بدء توفير منتجات تونة من مصنع عماني
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
العمانية-أثير
تسعى الشركة الدولية للمنتجات البحرية “سماك” -التابعة لشركة تنمية أسماك عُمان- عبر مصنعها بمنطقة الصناعات السمكية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إلى رفع القيمة المضافة للقطاع السمكي ورفد الأسواق المحلية والخارجية بالمنتجات البحرية العُمانية ذات الجودة العالية.
ووضح زكريا بن سليمان الحسني الرئيس التنفيذي للشركة الدولية للمنتجات البحرية أن الشركة بدأت منذ شهر مارس 2024 في عمليات الإنتاج التجريبي لعُلب التونة بطاقة إنتاجية بلغت 35 بالمائة من الطاقة الإنتاجية الإجمالية للمصنع التي ستصل إلى 100 مليون علبة.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن الشركة تستهدف الأسواق المحلية الإقليمية والعالمية، مشيرًا إلى أن منتجات المصنع من التونة ستتوفر خلال شهر يونيو الجاري في الأسواق المحلية بسلطنة عُمان.
وأكد على أن الشركة تحقق قيمة مضافة للمنتجات البحرية عبر توريد الأسماك من السوق المحلي والشركات العُمانية التي تقوم بصيد الأسماك في أعالي البحار واستيراد غالبية المنتجات الداخلة في مراحل الإنتاج من الشركات المحلية، مشيرًا إلى أن الشركة قامت بالشراكة مع بعض الشركات العُمانية المتخصصة لتسويق وتوزيع منتجات الشركة في الأسواق المحلية.
وأضاف أن الشركة تستخدم مخلفات الأسماك في المصنع لإنتاج زيوت ومسحوق السمك والاستفادة من الماء الذي يستخدم في عملية إذابة وتنظيف الأسماك ليُعاد تنقيته واستخدامه في الري وتبريد معدات المصنع، مبينًا أنه ستبلغ الطاقة الإنتاجية لمسحوق زيت السمك ما يعادل 9 أطنان يوميًّا، و1.2 طن من زيت السمك.
وأشار إلى أنه تم الاتفاق مع عدد الصيادين المحليين لشراء الأسماك ذات الجودة العالية للاستخدام سواء في الأسواق المحلية أو الخارجية، والتعاقد مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتزويد المصنع بالأسماك وتسويق وتوزيع منتجات الشركة في السوق المحلي بالإضافة إلى تزويد المصنع ببعض المنتجات اللازمة للإنتاج كالزيوت والأملاح وعلب التغليف وغيرها.
وأضاف أن الشركة ستوقع خلال الفترة القادمة اتفاقية مع عدد من الشركات العُمانية لتزويد المصنع بخلايا الطاقة الشمسية، موضحًا أن الشركة طرحت مناقصة لإنشاء مصنع علب التونة بجانب مصنع “سماك” بعقد مدّته 5 سنوات لرفد السوق المحلي بهذه المنتجات.
وعن نسبة التعمين، قال الرئيس التنفيذي للشركة الدولية للمنتجات البحرية إن الشركة تحرص على توظيف العُمانيين وإكسابهم الخبرات والمهارات اللازمة للعمل في المصنع، حيث سيبلغ عدد الموظفين بالشركة مع الطاقة الإنتاجية القصوى للمصنع حوالي 630 موظفًا.
من جانبه أكد مهنا بن عبد الله الحربي من شركة أضواء رأس الحدّ المتميزة على أن الشركة الدولية للمنتجات البحرية “سماك” أتاحت الفرصة لشراء الأسماك ذات الجودة العالية من المؤسسة؛ ما أسهم ذلك في تقليل تكاليف النقل نظرًا لقُرب موقع الشركة من ميناء الصيد البحري بالدقم، موضحًا أن هذه الشراكة التجارية ستساعد المؤسسة في تحقيق عوائد ماليّة جيّدة من خلال توفير كميات أكبر من الأسماك خلال الفترة القادمة بالتزامن مع بدء الإنتاج التجاري للمصنع من علب التونة.
من جهته أشار سيف بن سعيد الجنيبي أحد المواطنين من ولاية الدقم الذي يعمل في الشركة الدولية للمنتجات البحرية إلى أن الشركة ومنذ بدء الأعمال الإنشائية للمصنع تحرص على توظيف العُمانيين وخاصة من أبناء الولاية موجّهة الدعوة للشباب العُماني الاستفادة من الفرص التي تتيحها الشركة سواء من حيث التوظيف أو الفرص التجارية المخصصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الأسواق المحلیة الع مانیة أن الشرکة إلى أن
إقرأ أيضاً:
قبور عُمانية بلا شواهد!
