الجزيرة:
2025-03-16@13:05:44 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

طرح الرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية شهر مايو/أيار المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ولا بد بداية من التطرق للمشهد السياسي وراء هذا الطرح الإسرائيلي بلسان أميركي. ويتبادر للذهن والمنطق السياسي السؤال الأول، وهو: لماذا يطرح بايدن تصورًا إسرائيليًا، بدل أن يخرج رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويقدم هذا التصور للعالم، على اعتبار أنه تصوّر إسرائيلي، وعلى ما يبدو أنه تبلور في مجلس الحرب الإسرائيلي بمشاركة الجيش الإسرائيلي؟ ثم كيف سيتعامل نتنياهو مع هذا المقترح؟

هنالك عدة تفسيرات لهذا الأمر:

أولها: أن بايدن طرح التصور بدون تنسيق مع إسرائيل، من أجل الضغط على نتنياهو للحسم بشأن هذا التصور، والذي يبدو أنه ظلّ حبيسًا لمداولات مجلس الحرب، وتردد نتنياهو في طرحه على الملأ، وعلى أعضاء الحكومة الإسرائيلية.

لذلك لم يتطرق بايدن في خطابه لتفاصيل المقترح، وإنما طرح الإطار العام له، الذي يتطلب استمرار المباحثات بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء على تفاصيله، وفي هذا الصدد، فإن بايدن كان يهدف لتحريك هذا المسار بعد تعطيله في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على رفح، وللتأثير على المشهد السياسي الإسرائيلي الداخلي. أما التفسير الثاني: فهو أنّ الطرح الإسرائيلي عُرض بتنسيق مع إسرائيل، ولكنه تعرّض لتغييرات أميركية تتعلق بهدف المقترح، وهو وقف الحرب، لذلك كان الرد الأوّلي لحركة حماس هو التعامل الإيجابي معه. لذلك بادر بايدن لطرحه بدون تنسيق مع إسرائيل، وعرضه على أنه مقترح إسرائيلي، فمقابل ترحيب حماس الأوّلي بالمقترح، خرج نتنياهو مؤكدًا أن إسرائيل لن توقف الحرب بدون تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على حركة حماس كسلطة وبنية عسكرية، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين.

طرْح بايدن بنفسه المقترح الإسرائيلي، دلالةٌ على محاولة الولايات المتحدة إنقاذ إسرائيل من نفسها، فقد جاء في سياق استنفاد العمليات العسكرية قدرتها على تحقيق أهدافها، وهو الإدراك الذي تعمّق بعد مرور أسابيع على عملية رفح التي زعمت إسرائيل أنها ستكون المرحلة الأخيرة قبل الانتصار الذي هو "قاب قوسين أو أدنى"، كما كان نتنياهو يقول، إضافة إلى التصعيد المحتمل على الجبهة الشمالية، الذي تدرك الولايات المتحدة أنه مرتبط بالحرب على قطاع غزة، وأن وقف الحرب سيفتح المجال لمسار دبلوماسي لتسوية الأزمة في الجبهة الشمالية.

والأهم من كل ذلك أن لدى الإدارة الأميركية قناعة بأن تحقيق أهداف الحرب يحتاج إلى مقاربة سياسية بعد استنفاد العمليات العسكرية، ولكن نتنياهو يمتنع عن مجرد الحديث عن أي مقاربة سياسية، لما يعنيه ذلك من إحباط أحلام اليمين المتطرف في الاستيطان في قطاع غزة، وفرض حكم عسكري عليها.

وأخيرًا؛ فقد جاء الطرح الأميركي في سياق العزلة الدولية لإسرائيل، بعد قرارات محكمة العدل الدولية، وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، والكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب في قطاع غزة دون تحقيق أهدافها.

