باماكو- في الجزء الشرقي من دولة مالي وصولا إلى مناطق الشمال المحاذية للحدود الموريتانية، يوجد المجتمع الأزوادي على مسافات شاسعة من الصحراء، والذي يعتبر "الطوارق" مكونا أساسيا في تركيبته.

ويختلف تعريف هوية الطوارق حسب السياقات التاريخية والمناطق الجغرافية، أما طوارق مالي فغالبا ما يربطون هويتهم بأسلوب حياتهم وثقافتهم ونمط عيشهم، وهم من المسلمين السنة ويتبعون المذهب المالكي ويميلون للتصوف، ولهم شغف بحياة البدو والترحال في الصحراء.

ويتحدث الطوارق لغة خاصة بهم تسمّى الطوارقية، وتتفرع عنها 3 لهجات هي "التماشق" و"التماجق" و"التماهق"، كما يتحدثون اللغة العربية واللهجة الحسانية المعروفة في موريتانيا والصحراء الغربية، وكذا بعض اللغات المحلية الأفريقية مثل الصونغاي.

الموقع الأثري في منطقة السوق يحتوي على نقوش وكتابات يعود عمر بعضها إلى 8 آلاف سنة (الجزيرة) تاريخ عريق

يقف الطوارق في قلب الصحراء الكبرى شهودا على أكثر الحقب التاريخية محورية في النصف الشمالي لأفريقيا، خصوصا تلك المتعلقة بدخول الإسلام إلى منطقة غرب أفريقيا، والتي تميزت بانتعاش التبادل الثقافي والتجاري بين جنوب الصحراء وشمالها.

في حين ترجع بعض القراءات التاريخية وجودهم إلى 6 آلاف سنة قبل الميلاد، مرورا بدولة الجرمنتيين جنوب ليبيا، ثم مملكة أودوغست جنوب موريتانيا، فإمبراطوريات غانا ومالي والصونغاي، وصولا إلى الاستعمار الفرنسي.

وبأكثر من 1.5 مليون نسمة، يتوزع مجتمع الطوارق على قبائل أمازيغية عدة منها: إيفوغاس، وإماجغان، وإيموشاغ أويلمدن، وإمغاد، وإكلسوك، وشماناماس، وخليغصر، وشريفن، وكلغزاف، وإنهظن، وإيدنان، وتاغاتملت، وقبائل أخرى غيرها، وكل قبيلة تنقسم إلى فصائل وعشائر فرعية متعددة.

ويشكل الطوارق في مالي ما نسبته 35% من المجتمع الأزوادي، وتتوزع النسب الأخرى بين العرب بنسبة 25%، والفلان 10%، والزنوج وبعض العرقيات الأخرى 30%.

وتتباين المراجع التاريخية حول أصول الطوارق، فبعض المصادر تُرجع أصلهم لقبيلة حمير في اليمن، وبعضها يقول إنهم ينحدرون من المجتمعات الأمازيغية التي كانت تقطن الشمال الأفريقي، مثل قبائل صنهاجة.

ومع تعدد القبائل الطوارقية في مالي واختلاف أنسابها، تنصهر في داخل كل قبيلة عناصر كثيرة من عائلات الزنوج، الذين اندمجوا بشكل كامل، وأصبحوا جزءا من سكان الصحراء الملثمين.

الطوارق يورثون ثقافتهم للأجيال الجديدة (الجزيرة) أرض الترحال

جاب الطوارق عبر التاريخ الصحراء الكبرى شرقا وغربا، غير أن الحدود السياسية المعاصرة قسمتهم بين دول النيجر ومالي والجزائر وليبيا وبوركينا فاسو.

لكنهم في مالي ينتشرون في النصف الصحراوي الشمالي الذي يسمى "أزواد" أي أرض الترحال، والتي تبلغ مساحتها 822 ألف كيلومتر مربع، بنسبة تمثل 66% من المساحة الإجمالية للدولة، البالغة مليونا و240 ألف كيلومتر مربع، وتعادل مساحة الإقليم مجموع مساحتي فرنسا وبلجيكا معا.

وتحد مالي من جهة الغرب موريتانيا، والجزائر شمالا، والنيجر شرقا، وبوركينا فاسو جنوبا، وتعتبر مدن تمبكتو وغاو وكيدال أهم المناطق الرئيسية التي يوجد فيها الطوارق.

اعتمد اقتصاد الطوارق تاريخيا على التجارة والرعي ومناجم الملح، ولا تزال هذه المجالات تشكل الأنشطة الرئيسية لاقتصادهم، كما تزدهر السياحة في فترات الاستقرار، حيث لعبت دورا مهما في تطوير اقتصاد تمبكتو وغاو بعد أن سُجلت المدينتان في قائمة التراث العالمي لليونيسكو، حيث تحتوي كلتاهما على مقومات سياحية ثقافية وتاريخية وبيئية قيمة.

ويضم إقليم أزواد الذي يسكنه الطوارق العديد من المعالم التاريخية التي تحتضنها مدينة تمبكتو الأثرية المعروفة بـ"مدينة الأولياء".

