أول امرأة في تاريخ المكسيك تصل إلى منصب رئاسة الجمهورية منذ استقلال البلاد في عام 1821 في بلد تسكنه أغلبية كاثوليكية، معروف بثقافته الرجولية المتجذرة.

خبيرة في شؤون حماية البيئة، كرست الكثير من وقتها للوسط الأكاديمي، وهي أيضا راقصة باليه سابقة.

نادرا ما تناقش تراثها اليهودي، لذلك عرفت بأنها ليست متدينة، وفي مقابلة صحافية قالت عن نفسها: "أنا أؤمن بالعلم".



ولدت كلوديا شينباوم عام 1962 في مدينة مكسيكو، لعائلة يهودية، هاجر أجدادها من ليتوانيا وبلغاريا هربا من التمييز والاضطهاد النازي. لكن تربيتها لم تكن تحت أي دين بقرار من والديها، ووفقا لفريق حملتها، تعتبر شينباوم نفسها "امرأة مؤمنة"، لكنها لا تنتمي إلى أي دين.

وهي تميل إلى الابتعاد عن اليهودية بعكس كثيرين من الجالية اليهودية بالمكسيك، والتي يبلغ عددها 30 ألفا في بلد يبلغ عدد سكانه 130 مليون نسمة، والذين يكثرون من التحدث عن جذورهم.


والدتها عالمة أحياء ووالدها مهندس كيميائي وهما من المناضلين اليساريين ورواد العمل الأكاديمي. وكانا ملحدين، ولم ينتميا قط إلى الطائفة اليهودية.

التحقت بمدرسة علمانية عززت استقلالية الطلاب، وهو أمر غير معتاد في بلد كاثوليكي.

حصلت على بكالوريوس في الفيزياء عام 1989من جامعة المكسيك الوطنية المستقلة، ثم على شهادة الماجستير في هندسة الطاقة عام 1994، كما أجرت أبحاث الدكتوراه في الهندسة عام 1995 بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية حيث حصلت على درجة الدكتوراه في هندسة الطاقة.

كانت الثمانينيات فترة محورية في حياتها حيث بدأت فضائح الفساد في تشويه الطبقة السياسية في المكسيك، وبدأ تطبيق النموذج الاقتصادي النيوليبرالي الذي يفضل نقل الاقتصاد من الحكومة إلى القطاع الخاص، وكان هذا بالنسبة لشينباوم بمثابة عدم مساواة وإفقار لشعب المكسيك.

بدأ نشاط شينباوم السياسي أثناء دراستها، إذ ساعدت في تأسيس "الحزب الديمقراطي الثوري" بقيادة الطلاب عام 1998.

نشاطها لفت الانتباه إليها فعينت عام 2000 وزيرة للبيئة في مكسيكو سيتي من قبل رئيس المكسيك أوبرادور، الذي كان آنذاك رئيسا لبلدية المدينة، وأشرفت على إدخال نظام الحافلات في المدينة، وكانت عضوا في فريق الأمم المتحدة الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، وكانت ضمن الفريق الذي فاز بشكل مشترك بجائزة نوبل للسلام في عام 2007.

مكنتها خبرتها في العاصمة مكسيكو سيتي من الفوز برئاسة "وفد تلالبان"، وهي منطقة في جنوب مكسيكو سيتي، قبل أن تفوز بانتخابات رئاسة البلدية عام 2018.

وحظيت بالمنصب رغم مأساة "مدرسة ريبسامين" التي كانت تابعة لمنطقة "تلالبان" التي كانت تحت إشرافها، حيث أدى الإهمال في إسناد تراخيص البناء إلى مقتل 19 طفلاً و7 معلمين خلال زلزال عام 2017، كذلك سجلت تراجعا في شعبيتها خلال السنوات التي قضتها كرئيسة لبلدية مكسيكو سيتي إثر الانهيار المروع لخط المترو في عام 2021، مما أسفر عن مقتل 27 شخصا وإصابة 79 آخرين.

