كريات شمونة مستوطنة بنيت على أنقاض بلدة الخالصة الفلسطينية
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
"كريات شمونة" مستوطنة إسرائيلية بنيت على أنقاض بلدة الخالصة الفلسطينية التي كانت تابعة لقضاء صفد في الشمال الفلسطيني؛ هُجِّر أهلها بعد النكبة إلى جنوب لبنان ودمرها الاحتلال وبنى عليها مستوطنته التي صارت المركز الإقليمي للمستوطنات الإسرائيلية في المنطقة وأكبر مدن إصبع الجليل.
وبسبب موقعها تطالها نيران حزب الله من جنوب لبنان باستمرار، فيضطر الاحتلال لإخلائها وترميمها، وبسبب نزوح المستوطنين منها وصفها أحد المواقع الإسرائيلية بـ"مدينة الأشباح".
كلمة "كريات" العبرية تعني باللغة العربية القرية، أما كلمة "شمونة" فتعني "ثمانية"، ومن ثم فالترجمة العربية لاسمها هو "قرية الثمانية".
وجاءت هذه التسمية حسب الرواية الإسرائيلية تخليدا لذكرى 8 مستوطنين قتلوا في حرب خاضوها مع قادة عرب الخالصة في معركة تل حاي عام 1920، ووقعت قرب المدينة.
الموقعتقع شمال إسرائيل وتبعد عن جنوب لبنان 4 كيلومترات، وتطل على سهل الحولة من الشمال والجنوب، ويحدها عدد من القرى الفلسطينية منها في الشمال والشمال الشرقي قرية الزوق الفوقاني والزوق التحتاني وقرية لَزَّازة.
ومن الشرق تحدها قرية قيطية ومن الشمال الغربي قرية هونين، ومن الجنوب الشرقي قرية الناعمة ومن الجنوب قريتا البويزية والميس ومن الجنوب الغربي قرية المنارة.
وتبلغ مساحتها قرابة 15 كيلومترا مربعا، وكان يقطعها طريق رئيسي سمي حديثا الطريق السريع 90، ويصل بين الحولة وجنوب لبنان، وأيضا مع مرتفعات الجولان عبر بانياس والقنيطرة.
السكانحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023 قدر عدد المستوطنين في كريات شمونة بقرابة 23 ألف مستوطن حسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، نزحوا جميعا بعد بداية معركة طوفان الأقصى وبسبب الضربات المستمرة لجبهة المقاومة اللبنانية.
عام 1931 كان عدد سكان القرية 1369، والغالبية كانوا من العرب المسلمين، إضافة إلى عرب مسيحيين، مع وجود 3 يهوديين، وكان مجموع منازلها عامها 259.
وذكر رحالة أن سكانها كانوا مع بداية الانتداب البريطاني تقريبا 50 شخصا، ثم عام 1945 وقبل الاحتلال الإسرائيلي لها، وصل عددهم إلى 1840، منهم 20 مسيحيا فقط، وكانت فيها مدرسة ابتدائية واحدة للبنين، يديرها أساتذة من قرى مجاورة.
مسجد الخالصة بني عام 1906 وحوله الاحتلال إلى متحف (الصحافة الفلسطينية)بلغ عدد السكان حين النكبة 2134، وقدرت أعداد منازلهم حينها بـ403 منازل، وبلغت مساحة أراضي القرية 11 ألفا و280 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)، وحتى عام 1998 قدر عدد لاجئيها بـ13 ألفا و108
والسكان الأصليون لهذه القرية قرويون من عشيرة الغوارنة أصولهم مختلفة، ويذكر المؤرخ عبد الكريم الحشاش أنهم عرب بعضهم من المغرب ومن جيش أحمد الجزار، ومنهم من جاء من مصر والسودان واستقر معهم، ويؤكد أنهم لم يكونوا بدوا كما يتداول، فعلى الرغم من مظهر حياتهم البدوية فإنهم كانوا فلاحين ولهم عاداتهم وتقاليدهم.
التاريخ الحكم العثمانيفي مطلع القرن الـ19 كانت الخالصة محطة للبدو العرب الرحل خلال فصل الشتاء، وحسب المؤرخ مصطفى العباسي كانت الخالصة أواخر عهد الدولة العثمانية تتبع قضاء مرجعيون، وكانت حينها قرية صغيرة.
