نداء وندى…قصة طفلتين مزق لغم حوثي أجسادهما البريئة
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
يمن مونيتور/عدي الدخيني
منذ اجتياحها لمحافظات يمنية عدة، لا يزال إجرام جماعة الحوثي يفتك باليمنيين اينما حلو، فبذرة الموت التي زرعتها الجماعة المسلحة، من جميع مخلفات الحرب من الأجسام المتفجرة والألغام بأنواعها تخطف أرواح المدنيين بشكل يومي مخلفةً أكبر مأساة إنسانية في العالم.
ندى ونداء من ضحايا الألغام الحوثية، فقد تعرضتا لحادث أليم في حي التوفير شرقي محافظة تعز، أثناء جلبهن للحطب، ما أدى إلى بتر يد ندى اليمنى وفقدان عينها اليسرى وشظايا في ساقها اليمنى وبقايا جسمها، وإصابة شقيقتها نداء بكسر في ساقها اليسرى وشظايا ما تزال في جسمها إلى الآن مما سببت لها إعاقة دائمة.
بالقرب من منزلهم وتحت ظل شجرة كبيرة تحكي ندى منصور قصتها المأساوية قائلة: في يوم الجمعة من العام 2022 استيقظنا في الصباح الباكر فوجدنا اسطوانة الغاز قد نفدت، فسمعت أمي تناديني قائلة: أذهبي برفقة أختك لجلب الحطب، وهي مهمة لطالما اعتدنا عليها سابقا، نقوم بالاحتطاب ونعود إلى منزلنا بالسلامة، لكن كما تقول ذلك اليوم كان قلبي يحس أنه سيحصل مكروه، لهذا رفضت.
تواصل نداء حديثها: بعد إصرار أمي على القيام بالمهمة ذهبنا وبينما كنا نحطب أنا وشقيقتي نداء، قالت لي هيا نذهب في ذلك الاتجاه، لكثرة الحطب، وبعدما رأينا عودا من الحطب، قلت لها هيا نذهب لجلبه، وعند وصولنا إليه أشارت إلى بسحبه وحينها مددت يدي نحوه وإذا به لغم مموه ينفجر لنكون من بعدها في قائمة ضحايا الألغام إلى الأبد.
وتفيد ندى أنها بسبب ذلك اللغم المرعب فقدت إحدى عيونها وكذلك يدا واحدة وأرجلها امتلأت شظايا وكسور، مضيفة: كنت حينها أتألم وأصيح وكنت أنادي باستمرار يا نداء أنقذيني من فوق الحجار، حاولت أنفاذي ورأت أن قدمها أصيبت وأنها غير قادرة على الحركة ورأت وجهي ملئ بالدم وهناك الدخان خافت أكثر وكانت تصرخ، حتى سمعت صراخنا جارتنا التي مررنا من جانبها وهرعت للمكان لإنقاذنا، حسب قول ندى.
من جانبها تقول سميرة قاسم- شاهد عيان لـ ”يمن مونيتور“ شاهدت موقف انفجار ندى ونداء، كان شيء مؤسف ومأساوي، أتيت والصغرى دون يد وعيونها تنزف دماء، أفزعني ما حدث بشكل كبير جدًا، دخلت وأخرجت الطفلة الصغرى.
في ذات السياق يقول خالد المحيا – شاهد عيان، انفجر لغم أرضي في حي التوفير شرقي تعز، مما أدى إلى إصابة طفلتين ندى و نداء وتم اسعافهما، الأولى بعربة نقل ماء والثانية بباص ثم جاءت سيارة الإسعاف وتم إسعافهما إلى مستشفى الثورة ومستشفى الروضة.
تقاسم المعاناة ومساعدة بعضهما
من شدة حرارة الشمس أثناء إسعاف تقول ندى إنها كانت تصرخ بشدة قائلة لهم خلاص أتركوني هنا دعوني أموت، كان حينها الألم وحرارة الشمس يقضي على جسدها، كانت تصرخ تريد البقاء وتركها في مكان الحادثة، حتى يأتي الموت، حد قولها.
وتضيف لم يجدوا وسيلة لإسعافي وكانوا على وشك إسعافي بدراجة نارية، حينها رأوا عربة نقل الماء وبعد استجداء، أخذوني إلى مستشفى الروضة وأختي إلى مستشفى الثورة، وكانوا يقولوا سينقلوني إلى مستشفى الثورة ومن ثم اتفقوا على ابقائي في مستشفى الروضة على اعتبار أنني سأجد اهتماما من رعاية الأطفال.
