الجزيرة:
2025-04-17@17:08:00 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

طرح الرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية شهر مايو/أيار المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ولا بد بداية من التطرق للمشهد السياسي وراء هذا الطرح الإسرائيلي بلسان أميركي. ويتبادر للذهن والمنطق السياسي السؤال الأول، وهو: لماذا يطرح بايدن تصورًا إسرائيليًا، بدل أن يخرج رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويقدم هذا التصور للعالم، على اعتبار أنه تصوّر إسرائيلي، وعلى ما يبدو أنه تبلور في مجلس الحرب الإسرائيلي بمشاركة الجيش الإسرائيلي؟ ثم كيف سيتعامل نتنياهو مع هذا المقترح؟

هنالك عدة تفسيرات لهذا الأمر:

أولها: أن بايدن طرح التصور بدون تنسيق مع إسرائيل، من أجل الضغط على نتنياهو للحسم بشأن هذا التصور، والذي يبدو أنه ظلّ حبيسًا لمداولات مجلس الحرب، وتردد نتنياهو في طرحه على الملأ، وعلى أعضاء الحكومة الإسرائيلية.

لذلك لم يتطرق بايدن في خطابه لتفاصيل المقترح، وإنما طرح الإطار العام له، الذي يتطلب استمرار المباحثات بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء على تفاصيله، وفي هذا الصدد، فإن بايدن كان يهدف لتحريك هذا المسار بعد تعطيله في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على رفح، وللتأثير على المشهد السياسي الإسرائيلي الداخلي. أما التفسير الثاني: فهو أنّ الطرح الإسرائيلي عُرض بتنسيق مع إسرائيل، ولكنه تعرّض لتغييرات أميركية تتعلق بهدف المقترح، وهو وقف الحرب، لذلك كان الرد الأوّلي لحركة حماس هو التعامل الإيجابي معه. لذلك بادر بايدن لطرحه بدون تنسيق مع إسرائيل، وعرضه على أنه مقترح إسرائيلي، فمقابل ترحيب حماس الأوّلي بالمقترح، خرج نتنياهو مؤكدًا أن إسرائيل لن توقف الحرب بدون تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على حركة حماس كسلطة وبنية عسكرية، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين.

طرْح بايدن بنفسه المقترح الإسرائيلي، دلالةٌ على محاولة الولايات المتحدة إنقاذ إسرائيل من نفسها، فقد جاء في سياق استنفاد العمليات العسكرية قدرتها على تحقيق أهدافها، وهو الإدراك الذي تعمّق بعد مرور أسابيع على عملية رفح التي زعمت إسرائيل أنها ستكون المرحلة الأخيرة قبل الانتصار الذي هو "قاب قوسين أو أدنى"، كما كان نتنياهو يقول، إضافة إلى التصعيد المحتمل على الجبهة الشمالية، الذي تدرك الولايات المتحدة أنه مرتبط بالحرب على قطاع غزة، وأن وقف الحرب سيفتح المجال لمسار دبلوماسي لتسوية الأزمة في الجبهة الشمالية.

والأهم من كل ذلك أن لدى الإدارة الأميركية قناعة بأن تحقيق أهداف الحرب يحتاج إلى مقاربة سياسية بعد استنفاد العمليات العسكرية، ولكن نتنياهو يمتنع عن مجرد الحديث عن أي مقاربة سياسية، لما يعنيه ذلك من إحباط أحلام اليمين المتطرف في الاستيطان في قطاع غزة، وفرض حكم عسكري عليها.

وأخيرًا؛ فقد جاء الطرح الأميركي في سياق العزلة الدولية لإسرائيل، بعد قرارات محكمة العدل الدولية، وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، والكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب في قطاع غزة دون تحقيق أهدافها.

تحليل التصريحات الإسرائيلية، وتصريحات نتنياهو على وجه الخصوص، يوضح أن الأخير يراهن على تنفيذ المرحلة الأولى من المقترح، دون التعهد بوقف الحرب، فقد قال إن المقترح يحقق أهداف الحرب في القضاء على حركة حماس من جهة، ووقف العمليات العسكرية من جهة أخرى، فكيف يمكن تحقيق الاثنين معًا فيما لو افترضنا جدلًا أن حماس وافقت عليه؟

التفسير الوحيد أنه كان يراهن على الذهاب لتنفيذ المرحلة الأولى، ثم يفشل المراحل الأخرى، عبر وضع شروط تعجيزية لا يمكن لحركة حماس قبولها، فيعود لاستئناف الحرب. وهكذا يمكن تفسير موقف حماس الرافض أيّ مقترح دون تعهّد دولي وإسرائيلي بوقف الحرب.