وعدتُ فـي نهاية مقال الأسبوع الماضي أن أسرد حكاية تدمير الإنجليز لقصر «بيت الحكم»؛ أحد أهم مفردات التاريخ العُماني فـي شرق أفريقيا، والذي كان يتوسط «بيت العجائب» و«بيت الساحل»، وقد دمره الإنجليز تدميرًا كاملًا بالفعل يوم 27 أغسطس 1896، فـي اعتداء سافِر حدث اعتراضًا على تسلّم السيد خالد بن برغش الحكم. وجراء هذا الاعتداء لم يحكم السيد خالد إلا ثلاثة أيام فقط، وكان مدفوعًا بقوة التأييد الشعبي الواسع له ومساندة قوة الحرس السلطاني التي خلفها له السلطان حمد بن ثويني. وتنقل الموسوعة العُمانية عن السيد خالد أنه كان «يرى فـي تسلط الإدارة الإنجليزية بحجة اتفاقية الحماية تدخلًا فـي سيادة الدولة لا يمكن الرضوخ له، وكان السلطان حمد بن ثويني مشجعًا له فـي تعميق توجهه المضاد للاستعمار من خلال إسناد بعض المهام القيادية إليه، ووجد أنه يتمتع بشعبية وطنية قوية بين العرب، وكان يظن أنّ الإدارة الإنجليزية سترضخ للإرادة الشعبية، وعندما اشتد على السلطان حمد بن ثويني مرض موته، أرسل إلى السيد خالد بألا يتأخر بعد وفاته عن ارتقاء العرش»، لكن الإنجليز كان لهم رأيٌ آخر، «فبعد انقضاء مهلة الأيام الثلاثة التي منحتها له سلطة الحماية للخروج من القصر بتاريخ 27 أغسطس 1896 وامتناعه عن ذلك، قصفت البوارج البريطانية «بيت الحكم» و«بيت العجائب» و«بيت الساحل»، مسجلة بذلك ما عُرف زورًا وبهتانًا بحادثة «أقصر حرب فـي التاريخ».
وفـي الواقع لم تكن تلك حربًا ولا هم يحزنون، وإنما كانت عدوانًا سافرًا -كما سبقت الإشارة- وتدخلًا فـي شؤون السلطنة، خرج بعدها السيد خالد بن برغش من أنقاض قصر الحكم بمساندة رئيس الحرس السلطاني الذي بقي مواليًا لسيده ومرابطًا معه، فاتجه به مباشرة إلى القنصلية الألمانية، ونقله الألمان إلى دار السلام التي كانت مستعمرة ألمانية وبقي هناك لاجئًا سياسيًّا، ماكثًا فـيها حتى نشوب الحرب العالمية الأولى، وعندما خسر الألمان الحرب عرضت عليه الإدارة الألمانية الانتقال والعيش فـي برلين إلا أنه رفض، فنفته بريطانيا إلى سيشل ثم جزيرة سانت هيلانة، ثم سمحت له الإدارة البريطانية بالعيش فـي ممباسا بعد تدخل واليها السيد علي بن سالم البوسعيدي، وبقي فـيها حتى وفاته عام 1927.
المحزن فـي حكاية تدمير «بيت الحكم» من قبل الإنجليز أنه لم يُعَد بناؤه بعد ذلك، وإنما حُوِّل إلى حديقة، على عكس «بيت الساحل» الذي رُمِّم وأجريت له بعض الإصلاحات.
