طهران- عقب وفاة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الشهر الماضي، أفرطت وسائل الإعلام الإيرانية والأجنبية في التطرق إلى تداعيات الحادث على سياسة البلاد الخارجية، بيد أن التنافس الانتخابي الذي رافق فترة الترشح للانتخابات المقبلة سلّط الأضواء على السجل الاقتصادي للحكومة.

وطالما تمكن رؤساء إيران السابقون عبر إطلاق الوعود الاقتصادية من حصد أكبر نسبة من أصوات الناخبين خلال العقود الماضية، حيث استحوذ الجانب الاقتصادي خلال الأيام الأخيرة على حصة الأسد من المؤتمرات الصحفية التي عقدها المترشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وعلى ضوء بازار الوعود الاقتصادية والانتقادات الموجهة للحكومة الـ13؛ انقسمت الأوساط السياسية في إيران حيال السجل الاقتصادي للحكومة الحالية؛ بين من يريد توظيفه دعاية للمرشحين المقربين من الرئيس الراحل وآخرين يرفعونه شماعة لإقناع الناخب بعدم التصويت مرة أخرى للتيار السياسي الذي جاء بها قبل 3 أعوام.

أرقام رسمية

وفي السياق، يدافع رئيس تحرير الشؤون الاقتصادية في وكالة مهر الإيرانية، محمد حسين سيف اللهي، عن الأداء الاقتصادي لحكومة رئيسي، مؤكدا أن الإحصاءات الرسمية والمؤشرات الاقتصادية تظهر تراجع السيولة (تقليل المعروض المالي يكبح التضخم) يقل بنسبة 18% وتراجع البطالة إلى 8.1% خلال السنوات الثلاث الماضية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد سيف اللهي، أن الاقتصاد الوطني تحسّن خلال السنوات الأخيرة ذلك أن الحكومة الحالية تمكنت من إبطال مفعول العقوبات الأميركية وزيادة صادرات البلاد من النفط الخام والإفراج عن جزء من الأموال الإيرانية التي كانت مجمدة في كوريا الجنوبية والعراق.

وتابع الباحث الإيراني، أن حكومة الراحل رئيسي نجحت بالفعل في استقطاب 5.5 مليارات دولار كاستثمارات أجنبية خلال العام الإيراني الماضي فقط (انتهى في 21 مارس/آذار 2024) إلى جانب تقليص وتيرة التضخم بنسبة أكثر من 24% ودعمها عجلة الصناعة.

سيف اللهي يعتقد أن الاقتصاد الإيراني تحسّن خلال السنوات الأخيرة (الجزيرة) العملة الوطنية

ولدى إشارته إلى إلغاء الحكومة الحالية العملة المرجحة (42 ألف ريال إيراني تعادل دولارا واحدا) التي كانت مخصصة لاستيراد السلع الأساسية بمساعدة القطاع الخاص، أوضح سيف اللهي، أن الحكومة أقدمت على مثل هذا القرار -رغم خطورته- بسبب الفساد الاقتصادي النابع عنه، وأن الجهات التي تضررت جراء القرار عملت ما بوسعها لإفشاله، بيد أن الفريق الاقتصادي للحكومة احتوى تداعياته وقام بتأمين السلع الأساسية عبر قنواته.

ورأى أن حكومة الرئيس الراحل رئيسي قد نجحت كذلك في تحسين العملة الوطنية رغم العقوبات الأميركية والسيطرة على سعر العملة الصعبة، مضيفا أن تجارة البلاد الخارجية لاسيما مع دول الجوار تحسنت وبلغت 152 مليار دولار حتى الشهر الماضي.

وخلص سيف اللهي إلى أن الحكومة تواصل مساعيها الدؤوبة لبناء السكن وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين حتى اليوم الأخير من عمرها، مستدركا أن العديد من المشاريع الاقتصادية الكبيرة التي بدأت خلال السنوات القليلة الماضية لن تكتمل حتى تنصيب الرئيس المقبل بعد نحو شهر، وعبر عن أسفه لغض الأوساط السياسية بصرها عن إنجاز المشاريع غير المكتملة بعد.

وعود وإخفاقات

في المقابل، يعتقد أستاذ الاقتصاد والرئيس السابق لغرفة إيران للتجارة والصناعة حسين سلاح ورزي، أن إخفاقات الحكومة السابقة تطغى على إنجازاتها الاقتصادية، مضيفا أن العديد من الوعود التي أطلقها الفريق الاقتصادي للحكومة لم تتحقق بل بعضها لم يبدأ بعد.

وفي حديثه للجزيرة نت، يذكّر سلاح ورزي بالعلاقة المباشرة بين المؤشرات الاقتصادية والوضع المعيشي، مؤكدا أن الحكومة الـ13 أخفقت بالفعل في تنفيذ أبرز وعودها المتمثلة في:

وضع حد لانهيار بورصة طهران. بناء مليون وحدة سكنية سنويا توفير مليون فرصة عمل في كل عام.

وأضاف أنه خلافا للمؤشرات الاقتصادية التي تعلنها الأوساط الرسمية فإن العملة الإيرانية فقدت أكثر من ثلثي قيمتها خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن التضخم تضاعف عدة مرات خلال الفترة ذاتها، فضلا عن أن تفنن الحكومة بفرض الضرائب يتعارض والوعود التي أطلقتها لتحقيق العدالة.

