أجريته، وهي الجبل الأخضر وجبل نفوسة وفزان، أجمع المشاركون على الإشارة إلى الدور الرئيسي للتشكيلات المسلحة في إضعاف القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية من خلال إدامة الصراع المسلح، وما ينتج عنه من حركة نزوح سكانية، وتعطيل الأنشطة المناخية، وتدمير البنية التحتية».

وحسب الكاتب، فإن سيطرة القوات التابعة ل”خليفة حفتر” في الجبل الأخضر  تلحق  خسائر فادحة بحماية البيئة، وهو ما يتجلى في أنشطة هيئة الاستثمار العسكري، وهي مؤسسة ربحية لعائلة “حفتر” شاركت في مشاريع غير مشروعة مثل تهريب الوقود وجمع الخردة المعدنية.

ولفت المقال إلى أن نقص المياه هو الخطر الأكثر إلحاحا فيما يتعلق بالمناخ في ليبيا، مشيرا إلى أنه يجرى سحب 80% على الأقل من إمدادات المياه الصالحة للشرب في البلاد من طبقات المياه الجوفية الأحفورية غير القابلة للتجدد من خلال شبكة أنابيب النهر الصناعي، الذي يعاني بالفعل تدهورا في البنية التحتية، وتبخر المياه في المناطق المفتوحة، ومعدلات سحب غير مستدامة، وكذلك التوزيع غير المتساوي بين المدن الليبية.

كما أشار إلى أن توفير المياه النظيفة الصالحة للاستخدام، أصبح مصدرا للمنافسة السياسية والإقليمية والمجتمعية. وتعد البنية التحتية للكهرباء كذلك من الأكثر هشاشة أمام التهديدات المتعلقة بالمناخ، ولا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة.

كما أن الاعتماد الكبير على النفط يعد أحد نقاط الهشاشة الإضافية في ليبيا، فالاعتماد الكبير على العائدات النفطية كمصدر أساسي للدخل الوطني خلق قطاعا عاما متضخما، يوظف 85% من السكان، ويترك البلاد عرضة لأي انخفاض مستقبلي في أسعار النفط بسبب التحول إلى الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة.

وسلط المقال الضوء على الانكماش الخطير في القطاع الزراعي في ليبيا، وهو انكماش مستمر منذ العام 2011 بسبب التداعيات المتراكمة للصراع السياسي والمسلح، واضطراب سلاسل التوريد العالمية، وارتفاع أسعار الإمدادات الزراعية، وغياب إمدادات مياه متجددة.

ويحذر الباحث من أن تراجع الإنتاج الزراعي في ليبيا، الذي مثل أقل من 2% فقط من الدخل القومي في العام 2022، يجعل البلاد عرضة بشكل خطير أمام اضطرابات سلاسل التوريد الغذائية، مشيرا إلى تراجع الاهتمام الحكومي بالقطاع الزراعي خلال السنوات الماضية.

ويشير الباحث كذلك إلى ضرورة التعامل مع أزمات الحوكمة والإدارة المالية والسياسية التي تترك البلديات في أنحاء ليبيا مع عوائق متجذرة بسبب القيود القانونية والتمويلية، وأبرزها الافتقار إلى التمكين التشريعي لمعالجة التكيف مع المناخ، والحاجة إلى الحصول على موافقة مسبقة لإنفاق الإيرادات بدلا من دمج تدابير تغير المناخ في الموازنة العامة.

آخر تحديث: 8 يونيو 2024 - 16:10

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أزمة المناخ التشكيلات المسلحة النخب السياسية التکیف مع فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

العملة السودانية تواصل التدهور أمام الدولار

العربي الجديد/ واصلت أسعار العملة السودانية تدهورها إذ وصل الدولار إلى ما يتراوح بين 2660 و2700 جنيه في السوق السوداء، متراجعاً عن الشهر الماضي بنحو 200 جنيه، يأتي ذلك في الوقت الذي سجل السعر في بنك الخرطوم نحو 2020 جنيهاً بفارق كبير عن السوق غير الرسمية.
ومع تفاقم أزمة الجنيه السوداني نتيجة استمرار الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع وقرب دخولها عامها الثالث بلغت نسبة ارتفاع أسعار العملات أكثر من 500% منذ اندلاع النزاع في منتصف إبريل/نيسان عام 2023، الأمر الذي أدى إلى زيادات غير مسبوقة في أسعار السلع والخدمات الضرورية.
ومنذ اندلاع الحرب يواجه النظام المصرفي صعوبة في استعادة عملياته المصرفية سوى بعض البنوك التي نقلت مقارها من العاصمة الخرطوم إلى الولايات البعيدة نسبياً عن القتال.
وقال الاقتصادي السوداني إبراهيم توفيق لـ"العربي الجديد" إن سعر صرف الجنيه تأثر بالأوضاع العامة وتوقف العمليات التجارية في البنوك، مع فشل الحكومة في إيجاد مخرج للأزمة. وإنه من المستحيلات إيجاد مخرج لأزمة العملة طالما الحرب مستمرة.
واعتبر أن الميزان التجاري في السودان بحاجة إلى تمويل بالعملات الصعبة قد تصل إلى ملياري دولار خلال ستة أشهر، مع الوضع في الاعتبار أن السودان يحتاج إلى توسيع استيراد الغذاء بشكل مضاعف بسبب خروج المشاريع الزراعية من الموسم الإنتاجي بسبب الحرب.