لم يكونوا مصدقين أنني سأعود للحياة من خلال ما شاهدون ما حدث لي كانوا يقولوا خلاص ستموت، ستخرج من غرفة العمليات ميتة، وعند دخولي غرفة العمليات فقدت الوعي بنفسي قبل ما يخدروني، حسب قولها.
من جانبها تقول نداء منصور ”16 عامًا“ لـ ”يمن مونيتور“ كنت أحاول القيام من مكاني لأنقذ أختي ولم استطع الحراك، كنت أصرخ بقوة حتى هرعوا الجيران لإنقاذنا، ربطوا لي ساقي بالوشاح تقصد ”الشال“ لأنها كانت تنزف بقوة، قبل أن يأتي باص لحملي، بعدها أتت سيارة إسعاف وحملوني إلى مستشفى الثورة.
وتضيف كنت سابقا استطيع المشي مع زملاتي في المدرسة وأقدر على اللعب وفعل أشياء كثيرة أما الآن لست كما كنت سابقا، لا استطع المشي كثير للمدرسة ولا اللعب مع اصحباتي كما كنت من قبل.
إن لم تتمكن ندى من الكتابة، تكتب في دفتر ”كشكول“ وأنا أقوم بمساعدتها بالكتابة في دفتر التصحيح وأيضا أقوم بمساعدتها في المذاكرة وكتابة الواجبات وأحاول تدريبها على الخط، ويصفوها بأنها شطورة في المدرسة، حد قولها.
تحدي اللغم الحوثي
بعد أن فقدت كفها الأيمن بلغم حوثي تقضي ندى حياة جديدة بكفها اليسرى، تقول استمريت لفترة أتعلم أكتب بيدي الأخرى، وكنت في المدرسة أثناء ما تشرح المعلمة أنسي أن يدي غير موجودة، أهم بحمل القلم وأتذكر أنها غير موجودة وإلا أحيانا أرفع يدي كما كنت سابقا أرفعها وأرجع استحي وأنزلها.
وتضيف كنت أجيد الكتابة بشكل جميل وأرسم رسومات عيون جميلات، بعد أن بتر الحوثي يدي، لم أعد قادرة على فعل أشياء كثيرة، أحيانا زملاتي يساعدني في الكتابة وبعض الأحيان أرفض وأقلهن أريد التعلم بنفسي.
قفزةً واحدة في أماكن عادي كهذه قد ترميك في الهواء إلى مالا نهاية وفي أحسن الحالات تعيدك إلى الأرض دون أطراف تسلبوا كطفولتك أو قدرتك على التلويح، هكذا يسترق الحوثي أصوات الأطفال وطموحاتهم بزراعة عشرات العبوات الناسفة والألغام الشائكة والموجهة وألغام فردية وكبيرة في العديد من المناطق شرقي محافظة تعز كمنطقة حبيل الضبي وفي بداية القصر وحي الزهراء وفرزة صنعاء، ومناطق عديدة قام بزراعتها الحوثي، وفق أحد السكان في حي التوفير.
بلغة متلعثمة وبوح شاحب يتحدث والد الطفلتين منصور محمد لـ ”يمن مونيتور“ يقول. ذهبن البنات لإحضار الحطب يوم الجمعة الموافق 2022/10/7، لطهي الغداء بسبب عدم وجود الغاز المنزلي، مع مرور وقت قصير تفاجئت والجيران ينادوني أن بناتي حصل لهن حادث انفجار لغم أثناء جمعهن للحطب، خرجت من المنزل فورا وشاهدت نداء غارقة بالدماء.
ويضيف أصيبت ندى ببتر يدها اليمنى وفقدت عينها اليسرى وشظايا في ساقها اليمنى وبقايا الجسد، وأصيبت نداء بكسر في ساقها اليسرى وشظايا ما تزال في جسدها إلى الآن وتسببت لها إعاقة.
آثار بالغة
وتركت الحرب آثارها البالغة في مفاقمة معاناة اليمنيين، وتمثل الألغام والمتفجرات تهديدًا مباشرًا على حياة المدنيين، وهو ما يعيشه المجتمع اليمني يوميًا جراء تزايد خطر الألغام بأشكالها المختلفة، حيث تسببت بمقتل الآلاف من المدنيين.