وعام 1875 وصفها الرحالة الفرنسي فيكتور غيرين بكثرة جداولها وينابيعها وأطلالها، وقال إنها قرية حديثة بنيت أعلى تلّ مطلٍّ على سهل الحولة وحولها زرعَ السكان محاصيلَهم التي كانوا يُروونها من ينابيع "عين الذهب".
ويذكر أن عشيرة الغوارنة هي من أنشأت القرية، وكانت تقع على تل في الشمال الغربي من سهل الحولة وهو موقع إستراتيجي حماها من فيضانات موسمية تمر على بحيرة الحولة، وعدت مركزا تجاريا مهما لقربها من سوريا ولبنان، وكانت تطل على طريق عام ممتد من المطلة شمالا إلى صفد وطبرية جنوبا.
ووصفها رحالة أوروبيون عام 1877 عند مرورهم بها بأنها قرية صغيرة بنيت بالحجارة على أرض مستوية تحفها جداول ويقطنها العشرات معظمهم من الغوارنة، وقد بنيت منازلها من الطوب وحجر البازلت الذي اقتلعه أهلها من التل.
وعام 1916 زارها الموظفان العثمانيان بهجت والتميمي خلال مسح ميداني كانا يجريانه لولاية جنوب لبنان، وذكرا أن سكان الخالصة يعيشون في خيام سوداء، ووصفا الحفاوة والحرارة التي استقبلا بها ومنزل شيخ القرية وسعته (قصر آل اليوسف)، ويقولان إن عائلة اليوسف كانت الأقوى والأكثر ثراء، وإنها كانت تملك من الأراضي نحو 6 آلاف دونم.
الانتداب البريطانيبعد انتهاء الحكم العثماني وبداية الانتداب البريطاني، تطورت شبكة الطرق مما نشّط التجارة بين سوريا ولبنان وفلسطين، ثم بنت بريطانيا مركزا للشرطة عام 1938 بهدف تمكين سيطرتها على الحدود الشمالية، وبعدها بعام أسس اليهود فيها مستوطنة قروية أطلقوا عليها اسم "كريات شمونة".
وخلال الانتداب البريطاني كانت المدينة تتبع إداريا لقضاء صفد وتعتبر إحدى قراها وثاني أكبر قرية تابعة لها من ناحية المساحة والسكان، وباتت في سنواتها الأخيرة قبل احتلالها مركزا بلديا، وكانت تبعد عن مركز القضاء مسافة 28 كيلومترا.
بلغت المساحة المزروعة من أراضي القرية بين عامي 1944 و1945 نحو 3770 دونما، وكان سكانها يقيمون سوقا أسبوعيًّا فيه بضاعة من أهل القرية ومن القرى المجاورة وحتى من الدول المجاورة.
قرية الخالصة عام 1948 ويظهر في الصورة مركز شرطة الخالصة المحلي (الصحافة الفلسطينية)ونظرا لزيادة عدد الموظفين والعمال مع مرور السنوات، تأسس فرع لجمعية "عمال فلسطين العرب" في الخالصة عام 1946، كما كان للقرية عام 1945 مجلس بلدي يدير شؤونها، وامتهن سكانها الزراعة والتجارة لكسب قوتهم.
وكان السكان يتزودون بمياه الشرب من الينابيع والأنهار والعيون، أشهرها عين الحاصباني من الناحية الشرقية، إضافة إلى "نبع العسل و"عين الذهب" التي كان عمقها 5 أمتار في مساحة 200 متر مربع.
ويذكر العباسي أن القرية شاركت في انتفاضة خرجت في سوريا ولبنان وفلسطين عام 1920 ضد تقسيم المنطقة وترسيم الحدود بين فرنسا وبريطانيا، خاصة وأن الخالصة أصبحت منطقة حدودية، فردت القوات الفرنسية بقصف القرية في فبراير/شباط 1920.
تأسست في خضم تلك الأحداث "الجمعية القروية" التي أنشئت لمساندة فلاحي صفد ومنطقة الحولة للوقوف أمام محاولات بيع الأراضي للمستوطنين، وبرزت الحولة فيها لترؤس شيخها كامل حسين يوسف الجمعية عام 1932، فقويت مكانته في المنطقة وبرز زعيما لباقي شيوخ المنطقة للنفوذ الذي كانت تتمتع به الجمعية.
