انتعشت آمال أوساط لبنانية بالمواقف الدولية التي أطلقت في الساعات الأخيرة وحملت تشديداً لافتاً على ضرورة تجنيب لبنان أي تصعيد. وإذا كانت أوساط مراقبة لم تر تطوراً استثنائياً في صدور هذه المواقف لأنها تشكل المواقف الثابتة للدول والجهات الدولية من التحذير من أي حرب قد تكرر مأساة غزة في لبنان وتهدّد المنطقة برمتها بانفجار إقليمي فإنها لم تنكر أهمية ودلالة أن تطغى المواقف المشددة على التحذير من حرب في لبنان على التهديدات بهذه الحرب التي ارتفعت وتواصلت في الأسبوعين الماضيين كأنها مقدمة لحرب آتية لا محال.

وأشارت أن الأنظار ستتجه في هذا السياق الى ما يمكن أن يصدر عن القمة الثنائية بين الرئيسين الفرنسي والأميركي اليوم في الإليزيه وما إذا كانا سيخصان لبنان بموقف مشترك وعندها يمكن استقراء دلالات هذا الموقف وتآثيره كتطور خارجي بالغ الأهمية حيال لبنان ان في واقع المواجهات على حدوده او في ملف أزمته الرئاسية.
ولم تقلل هذه المواقف من المؤشرات القلقة حيال احتمال حصول حرب ومن هذه المؤشرات أن كندا نصحت أمس مواطنيها بتجنّب السفر الى لبنان، وقالت الخارجية الكندية في بيان إن السبب يعود الى "تدهور الوضع الأمني والنزاع المسلح المستمر مع إسرائيل". وحثّت مواطنيها على مغادرة لبنان عبر الرحلات التجارية المتوفرة.

وكان رؤساء دول وحكومات كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا أصدروا بياناً في باريس ووزعه قصر الاليزيه أكدوا فيه أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين على عزمهم لتضافر الجهود من أجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، ودعا الرؤساء جميع الاطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة.

وفي السياق الدولي أيضاً، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس إلى "وقف الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله على طول الحدود بين الدولة العبرية ولبنان"، معرباً عن قلقه من خطر نشوب "صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة". وقال المتحدّث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان إنّه "مع استمرار تبادل إطلاق النار حول الخط الأزرق، فإنّ الأمين العام يدعو الأطراف مرة أخرى إلى وقف عاجل لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701". وأبدى الأمين العام أسفه "لأنّنا فقدنا بالفعل مئات الأرواح، ونزح عشرات الآلاف، ودُمرت منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق".

ورحّب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالبيان الصادر عن قادة فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا وقال: "إننا نثمن عالياً هذا الموقف الداعم للبنان والداعي الى بذل كل الجهود لوقف التصعيد، ونعتبر أن الأولوية لدينا هي التواصل مع أصدقاء لبنان في العالم ودول القرار للجم التصعيد ووقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان". ولفت إلى أنَّ "الاتصالات الديبلوماسية اللبنانية جنّبت لبنان في العديد من المحطات مخاطر الخطط الاسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة، وهذا التوجّه عبر عنه بيان الدول الاربع بتشديده على العمل لتجنب التصعيد الإقليمي".