تحليل التصريحات الإسرائيلية، وتصريحات نتنياهو على وجه الخصوص، يوضح أن الأخير يراهن على تنفيذ المرحلة الأولى من المقترح، دون التعهد بوقف الحرب، فقد قال إن المقترح يحقق أهداف الحرب في القضاء على حركة حماس من جهة، ووقف العمليات العسكرية من جهة أخرى، فكيف يمكن تحقيق الاثنين معًا فيما لو افترضنا جدلًا أن حماس وافقت عليه؟

التفسير الوحيد أنه كان يراهن على الذهاب لتنفيذ المرحلة الأولى، ثم يفشل المراحل الأخرى، عبر وضع شروط تعجيزية لا يمكن لحركة حماس قبولها، فيعود لاستئناف الحرب. وهكذا يمكن تفسير موقف حماس الرافض أيّ مقترح دون تعهّد دولي وإسرائيلي بوقف الحرب.

أدخل المقترح – على الرغم من عرضه على أنه مقترح ِإسرائيل – المشهد السياسي الداخلي في حالة حراك، ووضع نتنياهو في معضلة سياسية داخلية؛ فمن جهة، فإن مصادقة إسرائيل على المقترح – بغض النظر عن موقف حماس – سوف تؤدي إلى خروج أحزاب اليمين المتطرف (حزب الصهيونية الدينية، وحزب عظمة يهودية) من الحكومة.

وخروجهما لن يؤدي إلى إسقاطها؛ لأن المصادقة على المقترح ستضمن بقاء حزب المعسكر الرسمي برئاسة بيني غانتس في الحكومة، وتراجعه عن المُهلة التي أعطاها لنتنياهو حتى 8 يونيو/ حزيران للانسحاب منها، وكذلك فإنه مع تأييد الأحزاب الدينية الحريدية (يهدوت هتوراه وحركة شاس) للمقترح، ستضمن حكومة نتنياهو البقاء بـ 62 مقعدًا، وذلك فضلًا عن الغطاء البرلماني لحزب "يوجد مستقبل" المعارض للحكومة في حالة صادقت على المقترح.

ورغم ذلك يدرك نتنياهو أن المصادقة ستفقده دعم الكتلة الشعبية الصلبة لليمين المتطرف، كما أن خروج أحزاب اليمين من الحكومة، سيؤدّي في النهاية إلى تقديم موعد الانتخابات؛ لأن الغطاء السياسي الذي سيحققه غانتس والمعارضة لنتنياهو لن يطول أكثر من مدة الصفقة أو المقترح.

في المقابل، فإنه إذا فشل المقترح الحالي فسيكون خروج غانتس من الحكومة مؤكدًا، ولكن ذلك لن يؤثر على بقاء حكومة نتنياهو الأصلية (65 عضوًا)، لكن شرعيته في اتخاذ القرارات العسكرية سوف تتآكل، والاحتجاج الشعبي سوف يزداد. لكن غانتس فوّت الفرصة لإحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي، فتأخره عن الخروج من الحكومة، ساهم في تثبيتها، وربما ينجح نتنياهو الآن في تقديمه في صورة الهارب من المعركة، خاصة أنّ موعد خروجه يتزامن مع التصعيد على الجبهة الشمالية.

واضح أن نتنياهو حاول بعد عرض بايدن مقترحه أن يُفشل الصفقة من خلال التأكيد أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية، فكأنه بذلك يطرح مقترحًا للحل، ويعرض شروطًا تفشله، ليخرج في النهاية بخطاب دعائي يتهم الطرف الآخر بإفشاله.

لم يعد هذا الأمر ينطلي على الشرائح الاجتماعية الإسرائيلية الداعمة للمقترح الأميركي، فالشعار الذي حملته مظاهرة يوم السبت في تل أبيب كان يعبّر عن هذه الحالة، "أنقذهم من نتنياهو يا بايدن"، أي أنقذ المحتجزين الإسرائيليين من نتنياهو الذي يعطل كل مجهود للتوصل إلى صفقة، بما في ذلك المقترح الحالي بالطبع.

يراهن نتنياهو على صعود شعبيته في الأشهر الأخيرة، وتقليص الفجوة بينه وبين غانتس حول الأهلية لتولي منصب رئاسة الحكومة، وتراجع حزب غانتس في استطلاعات الرأي منذ شهرين من 40 مقعدًا إلى 28 مقعدًا. فالمجتمع الإسرائيلي – أو على الأقل قطاعات واسعة منه – بدأ يرى في نتنياهو رجل المرحلة في ظلّ النزعة العسكرية الانتقامية التي لا تزال قائمة في وعي الإسرائيليين.