الاحتلال الإسرائيلييوم 18 ديسمبر/كانون الأول 1947 قتل يهودي في قرية الخصاص التي تبعد عن الخالصة مسافة 5 كيلومترات، وكان من قرية يهودية تقع جانب تلك القرية تسمى "معيان باروخ"، فقررت منظمة البالماخ العسكرية الصهيوينة شن "حملة تأديبية" وقتلت من أهل الخصاص 10 أفراد بينهم امرأة و5 أطفال.
كانت تلك الحادثة بداية سلسلة أحداث هجومية انتشرت في كامل الحولة تبنتها البالماخ، وتأثرت الخالصة التي كانت نقطة اتصال بين اليهود والعرب في المنطقة، وبدأ نشاطها التجاري يتراجع، حتى أعلنت بريطانيا انسحابها من فلسطين وتسليمها لإسرائيل، وبعد أقل من شهر احتلت منظمة الهاغانا العسكرية الصهيونية مدينة صفد بعد طبريا وطردت العرب منها.
منزل في كريات شمونة تعرض لإصابة مباشرة بصاروخ أطلقه حزب الله في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 (غيتي)وبدأ لواء يفتاح عملية "ماتاتي"، وتعني المكنسة، وقصدت تدمير كامل المنطقة الممتدة من سواحل بحيرة طبريا الشمالية حتى سهول الحولة الجنوبية، ودمِّرت القرى العربية في المنطقة بالكامل وأجلي السكان، وقيل إن الخالصة حاولت التوصل لاتفاق مع الهاغانا حماية لأهلها، لكن المنظمة رفضت.
ويوم 11 مايو/أيار 1948 نزح سكان القرية الفلسطينية من بلدتهم بعد أن سمعوا سقوط قضاء صفد بقبضة الاحتلال، وقصدوا قرية هونين في الشمال الغربي، وبقي مجاهدون منهم (ما بين 35 و40) بضعة أيام في انتظار ملاقاة جنود الاحتلال، لكنهم فوجئوا بقصف شديد استهدف القرية من مستعمرة منارة اليهودية، وأشيع تقدم وحدة مدرعة باتجاههم وطلب منهم المغادرة قبل وصولها.
وانسحب المجاهدون بعد القصف الشديد بعيدا عن الطرق التي سيطر عليها الاحتلال واتجهوا للتلال، ومن هناك لحقوا بأهلهم في هونين، ومنها هُجِّر أهل القرية كلهم إلى لبنان. وبعد أسابيع عادت مجموعة منهم للقرية بحثا عن أموالهم التي دفنوها تحت الأرض لكنهم وجدوا القرية صارت خرابا.
ثم أقيمت مستوطنة كريات شمونة على أنقاض قرية الخالصة الفلسطينية التي دمرها الاحتلال ومسح معالمها عام 1948، وكان الهدف منها توزيع المستوطنين في كامل أنحاء فلسطين، خاصة المناطق الحدودية لتعزيز السيطرة الأمنية فيها منعا لعودة الفلسطينيين.
كريات شمونةبعد احتلالها تعتبر المدينة الآن أكبر مدن إصبع الجليل، لذا صارت مركزا إقليميا في الخدمات الصحية والصناعة والأعمال والتجارة، وتقع قرب الطريق السريع 90، وما زالت تحافظ على مناظرها الطبيعية الخلابة.
أسست إسرائيل المستوطنة اليهودية عام 1950، وكان يسكنها 14 يهوديا يمنيا، وبعد 3 سنوات أصبح لها مجلس بلدي، وأعلنت مدينة تنموية مع وصول يهود من اليمن ورومانيا، وفيما بعد من شمال أفريقيا، وخاصة من المغرب.
تطورت المستوطنة في مجال التصنيع الطبي والبحث والتطوير في مجال الكيمياء الحيوية الزراعية والإلكترونيات ومعالجة المعادن، وحتى بداية سبعينيات القرن الماضي تطورت في صناعة الغزل وصناعات أخرى تتعلق بالمنتجات الزراعية.
وبسبب موقعها الجغرافي المتاخم للحدود اللبنانية وقربها من مرتفعات الجولان المحتل، صارت هدفا لنيران المقاومة الفلسطينية من جهة واللبنانية من جهة أخرى، ففي عام 1974 قتلت جبهة تحرير فلسطين 18 مستوطنا فيها.
