وصفت الفنانة السودانية فدوى فريد من يدعون للحرب بأنهم مرضى نفسيون، وقالت إن من يتمنى الموت للناس ويدعو لحزنهم عليه أن يراجع نفسه، وذكرت فريد في حوارها مع «التغيير» أن مشروعها قائم على الغناء المسؤول، وتحدثت فدوى عن زياراتها لمعسكرات اللاجئين ومحاربة الإعلام لها في بداياتها وغيرها من المواضيع في مساحة من الحوار الصريح.


حوار ــ عبد الله برير

_ من هي فدوى التي ظهرت وغنت لنبذ الحرب اكثر من 12 اغنية ؟

أنا فدوى فريد، بنت سودانية عادية من طبقة متوسطة، خريجة محاسبة، في فتره الحرب غنيت بالفعل كثيرا لوجع الحرب الذي يلازمني منذ الصغر، أنا من الذين لم يروا جزءا كبيراً من أهلهم بسبب الحرب التي لا تعطينا أي خير وحرمتنا من الكثيرين ولسنا على استعداد لنُحرم من اناس نحبهم.

_ هل يحتاج الفنان ل ( كتالوج ) ونماذج ومرشدين ليشق طريقه؟

الفنان منذ البداية يجب أن يرسم بنفسه خط سيره ويحدد ما يريد أن يغنيه ويختار ذلك بعناية وهذا يعود إلى احساسه ومسؤوليته، أي فنان لديه قضية وهذه القضايا تختلف فهنالك من يريد أن يحسن وضعه مالياً مثلا، لكنني دائما ما أردد في المنابر والمنصات بأنني احلم بأن اتغنى بمسرح به 1000 شخص وكلهم يغنون معي ولكن لا احلم بأن يكون (عدادي) أكبر عداد في السودان أو العالم، أغني الغناء الجميل الذي يخفف علينا وجعنا سواء كان كاتب النص شاعراً كبيراً أو صغيراً فالإبداع ليس له سن محدد.

_ كيف كان شعورك وأنت تزورين والمعسكرات وتغنين للاجئين ؟

وجع كبير أحس به عندما أزور المعسكرات، صراحة أشعر أن كل شخص سوداني هو قريبي، كلنا أسرة واحدة والوجع كبير جداً، كلما زرت معسكراً اعتذر لهم في النهاية و أقول لهم إنني جئت كي أفرحكم ولكنني بكيت أكثر منكم، أناشد كل الفنانين ان يتفقدوا مثل هؤلاء، رسالتي للفنانين أن نتفقد حتى العازفين الذين لا يعملون معنا، موجع جدا أن نجد أحد المنتمين للحقل الفني يعاني، بعض الفنانين يعطون العازفين فتافيت من عائدات الحفلات لذلك أكثر المتازمين في هذه الحرب هم العازفون وبعض الفنانين اصحاب القضية.

_ كونك من أم من غرب السودان و أب جنوبي، هل حدث لك ( انفصام ) بعد انفصال جنوب السودان ؟

 

نعم معظم الناس فقدوا الكثير ممن يعرفونهم لكنني أرى السودان بعين واحدة وهو مليون ميل مربع وسودان واحد والحمد لله أن بعض الناس لجأوا للجنوب مثل ما كان يحدث السابق حينما نزح الجنوبيون من الحرب، هنالك بعض الشماليين الآن لم يرجعوا بعد الانفصال لأنهم يشعرون أن الجنوب بلدهم وهي دولة واحدة واتمنى ان تعود كذلك.

أما آن الأوان لفدوى أن تترك أغنيات الحزن وتغني للناس عن الأمل والتفاؤل؟

جزء كبير من الأغنيات به حزن ونبرة صوتي يعتريها الحزن وهو موجود حتى في اغنيات الفرح، اتمنى أن اغني للفرح ويُطلب مني ذلك دائما لكن كل يوم تتزايد الأوجاع والمجازر مستمرة، أتمنى أن ان يوضع السلاح في الأرض ونفكر في الأجيال القادمة وننظر لفقدان الأرواح والممتلكات والوضع النفسي والثقه التي انعدمت.