في هذا السياق يقول مدير المرصد اليمني للألغام فارس الحميري لـ ”يمن مونيتور“ تمكنا في المرصد خلال الفترة منذ منتصف العام 2019، وحتى الرابع من أبريل 2023، وثقنا سقوط (1884) ضحية من المدنيين بسبب الألغام والأجسام الحربية من مخلفات الحرب في عدد من المحافظات اليمنية، منهم (221) طفلا و41 امرأة، وأربعة مهندسين من العاملين في مجال التطهير، فيما بلغ عدد الجرحى 1109، منهم 433 طفلا و81 امرأة، العشرات من هؤلاء المصابين يعانون من إعاقات مستديمة.
وأضاف خلال الفترة من مايو 2023، وحتى نهاية ديسمبر من العام، رصدنا ووثقنا في المرصد اليمني للألغام سقوط (64) ضحية من المدنيين نتيجة حوادث انفجارات الألغام والذخائر المتفجرة والعبوات والمقذوفات من مخلفات الحرب في مناطق واسعة من اليمن، ومن الضحايا الذين تمكنا من رصدهم وتوثيقهم، منهم 32 قتيلا، بينهم 16 طفلا، و4 نساء، و12 من الجنسين، كما سقط (32) جريحا، بينهم 15 طفلا و8 نساء و11 من الجنسين.
وأوضح تمكن فريقنا الميداني في المرصد اليمني للألغام خلال الفترة من الأول من يناير 2024 وحتى اليوم الرابع من أبريل 2024، من رصد وتوثيق سقوط 105 ضحايا في صفوف المدنيين (41 قتيلا و64 جريحا) معظمهم من الأطفال والنساء، كما أصيب عدد من الجرحى بإعاقات مستديمة، وخلال مايو الجاري وثقنا في المرصد سقوط 36 ضحايا في صفوف المدنيين ما بين قتيل وجريح، منهم 10 قتيلا أحدهم طفلين و 26 جريحا بينهم 15 طفل وامرأة.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الألغام الحوثي اليمن إلى مستشفى الثورة یمن مونیتور فی المرصد فی ساقها
إقرأ أيضاً:
شهادات تكشف الواقع.. كيف يستخدم جيش الاحتلال المدنيين دروعا بشرية في الضفة؟
يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية واقعا قاسيا جراء الممارسات العسكرية الإسرائيلية، التي باتت تتشابه إلى حد كبير مع تلك التي تُستخدم في قطاع غزة، إذ تتوالى الهجمات الجوية والغارات العسكرية على مناطق مختلفة من الضفة، وتزداد معها حدة الانتهاكات لحقوق المدنيين.
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا مصورا للصحفيتين رجا عبد الرحيم وعزمت خان والمصور سيرغي بونوماريف من الضفة الغربية قارنتا فيه بين ما يفعله جيش الاحتلال في الضفة وما يفعلوه في غزة.
وبحسب التقرير في الضفة الغربية يتذكر ناصر دماج أن الجنود الإسرائيليين أمسكوا بذراعيه من الجانبين، وقادوه عبر الشوارع إلى هيكل مسجد مدمر، وقد أدى أحد الممرات إلى كهف قديم تحت الأرض. قال دماج إنه أدرك السبب عندما أمروه بالنزول: لقد كانوا يستخدمونه كدرع بشري.
قال دماج: "أرادوا مني أن أستكشف ما هو موجود في الطابق السفلي لحماية أنفسهم، ورغم احتجاجه لكن الجنود الثلاثة وقائدهم، وهم يحملون بنادق هجومية في أيديهم، فقد أجبروه على استكشاف ما أطلق عليه الإسرائيليون لاحقا "مُنشأة قتالية تحت الأرض".
يتذكر دماج أن القائد قال له بينما سلمه الجنود مسيرة تصوير حتى يتمكنوا من مسح الكهف: "كن حذرا. لا تكسرها. إنها باهظة الثمن".
لم تكن هذه الحادثة، التي أكدها شهود عيان، في غزة، حيث أجبرت القوات الإسرائيلية الفلسطينيين بشكل غير قانوني على القيام بمهام خطيرة لتجنب المخاطرة بحياة الجنود الإسرائيليين في الحرب هناك، بل في الضفة الغربية حيث يقول السكان إن القوات الإسرائيلية تتبنى تكتيكات مماثلة لتلك التي تستخدمها في غزة، بما في ذلك الغارات الجوية واستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية.
