الجزيرة:
2025-01-11@02:39:34 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

حيلة نتنياهو لإفشال مقترح بايدن

طرح الرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية شهر مايو/أيار المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. ولا بد بداية من التطرق للمشهد السياسي وراء هذا الطرح الإسرائيلي بلسان أميركي. ويتبادر للذهن والمنطق السياسي السؤال الأول، وهو: لماذا يطرح بايدن تصورًا إسرائيليًا، بدل أن يخرج رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويقدم هذا التصور للعالم، على اعتبار أنه تصوّر إسرائيلي، وعلى ما يبدو أنه تبلور في مجلس الحرب الإسرائيلي بمشاركة الجيش الإسرائيلي؟ ثم كيف سيتعامل نتنياهو مع هذا المقترح؟

هنالك عدة تفسيرات لهذا الأمر:

أولها: أن بايدن طرح التصور بدون تنسيق مع إسرائيل، من أجل الضغط على نتنياهو للحسم بشأن هذا التصور، والذي يبدو أنه ظلّ حبيسًا لمداولات مجلس الحرب، وتردد نتنياهو في طرحه على الملأ، وعلى أعضاء الحكومة الإسرائيلية.

لذلك لم يتطرق بايدن في خطابه لتفاصيل المقترح، وإنما طرح الإطار العام له، الذي يتطلب استمرار المباحثات بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء على تفاصيله، وفي هذا الصدد، فإن بايدن كان يهدف لتحريك هذا المسار بعد تعطيله في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على رفح، وللتأثير على المشهد السياسي الإسرائيلي الداخلي. أما التفسير الثاني: فهو أنّ الطرح الإسرائيلي عُرض بتنسيق مع إسرائيل، ولكنه تعرّض لتغييرات أميركية تتعلق بهدف المقترح، وهو وقف الحرب، لذلك كان الرد الأوّلي لحركة حماس هو التعامل الإيجابي معه. لذلك بادر بايدن لطرحه بدون تنسيق مع إسرائيل، وعرضه على أنه مقترح إسرائيلي، فمقابل ترحيب حماس الأوّلي بالمقترح، خرج نتنياهو مؤكدًا أن إسرائيل لن توقف الحرب بدون تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على حركة حماس كسلطة وبنية عسكرية، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين.

طرْح بايدن بنفسه المقترح الإسرائيلي، دلالةٌ على محاولة الولايات المتحدة إنقاذ إسرائيل من نفسها، فقد جاء في سياق استنفاد العمليات العسكرية قدرتها على تحقيق أهدافها، وهو الإدراك الذي تعمّق بعد مرور أسابيع على عملية رفح التي زعمت إسرائيل أنها ستكون المرحلة الأخيرة قبل الانتصار الذي هو "قاب قوسين أو أدنى"، كما كان نتنياهو يقول، إضافة إلى التصعيد المحتمل على الجبهة الشمالية، الذي تدرك الولايات المتحدة أنه مرتبط بالحرب على قطاع غزة، وأن وقف الحرب سيفتح المجال لمسار دبلوماسي لتسوية الأزمة في الجبهة الشمالية.

والأهم من كل ذلك أن لدى الإدارة الأميركية قناعة بأن تحقيق أهداف الحرب يحتاج إلى مقاربة سياسية بعد استنفاد العمليات العسكرية، ولكن نتنياهو يمتنع عن مجرد الحديث عن أي مقاربة سياسية، لما يعنيه ذلك من إحباط أحلام اليمين المتطرف في الاستيطان في قطاع غزة، وفرض حكم عسكري عليها.

وأخيرًا؛ فقد جاء الطرح الأميركي في سياق العزلة الدولية لإسرائيل، بعد قرارات محكمة العدل الدولية، وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، والكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب في قطاع غزة دون تحقيق أهدافها.

تحليل التصريحات الإسرائيلية، وتصريحات نتنياهو على وجه الخصوص، يوضح أن الأخير يراهن على تنفيذ المرحلة الأولى من المقترح، دون التعهد بوقف الحرب، فقد قال إن المقترح يحقق أهداف الحرب في القضاء على حركة حماس من جهة، ووقف العمليات العسكرية من جهة أخرى، فكيف يمكن تحقيق الاثنين معًا فيما لو افترضنا جدلًا أن حماس وافقت عليه؟

التفسير الوحيد أنه كان يراهن على الذهاب لتنفيذ المرحلة الأولى، ثم يفشل المراحل الأخرى، عبر وضع شروط تعجيزية لا يمكن لحركة حماس قبولها، فيعود لاستئناف الحرب. وهكذا يمكن تفسير موقف حماس الرافض أيّ مقترح دون تعهّد دولي وإسرائيلي بوقف الحرب.

أدخل المقترح – على الرغم من عرضه على أنه مقترح ِإسرائيل – المشهد السياسي الداخلي في حالة حراك، ووضع نتنياهو في معضلة سياسية داخلية؛ فمن جهة، فإن مصادقة إسرائيل على المقترح – بغض النظر عن موقف حماس – سوف تؤدي إلى خروج أحزاب اليمين المتطرف (حزب الصهيونية الدينية، وحزب عظمة يهودية) من الحكومة.

