في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي المحتدم، تموضعت "إنفيديا" في قلب الصراع، كونها تبني الشرائح الأقوى والأفضل في قطاع الذكاء الاصطناعي، مما جعل هذا التموضع شرائح إنفيديا مفتاح النجاح في قطاع الذكاء الاصطناعي، وأحدث أوجه الصراع الأميركي الصيني.

فحكومة الولايات المتحدة تسعى إلى تقويض وصول دول الشرق الأوسط إلى شرائح إنفيديا المحورية في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة، وذلك أملا منها لمنع وصول الصين إلى هذه الشرائح تباعا، بفضل العلاقة الطيبة بين حكومة الصين ودول المنطقة.

رسميا، ما زالت أميركا عند موقفها الرسمي الذي ينفي وجود أي إعاقة لوصول دول الشرق الأوسط إلى شرائح إنفيديا المختلفة، وهو الموقف الذي اتخذته الحكومة منذ نهاية العام الماضي، وأصدرت عدة بيانات تعزز منه، وتؤكد موقفها منه وفق ما نقلته رويترز بشكل رسمي، لكن تقرير بلومبيرغ "Bloomberg" الأخير يشير إلى قرارات غير رسمية تستدعي إعادة النظر في التصريحات الأمنية لدول الشرق الأوسط، قبل منحها صلاحيات الوصول إلى هذه الشرائح.

منع وصول الصين إلى الشرائح

لن تتوقف حكومة أميركا عن مساعيها لمنع حكومة تشي جين بينغ من الوصول إلى شرائح الذكاء الاصطناعي المتطورة التي بنيت على أراض أميركية، بينما لا يعد هذا العداء خفيا، إلا أنه كان دائما يركّز على وصول الشرائح إلى الصين أو حلفائها المباشرين مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية، وكانت دول المنطقة العربية رغم علاقاتها الودية مع الصين بعيدة عن هذا الصراع.

ولكن ما حدث منذ أسابيع مضت جر مشاريع تطوير الذكاء الاصطناعي العربي إلى قلب الصراع الأميركي الصيني، حيث تقدمت عدة شركات تقع في الإمارات والسعودية وقطر على حد سواء بطلب للوصول إلى شرائح تسريع الذكاء الاصطناعي من إنفيديا وإنتل وإيه إم دي (AMD)، فضلا عن لاعب جديد في هذا القطاع يدعى سيريبراس سيستمز (Cerebras Systems)، وكان مصير هذه الطلبات التجاهل وعدم منح التراخيص اللازمة لها.

يذكر أن حكومة بايدن أقرت في أكتوبر/تشرين الأول 2022 قانونا جديدا يجبر جميع الشركات العاملة في تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل خاص، والتقنيات المتطورة بشكل عام، على الحصول على رخصة خاصة، من أجل تصدير الشرائح المتطورة والمستخدمة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي مباشرة إلى أي دولة أو شركة خارجية.

واستمرت الحكومة الأميركية في إضافة العديد من الشركات والدول إلى قائمة الحظر عقب الاشتباه في تعاونها مع حكومة الصين، لكن حتى الأسابيع الماضية، لم تكن الدول العربية ضمن قائمة الممنوعين من الوصول إلى الشرائح، وبينما يقتصر القانون على الطلبات الكبيرة للشرائح والمعالجات، إلا أنه لا يحدد حجم "الطلب الكبير" بشكل واضح.

سيادة إنفيديا في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي سببه قدرة شرائحها على معالجة كميات مهولة من البيانات في وقت قياسي (شترستوك) هل يمكن تطوير الذكاء الاصطناعي دون هذه الشرائح؟

نبعت سيادة إنفيديا في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي بفضل قدرة الشرائح على معالجة كميات مهولة من البيانات في وقت قياسي، وهو الأمر المطلوب عند تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وتحديدا نماذج اللغة العميقة.

لذلك فإن منع وصول أي دولة أو شركة لشرائح إنفيديا بشكل خاص وشرائح الذكاء الاصطناعي بشكل عام يؤدي مباشرة إلى خفض جهودها في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتعطيلها عن المنافسة، وهو الأمر الذي تحاول دول المنطقة تجنبه قدر الإمكان.

رغم وجود منافسين عدة مع إنفيديا في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي، فإنها جميعا تتخذ من أميركا مقرا لها، وبالتالي هي مجبرة على الانصياع لقوانين النظام الأميركي والتبليغ باستمرار عن طلبات التصدير الكبيرة، سواء كانت لدول المنطقة أو غيرها.

لذا حتى إن تمكنت الدول العربية من الوصول إلى شرائح لمعالجة الذكاء الاصطناعي بعيدا عن قوانين أميركا، فإن هذه الشرائح لن تكون بجودة الشرائح الأميركية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على جودة وقوة أدائها.

