الجزيرة:
2025-02-14@06:49:59 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

طرح الرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية شهر مايو/أيار المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ولا بد بداية من التطرق للمشهد السياسي وراء هذا الطرح الإسرائيلي بلسان أميركي. ويتبادر للذهن والمنطق السياسي السؤال الأول، وهو: لماذا يطرح بايدن تصورًا إسرائيليًا، بدل أن يخرج رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويقدم هذا التصور للعالم، على اعتبار أنه تصوّر إسرائيلي، وعلى ما يبدو أنه تبلور في مجلس الحرب الإسرائيلي بمشاركة الجيش الإسرائيلي؟ ثم كيف سيتعامل نتنياهو مع هذا المقترح؟

هنالك عدة تفسيرات لهذا الأمر:

أولها: أن بايدن طرح التصور بدون تنسيق مع إسرائيل، من أجل الضغط على نتنياهو للحسم بشأن هذا التصور، والذي يبدو أنه ظلّ حبيسًا لمداولات مجلس الحرب، وتردد نتنياهو في طرحه على الملأ، وعلى أعضاء الحكومة الإسرائيلية.

لذلك لم يتطرق بايدن في خطابه لتفاصيل المقترح، وإنما طرح الإطار العام له، الذي يتطلب استمرار المباحثات بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء على تفاصيله، وفي هذا الصدد، فإن بايدن كان يهدف لتحريك هذا المسار بعد تعطيله في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على رفح، وللتأثير على المشهد السياسي الإسرائيلي الداخلي. أما التفسير الثاني: فهو أنّ الطرح الإسرائيلي عُرض بتنسيق مع إسرائيل، ولكنه تعرّض لتغييرات أميركية تتعلق بهدف المقترح، وهو وقف الحرب، لذلك كان الرد الأوّلي لحركة حماس هو التعامل الإيجابي معه. لذلك بادر بايدن لطرحه بدون تنسيق مع إسرائيل، وعرضه على أنه مقترح إسرائيلي، فمقابل ترحيب حماس الأوّلي بالمقترح، خرج نتنياهو مؤكدًا أن إسرائيل لن توقف الحرب بدون تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على حركة حماس كسلطة وبنية عسكرية، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين.

طرْح بايدن بنفسه المقترح الإسرائيلي، دلالةٌ على محاولة الولايات المتحدة إنقاذ إسرائيل من نفسها، فقد جاء في سياق استنفاد العمليات العسكرية قدرتها على تحقيق أهدافها، وهو الإدراك الذي تعمّق بعد مرور أسابيع على عملية رفح التي زعمت إسرائيل أنها ستكون المرحلة الأخيرة قبل الانتصار الذي هو "قاب قوسين أو أدنى"، كما كان نتنياهو يقول، إضافة إلى التصعيد المحتمل على الجبهة الشمالية، الذي تدرك الولايات المتحدة أنه مرتبط بالحرب على قطاع غزة، وأن وقف الحرب سيفتح المجال لمسار دبلوماسي لتسوية الأزمة في الجبهة الشمالية.

والأهم من كل ذلك أن لدى الإدارة الأميركية قناعة بأن تحقيق أهداف الحرب يحتاج إلى مقاربة سياسية بعد استنفاد العمليات العسكرية، ولكن نتنياهو يمتنع عن مجرد الحديث عن أي مقاربة سياسية، لما يعنيه ذلك من إحباط أحلام اليمين المتطرف في الاستيطان في قطاع غزة، وفرض حكم عسكري عليها.

وأخيرًا؛ فقد جاء الطرح الأميركي في سياق العزلة الدولية لإسرائيل، بعد قرارات محكمة العدل الدولية، وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، والكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب في قطاع غزة دون تحقيق أهدافها.