على بعد خطوات من «بيت الساحل»، وفـي الباحة الداخلية، حيث نسير وراء دليلنا السياحي محمد، وجدنا المقبرة السلطانية مفتوحة فتوّجهنا إليها. من الجيد أن أذكِّر هنا أن هذه المقبرة أنشأها السيد سعيد بن سلطان لدفن المتوفـين من الأسرة البوسعيدية الحاكمة، وقد ظلّ أموات هذه الأسرة يُدفنون فـيها حتى انتهاء الحُكم العُماني عام 1964. سألتنا موظفة الاستقبال: هل أنتم ضيوف أم من أبناء البلد؟ فأجبناها أننا ضيوف، وقد كان سؤالها لأنّ رسوم تذكرة الدخول للضيوف تختلف عنها للمواطنين. وبعد أن دفعنا الرسوم المقررة أخذتنا هذه الموظفة فـي جولة داخل مبنى بجانب المقبرة، عبارة عن المعرض الوثائقي والتاريخي الدائم للمقبرة السلطانية بزنجبار، الذي هو من تنظيم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية العُمانية، بعد إجرائها أعمال تحسينات وصيانة وترميم لتلك المقبرة، وبات فـيها أرشيف دائم يؤرخ لأسماء وتواريخ المدفونين فـيها. وقد أحسنت الهيئة بهذا الصنيع؛ فحالة المقبرة قبل الترميم كان يُرثى لها، وكلُّ الشواهد على القبور اختفت؛ بل إنّ الأمر الأسوأ أنها كانت مفتوحة ويدخلها العابثون، وسبق لي أن كتبتُ عن ذلك فـي أحد مقالاتي، غير أنّ المفاجأة السارّة هذه المرة، أنّ الفرق صار شاسعًا على الصعيد الإيجابي بالطبع.
تنقسم المقبرة إلى ثلاثة أجزاء، وتضم عددًا من القبور يصل عددها إلى سبعة وثمانين قبرًا، كما يتضمن الضريحُ الذي يقع فـي الركن الشمالي للمقبرة -وهو أبرز معلم فـيها- قبرَ السيد سعيد بن سلطان، إضافة إلى ثمانية قبور أخرى. شيَّد هذا الضريح السلطان ماجد بن سعيد تكريمًا لأبيه، حيث أرسل إلى الهند يطلب المهندسين والبنّائين والأحجار المناسبة وغير ذلك من مواد البناء، وأنفق فـي سبيل ذلك أموالًا كثيرة، فشرع فـي بناء مقام الضريح الذي ضمَّ فـيما بعد قبور السلاطين ماجد وبرغش وخليفة بن سعيد، الذين تولوا حكم زنجبار بعد وفاة أبيهم. ويحكي الشيخ سعيد بن علي المغيري فـي كتابه «جهينة الأخبار فـي تاريخ زنجبار» أنه عندما بلغ بناء القبة ارتفاعًا معينًا، اعترض المطاوعة (علماء الدين) على ذلك البناء وعدّوه منكرًا عظيمًا وأفتوا بعدم جواز البناء على القبور، فلم ير السيد ماجد بُدًّا من الانصياع لاعتراضات هؤلاء العلماء وأهمل البناء. «والذي يشاهد ذلك المقام اليوم يرى ذلك النحت البديع البادي فـي أعمدته، وتلك النقوش الفنية البارعة فـي بنيانه، ويتصور مقدار حسنه ونفاسته رغم أنه قديم ولم يكتمل، ويرى كم فقدت مدينة زنجبار جاذبية سياحية نتيجة إهمال ذلك التذكار على ضريح ذلك الرجل الجليل»، كما يقول المغيري.
وقد ذكرَتْ لنا موظفة أرشيف المقبرة أنّ جميع سلاطين زنجبار ابتداءً من السيد سعيد بن سلطان دُفنوا فـي تلك المقبرة عدا اثنين منهم هما: السلطان علي بن حمود الذي دفن فـي فرنسا، والسيد خالد بن برغش الذي دفن فـي ممباسا بكينيا حاليًّا، أما آخر السلاطين العُمانيين السلطان جمشيد بن عبدالله بن خليفة بن حارب فقد توفـي فـي الثلاثين من ديسمبر 2024، أي بعد انتهاء هذه الرحلة بنحو أسبوعين.
وفـي نهاية زيارتنا للمقبرة السلطانية، وجّهنا -أنا وسيف- ملاحظة لموظفة الاستقبال بأنّ القبور حتى الآن ليس بها شواهد، وإنما هناك شرحٌ مفصل لجهات المقبرة ولمن دفن فـيها. بل إنه حتى من دفن بجانب قبر السيد سعيد بن سلطان من أبنائه، لا توجد شواهد على قبورهم، وهم الذين تولوا السلطة من بعده. وبالطبع فإنّ وجود الشواهد على تلك القبور كان سيضيف بُعدًا معرفـيًّا للمقبرة، وما من شك لديّ أنّ الشواهد كانت موجودة، وربما كان الهرج والمرج الذي ساد بعيد الانقلاب هو ما أدى إلى اقتلاعها فـي إطار الحقد الأعمى على كلِّ ما هو عُماني فـي تلك الفترة العصيبة، التي حاول الانقلابيون خلالها طمس كلِّ شيء جميل يعود لفترة الحكم العُماني لزنجبار.