عثمان ميرغني يكتب: المؤامرة التي تستهدف السودان!
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
الزيارة التي أجراها هذا الأسبوع الفريق شمس الدين كباشي، عضو مجلس السيادة، نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وبرفقته وزير الدفاع الفريق يس إبراهيم، إلى دولتَي النيجر ومالي تسلِّط الضوء مجدداً على واحد من أخطر ملفات الحرب الدائرة حالياً. فالجيش السوداني لا يحارب «قوات الدعم السريع» وحدها، بل يواجه معها موجات من الدعم البشري القادم عبر الحدود ممن يسمون «عرب الشتات الأفريقي»، ومعهم أحلامهم وتطلعاتهم في وطن داخل السودان.
هناك مقاطع فيديو عديدة توثِّق وصول مجموعات كبيرة متتالية من المسلحين القادمين من تشاد وأفريقيا الوسطى والنيجر ومالي ضمن ما يسمى «الفزع» للقتال إلى جانب «قوات الدعم السريع» سواء في دارفور أو كردفان أو إقليم الجزيرة والخرطوم. أضف إلى ذلك عشرات الفيديوهات التي يتحدث فيها منسوبو «الدعم السريع» عن تطلعهم للهجوم على مدن في شمال السودان، وملاحقة سكانها وطردهم من بيوتهم. وقبل أيام فقط كان هناك مقطع فيديو متداوَل لأحد كوادرهم القيادية يشن فيه هجوماً عنيفاً على أهل الشمال متوعداً إياهم بالطرد قائلاً إنهم قادمون إليهم «وسننتهي منكم، وأنتم أصلاً لستم سودانيين، وليس فيكم من لديه جذور في هذا البلد… هذا بلدنا».
الفريق ياسر العطا، مساعد القائد العام للقوات المسلحة، تحدث عن هذا الخطر في تصريحات له الشهر الماضي وصف فيها ما يحدث في السودان بأنه «غزو أجنبي من عرب الشتات» مدعوم من بعض الدول. وأشار إلى المخطط الرامي لإنشاء وطن لعرب الشتات المنتشرين في غرب أفريقيا، على أن يكون هذا الوطن في دارفور على حساب سكانها الأصليين، قائلاً إن «الدخول إلى الفاشر هدفه إعلان الوطن لعرب الشتات، ونحن سنقاتل لو سقطت الفاشر أو لم تسقط، ولن نترك شبراً من أرض السودان لعرب الشتات إطلاقاً».
هذا البعد يعطي معركة الفاشر، الدائرة الآن، أهمية وخطورة في مجرى الحرب بأبعادها الظاهرة والخفية. فالمدينة إلى جانب أهميتها التاريخية والاستراتيجية، أصبحت آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور لا تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع» التي اجتاحت عواصم ولايات الإقليم الأخرى وهي: زالنجي والضعين والجنينة ونيالا. من هنا فإن «قوات الدعم السريع» حشدت قوات كبيرة مدعومةً بالمستنفرين القادمين من دول الجوار وعرب الشتات لاجتياح المدينة لأن ذلك سيعطيها السيطرة على إقليم تقدَّر مساحته بخُمس مساحة السودان، ويمتلك موارد وثروات هائلة، وحدوداً مفتوحة على ثلاث دول (ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى)، تسهِّل تدفق السلاح والبشر، ويملكها ورقة مهمة للتفاوض أو للانفصال في خطوة تفتح الباب أمام أحلام عرب الشتات التي تضخمت بعد الحرب وبات الحديث عن مشروع دولتهم يتردد على ألسنة كثيرين منهم، كما هو الحال بالنسبة إلى مجاهرة شخصيات معروفة، لا سيما في تشاد، بالدعوة لمساندة «الدعم السريع» والقتال إلى جانبه. أحد هؤلاء تحدث في أبريل (نيسان) الماضي عن الاصطفاف وراء «الدعم السريع» لإكمال بقية المشوار «بحكم وحدة الانتماء والمصير، وعديد من القواسم المشتركة التي تربطنا كانتماء ومصير وهدف ومشروع». كما أنه عدّ «الدعم السريع»، «مشروع وجود لهذه الأمة»، مبشراً بأن هذا المشروع «منذ تأسيسه ما كان كبيراً وقوياً مثل ما هو عليه الحال اليوم».
أحلام «عرب الشتات الأفريقي» في وطن ليست جديدة، مثلما هو الحال بالنسبة إلى هجرات أعداد منهم إلى دارفور في فترات وسياقات مختلفة. وقد برزت فكرة جمع القبائل العربية في دارفور في جسم واحد خلال الثمانينات فيما عُرف وقتها بـ«التجمع العربي»، لكنها تراجعت بعدما واجهت انتقادات واسعة وقتها واتهامات بتأجيج الصراعات القبلية والإثنية في الولاية التي تتعايش فيها مكونات مختلفة. وعلى الرغم من أن الكلام عن هذا التجمع تجدد في التسعينات فإن موضوع دولة عرب الشتات برز إلى السطح مع اندلاع الحرب الراهنة.
لقد كانت هناك شعارات كثيرة أُطلقت إبان هذه الحرب مثل «محاربة الفلول»، و«القضاء على دولة 56»، و«ثورة الهامش»، سيطرت على الخطاب الدائر وحجبت الرؤية عن جوانب أخرى أخطر تهدد كيان الدولة، بل وجودها. فالحرب قد تكون اندلعت صراعاً على السلطة في الخرطوم، لكنها اكتسبت أبعاداً أخرى، وتداخلت فيها أجندة وحسابات ومصالح متعددة، أخطرها بالتأكيد تغذية أحلام ومطامع إقامة دولة لعرب الشتات الأفريقي في السودان بالسيطرة عليه كله إن أمكنهم دحر الجيش، أو على جزء منه في سيناريو التقسيم الذي رأيناه في دول أخرى وفي السودان ذاته في ظروف مختلفة.
المصدر: تاق برس
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
“الدعم السريع” يستعد لإعلان ميثاق لتشكيل حكومة موازية بالسودان
الجديد برس|
قال السياسيان السودانيان الهادي إدريس وإبراهيم الميرغني لرويترز إن قوات الدعم السريع ستوقع ميثاقا مع جماعات سياسية ومسلحة متحالفة معها -مساء اليوم السبت- لتأسيس حكومة سلام ووحدة في الأراضي التي تسيطر عليها.
وقال إدريس إن من بين الموقعين على الميثاق والدستور التأسيسي عبد العزيز الحلو الذي يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي ولديه قوات في ولاية جنوب كردفان. ويطالب الحلو منذ فترة طويلة بأن يعتنق السودان العلمانية.
واستضافت كينيا المحادثات التي بدأت الأسبوع الماضي، مما أثار تنديدات من السودان وانتقادات داخلية في كينيا للرئيس وليام روتو بسبب إدخال البلاد في صراع دبلوماسي.
وردا على ذلك، سحبت الحكومة السودانية سفيرها من نيروبي، رغم تأكيد وزارة الخارجية الكينية التزامها بالحياد تجاه الأزمة السودانية.
وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم منطقة دارفور بغرب البلاد ومساحات شاسعة من منطقة كردفان في حرب مستمرة منذ ما يقرب من عامين، ويتصدى لها الجيش السوداني في وسط البلاد وندد بتشكيل حكومة موازية.
ومن غير المتوقع أن تحظى مثل هذه الحكومة، والتي أثارت بالفعل قلق الأمم المتحدة، باعتراف واسع النطاق. ويقول مقربون من الحكومة إن تشكيلها سيُعلن من داخل البلاد.