سواليف:
2025-04-30@17:12:36 GMT

خاطرة

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

#خاطرة د. #هاشم_غرايبه

مع إقبال شهر ذي الحجة، تتعلق قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض بأطهرها وأسماها مرتبة، وهي التي جعلها الله موئلا لبيته الحرام ومهبطا لرسالته الخاتمة التي حوت هديه ودينه ومنهجه، التي أنعم بها على العالمين.
وشاءت حكمته إبقاء ذلك التعلق دائما وأبدا ليتمسك المؤمنون بها ويحافظوا عليها نقية طاهرة من رجس معادي منهجه الكافرين المشركين وحلفائهم المنافقين، لهذا فرض الله الحج.


لو تمعنا في الآية التي فرض الله فيها الحج على المؤمنين: “وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ” [آل عمران:97]، لوجدنا أن الأمر للناس بالحج أقوى من الفرائض الأخرى التي فرضها الله على عباده كالصلاة والصوم، إذ أنها حق لله على الناس جميعا، الذين آمنوا به إلها، من أتباع الرسالات السماوية جميعا، ولم يعلل الله هذا الاستحقاق بصريح العبارة، لكنه أشار إليه عندما قال (ومن كفر) أي جحد بنعمة إيجاد الله البيت الحرام في هذه البقعة المقفرة، فازدانت به وازدهرت، إذ باتت مثابة للناس يأتونها من كل أقطار الأرض، فالكفر هنا كفران: كفر من سكان هذه البقعة بهذه النعمة وأنكار لفضل الله عليهم بذلك، والكفر الآخر بإنكار سكان باقي قاطني الأرض فضل الله عليهم بهدايتهم وارشادهم بهذا الدين.
السؤال هنا كيف لمن أكرمهم الله بهذا الإنعام الذي يُحسدون عليه أن يكفروه؟.
بلى حدث ذلك عندما سادها مشركون، ويمكن ذلك إن سادها من بعد أن طهرها الله من رجسهم منافقون، ممن يتظاهرون بالإيمان لكنهم يخفون في صدورهم النفاق خوفا من الغالبية المؤمنة، فلا يعلنونه بل يدعونه بشكل حرص على خدمة الأماكن المباركة، فيعلون فيها البنيان وينفقون على إعمارها وزخرفتها، فيما هم لمنهج الله كارهون ويبطشون بالدعاة له فيتهمونهم بالإرهاب، ويضيقون على متبعيه فلا يسمحون لهم بالحج إلا لعدد محدود بحجة ضيق المكان وعدم القدرة على تنظيم الأعداد الكبيرة، لكن ما يكشف زيف ادعائهم أنهم يشجعون زيارة غير المؤمنين مهما كان عددهم، ويحرصون على تقديم كل الحفاوة لهم والتسهيلات لقدومهم بدعوى تشجيع السياحة.
فهل صحيح أن المردود المادي للسياحة القائمة على الترفيه أعظم من مردود الحج !؟.
إن القادم للحج أو العمرة يدخر طوال عمره ليوفر المال ليتمكن من أداء الفرائض والسنن التي تسعده أكثر بكثير من متعة السفر والترحال، لأنها تقربه من الله وتطمئنه الى مستقبله في الحياة الأخرى، ووجهته محددة بمكة والمدينة، وليس لأي مكان آخر في العالم، بينما السائح القادم لرؤية الأماكن السياحية وتغيير الجو لديه العديد من الوجهات والبدائل، فيزور ما يشاء بناء على اعتبارات تنافسية كثيرة، وليس محددا بمكان واحد.
إذا فالمنطق يبين أن اهتمام أولي الأمر بتنمية ما يسميه غير المؤمنين بالسياحة الدينية، أنفع كثيرا ماديا لأهل المنطقة، وأجدى اقتصاديا من محاولات جذب السياحة الترفيهية، بكلف باهظة في الدعاية التسويقية وإقامة الأماكن الترفيهية في منطقة غير جاذبة أصلا سياحيا، فلا يقصدها محبو الطبيعة لمناخها وطبيعتها الجغرافية القاسية، ولقلة تنافسيتها السياحية مع باقي بقاع الأرض.
ربما لأجل ذلك جعل الله هذه الطبيعة القاسية لتلك البقعة: طقس حار صيفا وشتاء، وجبال سوداء مقفرة ورمال موحشة لا زرع فيها، ليكف أيدي الغزاة عنها، فلا تغري طامعا ولا تستهوي طالب رزق.
لكن جعل لها البديل المغني عن كل ذلك، أفئدة المؤمنين من كل الأرض تهوي إليها وتتحمل المشاق للوصول إليها، فيجبى إليها من كل الثمرات، وتعج بالمرتادين من الأجناس والقوميات.
وقدوم هؤلاء لا يتطلب كلفة إقامة منتجعات تجذبهم ولا ملاهي تستهويهم ولا مراقص تمتعهم، إنهم يطلبون فقط أن يسمح لهم بالسفر إلاىتلك البقعة المكرمة إرضاء لربهم، وهم مستعدون لتحمل كل الكلف والمشاق.
فهل هنالك نعمة أعظم من هذه النعمة!؟.
لكن المنافقين كعادتهم دائما، ينفقوا أموالهم ليصدوا عن منهج الله، وخياراتهم خاطئة خاسرة، فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