وفي عام 1986 قتل حزب الله شخصا واحدا، وفي عام 1987 قتل 6 جنود في قاعدة عسكرية قرب المستوطنة، وعام 1999 قتل الحزب أيضا شخصين. وخلال حرب لبنان الثانية 2006 خرج المستوطنون من القرية إلى الملاجئ، وتعرضت خلالها إلى 4 آلاف قذيفة دمرت 7 آلاف شقة.
وبِالتصعيد العسكري مع حزب الله اللبناني في أكتوبر/تشرين الأول 2023 شرعت إسرائيل بتفعيل خطة إخلاء مستوطنة كريات شمونة من سكانها، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على مستوطنات غلاف غزة.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس في لبنان مسؤوليتها عن قصف كريات شمونة يوم الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مشيرة إلى أنها استهدفت المستوطنة ومحيطها بـ12 صاروخا "ردا على مجازر الاحتلال في غزة".
وتعرضت كريات شمونة لقصف بعشرات الصواريخ من حزب الله ردا على هجمات إسرائيلية قتلت مسعفين يوم 11 يناير/كانون الثاني 2024، ويوم الخامس من مارس/آذار بنحو 70 صاروخا أيضا، بعد أن تعرضت قرى بجنوب لبنان لقصف إسرائيلي أدى لمقتل 3 مدنيين.
الاقتصادسابقا، اعتمد سكان القرية على الزراعة وتربية الماشية والتجارة، وساهمت أرضها الزراعية ووفرة المياه فيها في تطور النشاط الزراعي، وقدرت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بـ9361 دونما، منها 5586 دونما للبساتين المروية و3775 لزراعة الحبوب. وتنوعت محاصيل القرية بين القمح والشعير والذرة والفول والحمص والعدس والبندورة والباذنجان والخيار.
بيت كامل حسين اليوسف حوله الاحتلال إلى مدرسة للفن (الصحافة الفلسطينية)ونشطت القرية في التجارة مع لبنان وسوريا لقربها منهما، وقد أقام السكان سوقا أسبوعيا عرف باسم "سوق الثلاثاء" وشارك فيه تجار من سوريا ولبنان، وكانوا يتجمعون يوم الاثنين تجهيزا ليوم السوق الكبير، وفيه يعرض أهل القرية منتجاتهم وصناعاتهم. ولنشاطه وأهميته حاول تجار من صفد شراءه لكن سكان القرية رفضوا بيعه.
أقيم السوق في منطقة العمرات بجانب مبنى السرايا التابع لسلطات الانتداب، وعُدَّ السوق الأكبر في المنطقة بعد سوق الجمعة في صفد، وكان يحضره تجار سوريون ولبنانيون وعراقيون وأردنيون وفلسطينيون، وأحيانا كانوا يبيتون في القرية بفندق زطام الذي كان صاحبه رجلا لبنانيا.
وبعد احتلالها تعتمد المستوطنة الآن على صناعات كثيرة منها الصناعات المعدنية وصناعة المجوهرات والتعليب وصناعة المنسوجات. إضافة إلى وجود مختبر للتكنولوجيا الزراعية.
معالم مسجد الخالصة، وبني عام 1906 وحوله الاحتلال إلى مقر محكمة، قبل أن يحوله لـ"متحف كريات شمونة"، ثم أغلقه تماما. المركز الدولي الإسرائيلي لتكنولوجيا الأغذية، وافتتح يوم الثاني من سبتمبر/أيلول 2020. مهبط للطائرات ويستخدم للتدريب على الطيران المدني. أبنية مهجورة من أيام الانتداب البريطاني على فلسطين. بيت كامل حسين، وقد حولته إسرائيل إلى مدرسة للفن وصار تابعا للوكالة اليهودية. ومن معالمها القديمة التي دمرها الاحتلال مبنى المجلس البلدي، وفندق عرف باسم "فندق زطام"، وطاحونتا حبوب الأولى بنيت عند عين الذهب والأخرى قرب نبع العسل. إضافة إلى مبنى السرايا الذي بنته سلطات الانتداب البريطاني.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الانتداب البریطانی سوریا ولبنان کریات شمونة سکان القریة جنوب لبنان فی المنطقة فی الشمال إضافة إلى حزب الله التی کان
إقرأ أيضاً:
عزون.. قرية العز والصلابة في فلسطين يقسمها جدار الفصل العنصري
قرية استمدت اسمها من العز والصلابة وكثرة الأشجار المثمرة، اسم عربي كنعاني قديم يشير إلى أنها بلدة ضاربة بجذورها في التاريخ.