ويلاحظ هنا أن الصراع الانتخابي موجود في صفوف المعارضين لنتنياهو، وليس داخل المعسكر المؤيد له، وهو يعطي مساحة سياسية لنتنياهو للتحرك وإدارة المعركة، وتهميش غانتس في القرارات المتعلقة بالحرب والأفق السياسي لها.

ليس مستبعدًا أن يهرب نتنياهو من تعطيل الصفقة الحالية نحو تصعيد الجبهة الشماليّة، مع أن الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل سيكون باهظًا، وربما يسهم التصعيد على الجبهة الشماليّة في تحييد النقاش الإسرائيلي الداخلي حول المقترح، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تأمل أن يُساهم في حلّ تأزم تلك الجبهة الشمالية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجبهة الشمالیة من الحکومة قطاع غزة مقترح ا

إقرأ أيضاً:

لهذه الأسباب نتنياهو خائف

تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، شهد جمودًا في الأسابيع الأخيرة رغم استدامة الاتصالات السياسية، بسبب تهرّب نتنياهو وعدم التزامه، لا سيّما رفضه الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، مع محاولاته المتكررة تمديد المرحلة الأولى والاستمرار في إطلاق سراح الأسرى، كشرط لعودة تدفّق المساعدات والأدوية إلى القطاع.

خطورة فكرة التمديد التي يعمل عليها نتنياهو، أنها لا تلزمه، باستكمال استحقاقات الاتفاق الأصلي، لا سيّما التعهّد بوقف العدوان والانسحاب التام من قطاع غزة لبدء الإعمار، وتخلق أيضًا مسارًا جديدًا عنوانه؛ المساعدات مقابل الأسرى على مراحل، حتى يتم سحب ورقة القوة والضامن الواقعي لدى الطرف الفلسطيني.

نتنياهو ومحاولة الهروب

يُفضّل نتنياهو عدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع عليه مكرهًا بضغط من المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، لعدة أسباب أهمها:

أولًا: التزامه بوقف الحرب على غزة والانسحاب التام، حسب الاتفاق، قد يؤدّي لانهيار ائتلافه الحكومي، ومن ثم الذهاب لانتخابات برلمانية، ترجّح كافة استطلاعات الرأي أنه لن يفوز فيها، بمعنى تحوّله إلى أقلّية في الكنيست، وخروجه من رئاسة الحكومة، وهذا يشكّل له نهاية لحياته السياسية البائسة.

ثانيًا: سيتعرض نتنياهو للجنة تحقيق رسمية، ربما تحمّله مسؤولية تاريخية عن الفشل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (طوفان الأقصى)، وعن فشله في تحقيق أهداف الحرب المتوحّشة على غزة، والتي كان لها تداعيات إستراتيجية على إسرائيل داخليًا وخارجيًا.

إعلان

ثالثًا: الاتفاق يُعدّه اليمين المتطرف هزيمة تاريخية لإسرائيل، التي فشلت في حربها على غزة، وفقدت صورتها كقوّة رادعة مُهابة في الشرق الأوسط، بفقدان جيشها سمة الجيش الذي لا يُقهر، في وقت تنظر فيه محكمة العدل الدولية بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية، ورئيس وزرائها نتنياهو مطلوب بمذكرة اعتقال صادرة عن الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

تلك الأسباب لليمين الإسرائيلي المتطرف، ليست متطابقة بالضرورة مع وجهة نظر الإدارة الأميركية، التي تسعى لتحقيق:

وقف الحرب على قطاع غزة، لأن استمرارها قد يُلقي بظلال سلبية على زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية بعد شهر أو شهرٍ ونصفٍ تقريبًا، في وقت يسعى فيه لعقد شراكات اقتصادية، وإحلال "السلام" من خلال التطبيع مع إسرائيل. إطلاق سراح الأسرى ولا سيّما حَمَلة الجنسية الأميركية، كاستحقاق يريد الرئيس ترامب توظيفه كإنجاز تاريخي لإدارته في شهورها الأولى.