ورغم أنها أعلنت عن خطط لإصلاح نظام مترو الأنفاق في المدينة، فقد أشار منتقدوها إلى استمرار الحوادث المميتة في مترو الأنفاق بعد محاولتها الإصلاحية.


مع اختيارها كمرشحة للرئاسة عن حزب "مورينا" اليساري الحاكم، فرضت نفسها على المشهد السياسي المكسيكي دون أن تكون قد انضمت إلى "الحزب الثوري المؤسسي" أو "حزب العمل الوطني" وهما الحزبان الرئيسيان الوحيدان اللذان حكما المكسيك قبل وصول أندريس مانويل لوبيز أوبرادور للسلطة عام 2018 الذي يعتبر القائد الملهم لها والذي تتبعه بسياساتها إذ لا يزال أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد.

وقال إعلاميون من المكسيك "إنها بحاجة إليه، فهي لا تتمتع بالكاريزما ولا بالشعبية، ولا تتمتع بقدرة سياسية خاصة بها، لذا فهي بحاجة إلى استعارة ذلك من لوبيز أوبرادور".

وجاء فوزها برئاسة المكسيك بعد  هزيمتها زوتشيتل غالفيز مرشحة ائتلاف المعارضة "القوة والقلب للمكسيك".

وتخطط شينباوم لحل المشكلة الكبرى في البلاد المتمثلة بمكافحة الجريمة من خلال تعزيز الحرس الوطني، كما تدعم مشاركة القوات المسلحة في بناء مرافق البنية التحتية المدنية الكبيرة.

وفي المجال الاقتصادي، تريد الحفاظ على تدابير التقشف، وتعتزم التخلي عن استخدام الطائرة الرئاسية، وزيادة تمويل البرامج الاجتماعية الحكومية التي تهدف في المقام الأول إلى القضاء على الفقر.

وسيتعين عليها كذلك إدارة العلاقة الثنائية الحساسة والمعقدة مع الولايات المتحدة، خصوصا في ما يتعلق بقضايا شائكة مثل تهريب المخدرات والهجرة عبر الحدود.

ورغم كل حديثها عن عدم تدينها وتقليلها من أهمية علاقاتها باليهودية، فإن أصولها لم تمر دون أن يلاحظها أحد، مما يكشف عن تيارات كراهية الأجانب المستمرة تحت السطح في السياسة المكسيكية.
وبعد ظهورها العام الماضي كمنافسة رئاسية، واجهت شينباوم هجمات وسئلت عما إذا كانت ولدت في المكسيك أو حتى إذا كانت مكسيكية.

فردت عليهم بأنها مكسيكية بنسبة 100%، و"ابنة فخورة لأبوين مكسيكيين".

وقالت أمام تجمع نظمته منظمة يهودية في مكسيكو سيتي في عام 2018: "لقد نشأت بدون دين، هكذا رباني والداي. لكن من الواضح أن الثقافة تسري في دمائكم".

ويقول لأرتورو كانو، الذي كتب سيرتها الذاتية، إنها احتفلت بيوم الغفران وغيره من الأعياد اليهودية مع أجدادها، لكنها "كانت ثقافية أكثر منها دينية".

ومنذ اندلاع الحرب في غزة، أدانت شينباوم الهجمات على المدنيين، ودعت إلى وقف إطلاق النار، وبأنها تدعم حل الدولتين. مؤكدة: "فلنسع إلى إيجاد السبيل الفوري لتهدئة هذه المنطقة من العالم".

وكانت حكومة الرئيس أوبرادور قد قدمت طلبا لمحكمة العدل الدولية بالانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال بشأن انتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.

وكما هو حال معلمها فهي تأخذ جانب الحياد في موضوع غزة وحين الرئيس  أوبرادور عن الاعتراف بدولة فلسطين، فضل الانتظار لاتخاذ هذا القرار، وترحيله إلى خليفته المنتخبة حديثًا شينباوم، التي ستبدأ مدتها الرئاسية في تشرين الأول/ أكتوبر القادم.

