تم الإعلان اليوم السبت عن تأسيس أول محكمة ضمير عالمية من أجل فلسطين، هدفها مناصرة الحق الفلسطيني على المستوى الدولي وترجمة ذلك إلى عمل قانوني وقضائي أمام المحاكم والمؤسسات الديبلوماسية الدولية.

ودعا المشاركون في أول محكمة عالمية من أجل فلسطين، التي استضافتها مدينة جينيف السويسرية على مدى ثلاثة أيام، وحضرتها "عربي21"، إلى ضرورة تكثيف الجهود القانونية والقضائية من أجل محاكمة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية والعمل على طرد دولة الاحتلال من المؤسسات الدولية.



جاء ذلك في جلسات اليوم الاختتامي فعاليات المحكمة العالمية من أجل فلسطين، التي نظمتها بمبادرة من خمس منظمات حقوقية غير حكومية مقرها جنيف هي: المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان، الاتحاد الدولي للحقوقيين ـ جينيف، مركز جنيف للديمقراطية وحقوق الإنسان، العدالة الواحدة، والمعهد الدولي للسلام والعدالة وحقوق الإنسان، بدعم وإسناد من التحالف القانوني العالمي من أجل فلسطين وعشرات المنظمات الحقوقية الدولية.

وعقدت المحكمة اليوم السبت جلسة مطولة ترأسها الناشط الحقوقي رشاد طوان والمحامية التونسية نجاة حدريش، وشارك فيها أساتذة قانون دولي ونشطاء حقوقيون من القدس المحتلة ورام الله والعاصمة اللبنانية بيروت، والعاصمة المصرية القهرة، بالإضافة إلى محامين وقضاة وقانونيين دوليين حضروا المحكمة في جينيف.

وتحدث في جلسة السبت الصباحية 17 مشاركا، عن المفاهيم القانونية الواجب تطويرها من أجل أن تكون قادرة على التعامل مع الجرائم التي ارتكبها الاحتلال على مدى الأشهر التسعة الماضية.

ودعوا إلى العمل على تشكيل إطار إقليمي دولي للضغط على إسرائيل لوقف جرائمها أولا بحق الفلسطينيين السعي لطردها من المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة فالذي يمزق ميثاق الأمم المتحدة في أروقة الأمم المتحدة يجب فصله منها..

كما وطالب المشاركون بالاستفادة من الاختصاص العالمي وعدم تقادم جرائم الحرب، وتغيير تشريعاتها لجلب هؤلاء المجرمين إلى القضاء..

وأكدوا أن المساواة بين الضحية والجلاد في المحاكم الدولية أمر مخل ولا يتوافق مع القوانين الدولية التي تعطي الحق للشعوب المحتلة بمقاومة الاحتلال بكل السبل.

ودعا المشاركون أيضا سويسرا الدولة المضيفة لفعاليات المحكمة، والتي تزخر بوجود أهم المؤسسات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان إلى ضرورة عقد اجتماع للأطراف الدولية لبحث الانتهاكات التي نفذتها إسرائيل لاتفاقية جينيف الرابعة، وتثمين جهود المقاطعة الدولية للاحتلال وللمؤسسات الدولية الداعمة له.

واختتمت فعاليات المحكمة التي شهدت في الأيام الثلاثة شهادات من قضاة ومحامين دوليين وضحايا فلسطينيين من غزة والضفة والقدس، وإعلاميين واكبوا الحرب وغطوها ودفعوا ثمنا لذلك، بجلسة ترأسها كل من الدكتور أنور غربي مدير مركز جينيف للديمقراطية وحقوق الإنسان والدكتور هيثم مناع رئيس المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان بالإعلان عن تنظيم وانتخاب اللجنة الدائمة للدورات القادمة للمحكمة، وتشكيل فريق عمل لمراقبة المحاكم، والإعلان عن مجموعة عمل في المقاربة متعددة التخصصات لنظام الإبادة الجماعية والفصل العنصري في القضية الفلسطينية، ومجموعة تنسيق الدفاع عن الضحايا وتحقيق العدالة.

وتعمل هذه اللجان وفق الدكتور هيثم مناع رئيس المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان والدكتور أنور الغربي رئيس معهد جينيف للديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى تقديم مقترحات عملية لمحاكمة الاحتلال أمام القضاء الدولية والسعي لتقديم وثائق وشهادات قانونية إلى محكمتي العدل والدولية والجنائية الدولية ضد الاحتلال.