تحليل التصريحات الإسرائيلية، وتصريحات نتنياهو على وجه الخصوص، يوضح أن الأخير يراهن على تنفيذ المرحلة الأولى من المقترح، دون التعهد بوقف الحرب، فقد قال إن المقترح يحقق أهداف الحرب في القضاء على حركة حماس من جهة، ووقف العمليات العسكرية من جهة أخرى، فكيف يمكن تحقيق الاثنين معًا فيما لو افترضنا جدلًا أن حماس وافقت عليه؟

التفسير الوحيد أنه كان يراهن على الذهاب لتنفيذ المرحلة الأولى، ثم يفشل المراحل الأخرى، عبر وضع شروط تعجيزية لا يمكن لحركة حماس قبولها، فيعود لاستئناف الحرب. وهكذا يمكن تفسير موقف حماس الرافض أيّ مقترح دون تعهّد دولي وإسرائيلي بوقف الحرب.

أدخل المقترح – على الرغم من عرضه على أنه مقترح ِإسرائيل – المشهد السياسي الداخلي في حالة حراك، ووضع نتنياهو في معضلة سياسية داخلية؛ فمن جهة، فإن مصادقة إسرائيل على المقترح – بغض النظر عن موقف حماس – سوف تؤدي إلى خروج أحزاب اليمين المتطرف (حزب الصهيونية الدينية، وحزب عظمة يهودية) من الحكومة.

وخروجهما لن يؤدي إلى إسقاطها؛ لأن المصادقة على المقترح ستضمن بقاء حزب المعسكر الرسمي برئاسة بيني غانتس في الحكومة، وتراجعه عن المُهلة التي أعطاها لنتنياهو حتى 8 يونيو/ حزيران للانسحاب منها، وكذلك فإنه مع تأييد الأحزاب الدينية الحريدية (يهدوت هتوراه وحركة شاس) للمقترح، ستضمن حكومة نتنياهو البقاء بـ 62 مقعدًا، وذلك فضلًا عن الغطاء البرلماني لحزب "يوجد مستقبل" المعارض للحكومة في حالة صادقت على المقترح.

ورغم ذلك يدرك نتنياهو أن المصادقة ستفقده دعم الكتلة الشعبية الصلبة لليمين المتطرف، كما أن خروج أحزاب اليمين من الحكومة، سيؤدّي في النهاية إلى تقديم موعد الانتخابات؛ لأن الغطاء السياسي الذي سيحققه غانتس والمعارضة لنتنياهو لن يطول أكثر من مدة الصفقة أو المقترح.

في المقابل، فإنه إذا فشل المقترح الحالي فسيكون خروج غانتس من الحكومة مؤكدًا، ولكن ذلك لن يؤثر على بقاء حكومة نتنياهو الأصلية (65 عضوًا)، لكن شرعيته في اتخاذ القرارات العسكرية سوف تتآكل، والاحتجاج الشعبي سوف يزداد. لكن غانتس فوّت الفرصة لإحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي، فتأخره عن الخروج من الحكومة، ساهم في تثبيتها، وربما ينجح نتنياهو الآن في تقديمه في صورة الهارب من المعركة، خاصة أنّ موعد خروجه يتزامن مع التصعيد على الجبهة الشمالية.

واضح أن نتنياهو حاول بعد عرض بايدن مقترحه أن يُفشل الصفقة من خلال التأكيد أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية، فكأنه بذلك يطرح مقترحًا للحل، ويعرض شروطًا تفشله، ليخرج في النهاية بخطاب دعائي يتهم الطرف الآخر بإفشاله.

لم يعد هذا الأمر ينطلي على الشرائح الاجتماعية الإسرائيلية الداعمة للمقترح الأميركي، فالشعار الذي حملته مظاهرة يوم السبت في تل أبيب كان يعبّر عن هذه الحالة، "أنقذهم من نتنياهو يا بايدن"، أي أنقذ المحتجزين الإسرائيليين من نتنياهو الذي يعطل كل مجهود للتوصل إلى صفقة، بما في ذلك المقترح الحالي بالطبع.