طوارق رحل يسكنون في خيام على ضفة نهر النيجر (الجزيرة) اضطهاد وتجويع

أظهرت دراسات كثيرة توفر المنطقة على مخزونات مهمة من الثروات الباطنية مثل البترول والغاز والذهب، لكن مجتمع الطوارق في مالي يعتبر أحد أكثر المجتمعات تعرضا للاضطهاد في نصف القرن الماضي، حيث عانوا منذ استقلال دولة مالي عن الاستعمار الفرنسي من حكم عسكري اضطهدهم بشكل ممنهج خلال 3 عقود تلت الاستقلال.

فعدا عن القتل الجماعي لقرى بأكملها، ودفع عشرات الآلاف للجوء إلى البلدان المجاورة في ظروف مأساوية، عمدت السلطات المالية إلى تجويع الطوارق، فدمرت مخازن الحبوب وسممت الآبار وقتلت قطعان المواشي.

كما سنت قوانين تمنعهم من دخول الأسواق وشراء المواد الغذائية، وحالت دون إدخالهم غذاءهم من الدول المجاورة، بل سممت المساعدات الغذائية التي جاءتهم من بعض الدول المجاورة.

وفوق كل هذا عمدت إلى إهانة مشاعرهم الدينية والنيل من قيمهم المحافظة، عبر معاقبة الأهالي بتعرية وجهائهم ونسائهم، وأيضا بإجبارهم على تزويج بناتهم من جنود الجيش المالي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی مالی

إقرأ أيضاً:

موسم حصاد القمح في جنوب سيناء.. «بحوث الصحراء» يتابع الأنشطة البحثية ويشيد بالنتائج

زار الدكتور حسام شوقي، رئيس مركز بحوث الصحراء، يرافقه الدكتور محمد عزت، نائب رئيس المركز للمشروعات والمشرف على المحطات البحثية، محطة بحوث جنوب سيناء، في إطار توجيهات علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، لمواجهة التحديات الزراعية في المناطق الصحراوية وتعزيز الإنتاج الزراعي المستدام.

شارك في الزيارة عدد من ممثلي مركز البحوث الزراعية، إلى جانب الدكتورة أمل عمر، رئيس البرنامج البحثي المعني بإنتاج الأسمدة الحيوية والعضوية والنانوية للتنمية المستدامة في الأراضي الملحية، والدكتور محمد عبد السلام رئيس محطة جنوب سيناء، والدكتور شريف محمود نائب البرنامج البحثي.

وتأتي هذه الزيارة ضمن خطة المركز للمتابعة الدورية للأنشطة البحثية والخدمات التطبيقية التي تقدمها المحطات في المناطق الصحراوية.

وشهدت الزيارة انطلاق موسم حصاد القمح في الحقل التجريبي بالمحطة، حيث أعطى رئيس المركز إشارة البدء، مشيدًا بوضوح تطور النباتات وجودة السنابل، كنتيجة مباشرة للمعاملات الزراعية المنفذة ضمن البرنامج البحثي.

وأكد شوقي أهمية مضاعفة إنتاج الأسمدة وزيادة المساحات المزروعة بالقمح، لدعم رفع إنتاجية الفدان، خاصة في ظل ظروف الاجهادات الملحية، مشيدًا بجهود الفريق البحثي والتزامه بالتوجيهات الرئاسية والوزارية التي تؤكد على أهمية البحث العلمي في دعم التنمية الزراعية.

وتفقد شوقي وعزت مختلف أنشطة المحطة، مؤكدين على دورها البحثي والإرشادي في مواجهة التحديات البيئية في سيناء وتعزيز التنمية الزراعية المستدامة في المناطق الصحراوية.

اقرأ أيضاًوزير الزراعة يشارك في ملتقى مجلس الأعمال المصري السعودي

قبل شم النسيم.. منافذ وزارة الزراعة في الكاتدرائية لتوفير السلع بأسعار مخفضة

الزراعة تبحث سبل تعزيز التعاون مع رئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي

مقالات مشابهة

  • فرنسا تعلن رسمياً بتوسيع خدماتها القنصلية لتشمل الصحراء المغربية
  • والي العيون: العالم الآخر يضغط لمقاطعة الانتخابات في الصحراء التي نبنيها دون السعي لنصبح قوة ضاربة
  • بحوث الصحراء يتابع موسم حصاد القمح في جنوب سيناء ويشيد بالنتائج
  • "بحوث الصحراء" يتابع الأنشطة البحثية في جنوب سيناء
  • بدء موسم حصاد القمح بالحقل التجريبي لمحطة بحوث جنوب سيناء
  • موسم حصاد القمح في جنوب سيناء.. «بحوث الصحراء» يتابع الأنشطة البحثية ويشيد بالنتائج
  • فرنسا تجدد تأكيد موقفها "الثابت" الداعم لسيادة المغرب على الصحراء
  • خلال لقاء بين بوريطة ونظيره الفرنسي..فرنسا تجدد دعمها لمغربية الصحراء
  • بعد واشنطن.. باريس تؤكد: الحكم الذاتي الحل الوحيد لتسوية ملف الصحراء
  • الضربة القاضية…فرنسا تجدد التأكيد على دعمها الرسمي والصريح لسيادة المغرب على الصحراء