سلاح ورزي يقول إن العديد من وعود الحكومة الحالية لم تتحقق بل بعضها لم يبدأ بعد (الجزيرة) أسباب التحسن

ورأى سلاح ورزي، أن الحكومة لم تتمكن بعد من حلحلة أزمة نقص الطاقة في البلاد؛ ما أدى إلى قطع الغاز عن البلدات الصناعية في فصل الشتاء وقطع الكهرباء عنها في الصيف، حتى أضحت القطاعات الصناعية تشكو تراجع الإنتاج بسبب نقص الطاقة.

وأرجع الأكاديمي الإيراني تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية في بلاده ومنها زيادة صادرات النفط إلى:

تساهل الجانب الأميركي بسبب رغبة الإدارة الديمقراطية بإنقاذ الاتفاق النووي. انضمام إيران إلى بعض المنظمات الدولية مثل شنغهاي. تطبيع العلاقات مع بعض دول الجوار. تعافي بعض القطاعات الاقتصادية عقب انتهاء جائحة كورونا. غلبة السياسة

وعلى وقع الوضع القائم بشأن الواقع الاقتصادي في إيران، يرى مراقبون تشابكا بين النظامين الاقتصادي والسياسي في البلاد وأنه لا يمكن النظر في ملف الحكومة الاقتصادي بعيدا عن التحديات الخارجية التي تعترض خططها على المستويين الداخلي والخارجي كما أنه لا يمكن غض النظر عن دور السياسة الخارجية وقدرتها علی معالجة تلك التحديات.

ومع اقتراب فترة الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية المبكرة، المقررة في 28 الشهر الجاري، لا تجد شريحة من الإيرانيين صعوبة في الترويج لمرشحها المفضل؛ فما عليها سوى انتقاد الوضع الاقتصادي الراهن، بينما يعتقد آخرون أن أيادي الحكومة تكاد تكون مقيدة في اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية بسبب ضرورة التزامها بالسياسات العليا التي سبق ورسمها رموز الثورة الإسلامية.

في غضون ذلك، نشرت صحيفة آرمان ملي، مقالا تحت عنوان "دور رئيس الجمهورية في الاقتصاد" كتبت فيه أنه في ظل تعقيد الإطار السياسي والدور الذي تلعبه جهات مختلفة في اتخاذ القرارات الاقتصادية في إيران، يتمتع الرئيس بأدوات وصلاحيات عدة لتوجيه الاقتصاد الوطني، مستدركة أنه رغم ذلك فإن الرئيس يواجه قيودا في تنفيذ سياساته الاقتصادية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الاقتصادی للحکومة خلال السنوات أن الحکومة

إقرأ أيضاً:

السوداني يؤكد تطلع العراق للمزيد من التكامل في العلاقات الاقتصادية مع سلطنة عُمان

الاقتصاد نيوز _ بغداد

أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الأحد، تطلع العراق للمزيد من التكامل في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع سلطنة عُمان.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، تلقته "الاقتصاد نيوز"، أن "رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، استقبل اليوم، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني، قيس بن محمد اليوسف، والوفد المرافق له".
وأضاف أنه "جرى، خلال اللقاء، بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل توطيد التعاون في مختلف القطاعات، لاسيما المجال الاقتصادي والتجاري، بما يعزز مستوى الشراكة والتبادل، ومواجهة التحديات الاقتصادية في المنطقة".
وأكد السوداني، وفقاً للبيان "تطلع العراق للمزيد من التكامل في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع سلطنة عُمان"، مشيراً إلى "موارد التطوّر في البيئة الاستثمارية العراقية، خاصة بعد الإصلاحات الشاملة التي شهدتها".
من جانبه، نقل اليوسف "تحيات سلطان عُمان، هيثم بن طارق، إلى رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني"، مجدداً "رغبة بلاده بزيادة التعاون في المجالات المختلفة".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الحكومة: الدولة اتخذت إجراءات استباقية ساهمت في جذب العملة الصعبة.. نواب: الإصلاحات الاقتصادية حققت نموا مستداما.. وتحويلات المصريين بالخارج تدعم الاحتياطى النقدى
  • برلماني: نجاح جهود الدولة في جذب الاستثمارات يعزز النمو الاقتصادي
  • الرئيس الشرع: النظام الاشتراكي فيه الكثير من السلبيات التي أثرت في المواطن وسنعيد هيكلة الاقتصاد في سوريا ونتخلص من الفساد
  • مركز شباب السيوف ٢ يكثف النشاط الرياضى خلال اجازة نصف العام
  • وزير الاقتصاد يناقش عمل مكاتب الوزارة وفق برنامج التحفيز الاقتصادي للحكومة وقانون الاستثمار
  • الحكومة: حزمة الحماية الاجتماعية التي يجرى إعدادها تغطي فئات المجتمع (فيديو)
  • مخاطر فرض عقوبات أمريكية على المصارف العراقية الحكومية.. تهديد للاستقرار الاقتصادي
  • مخاطر فرض عقوبات أمريكية على المصارف العراقية الحكومية.. تهديد للاستقرار الاقتصادي - عاجل
  • رئيس حماية المستهلك: اتخاذ العديد من الإجراءات الاقتصادية التي تسهم في وفرة السلع
  • السوداني يؤكد تطلع العراق للمزيد من التكامل في العلاقات الاقتصادية مع سلطنة عُمان