عزون، قرية العز، هي قرية فلسطينية حالية، تقع شرقي مدينة قلقيلية وعلى مسافة 9 كم منها.
تبلغ المساحة الإجمالية لبلدة عزون نحو 24 آلف دونم، وتقع على الطريق الواصل بين مدينتي نابلس وقلقيلية، وهي أيضا تقع على الطريق الممتد بين مدينتي قلقيلية وطولكرم، ويصلها بمدينة رام الله طريق معبد يمتد جنوبا، وفي العهد العثماني كان الطريق الذي يربط بين مدينتي نابلس ويافا يمر عبر وادي عزون، فيما كانت في عهد الحكم الأردني طريقا عسكريا.
تتوسط عزون مجموعة من القرى التي يزيد عددها على العشرين قرية وهي: صير وجيوس وكفر جمال وكفر عبوش ووكفر زيباد وكفر صور وكفر ثلث وسنيريا ومسحة والزاوية وبديا، النبي إلياس وعسلة وعزبة الطبيب، كفر لاقف وجينصافوط والفندق وأماتين وحجة وباقة الحطب وكفر قدوم وجيت وفرعطة وصرة.
وبحسب مجلس بلدي عزون فإن سبب تسمية القرية بهذا الاسم يعود لكلمة عين العز وذلك نسبة إلى كثرة الأشجار المثمرة المنتشرة فيها، وهو الاسم الذي كانت تعرف به القرية قديما وحرف الاسم من عزين إلى عزون.
مستوطنة أقيمت على أراضي قرية عزون الزراعية.
وهناك رأي يقول بأن اسم عزون جاء من الأصل الآرامي عز يعز بمعنى صلب وأشتد مراسه، فهو عزيز وهذه صفة أهلها، وهذا الرأي قد يكون الأصح.
وقدر عدد سكان قرية عزون عام 1922 بنحو 700 نسمة، ارتفع عددهم في إحصائيات عام 1931 إلى 994 نسمة، وفي عام 1945 بلغ 1190 نسمة. أما في عام 1961 فقد ارتفع إلى 2096 نسمة، وفي عام 1997 وصل عدد سكان القرية إلى 5871 نسمة، وفي عام 2017 بلغ 9189 نسمة، وفي أخر إحصاء عام 2024 بلغ 10699 نسمة.
ويعتمد اقتصاد البلدة على عائدات مجموعة من الأنشطة الاقتصادية منها الزراعة وتربية الماشية والطيور، ومن ثم الوظائف الحكومية، ونسبة من أبناء القرية الذين يعملون في الأراضي المحتلة عام 1948، إلى جانب عائدات ممارسة أنشطة أخرى في قطاع الخدمات والصناعة والتجارة.
لبلدة عزون تاريخ طويل ثبت من الحفريات الموجودة في البلدة القديمة بمنطقة المسجد القديم أنها كنعانية التأسيس، ووجدت آثار يونانية ورومانية، أما البلدة الحالية فقد تم تأسيسها بعد معركة حطين عام 1187، وهي تتبع محافظة قلقيلية وقبل ذلك كانت تتبع قضاء طولكرم، وفي العهد التركي كانت تتبع قضاء سلفيت وفي العهد المملوكي كانت آخر قرية من قضاء القدس شمالا.
وعرفت بشكل بارز بعد معركة وادي عزون التاريخية أثناء حملة نابليون وبعد احتلاله ليافا حيث اتجه نحو عكا وأرسل سرية من جيشه بقيادة دوماس إلى وادي عزون الواقع جنوبا، وقتل دوماس على يد عابد المريحة من أهالي عزون وانهزم الجيش، وأشعلوا النار في الأحراج فأحاطت بهم من كل جانب ففروا مذعورين إلى يافا حيث صب نابليون جام غضبه عليها وقتل أهلها وكانت المعركة الفاصلة التي ردت نابليون عن فلسطين فيما بعد.
وقد سمي جبل نابلس بجبل النار نسبة إلى معركة عزون التي خلدها الشاعر إبراهيم طوقان في قصيدة له .