تعدين قاع البحر.. طموح ترامب يهدد أعمق النظم البيئية على الأرض

في أعماق المحيط الهادي، حيث الظلام والسكينة والضغط الهائل، تعيش كائنات غريبة تتوهج في العتمة وتتسلل بين الصخور المعدنية المتكتلة. في هذا العالم المجهول، لا شيء يعكّر صفو الحياة البطيئة. لكن ذلك قد يتغير قريبا.

ففي خطوة أثارت قلق العلماء، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس الماضي أمرا تنفيذيا يفتح الباب أمام التعدين الصناعي في قاع البحر للمرة الأولى، وذلك بهدف استخراج معادن تُستخدم في الإلكترونيات وبطاريات السيارات والأسلحة المتطورة.

تعد هذه الموارد، التي تتكون ببطء شديد على مدى ملايين السنين، ذات قيمة إستراتيجية واقتصادية كبيرة، لكنها تشكل أيضا حجر الأساس لنظام بيئي بالغ الهشاشة.

ماذا يوجد بالقاع؟

يستهدف التعدين في أعماق البحار بشكل رئيسي ثلاثة أنواع من الرواسب المعدنية: العقيدات، والقشور، والتلال الحرارية. لكن التركيز حاليا ينصب على العقيدات، وهي كرات معدنية صغيرة تتشكل حول نواة، مثل سن سمكة قرش تتراكم عليه معادن كالمنغنيز والحديد ببطء شديد.

هذه العقيدات لا تحتوي على المعادن فحسب، بل هي موطن لمجموعة كبيرة من الكائنات البحرية. وفقا لعالمة المحيطات ليزا ليفين، فإن ما يقارب نصف أنواع الكائنات الحية في أعماق قاع البحر تُقيم على هذه العقيدات، بحسب ما تنقله صحيفة نيويورك تايمز.

إعلان

وتقول ليفين "لا نعرف مدى انتشار هذه الأنواع أو قدرتها على إعادة استعمار مناطق مدمرة بسبب التعدين"، مشيرة إلى هشاشة هذه النظم البيئية.

تجمع للعقيدات في قاع البحار (مكتب استكشاف المحيطات والبحوث الأميركي) كيف يتم التعدين؟

هناك طريقتان أساسيتان للتعدين في قاع البحر: الأولى تستخدم أدوات كشط لجمع العقيدات من الأرض، والثانية تعتمد على شفطها بأنابيب ضخمة إلى سطح السفن. في كلتا الحالتين، تُعاد المياه والرواسب المصاحبة إلى البحر، مما يؤدي إلى اضطرابات بيئية كبيرة.

أحد أبرز المخاوف هو أعمدة الرواسب التي يمكن أن تنتشر في المياه النظيفة على أعماق تصل إلى ألف متر. هذه الأعمدة قد تخنق الكائنات الدقيقة مثل الإسفنج والروبيان، وتُعطّل الحياة البحرية من خلال التلوث السمعي والبصري، وتؤثر حتى على قدرة الكائنات على التزاوج أو اصطياد فرائسها.