أدخل المقترح – على الرغم من عرضه على أنه مقترح ِإسرائيل – المشهد السياسي الداخلي في حالة حراك، ووضع نتنياهو في معضلة سياسية داخلية؛ فمن جهة، فإن مصادقة إسرائيل على المقترح – بغض النظر عن موقف حماس – سوف تؤدي إلى خروج أحزاب اليمين المتطرف (حزب الصهيونية الدينية، وحزب عظمة يهودية) من الحكومة.

وخروجهما لن يؤدي إلى إسقاطها؛ لأن المصادقة على المقترح ستضمن بقاء حزب المعسكر الرسمي برئاسة بيني غانتس في الحكومة، وتراجعه عن المُهلة التي أعطاها لنتنياهو حتى 8 يونيو/ حزيران للانسحاب منها، وكذلك فإنه مع تأييد الأحزاب الدينية الحريدية (يهدوت هتوراه وحركة شاس) للمقترح، ستضمن حكومة نتنياهو البقاء بـ 62 مقعدًا، وذلك فضلًا عن الغطاء البرلماني لحزب "يوجد مستقبل" المعارض للحكومة في حالة صادقت على المقترح.

ورغم ذلك يدرك نتنياهو أن المصادقة ستفقده دعم الكتلة الشعبية الصلبة لليمين المتطرف، كما أن خروج أحزاب اليمين من الحكومة، سيؤدّي في النهاية إلى تقديم موعد الانتخابات؛ لأن الغطاء السياسي الذي سيحققه غانتس والمعارضة لنتنياهو لن يطول أكثر من مدة الصفقة أو المقترح.

في المقابل، فإنه إذا فشل المقترح الحالي فسيكون خروج غانتس من الحكومة مؤكدًا، ولكن ذلك لن يؤثر على بقاء حكومة نتنياهو الأصلية (65 عضوًا)، لكن شرعيته في اتخاذ القرارات العسكرية سوف تتآكل، والاحتجاج الشعبي سوف يزداد. لكن غانتس فوّت الفرصة لإحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي، فتأخره عن الخروج من الحكومة، ساهم في تثبيتها، وربما ينجح نتنياهو الآن في تقديمه في صورة الهارب من المعركة، خاصة أنّ موعد خروجه يتزامن مع التصعيد على الجبهة الشمالية.

واضح أن نتنياهو حاول بعد عرض بايدن مقترحه أن يُفشل الصفقة من خلال التأكيد أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية، فكأنه بذلك يطرح مقترحًا للحل، ويعرض شروطًا تفشله، ليخرج في النهاية بخطاب دعائي يتهم الطرف الآخر بإفشاله.

لم يعد هذا الأمر ينطلي على الشرائح الاجتماعية الإسرائيلية الداعمة للمقترح الأميركي، فالشعار الذي حملته مظاهرة يوم السبت في تل أبيب كان يعبّر عن هذه الحالة، "أنقذهم من نتنياهو يا بايدن"، أي أنقذ المحتجزين الإسرائيليين من نتنياهو الذي يعطل كل مجهود للتوصل إلى صفقة، بما في ذلك المقترح الحالي بالطبع.

يراهن نتنياهو على صعود شعبيته في الأشهر الأخيرة، وتقليص الفجوة بينه وبين غانتس حول الأهلية لتولي منصب رئاسة الحكومة، وتراجع حزب غانتس في استطلاعات الرأي منذ شهرين من 40 مقعدًا إلى 28 مقعدًا. فالمجتمع الإسرائيلي – أو على الأقل قطاعات واسعة منه – بدأ يرى في نتنياهو رجل المرحلة في ظلّ النزعة العسكرية الانتقامية التي لا تزال قائمة في وعي الإسرائيليين.