وقال مناع في حديثه خلال مشاركته في جلسات المحكمة: "كانت ولادة المحكمة صعبة. وكان السؤال الأساسي هو كيف يتسنى لنا أن نرتقي إلى مستوى عشرات الآلاف من الأطفال الذين قتلوا أو جرحوا أو شردوا في "الإبادة الجماعية" التي لم يخف كبار المسؤولين الإسرائيليين نيتهم وتصميمهم على تنفيذها في غزة. علاوة على ذلك، لم يخف بايدن بلينكن والكونغرس الأمريكي أيضًا نيتهما وعملهما من خلال توفير الأسلحة والمعدات العسكرية والأموال من أجل هدم وقتل وتهجير شعب بأكمله تحت غطاء أكاذيب القرن الحادي والعشرين الأكثر فظاعة".

وأضاف: "إن عالمنا منقسم إلى دول مسموح لها بالغزو وانتهاك القوانين الدولية واستنكار وحتى مساءلة مؤسسات العدالة الدولية والدول والشعوب الأخرى ومعاقبتها ومحاصرتها لأنها ترفض الخضوع لنظام دولي ظالم".

وأشار مناع إلى أنه وعلى مدى أكثر من 15 عامًا، قام العديد من المشاركين في هذه الجلسات بجمع الأدلة، وتقديم المرافعات أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومنذ الأيام الأولى تم وضع عقبات لإبقاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي فوق المساءلة".

وقدم ريتشارد فولك المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذي شارك في فعاليات المحكمة، شهادة عن جرائم الاحتلال وعن المسارب القانونية التي يمكن من خلالها ليس فقط محاسبة الاحتلال وإنما أيضا محاسبة الأطراف الدولية التي دعمته في حرب الإبادة التي ينفذها الاحتلال في غزة.

كما قدم عادل الحامدي مسؤول قسم "أفكار" في "عربي21"، ورقة تحدث فيها عن دور الإعلام في تعرية جرائم الاحتلال في غزة وتوثيقها ليس للتاريخ فقط، وإنما أيضا لتكون شهادة مكتوبة ومصورة يمكن الاستناد إليها في محاكمة الاحتلال.

كما أشار الحامدي إلى التضحيات الكبيرة التي قدمها الإعلاميون الفلسطينيون والعرب وأيضا من أنصار العدالة الدولية في المؤسسات الإعلامية الدولية من خدمة لتعرية الاحتلال وتوثيق جرائمه، وتعديل الكفة دوليا لصالح تقديم أكثر توازنا للرواية الفلسطينية، التي سعى الاحتلال وأنصاره إلى تغييبها.

ومحكمة الضمير العالمية من أجل فلسطين التي تم الإعلان عن تأسيسها رسميا اليوم السبت في جينيف هي أول محكمة دولية يتم الإعلان عنها منذ محكمة راسل الأولى في عام 1966 على يد الأرستقراطي والفيلسوف البريطاني السير برتراند راسل بُغية إعلام الرأي العام وتعبئته في وجه التدخل الأمريكي في حرب فيتنام. وانعقدت محكمة راسل مرةً ثانيةً بخصوص أمريكا اللاتينية وركزت على انتهاكات حقوق الإنسان في الأرجنتين والبرازيل وشيلي.

وأكد أنور الغربي مدير مركز جينيف للديمقراطية وحقوق الإنسان في حديث مع "عربي21"، أن المحكمة العالمية من أجل فلسطين، هي منصة قانونية وحقوقية وقضائية كذلك، هدفها ترجمة التضامن الدولي المتنامي مع فلسطين إلى فعل قانوني وقضائي، لا يسهم فقط في إنصاف الضحايا وإنما أيضا في الإسهام في الهدف الأسمى وهو تحقيق الحلم الفلسطيني في الوصول إلى الحق في تقرير المصير.

وأضاف: "نحن ننظر بإيجابية إلى قرارات محكمة العدل الدولية وكذلك محكمة الجنائية الدولية، وإن كنا نعتقد أن المساواة بين الضحية والجلاد في التعاطي مع حرب الإبادة التي ينفذها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني غير مقبول، بالنظر إلى أن كل القوانين الدولية تعطي الشعب الذي يخضع للاحتلال الحق في الدفاع عن نفسه ضد الاحتلال"، على حد تعبيره.

للإشارة فإن جلسات المحاكمة التي استمرت أيام 6 و7 و8 حزيران / يونيو الجاري، جرت في قاعة مركز جون كنوكس بجينيف وقد اختارها نيلسون مكانديلا الزعيم الجنوب الإفريقي للحديث فيها بعد سقوط الميز العنصري في بلاده.