كانت الغارة الإسرائيلية التي استمرت عشرة أيام في مسقط رأس دماج، جنين، جزءا من هجوم عسكري أوسع نطاقا على المناطق الفلسطينية بدأ في أواخر آب/ أغسطس وأشار إلى تكثيف الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
كانت الغارات الجوية الإسرائيلية على الضفة الغربية نادرة نسبيا، كما قال الخبراء، مع وجود عدد قليل من الحالات المؤكدة. ولكن خلال الغارات في جنين والمناطق الفلسطينية الأخرى التي بدأت في أغسطس، أفاد الجيش الإسرائيلي بتنفيذ حوالي 50 غارة جوية على الضفة الغربية.
لقد استشهد أكثر من 180 شخصا في الغارات الجوية على المنطقة في العام الماضي، بما في ذلك العشرات من الأطفال، وفقا للأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان الفلسطينية "الحق". ورفض الجيش الإسرائيلي تقديم حصيلة القتلى، لكنه زعم أن "98%" من الأشخاص الذين قُتلوا في الغارات الجوية كانوا "متورطين في أنشطة إرهابية".
لقد تسببت الضربات في أضرار جسيمة للطرق وشبكات الكهرباء وخطوط المياه والصرف الصحي. يقول العاملون الإنسانيون المحليون والدوليون والأمم المتحدة إن إسرائيل عطلت جهود الإغاثة الخاصة بهم، في حين تظهر مقاطع فيديو تم التحقق منها من قبل صحيفة نيويورك تايمز جرافات إسرائيلية تمنع مركبات الطوارئ من المرور. (قال الجيش الإسرائيلي إنه يعمل وفقا للقانون الدولي).
بدلا من وصفها بالغارات، شبه السكان وعمال الإغاثة وبعض الخبراء ما يحدث في الضفة الغربية بالحرب.
قال عضو مجلس حي محلي سليم السعدي: "نحن نطلق على جنين اسم غزة الصغيرة".
وبينما كان يسير في حي معروف باسم مخيم جنين، والذي بدأ كمخيم للاجئين الفلسطينيين النازحين من منازلهم في ما يعرف الآن بإسرائيل، أشار إلى الصوت المستمر للمسيرات الإسرائيلية التي تقوم بالمراقبة والضربات الجوية.
وقال ناداف فايمان، مدير منظمة "كسر الصمت"، وهي مجموعة مناصرة تتألف من جنود إسرائيليين سابقين يقولون إنهم يجمعون شهادات من جنود شاركوا في الغارات في جنين ومدينة أخرى، طولكرم: "إنها غزة للجزء الشمالي من الضفة الغربية".
إضافة إلى المسيرات المسلحة، مزقت الجرافات الطرق، والتي يقول الجيش الإسرائيلي إنها تهدف إلى الكشف عن المتفجرات المدفونة تحت الرصيف.
لكن الضربات في الأشهر القليلة الماضية كانت من بين الأكثر شمولا وفتكا في الضفة الغربية منذ عقدين من الزمن.
ووصف جيش الاحتلال الإسرائيلي المداهمات بأنها "عملية لمكافحة الإرهاب" للقضاء على الجماعات المسلحة الفلسطينية ومكافحة الهجمات المتزايدة ضد الإسرائيليين، بما في ذلك إطلاق النار ومحاولات تفجير السيارات المفخخة. وقد رافق العنف زيادة في الهجمات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية من قبل المستوطنين الإسرائيليين الذين يعملون في كثير من الأحيان دون عقاب.
وفي عملياته في الضفة الغربية، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل أو اعتقل العشرات من المقاتلين، وصادر متفجرات ودمر مراكز القيادة والسيطرة. وأضاف أنه نفذ غارات جوية "في مواقف لا يمكن فيها إجراء اعتقالات بسبب خطر حقيقي على القوات".
كانت تصرفات الجيش في الضفة الغربية محاطة بالسرية لفترة طويلة، لكن الخبراء قالوا إن إسرائيل امتنعت إلى حد كبير عن شن غارات جوية على المنطقة منذ نهاية الانتفاضة الثانية، قبل ما يقرب من 20 عاما. في بعض الأحيان، استخدمت إسرائيل طائرات هليكوبتر هجومية في عمليات مختارة، لكن الخبراء قالوا إن ذلك حدث في حالات قليلة فقط عرفوها على مدى العقدين.