هذا يفسّر سبب قيام المبعوث الأميركي لشؤون الأسرى آدم بولر بالتواصل مع حركة حماس مباشرة، ورده على قلق إسرائيل واتصال وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بقوله؛ "إننا لسنا عملاء لإسرائيل، وأميركا لديها مصالح محدّدة تجعلها تتواصل مع حركة حماس".

هذا التباين في المواقف بين واشنطن ونتنياهو، لم يصل بعد إلى النقطة الحرجة التي تدفع فيها الإدارة الأميركية نتنياهو للمضي قدمًا في استحقاقات وقف إطلاق النار، لا سيّما المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث يقوم نتنياهو باستنفار أصدقاء إسرائيل في واشنطن للضغط على إدارة ترامب لوقف تواصلها المباشر مع حركة حماس، والانحياز إلى شروطه، لأنه يخشى من توصّل الإدارة الأميركية لاتفاق مع حماس، واضطراره للموافقة عليه مكرهًا، لأنه لن يستطيع قول لا للرئيس ترامب.

علاوة على أن التواصل الأميركي المباشر مع حماس، يحرمه من حصرية المعلومات التي ترد واشنطن من طرف إسرائيل فقط، والمعنية بشيطنة حماس والفلسطينيين بوصفهم إرهابيين وحيوانات بشرية.

إعلان حماس والواقع الصعب

تواجه حركة حماس واقعًا إنسانيًا صعبًا ومعقّدًا في قطاع غزة، وهي تحاول جاهدة إحداث اختراق ما في جدار الحصار المضروب على غزة، بتوفير متطلبات الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني مع المحافظة على الحقوق الوطنية.

ويلاحظ أن إستراتيجية حماس التفاوضية تتكئ على عدة محدّدات أهمها:

أولًا: المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع، والمعمّد بدماء الشعب الفلسطيني، حيث حقّق الاتفاق لقطاع غزة، استحقاقات مهمّة؛ كعودة النازحين، وإمكانية وقف إطلاق نار مستدام، وانسحاب كامل لجيش الاحتلال، وإعادة الإعمار وإدخال المساعدات. ثانيًا: أي مناورات تفاوضية أو مقترحات من الوسطاء، تتعامل معها الحركة بإيجابية، شرط أن تكون جزءًا من الاتفاق أو تُفضي لاستحقاقات الاتفاق الأساس، القاضية بانسحاب جيش الاحتلال ووقف العدوان والإعمار، بمعنى أن الحركة يهمّها الجوهر وليس الشكل.

وفي هذا السياق يجري تداول بعض الأفكار أو المقترحات، مثل؛ إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى، وقد يكون منهم حَمَلة الجنسية الأميركية، قُبيل الشروع في المرحلة الثانية وتفعيلها بالضرورة أو إطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة مع الالتزام بكامل استحقاقات الاتفاق الموقّع.

لكن نتنياهو يتهرّب ويحاول تجاوز نهاية الشهر الجاري مارس/ آذار، دون اتفاق يُلزمه بوقف الحرب، حفاظًا على ائتلافه الحكومي المتطرف، ولتمرير قانون الموازنة نهاية الشهر الجاري، لأن عدم المصادقة على الموازنة، قد يؤدي إلى سقوط الحكومة دستوريًا، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات مبكّرة، ما يشكّل تحديًا لنتنياهو، ولشريكه وزير المالية سموتريتش الذي قد يفشل في العودة إلى الكنيست (البرلمان) مجدّدًا.

هل تحسمها واشنطن؟

أصبح واضحًا للجميع أن حسابات نتنياهو، هي حسابات شخصية تتعلق بمستقبله السياسي وبمستقبل ائتلافه الحكومي المتطرف، وهي حسابات لا ترقى إلى مستوى الإجماع ولا تحظى بتأييد أغلبية الرأي العام الإسرائيلي الذي يُطالب بإطلاق سراح الأسرى دفعة واحدة، ووقف الحرب، حتى لو بقيت حماس جزءًا من المشهد السياسي في غزة.

