تقويض وصول دول الخليج إلى شرائح نفيديا.. ناقوس خطر في مسيرة الذكاء الاصطناعي العربي
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي المحتدم، تموضعت "إنفيديا" في قلب الصراع، كونها تبني الشرائح الأقوى والأفضل في قطاع الذكاء الاصطناعي، مما جعل هذا التموضع شرائح إنفيديا مفتاح النجاح في قطاع الذكاء الاصطناعي، وأحدث أوجه الصراع الأميركي الصيني.
فحكومة الولايات المتحدة تسعى إلى تقويض وصول دول الشرق الأوسط إلى شرائح إنفيديا المحورية في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة، وذلك أملا منها لمنع وصول الصين إلى هذه الشرائح تباعا، بفضل العلاقة الطيبة بين حكومة الصين ودول المنطقة.
رسميا، ما زالت أميركا عند موقفها الرسمي الذي ينفي وجود أي إعاقة لوصول دول الشرق الأوسط إلى شرائح إنفيديا المختلفة، وهو الموقف الذي اتخذته الحكومة منذ نهاية العام الماضي، وأصدرت عدة بيانات تعزز منه، وتؤكد موقفها منه وفق ما نقلته رويترز بشكل رسمي، لكن تقرير بلومبيرغ "Bloomberg" الأخير يشير إلى قرارات غير رسمية تستدعي إعادة النظر في التصريحات الأمنية لدول الشرق الأوسط، قبل منحها صلاحيات الوصول إلى هذه الشرائح.
منع وصول الصين إلى الشرائحلن تتوقف حكومة أميركا عن مساعيها لمنع حكومة تشي جين بينغ من الوصول إلى شرائح الذكاء الاصطناعي المتطورة التي بنيت على أراض أميركية، بينما لا يعد هذا العداء خفيا، إلا أنه كان دائما يركّز على وصول الشرائح إلى الصين أو حلفائها المباشرين مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية، وكانت دول المنطقة العربية رغم علاقاتها الودية مع الصين بعيدة عن هذا الصراع.
ولكن ما حدث منذ أسابيع مضت جر مشاريع تطوير الذكاء الاصطناعي العربي إلى قلب الصراع الأميركي الصيني، حيث تقدمت عدة شركات تقع في الإمارات والسعودية وقطر على حد سواء بطلب للوصول إلى شرائح تسريع الذكاء الاصطناعي من إنفيديا وإنتل وإيه إم دي (AMD)، فضلا عن لاعب جديد في هذا القطاع يدعى سيريبراس سيستمز (Cerebras Systems)، وكان مصير هذه الطلبات التجاهل وعدم منح التراخيص اللازمة لها.
يذكر أن حكومة بايدن أقرت في أكتوبر/تشرين الأول 2022 قانونا جديدا يجبر جميع الشركات العاملة في تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل خاص، والتقنيات المتطورة بشكل عام، على الحصول على رخصة خاصة، من أجل تصدير الشرائح المتطورة والمستخدمة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي مباشرة إلى أي دولة أو شركة خارجية.
واستمرت الحكومة الأميركية في إضافة العديد من الشركات والدول إلى قائمة الحظر عقب الاشتباه في تعاونها مع حكومة الصين، لكن حتى الأسابيع الماضية، لم تكن الدول العربية ضمن قائمة الممنوعين من الوصول إلى الشرائح، وبينما يقتصر القانون على الطلبات الكبيرة للشرائح والمعالجات، إلا أنه لا يحدد حجم "الطلب الكبير" بشكل واضح.
نبعت سيادة إنفيديا في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي بفضل قدرة الشرائح على معالجة كميات مهولة من البيانات في وقت قياسي، وهو الأمر المطلوب عند تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وتحديدا نماذج اللغة العميقة.
لذلك فإن منع وصول أي دولة أو شركة لشرائح إنفيديا بشكل خاص وشرائح الذكاء الاصطناعي بشكل عام يؤدي مباشرة إلى خفض جهودها في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتعطيلها عن المنافسة، وهو الأمر الذي تحاول دول المنطقة تجنبه قدر الإمكان.
رغم وجود منافسين عدة مع إنفيديا في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي، فإنها جميعا تتخذ من أميركا مقرا لها، وبالتالي هي مجبرة على الانصياع لقوانين النظام الأميركي والتبليغ باستمرار عن طلبات التصدير الكبيرة، سواء كانت لدول المنطقة أو غيرها.
لذا حتى إن تمكنت الدول العربية من الوصول إلى شرائح لمعالجة الذكاء الاصطناعي بعيدا عن قوانين أميركا، فإن هذه الشرائح لن تكون بجودة الشرائح الأميركية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على جودة وقوة أدائها.
وجدير بالذكر أن كلا من الإمارات والسعودية وقطر بدأت المشاركة في سباق الذكاء الاصطناعي بشكل جاد وسريع، وهذه المشاركة استدعت زيارة من ثيا كيندلر المسؤولة عن ملف الصادرات في وزارة التجارة الأميركية مطلع مايو/أيار الماضي.
في الآونة الأخيرة، خرجت عدة دول عربية بإعلان مشاريع ذكاء اصطناعي عميقة تحمل بصمة عربية ومطورة بالكامل في الخليج، بدءا من مشروع الفنار القطري الذي يسعى إلى بناء تحول رقمي شامل وجمع بيانات عالية الجودة، فضلا عن مشاريع شركة أم جي إكس (MGX)، أحدث شركة استثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي بالإمارات، والحاسوب الخارق الذي تطوره جامعة الملك عبدالله في السعودية.