كما أن المعادن الثقيلة في هذه الرواسب قد تلوث سلاسل الغذاء البحرية، بما في ذلك المأكولات البحرية التي يستهلكها البشر.

وعد بالاستدامة

تزعم شركات التعدين أنها تُطوّر تقنيات أكثر استدامة مثل استخدام روبوتات تعتمد الذكاء الاصطناعي لجمع العقيدات دون إثارة الرواسب، كما تفعل شركة "إمبوسيبل ميتالز". ففي عام 2022، نجحت شركة كندية في استخراج آلاف الأطنان من العقيدات، وجمعت بيانات بيئية خلال العملية.

لكن العلماء يحذّرون من أن النماذج النظرية والاختبارات المحدودة لا يمكن أن تعوّض المعرفة الحقيقية بتأثير هذه العمليات على المدى الطويل.

ويقول جيفري درازين عالم المحيطات في جامعة هاواي إننا نجهل مدى تأثير مثل هذه العمليات على سلاسل الغذاء، وفق نيويورك تايمز.

نوع من الرخويات يعيش على عمق آلاف الأمتار تحت سطح البحر قد يضر التعدين تعداده وبيئته (أسوشيتد برس) مخاطر بعيدة المدى

الحياة في أعماق المحيط تسير بوتيرة بطيئة جدا. بعض الأسماك تعيش مئات السنين، وبعض الشعاب المرجانية آلافا. وهذا يجعل من الصعب تقدير مدى قدرة هذه البيئات على التعافي بعد الاضطراب الذي يحدثه التعدين.

إعلان

وتشير عالمة الأحياء الجيولوجية بيثاني أوركت -في حديث إلى صحيفة نيويورك تايمز- إلى أنه "ليس لدينا إستراتيجيات استعادة لهذه النظم البيئية، كما لا يوجد دليل علمي على أننا نستطيع إصلاح ما نفسده".

وقد تتضرر العوالق، وهي أساس السلسلة الغذائية في المحيطات، بشدة من تغيرات طفيفة في البيئة، مما يؤدي إلى انهيارات بيئية يصعب وقفها.

هل نحتاج إلى التعدين؟

يشكك بعض العلماء في الحاجة الملحّة للتعدين في قاع البحر أصلا، مشيرين إلى أن المناجم الموجودة على اليابسة لا تزال قادرة على تلبية الطلب العالمي على المعادن.

من جهة أخرى، يرى المؤيدون أن التعدين في البحر قد يكون أقل ضررا من الناحية الكربونية من التعدين الأرضي.

ومع ذلك، تظل المشكلة الكبرى أن التعدين في قاع البحر لم يسبق أن جُرّب على نطاق واسع، ولا نعرف ما الذي قد يُحدثه في توازن المحيطات.

في الوقت الراهن، يظل قاع البحر أحد آخر الحدود غير المستكشفة على الكوكب، وموطنا لبيئات فريدة من نوعها قد تحمل أسرارا علمية وطبية غير مكتشفة. لكن طموح التكنولوجيا الحديثة قد يهدد هذه الكنوز الخفية قبل أن نعرف حتى ما الذي نخسره.

مقالات مشابهة

  • من الأرض إلى الأثير.. الإمارات تستكشف آفاق الفضاء في إكسبو 2025 أوساكا
  • تعدين قاع البحر.. طموح ترامب يهدد أعمق النظم البيئية على الأرض
  • كوزموس 482 تهدد الأرض بعد نصف قرن في المدار
  • كيف تلاعب العصر الجليدي الأخير بصفائح الأرض التكتونية؟
  • أفضل الصدقة التي أخبر عنها النبي .. اغتنمها
  • أفضل ميزات الهواتف الذكية التي يتوق إليها المستهلكون في عام 2025
  • عَميدُ الشُهَداء
  • الرخامة الزرقاء.. كيف غيّر نصف قرن من تغير المناخ وجه الأرض؟
  • الساعة الأخيرة للجنجويد: حين يصبح الهروب هو المصير الوحيد
  • عندما تتكلم الأرض: خواطر من لحظات الزلزال