إعلان

مجريات التفاوض، تشير إلى أن الوسيط القطري والمصري معنيان بتنفيذ الاتفاق الموقّع، ولكن الإدارة الأميركية، مع أنها ضغطت على نتنياهو لتوقيع الاتفاق، إلا أنها تنحاز لإسرائيل وتحاول مساعدة نتنياهو في مناوراته السياسية التفاوضية، علّها تستطيع عبر التلويح بـ "الجحيم" لغزة، وسكوتها عن جريمة وقف المساعدات والبروتوكول الإنساني كاستحقاق من استحقاقات المرحلة الأولى، أن تنزع من حركة حماس تنازلات تتناسب مع اشتراطات نتنياهو التعجيزية.

المعركة التفاوضية مستمرّة، وهي تحمل في بطنها فرضيات متعدّدة، إلا أنها بعيدة عن استئناف الحرب والعدوان المفتوح على قطاع غزة لرفض الرأي العام الإسرائيلي الحرب التي تتعارض أيضًا مع رؤية الرئيس ترامب المعلنة إلى اللحظة.

وبسبب استبعاد فرضية الحرب، فإن الاحتلال الإسرائيلي لجأ لاستخدام منع دخول المساعدات والإغاثة كأداة حربية ضد المدنيين في غزة، لتحقيق أهداف سياسية، ما يعد عقابًا جماعيًا وجريمة ضد الإنسانية.

وإذا كان الفلسطيني يتعرّض لأزمة وكارثة إنسانية قاهرة، فإن نتنياهو ليس في أحسن حالاته لفرض شروطه، لا سيّما بعد فشله في المقاربة العسكرية، وتراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي به، والصراع الدائر بينه وبين قيادات الأجهزة الأمنية، الذي كان آخره الاشتباك الإعلامي بينه وبين رئيس الشاباك رونين بار، والذي إحدى خلفياته ملف الأسرى المتهم نتنياهو بتعطيله لحسابات شخصية.

تعتقد الأجهزة الأمنية بأن الفرصة متاحة الآن لإطلاق سراح الأسرى، بعد أن ضيّع نتنياهو العديد من الفرص سابقًا، فيما يرى نتنياهو أن استمرار التصعيد ورفع شعار الحرب أولوية له تهرّبًا من المحاسبة الداخلية على فشله في أهداف الحرب، ما يجعل ملف الأسرى حلقة صراع إسرائيلية داخلية أيضًا.

يبقى العامل الحاسم في المشهد التفاوضي هو العامل الأميركي الأقدر على كسر الحلقة المفرغة التي صنعها بنيامين نتنياهو، فهل تفعلها إدارة الرئيس ترامب أم أن نتنياهو سينجح في جرّ الإدارة الأميركية الجديدة إلى متاهاته السياسية تهربًا من الاتفاق واستحقاقاته؟

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يوجّه بمواصلة المفاوضات وفقا لرد الوسطاء على المقترح الأميركي
  • نتنياهو يوعز باستمرار المفاوضات مع حماس بناء على مقترح ويتكوف
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف
  • القاهرة الإخبارية: نتنياهو في مأزق بعد تبني المقترح الأمريكي للإفراج عن المحتجزين
  • نتنياهو في مأزق بعد تبني المقترح الأمريكي للإفراج عن المحتجزين.. تفاصيل
  • حماس تدعو إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها لإنهاء الحرب
  • «ترامب»: بايدن هو من سمح باندلاع الحرب في أوكرانيا لكننا سنتوصل إلى اتفاق.. فيديو
  • مكتب نتنياهو: إسرائيل قبلت مقترح ويتكوف وحماس تواصل رفضه
  • نتنياهو يدرس الرد على حماس ولا اختراق بمحادثات الدوحة
  • مكتب نتنياهو: حماس لم تُغير مواقفها رغم قبولنا مقترح ويتكوف