تراجع تحويلات المغتربين السودانيين يؤثّر على نفقات الأسر

يأتي هذا التطور في وقت يعاني فيه السودان من شح في السيولة النقدية، مما يزيد من أهمية استخدام الأنظمة الرقمية لتسهيل عمليات التحويل بين البنوك، مما يساهم في تسريع وصول الأموال وتحسين كفاءة المعاملات.
هذا التوجه نحو استخدام المنصات الرقمية يعكس سعي القطاع المصرفي في السودان إلى مواجهة تحديات السيولة، وفي الوقت ذاته تسهيل العمليات المالية بما يتماشى مع التحولات التقنية في أنظمة الدفع والتعاملات المصرفية في المنطقة.
وفي هذا الإطار، أعلن وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، مؤخراً، عن أهمية التحول الرقمي الشمول المالي في تحسين الاقتصاد ومحاربة اقتصاد الظل، وقال إن السودان يحتل مراتب متأخرة في هذا الإطار مقارنة ببعض الدول على المستوى الإقليمي.
وطالب الوزير خلال مخاطبته فعالية "الدفع الإلكتروني" التي انعقدت مؤخراً في بورتسودان "العاصمة الإدارية للبلاد"، بضرورة تجاوز التحديات والعقبات التي تواجه عملية التحول الرقمي ليخفف العبء عن البنوك ويقلل الجهد في سداد الفواتير.

أزمة سيولة في السودان
وتشهد غالبية ولايات السودان، أزمة سيولة حادة وازدحاماً أمام البنوك للحصول على النقد لتغطية نفقات الحياة المعيشية اليومية نتيجة لعدم استخدام معظم المواطنين للتقنية الرقمية في التحويلات، كما أن عدداً من المراكز التجارية والأسواق تفتقر إلى استخدام التطبيقات البنكية مع ضعف شبكات الاتصالات في ظل عدم استقرار الكهرباء نتيجة للاعتداءات المتكررة على المحطات الكهربائية التي ظلت تشنها قوات الدعم السريع، ما أثر بصورة كبيرة على معظم ولايات السودان.
الخبير الاقتصادي محمد الناير يعتقد أن أزمة السيولة النقدية في بعض المناطق أمر طبيعي في ظل الأوضاع الأمنية بالولايات التي تشهد نزاعات عسكرية لأن نقل العملة الورقية يصبح غير ممكن، خصوصاً في ولايات دارفور وكردفان.
وبدأ بنك السودان المركزي في ديسمبر/كانون الأول الماضي عمليات استبدال الأوراق النقدية من فئتي 500 وألف جنيه في الولايات الآمنة وتم تمديدها حتى يناير 2025 عقب احتجاجات مواطنين، وأعلن البنك المركزي أن العملات بأيدي المواطنين في الولايات المتأثرة بالحرب ستكون مبرئة للذمة إلى حين استبدالها.  

مقالات مشابهة

  • الحراري: حل أزمة الهجرة ليس مسؤولية ليبيا وحدها بل تحدٍّ مشترك
  • المنصة الوطنية لبرنامج "نوفى".. 5 مشروعات لـ" التكيف والمرونة وسياسات دعم المناطق الهشة".. فاروق: نهضة غير مسبوقة بالزراعة وإضافة 4 ملايين فدان للرقعة الزراعية .. صيام: تحديث الري والتصنيع الزراعي
  • تيته تبحث مع أبو الغيط دعم العملية السياسية وإجراء الانتخابات في ليبيا
  • افتتاح مركز انتساب للجيش والقوات المسلحة بمحافظة السويداء
  • سفير روسيا يبحث مع “تنسقية العمل الوطني” تطورات العملية السياسية في ليبيا
  • محسن جابر: أنا المنتج المصري الأكثر استمرارية حتى اليوم وتجاوزت أزمة الكاسيت
  • وزير الإسكان ومحافظ الأقصر يستعرضان أزمة انقطاع المياه المتكررة
  • هل ستنقذ أمطار آذار المتأخرة العراق من أزمة المياه الصيفية؟
  • العملة السودانية تواصل التدهور أمام الدولار
  • رئيس مؤسسة النفط: الفرصة سانحة أمام الشركات العالمية للعودة والاستثمار في ليبيا