وجدير بالذكر أن كلا من الإمارات والسعودية وقطر بدأت المشاركة في سباق الذكاء الاصطناعي بشكل جاد وسريع، وهذه المشاركة استدعت زيارة من ثيا كيندلر المسؤولة عن ملف الصادرات في وزارة التجارة الأميركية مطلع مايو/أيار الماضي.

منافسة أميركية صينية للهيمنة على تقنيات الذكاء الاصطناعي (شترستوك) مشاريع ذكاء اصطناعي عربية في خطر

في الآونة الأخيرة، خرجت عدة دول عربية بإعلان مشاريع ذكاء اصطناعي عميقة تحمل بصمة عربية ومطورة بالكامل في الخليج، بدءا من مشروع الفنار القطري الذي يسعى إلى بناء تحول رقمي شامل وجمع بيانات عالية الجودة، فضلا عن مشاريع شركة أم جي إكس (MGX)، أحدث شركة استثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي بالإمارات، والحاسوب الخارق الذي تطوره جامعة الملك عبدالله في السعودية.

رغم أن تطوير هذه المشاريع بدأ بالفعل واعتمد على عدة تقنيات أميركية وصينية على حد سواء، فإن قوانين التصدير قد تقضي على تلك المشاريع قبل أن نراها بشكل تجاري، إذ يحتاج كل مشروع منها إلى بناء مراكز بيانات عملاقة تعتمد على شرائح إنفيديا المطورة بشكل كبير.

ويظل السؤال الحقيقي: هل يتم وضع الدول العربية بقائمة المنع من الوصول لشرائح إنفيديا؟ وكيف يمكن أن تستمر مسيرة الذكاء الاصطناعي في تلك الحالة؟

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات شرائح الذکاء الاصطناعی هذه الشرائح دول المنطقة الوصول إلى من الوصول إلى شرائح فی قطاع

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يكشف مخاطر أمراض القلب عبر مسح شبكية العين

في خطوة واعدة نحو تحسين تشخيص أمراض القلب، نجح باحثون من جامعة “ملبورن” الأسترالية في دمج تقنية مسح شبكية العين المدعومة بالذكاء الاصطناعي داخل عيادات الطب العام، بهدف الكشف المبكر عن مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وأظهرت الدراسة، التي قادتها الباحثة ويني هو، أن هذه التقنية غير الجراحية توفر تقييماً سريعاً وفعالاً لمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية. وشارك في الدراسة 361 مريضًا تتراوح أعمارهم بين 45 و70 عامًا، حيث خضعوا لتقييم تقليدي للمخاطر، ثم تم مسح شبكية كل منهم باستخدام كاميرا متخصصة، ليقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل الأوعية الدموية وإصدار تقرير فوري حول حالتهم الصحية.

وقارن الباحثون نتائج المسح الشبكي مع مخطط منظمة الصحة العالمية لتقييم مخاطر القلب، فوجدوا تطابقًا بنسبة 67.4% بين التقييمين. كما أظهرت التقنية نتائج مختلفة لدى بعض المرضى، حيث صنّفت 17.1% منهم ضمن فئة المخاطر الأعلى مقارنة بالمخطط التقليدي، بينما قُدّرت المخاطر بنسبة أقل لدى 19.5% من المرضى.

وبلغت نسبة نجاح التصوير 93.9%، ما يدل على إمكانية تصنيف معظم المرضى بناءً على الفحص البصري فقط. كما أعرب 92.5% من المشاركين و87.5% من الأطباء العامين عن رضاهم عن التقنية، مؤكدين إمكانية تبنيها في المستقبل لتعزيز الرعاية الصحية الوقائية.

هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الطب، مما قد يسهم في تقليل الوفيات المرتبطة بأمراض القلب عبر التشخيص المبكر والتدخل السريع.

مقالات مشابهة

  • مايكروسوفت.. شركة رائدة في قطاع المعلوماتية عند منعطف الذكاء الاصطناعي
  • قمة الذكاء الاصطناعي في رواندا تحدد مسار القارة التكنولوجي
  • مايكروسوفت توسّع ميزات الذكاء الاصطناعي في أجهزة Copilot Plus بمعالجات Intel وAMD
  • الذكاء الاصطناعي يكشف مخاطر أمراض القلب عبر مسح شبكية العين
  • 3 وظائف فقط ستنجو من سيطرة الذكاء الاصطناعي
  • مايكروسوفت.. قصة نجاح من الحوسبة إلى الذكاء الاصطناعي والسحابة
  • تحديات جوهرية تواجه تطور الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي واغتيال الخيال
  • الحرس الثوري الإيراني يحتجز ناقلتي نفط في الخليج العربي
  • الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!