بدا أن نشر الجيش الإسرائيلي للمسيرات المسلحة كان نادرا للغاية. ظهرت التقارير الفلسطينية عنها في عام 2022، لكن تم تأكيد عدد قليل فقط من الحالات قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ومنذ ذلك الحين، نفذت القوات الإسرائيلية عشرات الضربات في المناطق الشمالية من الضفة الغربية، وتركزت إلى حد كبير في مدن وبلدات جنين وطولكرم ونابلس وطوباس.
في زيارات إلى جنين وطوباس وطولكرم، واجهت صحيفة التايمز روايات متعددة عن إجبار الفلسطينيين على أداء مهام تحمل مخاطر محتملة للجنود الإسرائيليين. كان الدمار الناجم عن الانفجارات واسع النطاق، ما ترك العائلات تكافح مع خسارة أبنائها الواحد تلو الآخر.
في 26 آب/ أغسطس، شنت القوات الإسرائيلية غارة جوية على ما وصفته بـ "غرفة العمليات" في مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، من بينهم عدنان جابر البالغ من العمر 15 عاما، والذي اتهمته إسرائيل بتصنيع المتفجرات.
وقال أيسر جابر، والد عدنان: "على الفور، أعلنت الأخبار الإسرائيلية أنها قتلت إرهابيا. لكنه كان طفلا صغيرا، وليس إرهابيا".
وقال جابر إن ابنه كان يتلقى دروسا ليصبح حلاقا. "لقد بقي له حوالي أسبوعين، وقد قُتل".
في 28 آب/ أغسطس، ضربت طائرة إسرائيلية ما قال الجيش إنهم مسلحون في زقاق في مخيم الفارعة للاجئين. وروى السكان كيف تم قصف منزل أيضا، ما أسفر عن مقتل شقيقين، محمد مسعود محمد نجا، 17 عاما، ومراد مسعود محمد نجا، 13 عاما، وإصابة شقيق ثالث ووالد الصبية بجروح خطيرة.
في أيلول/ سبتمبر، قال الجيش الإسرائيلي إن طائراته ضربت "إرهابيين ألقوا المتفجرات وأطلقوا النار على قوات الأمن" و"قضوا" على شخص "مسلح بعبوة ناسفة".
وقال السكان إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار على ماجد فداء أبو زينة، 17 عاما، وأطلقوا النار على سيارات الإسعاف التي حاولت إنقاذه، وفي النهاية استخدموا جرافة لإلقاء جثته خارج المخيم، وقالت والدته أمل أبو زينة: "الجنود يفعلون ما يريدون".
وأسفرت الغارات في جنين ومدن أخرى على مدى عشرة أيام عن مقتل 51 شخصا، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية وكان سبعة أطفال من بين القتلى، وفقا للأمم المتحدة.
وفي صباح يوم 28 آب/ أغسطس، عندما شنت القوات الإسرائيلية غاراتها على جنين وطولكرم وطوباس، نشر وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقت، يسرائيل كاتس، على وسائل التواصل الاجتماعي: "يجب أن نتعامل مع التهديد كما نتعامل مع البنية التحتية للإرهاب في غزة"، وتحذر جماعات حقوق الإنسان وعمال الإغاثة من ما يسمونه أوجه التشابه الخطيرة.
وقالت أليغرا باتشيكو، التي تقود اتحادا من جماعات الإغاثة المدعومة من الغرب في الضفة الغربية: "إننا جميعا نشعر بأن نمط غزة، وطريقة العمل، يتم تطبيقها في الضفة الغربية، وهذا أمر مقلق للغاية".
وأضافت: "إن أهداف الحكومة الإسرائيلية الحالية في الضفة الغربية تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على الخروج من المناطق المستهدفة باستخدام نفس النوع من القوة الهائلة والأسلحة والدمار الذي تستخدمه غزة".
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر إن مسؤولين من الأمم المتحدة، حذروا من "التكتيكات الحربية القاتلة" في الضفة الغربية، وحاولوا الدخول إلى جنين لإجراء تقييم، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح لهم بالدخول.