وخروجهما لن يؤدي إلى إسقاطها؛ لأن المصادقة على المقترح ستضمن بقاء حزب المعسكر الرسمي برئاسة بيني غانتس في الحكومة، وتراجعه عن المُهلة التي أعطاها لنتنياهو حتى 8 يونيو/ حزيران للانسحاب منها، وكذلك فإنه مع تأييد الأحزاب الدينية الحريدية (يهدوت هتوراه وحركة شاس) للمقترح، ستضمن حكومة نتنياهو البقاء بـ 62 مقعدًا، وذلك فضلًا عن الغطاء البرلماني لحزب "يوجد مستقبل" المعارض للحكومة في حالة صادقت على المقترح.

ورغم ذلك يدرك نتنياهو أن المصادقة ستفقده دعم الكتلة الشعبية الصلبة لليمين المتطرف، كما أن خروج أحزاب اليمين من الحكومة، سيؤدّي في النهاية إلى تقديم موعد الانتخابات؛ لأن الغطاء السياسي الذي سيحققه غانتس والمعارضة لنتنياهو لن يطول أكثر من مدة الصفقة أو المقترح.

في المقابل، فإنه إذا فشل المقترح الحالي فسيكون خروج غانتس من الحكومة مؤكدًا، ولكن ذلك لن يؤثر على بقاء حكومة نتنياهو الأصلية (65 عضوًا)، لكن شرعيته في اتخاذ القرارات العسكرية سوف تتآكل، والاحتجاج الشعبي سوف يزداد. لكن غانتس فوّت الفرصة لإحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي، فتأخره عن الخروج من الحكومة، ساهم في تثبيتها، وربما ينجح نتنياهو الآن في تقديمه في صورة الهارب من المعركة، خاصة أنّ موعد خروجه يتزامن مع التصعيد على الجبهة الشمالية.

واضح أن نتنياهو حاول بعد عرض بايدن مقترحه أن يُفشل الصفقة من خلال التأكيد أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية، فكأنه بذلك يطرح مقترحًا للحل، ويعرض شروطًا تفشله، ليخرج في النهاية بخطاب دعائي يتهم الطرف الآخر بإفشاله.

لم يعد هذا الأمر ينطلي على الشرائح الاجتماعية الإسرائيلية الداعمة للمقترح الأميركي، فالشعار الذي حملته مظاهرة يوم السبت في تل أبيب كان يعبّر عن هذه الحالة، "أنقذهم من نتنياهو يا بايدن"، أي أنقذ المحتجزين الإسرائيليين من نتنياهو الذي يعطل كل مجهود للتوصل إلى صفقة، بما في ذلك المقترح الحالي بالطبع.

يراهن نتنياهو على صعود شعبيته في الأشهر الأخيرة، وتقليص الفجوة بينه وبين غانتس حول الأهلية لتولي منصب رئاسة الحكومة، وتراجع حزب غانتس في استطلاعات الرأي منذ شهرين من 40 مقعدًا إلى 28 مقعدًا. فالمجتمع الإسرائيلي – أو على الأقل قطاعات واسعة منه – بدأ يرى في نتنياهو رجل المرحلة في ظلّ النزعة العسكرية الانتقامية التي لا تزال قائمة في وعي الإسرائيليين.

ويلاحظ هنا أن الصراع الانتخابي موجود في صفوف المعارضين لنتنياهو، وليس داخل المعسكر المؤيد له، وهو يعطي مساحة سياسية لنتنياهو للتحرك وإدارة المعركة، وتهميش غانتس في القرارات المتعلقة بالحرب والأفق السياسي لها.

ليس مستبعدًا أن يهرب نتنياهو من تعطيل الصفقة الحالية نحو تصعيد الجبهة الشماليّة، مع أن الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل سيكون باهظًا، وربما يسهم التصعيد على الجبهة الشماليّة في تحييد النقاش الإسرائيلي الداخلي حول المقترح، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تأمل أن يُساهم في حلّ تأزم تلك الجبهة الشمالية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجبهة الشمالیة من الحکومة قطاع غزة مقترح ا

إقرأ أيضاً:

حماس: الاحتلال لن يستعيد أسراه إلا عبر اتفاق تبادل.. نتنياهو يتلاعب بمصيرهم

أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، الخميس، أن دولة الاحتلال لن تستعيد أسراها إلا عبر اتفاق تبادل، متهما رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالتلاعب بمصيرهم.

وأضاف حمدان خلال مؤتمر صحفي في الجزائر، إن "صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال لها قواعدها التي سوف تطبق، وعلى ضوء ذلك سيأخذ الاحتلال أسراه وسنأخذ أسرانا".

وبين حمدان: "لكن بكل تأكيد، لن يستعيد أسراه أحياء إلا من خلال اتفاق"، دون مزيد من التفاصيل.