وتتمتع المكسيك بعلاقات دبلوماسية جيدة مع الفلسطينيين، كما أن بعثتها الرسمية لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تفوت أية مناسبة للتصويت لصالح قرار العضوية الكاملة لفلسطين.

وكنوع من التوازن استبعدت حكومة أوبرادور قطع العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال، وفي نفس الوقت، ترفض وصف حماس بـ"الإرهابية"، كما فعلت حكومات أخرى.

بالطبع سيكون المشهد واضحا أمام شينباوم فقواعد الحزب متضامنة مع فلسطين، وفي الجامعات وفي شوارع المكسيك التي تبلغ الجالية الفلسطينية فيها ما يقارب 40 ألفا، مقابل 30 ألفا من أصول يهودية.
لذلك لن تصطدم بالشارع شينباوم وستحافظ على موقف حيادي تقليدي مثل مرشدها وقدوتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه المكسيك كلوديا شينباوم غزة غزة المكسيك كلوديا شينباوم بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مکسیکو سیتی فی عام

إقرأ أيضاً:

آلاف المهاجرين من المكسيك يحاولون الوصول لأميركا بيوم الانتخابات

انطلق آلاف المهاجرين من المكسيك يوم الثلاثاء، في يوم الانتخابات الأميركية، محاولين الوصول إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.

وبحسب النشطاء، انطلقت مجموعتان من المهاجرين من مدينتي تاباتشولا وتوستلا غوتييرز في ولاية تشياباس.

وتشير التقارير الإعلامية إلى أن حوالي 3 آلاف شخص، بينهم عائلات مع أطفالها، تجمعوا للسفر صوب الشمال سيرا على الأقدام.

وغالبا ما تتفرق هذه القوافل بعد بضعة أيام في المكسيك، وعادة ما ينظم نشطاء هذه المجموعات.

وتعد الهجرة موضوعا رئيسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث يركز المرشح الجمهوري دونالد ترامب على مسألة الحدود ويُصدر في كثير من الأحيان تصريحات مهينة تتعلق بالمهاجرين، واصفا إياهم "بالمجرمين والمغتصبين"، كما دعا إلى فرض عقوبة الإعدام على أي مهاجر يقتل مواطنا أميركيا أو ضابط شرطة.

وتعهدت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بالعمل على حماية الحدود وإصلاح "نظام الهجرة المعطل"، إذا فازت بالرئاسة.

وفي عام 2023 أوقفت الولايات المتحدة 2.4 مليون شخص دخلوا البلاد بطريقة غير نظامية وهو رقم قياسي.

وبسبب تسييس قضية الهجرة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أخفق الكونغرس على مدار عقود في تمرير تشريع يقبل به الحزبان بشأن الهجرة وأمن الحدود.

مقالات مشابهة

  • «التنمية الحضرية»: العشوائيات غير الآمنة كانت من أبرز التحديات التي واجهت الدولة
  • انقطاع الكهرباء عن عشرات الآلاف إثر هبوب عاصفة على نيو مكسيكو
  • فنانة شابة تهدي وزير الشباب والرياضة صورة «بورتريه» خلال زيارته لكفر الشيخ
  • تحالف حل الدولتين!
  • رئيس إستونيا: زيارتي إلى مصر تستهدف خلق مزيد من الفرص بين الدولتين
  • آلاف المهاجرين من المكسيك يحاولون الوصول لأميركا بيوم الانتخابات
  • هاريس تفوز بولايتي نيو مكسيكو وواشنطن.. وترامب يتقدم في ميشيجان
  • نتائج فرز 70% من أصوات نيو مكسيكو.. 45% يختارون ترامب و53% لـ هاريس
  • مخفية لأكثر من 1000 عام.. اكتشاف مدينة مفقودة لحضارة المايا في المكسيك
  • اكتشاف مدينة مفقودة من حضارة المايا في المكسيك