وزارة الهجرة:س”نغلق”مخيمات النزوح في الإقليم
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
آخر تحديث: 8 يونيو 2024 - 9:29 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أعلن وكيل وزارة الهجرة والمهجرين كريم النوري، السبت، عن وجود توجه حكومي لدى الوزارة لغلق كافة مخيمات النزوح في الإقليم وارجاع النازحين الذين غالبيتهم من قضاء سنجار، فيما بين أنه لا يزال هناك 29 ألف نازح في هذه المخيمات.وقال النوري، في حديث متلفز ، إن “قضية سنجار ربما فيها نوع من التعقيد والصعوبات، لكنها ستكون ضمن إجراءات الوزارة لإعادة النازحين لمناطقهم“.
وأضاف، إنه كما “تعلمون أغلب المخيمات هم من أبناء سنجار، ورغم ظروف وتعقيدات سنجار، نشهد اليوم تقدما في هذه القضية”، مبينا أنه “إذا كانت هناك مشكلات تتعلق المنازل المهدمة، حاليا هناك مشروع لتخصيص قطعة أرض لإنشاء دور واطئة الكلفة“.وبين، أن “المخيمات لن تكون الحل الأخير والنهائي ولكنها كانت لظروف طارئة ويجب أن تنتهي هذه الظروف، وفي حال كانت هناك بعض الصعوبات سنسهم مع مشاركة إقليم كردستان والمنظمات الدولية، للتوصل إلى نتائج إيجابية لعودة نازحي سنجار“.وبشأن توزيع الدور واطئة الكلفة، أشار النوري، إلى أن “الأولوية ستكون للعائدين فعلا، الذين يصلون لمناطقهم، حيث هناك تنسيقا مع محافظة نينوى، وتم وضع بعض الشروط لمنح هؤلاء”، لافتا إلى أن “هذا الأمر يتطلب إجراءات سريعة على اعتبار أن بقاء المواطنين من دون بيوت يمثل مشكلة“.وأردف حول آلية توزيع المنحة المالية التي تقدمها الوزارة للنازحين العائدين، قائلا: “وضعنا الأولوية لمن يعود متأخرا، بمعنى أي من يعود متأخرا سيحصل على منحة 4 ملايين دينار بعد أن كانت مليون ونصف، وكذلك سوف يوضع ضمن أولوية الحصول على دور واطئة الكلفة“.وأشار، إلى أن “هذا المبلغ غير كاف لكنه أفضل من العدم، وبالتأكيد مهما كانت ظروف العودة وصعوبتها، فإن البقاء في المخيمات سيكون أصعب، وأن البقاء ليس خيارا مهما كانت الصعوبات”، مستدركا: “نحن نفكر جميعا مع إقليم كردستان بهذا الشأن، لاسيما أن الأمر سيخفف عن إقليم كردستان الذي تحمل الدور الكبير منذ العام 2014 الذي قاموا به تجاه النازحين“.ولفت النوري، إلى أن “اليوم من لا يمتلك إمكانية العودة، فإن منحة الـ4 ملايين ستجعله يفكر بالعودة رغم أنها لا تكفي”، مشددا على تصميم الوزارة، أن “يكون العراق خال من المخيمات والنازحين“. وتابع، أنه “من خلال التنسيق والحوار مع إقليم كوردستان سنتوصل لنتائج إيجابية، فسياسة المشاركة التي اقتضاها التغير في العراق، تقتضي إشراك إقليم كوردستان في كل مشروع يتعلق بإعادة النازحين، ونحن نتحرك بتنسيق كبير وتشاور وتفاعل مع إقليم كوردستان، لأننا نشعر أن إقليم كوردستان يفكر بإنهاء أزمة النازحين، ولكنه ربما يقول إنه لا يريد التسرع، ونحن نتفق معهم بذلك، لكننا مع السرعة“.ومضى بالقول، إنه من “خلال الاستبيان والمسح الميداني لرغبة النازحين بالعودة أو اختيار مكان ثالث في مناطقهم، وجدنا ولمسنا تجاوب سريع، وبالحقيقة أن معاناة النزوح كثيرة، ومنها البرد في الشتاء والحر في الصيف، وبعض الحرائق التي تحصل لأسباب عدة، فلا يمكن أن تستمر هذه الأمور، ونحن مطمئنون أن إقليم كردستان سيكون سندا وفاعلا مساعدا نظرا إلى أنه يعلم أعداد النازحين الذي يقدر حاليا بـ29 ألف عائلة“.وأكد النوري، أنه سيتم “قريبا إغلاق أحد المخيمات في السليمانية، حيث هناك رغبة بالعودة أيضا في دهوك وأربيل، وهذا التفاؤل والتفاعل من قبل النازحين يدعو إلى تطبيق القرار وتنفيذ البرنامج الحكومي الذي يقتضي إغلاق المخيمات وإعادة النازحين لديارهم“.وعن أعداد المخيمات المتبقية، أشار النوري إلى أنه “خلال الأيام القريبة ربما سيبقى مخيما واحدا في السليمانية، و16 مخيما في دهوك، و6 مخيمات في أربيل”، مبينا أن “أغلب قاطني المخيمات هم من أهالي سنجار“.وجدد التأكيد، على أن “اليوم هناك رغبة عامة بالعودة، ذلك لأن البقاء في المخيمات هو أصعب من العودة، ونحن نريد عراقا خال من المخيمات والنازحين”، على حد تعبيره.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: إقلیم کوردستان إقلیم کردستان إلى أن
إقرأ أيضاً:
أن تكون نازحا!
مما يزيد في صدق كتابة الإنسان وجعل ما يكتبه يلامس قلوب القراء، معايشته تفاصيل القضية التي يكتب عنها، سواء فرحا أو حزنا، وإلا سيقل تأثير الكاتب بالقرّاء، وسيفتقدون دسم الدهشة في كلماته.