وأوضح القيادي في حماس: "نتنياهو يتلاعب بمصير الأسرى ضمن سعيه إلى صورة إنجاز، ولا يريد تحريرهم، ويتمنى لو ينجح بقتلهم، لأنه يعلم أن تحريرهم يعني تحرير أسرى فلسطينيين".

وتابع: "لا يهمنا ما يسعى إليه الاحتلال، ما يهمنا هو إنهاء العدوان وانسحاب الاحتلال من قطاع غزة".
على صعيد آخر، حذر حمدان، من أن "مخططات الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت الشعب الفلسطيني وباتت تهدد المنطقة بأكملها".

وأكد: "نقوم بواجبنا على أكمل وجه لمواجهة الاحتلال، ونتوقع أن يقوم أشقاؤنا بواجبهم أيضا. أي تقصير سيعود بتداعيات سلبية على المقصرين أنفسهم وليس فقط على الشعب الفلسطيني".


والخميس، قال ستيفن ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للشرق الأوسط، في تصريحات للقناة 12 العبرية، إن إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة هو "الأمر الأكثر أهمية" بالنسبة لترامب قبل تنصيبه في 20 من الشهر الجاري.

والأحد، قال مسؤول في حماس إن الحركة وافقت على قائمة تضم أسماء 34 أسيرا إسرائيليا قدمتها تل أبيب لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين ضمن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في غزة.

والأربعاء، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، طاهر النونو، إن الحركة قدمت تنازلات عديدة في سبيل إنجاح جهود الوساطة لوقف إطلاق النار، ولإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عن النونو قوله، إنه "الحركة ليست بعيدة عن التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل إذا كان هناك تجاوب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في قضيتي وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب من قطاع غزة".

وأضاف: “لسنا بعيدين عن اتفاق إذا ما كان هناك تجاوب من نتنياهو في موضوعي وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب”.

وأوضح أنه "في كل مرة كنا نصطدم بتعنت إسرائيلي، ورفض ونسف لكل تلك الجهود، والعودة إلى نقطة الصفر؛ لأن نتنياهو يريد التنصل من أي تعهدات تفضي بوقف إطلاق نار دائم في غزة".


وحول تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، قال النونو، "من الأفضل أن يفكر ترامب في إنجاح جهود الوساطة وإنهاء الحرب في غزة بدلا من التهديدات، التي لن تجلب سوى مزيد من الدمار والقتل لشعبنا الفلسطيني".

وجدد ترامب، الثلاثاء، تهديده بأن يفتح أبواب “الجحيم” على الشرق الأوسط إذا لم تفرج حماس عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة قبل وصوله البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/ يناير الجاري.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة "بات قريبا جدا"، آملا في التوصل إليه في الوقت المتبقي لإدارة الرئيس جو بايدن.

وتستمر المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية، من جهة، ودولة الاحتلال بوساطة قطرية مصرية أمريكية، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، يشمل صفقة لتبادل الأسرى الإسرائيليين في غزة.



وأعلنت قطر، الثلاثاء، أن المفاوضات الهادفة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "لا تزال جارية"، لكن "لا يمكن وضع حد زمني" لها، وفقا لمستشار رئيس مجلس الوزراء متحدث وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في إحاطة أسبوعية في أثناء مؤتمر صحفي بالدوحة.

وقال الأنصاري إن المفاوضات "لا تزال جارية على المستوى الفني"، و"هناك إيمان قطري دائما بضرورة الاستمرار في هذه الجهود، مهما كانت الأوضاع صعبة خلال المفاوضات".

وأضاف الأنصاري أن "الوفود التي تمثل جميع الأطراف تجتمع بشكل دائم، سواء في الدوحة أو القاهرة"، مبينا: "إلا أنه لا يمكن وضع حد زمني لهذه المفاوضات، وكذلك ليس هناك أي توقعات حتى اللحظة، وسيتم الإعلان عن ذلك في حال الوصول إلى نتائج مباشرة".

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يصدر أوامر باستمرار المفاوضات بشأن الرهائن في غزة
  • حماس: الاحتلال لن يستعيد أسراه إلا عبر اتفاق تبادل.. نتنياهو يتلاعب بمصيرهم
  • الغضب يتزايد ضد نتنياهو.. عائلات جنود جيش الاحتلال يهددون رئيس الوزراء الإسرائيلي
  • اقرأ بالوفد غدا.. الحكومة السورية جماعة إرهابية بأوامر بايدن
  • تعلن عنها الحكومة قريبًا.. ما الذي تتضمنه حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة؟
  • إعلام الاحتلال: “إسرائيل” تبحث مقترح إقامة لجنة دولية تقسّم سوريا إلى “كانتونات”
  • مؤسس أمهات مصر تصف مقترح شهادة البكالوريا المصرية بـ«الممتاز والبسيط»
  • سموتريتش: إسرائيل تستعد لـ تغيير جذري في طريقة إدارة الحرب بغزة
  • "حماس": لسنا بعيدين عن التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل في حال تجاوب نتنياهو
  • إعلام إسرائيلي: حكومة نتنياهو لن تستعيد كل الأسرى