ويلاحظ هنا أن الصراع الانتخابي موجود في صفوف المعارضين لنتنياهو، وليس داخل المعسكر المؤيد له، وهو يعطي مساحة سياسية لنتنياهو للتحرك وإدارة المعركة، وتهميش غانتس في القرارات المتعلقة بالحرب والأفق السياسي لها.

ليس مستبعدًا أن يهرب نتنياهو من تعطيل الصفقة الحالية نحو تصعيد الجبهة الشماليّة، مع أن الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل سيكون باهظًا، وربما يسهم التصعيد على الجبهة الشماليّة في تحييد النقاش الإسرائيلي الداخلي حول المقترح، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تأمل أن يُساهم في حلّ تأزم تلك الجبهة الشمالية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجبهة الشمالیة من الحکومة قطاع غزة مقترح ا

إقرأ أيضاً:

رد وشيك من حماس على المقترح الإسرائيلي الأخير لوقف إطلاق النار

أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الخميس، أنها تواصل مشاوراتها "المعمقة" حول المقترح الإسرائيلي الأخير لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وما تضمنه من بند يتعلق بنزع السلاح كشرط لإنهاء حرب الإبادة.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدرين فلسطينيين مطلعين أحدهما من "حماس"، أن "مشاورات الحركة حول المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار تقترب من الانتهاء".

ولفت المصدران إلى أن "المشاورات تقترب من الانتهاء، وسيتم إرسال الرد للوسطاء فور الانتهاء، والتوقعات بانتهاء المشاورات قريبا، وليس مستبعدا أن تنتهي اليوم الخميس".

في غضون ذلك، قال القيادي في حركة حماس محمود مرداوي إن "المقاومة تتعامل مع المقترح المطروح مؤخرًا بمسؤولية عالية، وما زال يخضع لمشاورات معمقة".



وأضاف مرداوي في تصريحات تلفزيونية، أنّ "أي اتفاق يجب أن يشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وصفقة تبادل مشرفة، ورفع الحصار عن القطاع وإعادة إعماره".

وذكر أن حركة حماس والمقاومة الفلسطينية يرفضون الحلول الجزئية أو المؤقتة، مضيفا أن "الحركة ستواصل التمسك بمجابهة الاحتلال بالوسائل كافة، وفي مقدمتها السلاح الذي لن يُطرح أو يُناقش على الطاولة".

ولفت إلى أن "حماس منفتحة على المفاوضات مع الإدارة الأمريكية، وترحب بانعقادها في أي زمان ومكان إذا ما كانت مفيدة وتصب نحو تحقيق مصالح شعبنا في تحقيق أهدافه وإنهاء مسلسل الإبادة والتشريد والتجويع".



وفي وقت سابق، أكدت حركة حماس أن قيادتها تدرس بمسؤولية وطنية عالية، المقترح الذي تسلمته من الإخوة الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه.

وجددت الحركة تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقّق أيّ اتفاقٍ قادم: وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصّل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد أجرى جولة ميدانية مؤخرا في شمال قطاع غزة، برفقة وزير جيشه يسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير وقائد المنطقة الجنوبية الجنرال يانيف عسور، وعدد من قادة الفرق والألوية.

ووجه نتنياهو خلال جولته تهديدات جديدة إلى حركة حماس، وقال إنها "ستتلقى المزيد من الضربات، ونُصر على إطلاق راح أسرانا، وعلى تحقيق كافة أهدافنا في هذه الحرب".

مقالات مشابهة

  • رد وشيك من حماس على المقترح الإسرائيلي الأخير لوقف إطلاق النار
  • حماس: نعد الرد على المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار و سلاح المقاومة لن يخضع لأي مفاوضات
  • نتنياهو يوعز باستمرار الدفع بخطوات الإفراج عن الأسرى
  • مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
  • عربي21 تنشر التفاصيل الكاملة للمقترح الأخير الذي قدمته مصر لحماس (طالع)
  • قناة مصرية تحذف خبرها عن مقترح نزع سلاح المقاومة.. نشرت بديلاً معدلاً
  • “حماس” تصدر بيانا بشأن المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار
  • حماس : سنرد قريبا على المقترح الذي تسلمناه من الوسطاء
  • مقترح إسرائيلي جديد يصطدم بـ"الخطوط الحمر" لحماس
  • حماس: فوجئنا بأن المقترح الذي نقل لنا يتضمن نزع سلاح المقاومة