وكرّرت مصادر مطلعة على الوضعين الميداني والسياسي لـ”البناء” استبعادها قيام العدو الإسرائيلي بحرب شاملة على لبنان، رغم ضجيج قادة الاحتلال المهزومين في أرض الميدان في غزة ورفح، واضعة سيل التهديدات في إطار تطمين المستوطنين الذين يطلقون صرخات الخوف من حزب الله وتعبوا من الوضع القائم والمؤلم والذي لم تشهده “إسرائيل” في تاريخها ولم يعهده المستوطنون في كل الحروب السابقة، إضافة إلى التعويض عن فشل وزراء وجنرالات الحرب في تغيير المعادلة الميدانيّة في غزة وتحقيق أهداف الحرب، كما قالت صحيفة هآرتس أمس.
وشدّدت المصادر على أن لا ضوء أخضر أميركياً لتوسيع الحرب الإسرائيلية على لبنان لا سيما في الوقت الحالي على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات الأميركية، فضلاً عن استنزاف الطاقة القتالية والتسليحية للجيش الإسرائيلي في غزة ورفح خلال ثمانية أشهر، عدا عن قوة ردع المقاومة والقدرات الكبيرة التي تملكها وشهدنا بعضها خلال الأسابيع الأخيرة على جبهة الجنوب.
وأضافت المصادر أن واشنطن تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة منذ بداية الحرب على غزة، أكان بالتهديد أو بالإغراءات للحؤول دون توسيع رقعة الحرب بين لبنان وكيان الاحتلال ولا زالت الرسائل والعروض تصل توالياً حتى الآن، وذلك خشية وقوع حرب تعمق أزمة الكيان وهزيمته، فهل مَن يستجدي التهدئة على الجبهة الجنوبية ويسعى لإطفاء نيران الحرب في غزة وتطويق امتداداتها إلى المنطقة، سيسمح لحكومة المجانين في “إسرائيل” بشنّ عدوان شامل على لبنان؟
وكشفت أوساط معنيّة بالتفاوض لـ”البناء” أن وقف الحرب على غزة ستكون ساعة وقف إطلاق النار على جبهة الجنوب، وكل الحديث عن أن استمرار الحرب على لبنان بعد وقف إطلاق النار في غزة يوضع في إطار الضغوط والحرب النفسيّة. ولفتت الى أن “إسرائيل” لم تردّ على الورقة الفرنسية التي حملها المسؤولون الفرنسيون مؤخراً، وقد سلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد التشاور مع حزب الله الملاحظات التي لا تخدم المصالح الوطنية اللبنانية وتحقيق الاستقرار في الجنوب.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الأمین العام على لبنان فی غزة

إقرأ أيضاً:

بالصور.. مسؤولٌ أممي يزور جنوب لبنان وهذا ما فعله

زار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيير لاكروا منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان، حيث تفقد موقع اليونيفيل 1-26 في المنصوري ومقر قيادة اليونيفيل في الناقورة.   وتحدث لاكروا إلى جنود حفظ السلام الذين أصيبوا في هجمات مباشرة وتبادل لإطلاق النار، كما زار مركز المراقبة الذي تم إطلاق النار عليه من قبل دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي في 10 تشرين الاول 2024، مما أدى إلى إصابة اثنين من قوات حفظ السلام الإندونيسية.   كذلك، تفقد لاكروا مركز المراقبة الذي أصيب فيه اثنان من حفظة السلام السريلانكيين جراء انفجار قريب مجهول المصدر في 11 تشرين الأول، كما زار الموقع الإندونيسي الذي أصيب بصاروخ كاتيوشا محتمل من حزب الله في 14 تشرين الأول، مما أدى إلى إلحاق أضرار بمركبة وبعض أماكن السكن.     أيضاً، زار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ورشة عمل المركبات الثقيلة التي أصيبت بصاروخ محتمل من حزب الله في 29 تشرين الأول، مما أدى إلى إصابة قوات حفظ سلام نمساوية.     والتقى لاكروا بحفظة السلام المدنيين الذين يواصلون دعم عمل البعثة في الناقورة وكبار قادة البعثة، حيث أعرب عن امتنانه للموظفين العسكريين والمدنيين في اليونيفيل لتفانيهم والتزامهم.              

مقالات مشابهة

  • هيئة دولية للإشراف على تطبيق القرار 1701.. ماذا نعرف عن مسودة التسوية الجديدة بين إسرائيل وحزب الله؟
  • جعجع يدعو حزب الله إلى إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  • جعجع: على حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  • إسرائيل: لبنان سترد على مقترح وقف إطلاق النار خلال 24 ساعة
  • مجلس الأمن الدولي يدين استمرار الأعمال القتالية على طول الخط الأزرق في لبنان
  • “دلما مول” يحصد 10 جوائز دولية
  • أمريكا في المراحل النهائية لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله
  • من غزة إلى لبنان: معاناة الأطفال التي لا تنتهي بين نارين
  • بالصور.. مسؤولٌ أممي يزور جنوب لبنان وهذا ما فعله
  • إسرائيل تتعهد بمواصلة الحرب في لبنان حتى "تحقيق الهدف"