يراهن نتنياهو على صعود شعبيته في الأشهر الأخيرة، وتقليص الفجوة بينه وبين غانتس حول الأهلية لتولي منصب رئاسة الحكومة، وتراجع حزب غانتس في استطلاعات الرأي منذ شهرين من 40 مقعدًا إلى 28 مقعدًا. فالمجتمع الإسرائيلي – أو على الأقل قطاعات واسعة منه – بدأ يرى في نتنياهو رجل المرحلة في ظلّ النزعة العسكرية الانتقامية التي لا تزال قائمة في وعي الإسرائيليين.

ويلاحظ هنا أن الصراع الانتخابي موجود في صفوف المعارضين لنتنياهو، وليس داخل المعسكر المؤيد له، وهو يعطي مساحة سياسية لنتنياهو للتحرك وإدارة المعركة، وتهميش غانتس في القرارات المتعلقة بالحرب والأفق السياسي لها.

ليس مستبعدًا أن يهرب نتنياهو من تعطيل الصفقة الحالية نحو تصعيد الجبهة الشماليّة، مع أن الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل سيكون باهظًا، وربما يسهم التصعيد على الجبهة الشماليّة في تحييد النقاش الإسرائيلي الداخلي حول المقترح، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تأمل أن يُساهم في حلّ تأزم تلك الجبهة الشمالية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجبهة الشمالیة من الحکومة قطاع غزة مقترح ا

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يهدد حماس.. عودة الرهائن السبت أو استئناف الحرب

هدد رئيس الوزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، حركة حماس بإنهاء وقف إطلاق النار وعودة الجيش إلى القتال العنيف، في حال عدم عودة الرهائن.

وقال نتنياهو في بيان: "لقد انتهيت للتو من مناقشة معمقة استمرت 4 ساعات في مجلس الوزراء السياسي والأمني. وقد عبرنا جميعا عن غضبنا إزاء الوضع المروع الذي يعيشه رهائننا الثلاثة الذين تم إطلاق سراحهم يوم السبت الماضي".

وأضاف "في ضوء إعلان حماس عن قرارها بخرق الاتفاق وعدم إطلاق سراح رهائننا، أصدرت الليلة الماضية تعليماتي لقوات الجيش الإسرائيلي بحشد قوات داخل قطاع غزة وحوله. وهذه العملية جارية في الوقت الحالي، وسوف تكتمل في المستقبل القريب جدا".

وتابع نتنياهو: "القرار الذي اتخذته بالإجماع في مجلس الوزراء هو هذا: إذا لم تعيد حماس رهائننا حتى ظهر يوم السبت، فسوف يتم إنهاء وقف إطلاق النار، وسوف يعود جيش الدفاع الإسرائيلي إلى القتال المكثف حتى هزيمة حماس نهائيا".

مقالات مشابهة

  • هيئة البث: إسرائيل تستعد لاستلام أسماء أسرى من حماس رغم نفي نتنياهو
  • قمة خماسية في القاهرة تستبق القمة العربية الاستثنائية
  • إسرائيل تهدد وقف إطلاق النار من جديد.. ماذا قال نتنياهو؟
  • إعلام عبري: ترامب يؤيد نتنياهو في عودة الحرب على غزة
  • ‏171 خرقًا عسكريًا.. حيل نتنياهو الشيطانية لإعادة «غزة» لنقطة 7 أكتوبر ‏
  • بعد تهديدات نتنياهو بمواصلة الحرب.. جيش الاحتلال ينشر تعزيزات في جنوب إسرائيل
  • نتنياهو يهدد حماس.. عودة الرهائن السبت أو استئناف الحرب
  • بعد ترامب.. نتنياهو يمهل حماس حتى السبت لعودة الحرب
  • وزير المالية الإسرائيلي: غزة ستكون جزءا من إسرائيل.. وخطة ترامب ليست شعارا
  • وكيلة لجنة المشروعات بـ«النواب»: المقترح الأمريكي الإسرائيلي بشأن عزة نهج استعماري