وقد شاركت عزون بأبنائها في جميع ثورات فلسطين، فقد قام أبناء عزون بالمشاركة الفعلية في الثورة وقدموا الشهداء في سبيل فلسطين، وقد حدثت معركة وادي عزون أثناء الإضراب العام في فلسطين عام 1936 وشاركت فيها الطائرات والدبابات والجنود الإنجليز .
وخلال الانتفاضتين الأولى عام 1987 والثانية عام 2001 قدمت عزون عدد من الشهداء وقامت قوات الاحتلال بإغلاق مدخل البلدة الشرقي نهائيا من ناحية نابلس وحولت الشارع الرئيسي والشريان الحيوي إلى خارج البلدة، الأمر الذي أدى إلى اختناق عزون اقتصاديا ناهيك عن مصادرة الكثير من أراضيها لبناء الشارع الجديد حولها وإحاطتها بجدار الفصل العنصري.
احتلت قرية عزون كما قرى ومدن الضفة الغربية خلال عدوان الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967، ومع توقيع "اتفاق أوسلو" عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال وقعت المساحة الأكبر من أراضي قرية عزون في المنطقة (C) ما مساحته 7130 دونم من أراضيها أما باقي المساحة فهي ضمن المنطقة(B) .
يوجد على أراضي بلدة عزون 3 مستعمرات، ومن الصعوبة تحديد مجموع المساحات التي صادرتها تلك المستعمرات من البلدة وتلك المستعمرات موزعة على أكثر من قرية وبلدة، وهذه المستعمرات هي: معالية شمرون تأسست عام 1980، وغنات شمرون تأسست عام 1985، وكرني شمرون تأسست عام 1978.
وفي عام 1996 تأسس مجلس قروي عزون الذي يدير شؤون قرية عزون وقريتي عسلة وعزبة الطبيب، وكانت قرية عزون من قرى قضاء طولكرم، وعندما تم تنصيف قلقيلية كمركز محافظة ألحقت قرية عزون بها إداريا.
وقامت سلطات الاحتلال بسرقة ما يزيد عن 70% من أراضي القرية الزراعية لبناء جدار الفصل العنصري بالقرية عام 2003 . وصادر الاحتلال حوالي 5000 دونم من الأراضي الخصبة المزروعة بالدفيئات والزيتون، إضافة إلى 800 دونم حولها إلى مستوطنة أورانيت المجاورة للبلدة.
وعزل الاحتلال خلف الجدار أيضا بئرا ارتوازية كانت المزود الأكبر للقرية بالماء وحولتها لصالح سكان المستوطنة المجاورة للقرية، حيث تقع محافظة قلقيلية على الحوض المائي الغربي الذي يحوي ما نسبته 52% من حجم المياه في الضفة الغربية.
أحد شوارع بلدة عزون.
ويواجه سكان قرية عزون مصاعب كبيرة في جني محاصيلهم الزراعية من زيتون وحمضيات ولوزيات.
الجدار قسم القرية إلى قسمين، أحدهما يضم أراضي زراعية وآبارا ارتوازية وبيارات ودفيئات، والآخر يضم منازل المواطنين وبعض الأراضي غير الصالحة للزراعة.
ويجد السكان أنفسهم تحت رحمة سلطات الاحتلال التي لا تسمح بفتح بوابة الجدار الفاصل سوى ساعات قليلة في النهار لدخول الفلاحين إلى مزارعهم الموجودة وراءه، وبتصاريح تعطى بعد فحص أمني.
بالطبع عزون ومنذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تعاني من اقتحامات الاحتلال المتكررة ومن إطلاق النار العشوائي على المنازل وعمليات الاعتقال والقتل الميداني لشبان القرية الذين يجدون أنفسهم أمام خيار واحد وهو مقاومة هذا المحتل المنفلت من عقله عقاله.
المصادر
ـ مصطفى الدباغ، "بلادنا فلسطين"، دار الهدى،1991.
ـ "دليل قرية عزون ويضم تجمعي عسل وعزبة الطبيب"، معهد الأبحاث التطبيقية- أريج، القدس، 2013.
ـ "عزون ـ قضاء قلقيلية"، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ "بلدة عزون"، موقع فلسطين في الذاكرة، 9/3/2008.
ـ وضاح عيد، "عزون عتمه..القرية الفلسطينية التي قسمها الجدار"، الجزيرة نت، 11/1/2007.
ـ عيسى السفري، كتاب "فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية"..