حاولتُ مرارا الكتابة عن تجربة النزوح والنازحين، لم يكن الأمر سهلا، ولم تسعفني الكلمات؛ لأني لم أكن أحد أعضائها بالمعنى الدقيق للكلمة بعد، صحيح أنني كنتُ مسئولا عن مخيم أمير للنازحين في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، لكن لم أعش بخيمة، على اعتبار أن محافظتي لم يصلها إشعار بالإخلاء بعد، وهنا يمكن الاستعانة بالمثل الشعبي القائل "الشوف مش زي الخراف" يعني "من يرى ليس كمن يسمع".
أما منذ شهر أيار/ مايو 2024 إلى الآن -وإلى أجلٍ غير مسمى- فقد دخلتُ نادي النازحين بما فيه من ألمٍ ومعاناة، فالآن أكتبُ ودمعُ العينِ ينسكبُ عن تجربةِ النزوح.
فالنزوحُ أيها السادة ليست كلمة تُقال، أو فعلا يمارسه الإنسان وهو في كامل الفرح والسرور، بل يمارسه وهو في كامل القهر والحرمان، وهو أن يخرج من بيته بعد وصول إخطار له من طائرات الاحتلال، أو وصول صواريخ الاحتلال لتجبره دونما تفكير على إخلاء بيته أو منطقة سكناه ليصبح هائما على وجهه يبحث عن مأوى له ولعائلته، وهنا يُصاب الإنسان بالخوفِ والقهر حين يشعر بأن عليه إخلاء بيته الذي بناه على مدار سنوات، وله في كل ركنٍ درايةٌ ورواية.
لقد كنت مسئولا عن مخيم أمير للنازحين في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، والذي يحتوي على 100 خيمة بعدد أفراد يصل إلى 800 شخص، ولكل فرد احتياجات حسب سنه وجنسه.
كنت أتابع أمورهم باهتمام وتلبية ما يمكن من احتياجاتهم من خلال التواصل مع المؤسسات المانحة والداعمة، كما كنا ننفذ أنشطة ترفيهية خاصة بالأطفال وندوات توعوية للنساء، وفتحنا مركزا لتحفيظ القرآن كان مقره في الطابق الثاني من بيتي حتى نشعرهم بالأمان.
كنت أرى في أعينهم الأسى وأستمع لقصصهم فلكل إنسان قصة، منهم من كان يتجهز للسكن في شقته الجديدة الجاهزة لكن الحرب لم تمهله، ومنهم من لم يمر على سكنه في شقته سوى أيام أو أشهر قليلة، ومنهم من لم ينته من تجهيز بيته، ومنهم من لم يسدد أقساط بيته الجديد بعد، ولكل نازح رواية لا تكفي لسردها ألف ليلة وليلة.
وبالعودة لعنوان المقال، فـ"أن تكون نازحا!"، يعني:
- أن تبدأ رحلة البحث عن مقومات الحياة من مأكل ومشرب وملبس منذ طلوع الشمس حتى بعد غروبها، وأبسط مثال قد تمشي مسافة نصف كيلومتر حتى توفر عبوة ماء.
- أن تقضي وقتا طويلا في البحث عن الحطب والكرتون لمعاونة زوجتك في صناعة الخبز لأطفالك في ظل انعدام الغاز.
- أن تبقى لمدة أسبوعين وأكثر دون استحمام، وملابسك دون تبديل؛ لأنك لم تتمكن من إحضار ملابسك كاملة حين غادرت منزلك..
- أن قضاء حاجتك يسبب لك حرجا، فكل مخيم فيه حمام عام، ودخولك أنت أو أحد أفراد أسرتك للحمام يشعركم بالحرج خاصة النساء، وحتى الحمامات التي تكون داخل الخيمة تخضع لقانون الدور والترتيب.
- إن معاناتك تتفاقم بوجود أطفال ومرضى وكبار السن، فجميعهم يحتاجون لطعام خاص ورعاية خاصة وهدوء وراحة، وهذه الأمور يتعذر توفرها دوما.
- ألا تشعر بالأيام وهي تمر سريعا، فما أن يبدأ الأسبوع حتى ينتهي، وربما هي نعمة.
- أن تهتم بمتابعة الأخبار لتعرف أين وصلت الأمور، ثم تصاب بخيبة أمل حين لا تأتي الأخبار بما يسر القلب.
- أن تصبح خبيرا بكل أنواع الطقوس المجتمعية التي كانت في بلدك وأنت لا تعرفها.
- أن تفرق بين المهم والأهم، والضروري العاجل والضروري غير العاجل.
- أن تدرك أن قيمة المرء فيما يحسنه.
- أن تتأكد بأنك قد تصبح الشهيد التالي.
لكن رغم المصائب في غزة، وخاصة في مخيمات النزوح، رأينا الأمل والعزة والفخر في نفوس الناس فمنهم من تزوج في الخيمة، ومن ناقش رسالة الماجستير في الخيمة، ومن وضعت مولودها في الخيمة، وحفظ القرآن في الخيمة، ومنهن من تَكوّن في رحمها جنينٌ وهي في الخيمة، ومنهم من أكمل فصله الأخير في الجامعة للحصول على بكالوريوس تربية إسلامية وهو في خيمة مثل كاتب هذا المقال.
إجمالا، ما سبق هو غيض من فيض مما نعانيه في مخيمات النزوح، لكن يبقى أملنا بالله قويا ليرزقنا نصرا مؤزرا قريبا عاجلا إن شاء الله، رغم عواصف الشتاء.
وللحديث بقية مع الجرح الثالث من جروح النزوح.