إقرأ أيضا: انطلاق فعاليات أول مبادرة لإنشاء محكمة عالمية من أجل فلسطين في جينيف

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تأسيس فلسطين محكمة عالمية سويسرا فلسطين سويسرا تأسيس محكمة عالمية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل فلسطین أول محکمة

إقرأ أيضاً:

دعوات لملاحقة ميقاتي بعد رفع الحصانة عنه عقب تسليمه القرضاوي للإمارات

مع اختيار نواف سلام لرئاسة الحكومة اللبنانية، توالت الدعوات لرفع قضايا ضد سلفه نجيب الميقاتي الذي أشرف على تسليم الشاعر المصري عبد الرحمن القرضاوي للإمارات.

وقال الناشط المصري تقدم الخطيب، إن الحصانة قد رفعت الآن عن ميقاتي، وهو الآن معرض للمحاكمة بعد أن عرض حياة شخص للخطر بدون وجه حق قانوني.

وأضاف في مقابلة تلفزيونية، "من يظن نفسه ميقاتي؟ .. هل يظن نفسه نتنياهو الذي على الرغم من حياته تم جره للمحاكمة".

لم تعد لديك حصانة وستلاحق قضائيا وستصبح أيامك كلها كوابيس، نتنياهو وجنوده من هم أكثر منك حماية يلاحقون قضائيا، فمن تظن نفسك، ستلاحق وستدفع ثمن فعلتك، وعدا علينا إنا كنا فاعلين @Najib_Mikati pic.twitter.com/aDBY73t2cF — Taqadum Al-Khatib (@taqadum) January 13, 2025

وأثار ترحيل الشاعر والكاتب المصري عبد الرحمن القرضاوي، وتسليمه إلى الإمارات الأربعاء الماضي، غضبا واسعا بين النخب والكتاب والنشطاء العرب على منصات التواصل.

وطالب العديد منهم بملاحقة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي؛ بسبب تسليمه القرضاوي دون أي سند قانوني، فيما دعا آخرون لمقاطعة السفر إلى لبنان بعد الحادثة.

نريد محاكمة #ميقاتى وملاحقتهم دولياً https://t.co/RnK7ZGmSeE — nour alhoda (@2000Alhoda) January 8, 2025
قرار المنظمات الحقوقية الدولية التي تناصر الشاعر #عبدالرحمن_يوسف_القرضاوي بمقاضاة الحكومة اللبنانية و ملاحقة رئيسها ووزرائها في المحاكم الدولية هو أفضل رد على هذه قرار الحكومة اللبنانية تسليم القرضاوي للإمارات حيث تتعامل حكومة لبنان مع البشر على أنهم مجرد صفقات مالية وسياسية pic.twitter.com/ksRxZiaXcF — A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) January 8, 2025

والثلاثاء الماضي، وافق مجلس الوزراء اللبناني على ترحيل القرضاوي لدولة الإمارات العربية المتحدة، بعد طلب رسمي من الأخيرة لتسليمه بتهمة "التحريض" على الإمارات.

وأوقفت السلطات اللبنانية القرضاوي بعد خروجه من سوريا في زيارة قام بها بعد تحرير العاصمة السورية دمشق من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي هرب إلى روسيا في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وكان المحامي محمد صبلوح، المتابع لقضية الشاعر المصري، أعلن عن تقديم طلب وقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء بترحيل الأخير إلى الإمارات أمام قاضي الأمور المستعجلة، كما أنه جارٍ تقديم طعن بمجلس شورى الدولة.

مقالات مشابهة

  • محكمة صهيونية تحكم على طفل مقدسي بالسجن لمدة 20 عاما
  • ماذا حققت دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؟
  • عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان: الحديث عن جرائم العدوان بدولة فلسطين يوجع القلب
  • كيف تعمل محكمة العدل الدولية بعد استقالة سلام؟
  • ضمير الوجود وتجربة الإنسان وأزمة العلوم السودانية
  • خلال استقباله نائب رئيس الجنائية الدولية.. رئيس تونس يشيد بمواقف المحكمة إزاء جرائم إسرائيل في غزة
  • رئيس وزراء لبنان يستقيل من عضوية محكمة العدل الدولية
  • نواف سلام يستقيل من رئاسة محكمة العدل الدولية
  • محكمة العدل الدولية تعلن استقالة القاضي نواف سلام من عضويتها
  • دعوات لملاحقة ميقاتي بعد رفع الحصانة عنه عقب تسليمه القرضاوي للإمارات