وقالت والدة دماج، أمل دماج، 48 عاما، أثناء المداهمات: "كنت خائفة للغاية.. هذه هي المداهمات الأكثر كثافة التي رأيتها على الإطلاق، والتي عشتها على الإطلاق".
وبمجرد دخوله الكهف، روى دماج كيف كان الضوء الوحيد يأتي من مسيّرة التصوير التي كانت بين يديه.
وقال دماج إن القائد كان يتابع البث المباشر من الأعلى على جهاز iPad ويصرخ بالتعليمات حول المكان الذي يجب أن يذهب إليه وما الذي يجب الاقتراب منه.
وعلى ما يبدو أنهم كانوا راضين عن أن المكان آمن، انضم الجنود الثلاثة والقائد إلى دماج في الكهف واستجوبوه، مطالبين بمعرفة مكان أعضاء الجماعات الفلسطينية المسلحة، وقال دماج إنه قال لهم: "لا أعرف.. أنا لا أتدخل".
قال إن القائد صاح فيه قائلا: "أنت كاذب؛ أنت تعيش في حي الإرهابيين"، وأضاف: "قل الحقيقة وإلا سأطلق النار على ساقيك". وبعد أكثر من ساعتين، قال إنهم سمحوا له بالمغادرة. وفي اليوم التالي، عاد الجيش الإسرائيلي وفجر الكهف.
وردا على أسئلة حول حالتين تتعلقان باستخدام الدروع البشرية في جنين، بما في ذلك دماج، قال الجيش الإسرائيلي: "إن الحوادث المذكورة في التحقيق تبدو متناقضة مع أوامر جيش الدفاع الإسرائيلي". وأضاف أنه لا يملك معلومات كافية لتأكيد أو نفي ما إذا كانت هذه الحوادث قد وقعت بالفعل.
لكنه أكد وقوع عملية تتعلق بالكهف، قائلا: "تم تدمير منشأة قتالية تحت الأرض تقع أسفل مسجد".
وفي عام 2005، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن استخدام الجيش للمدنيين كدروع بشرية ينتهك القانون الدولي وحظرت هذه الممارسة. ولكن الفلسطينيين في الضفة الغربية يقولون إن هذه الممارسة لم تتوقف قط.
وقال أحمد بلالو إن القوات الإسرائيلية أعطته ولاعة وأمرته بإشعال الحبال التي تحمل الستائر فوق الأزقة الضيقة في مخيم جنين، والتي يستخدمها المقاتلون غالبا لإخفاء أنفسهم عن الأنظار، وقال: "إذا قلت، "لا"، كنت أعرف أنهم سيضربونني".
وقال فايمان، الذي يرأس منظمة "كسر الصمت"، وهي مجموعة مناصرة للجنود الإسرائيليين السابقين، إن النهج العسكري الشامل المستخدم في الضفة الغربية كان يُعرف باسم "عقيدة الضاحية"، في إشارة إلى تدمير إسرائيل للضاحية، جنوب بيروت التي تعد معقلا لحزب الله، خلال حربها التي استمرت 34 يوما في لبنان عام 2006. وقال إن هذا التكتيك يخلق أضرارا غير متناسبة للبنية التحتية المدنية ويهدف إلى محاولة التسبب في الكثير من الضرر والدمار حتى يتحول المدنيون ضد الجماعات المسلحة في مناطقهم.
وقال: "لم يتم فرض هذا النوع من الضغط على القرى والبلدات في الضفة الغربية حتى وقت قريب جدا".
رفض الجيش الإسرائيلي تقييمه قائلا: "إن الادعاء بأن جيش الدفاع الإسرائيلي يتسبب عمدا في إلحاق الضرر بالبنية التحتية المدنية هو ادعاء كاذب". وبدلا من ذلك، اتهم حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى منذ فترة طويلة بترسيخ نفسها في المناطق المدنية.
في اليوم التالي لإجبار دماج على دخول الكهف، عاد الجيش وأمر خالد صالح (59 عاما)، وهو آذن مدرسة، وزوجته بمغادرة منزلهما قبل تفجيره.
وكان المسجد فوق الكهف قد دمر بغارة جوية، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وفقا للسكان. وقال الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت إنه كان يستهدف "مجمعا إرهابيا" تحت الأرض أسفل المسجد يستخدمه حماس والجهاد الإسلامي لتنظيم هجوم وشيك.