رغم أن تطوير هذه المشاريع بدأ بالفعل واعتمد على عدة تقنيات أميركية وصينية على حد سواء، فإن قوانين التصدير قد تقضي على تلك المشاريع قبل أن نراها بشكل تجاري، إذ يحتاج كل مشروع منها إلى بناء مراكز بيانات عملاقة تعتمد على شرائح إنفيديا المطورة بشكل كبير.
ويظل السؤال الحقيقي: هل يتم وضع الدول العربية بقائمة المنع من الوصول لشرائح إنفيديا؟ وكيف يمكن أن تستمر مسيرة الذكاء الاصطناعي في تلك الحالة؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات شرائح الذکاء الاصطناعی هذه الشرائح دول المنطقة الوصول إلى من الوصول إلى شرائح فی قطاع
إقرأ أيضاً:
فيديو.. مباراة تنس بلا نهاية بين روبوتات غوغل لتدريب الذكاء الاصطناعي
في صيف 2010، خاض لاعبا التنس جون إيسنر ونيكولا ماهو واحدة من أكثر المواجهات استنزافًا في تاريخ ويمبلدون، فقد استمرت المباراة 11 ساعة على مدار 3 أيام. وبعد أكثر من عقد، يخوض خصمان من نوع آخر مباراة لا تقل عنادًا، لكن هذه المرة داخل مختبرات ديب مايند التابعة لغوغل، وبلا جمهور.
فبحسب تقرير لموقع بوبيلار سينس (Popular Science)، تتحرك ذراعان روبوتيتان في مباراة تنس طاولة بلا نهاية في مركز الأبحاث جنوب لندن، ضمن مشروع أطلقته ديب مايند عام 2022 لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي عبر التنافس الذاتي المستمر. الهدف لا يقتصر على تحسين مهارات اللعب، بل يتعداه إلى تدريب خوارزميات قادرة على التكيف مع بيئات معقدة، مثل تلك التي تواجهها الروبوتات في المصانع أو المنازل.
من مناوشة بلا فائز إلى تدريب بلا توقففي بدايات المشروع، اقتصر التمرين على ضربات تبادلية بسيطة بين الروبوتين، من دون سعي لتحقيق نقاط. ومع الوقت، وباستخدام تقنيات التعلم المعزز، أصبح كل روبوت يتعلم من خصمه ويطوّر إستراتيجياته.
وعندما أُضيف هدف الفوز بالنقطة، واجه النظام صعوبة في التكيف، إذ كانت الذراعان تفقدان بعض الحركات التي أتقنتاها سابقًا. لكن عند مواجهة لاعبين بشريين، بدأت تظهر بوادر تقدم لافت، بفضل تنوع أساليب اللعب التي وفّرت فرص تعلم أوسع.
ووفق الباحثين، فازت الروبوتات بنسبة 45% من أصل 29 مباراة ضد بشر، وتفوقت على لاعبين متوسطين بنسبة بلغت 55%. فالأداء الإجمالي يُصنّف في مستوى لاعب هاوٍ، لكنه يزداد تعقيدًا مع الوقت، خصوصًا مع إدخال تقنيات جديدة لمراقبة الأداء وتحسينه.
عندما يعلّم الفيديو الذكاء الاصطناعيالتحسينات لم تتوقف على التمرين الفعلي، إذ استخدم الباحثون نموذج جيمناي (Gemini) للرؤية واللغة من غوغل لتوليد ملاحظات من مقاطع الفيديو الخاصة بالمباريات.
ويمكن للروبوت الآن تعديل سلوكه بناء على أوامر نصيّة، مثل "اضرب الكرة إلى أقصى اليمين" أو "قرّب الشبكة". هذه التغذية الراجعة البصرية اللغوية تعزز قدرات الروبوت على اتخاذ قرارات دقيقة خلال اللعب.
إعلان تنس الطاولة بوابة لروبوتات المستقبلتُعد لعبة تنس الطاولة بيئة مثالية لاختبار الذكاء الاصطناعي، لما فيها من توازن بين السرعة والدقة واتخاذ القرار. وهي تتيح تدريب الروبوتات على مهارات تتجاوز مجرد الحركة، لتشمل التحليل والاستجابة في الوقت الحقيقي، وهي مهارات ضرورية للروبوتات المستقبلية في البيئات الواقعية.
ورغم أن الروبوتات المتقدمة ما زالت تتعثر في مهام بسيطة بالنسبة للبشر، مثل ربط الحذاء أو الكتابة، فإن التطورات الأخيرة -كنجاح ديب مايند في تعليم روبوت ربط الحذاء، أو نموذج "أطلس" الجديد الذي قدّمته بوسطن ديناميكس- تشير إلى تقارب تدريجي بين أداء الآلة والإنسان.
نحو ذكاء عام قابل للتكيفيرى خبراء ديب مايند أن هذا النهج في التعلم، القائم على المنافسة والتحسين الذاتي، قد يكون المفتاح لتطوير ذكاء اصطناعي عام متعدد الاستخدامات. والهدف النهائي هو تمكين الروبوتات من أداء مهام متنوعة، ليس فقط في بيئات صناعية بل أيضًا في الحياة اليومية، بأسلوب طبيعي وآمن.
حتى ذلك الحين، ستبقى ذراعا ديب مايند في مباراة مفتوحة، تتبادلان الكرات والمهارات، في طريق طويل نحو مستقبل روبوتي أكثر ذكاء ومرونة.