_ما هو سر الثنائية مع الشاعر الأستاذ مدني والملحن حمدتو؟

الأستاذين النخلي حمدتو كانا من أوائل الداعمين الذين تنبأوا لي بمستقبل جيد وانا سعيدة بهما وممتنة، النخلي تحديدا كان يساعدني في اختيار القصائد والأغنيات وهو معروف بالقلب الكبير وحبه للفن الملتزم ،تعاونت معه في البداية في اغنيه (دنيا ساكة الناس) و امتدت التعاون ب( سوداني تكفينا) و(أهلنا قولوا سلام) وغيرها وبيننا أعمال قادمة تدعو إلى الوحدة وحب السودانيين لبعضهم البعض و لبلادهم ،ونبذ العنصرية.

_ هل وقف الإعلام معك في البدايات؟

أنا لا اخاف من شيء وكنت أخطط لطريقي جيدا وأعلم أن مثل هذه العقبات متوقعة، ولكن هنالك عصابة في الإعلام لا تقدم أي شخص بل تحصر الفرص لأشخاص معينيين لذلك حاربت الإعلام، في فترة ما إذا تقدمت محطة تلفزيونية للتصوير كنت أرفض ذلك، لا أنكر أن راديو البيت السوداني وراديو الرابعة فتحا لي أبوابها ثم بعدت عن الإعلام كثيرا وطورت نفسي و أصبحت انتج عمل خاصا وشاركت في ليالي المنتديات وكانت من أسباب الإنتشار، وقدمت أغاني الطنبور وغنائي الخاص والحقيبة والتراث وعربي جوبا ومضيت في مشروعي وراضية عما أقدمه من رسالة للسلام.

_ ما هو الدور الذي قام به الموسيقار يوسف الموصلي في مشوارك؟

الدكتور يوسف الموصلي أحبه جدا وأحب اغنياته، قبل الحرب التقينا في استديوهات البروف وتحدثنا كثيرا وقدم لي الوصايا والنصائح، فكرنا في تقديم واحدة من أغنياته المعروفة في دويتو مشترك ولكن شاءت الأقدار أن قامت الحرب، لكن لحن لي عمل بعنوان شدة وبتزول وهي من كلمات الاستاذ مدني النخلي ولدينا تعاون قادم.

_ هل تتخوفين من تنمر البلابسة دعاة الحرب عليك وأنت فنانة سلام؟

لا اعرف الخوف و نحن بشر والتنمر لا يعنيني، لا يوجد أحد منا اختار قدره، لو خيروني 1000 مره سأختار أن أكون فدوى إبنة فاطمة المرأة الدارفورية ووالدي فريد الرجل الجنوبي، كل من كان عقله صغيرا وغير مكتمل فهو يتنمر، أي محتوى لا يعجبك يمكن أن تتجاوزه، من يجرحون الناس يعانون المشاكل النفسية وكل من يدعم الحق يصنف أنه غير طبيعي، نحن نرى الخراب باعيننا ويجب أن نحس بالناس، حينما تفقد أم أبنائها وحينما يفقد رجل زوجته أو إخوته، يجب أن نشعر به، من يحب الناس يتمنى لهم السعاده، الداعون للحرب ( ناس بل بس) غير طبيعيين وهم مرضى نفسيون يتمنون الحزن والموت للآخرين .

_ كيف تنظرين لمشوارك الفني في المستقبل؟

مواصلهةمشروع الأغنيات والكلمات الجميلة التي يمكن أن يسمعها الإنسان في أي مكان وأي زمان ،في هذه المرحله أقاتل من أجل السلام والسودان، الأعمال المستقبليه موجودة بإذن الله .

_ لمن توجهين رسائلك في ختام هذا الحوار ؟

رسالتي للشعب السوداني الصابر القوي الصامد: ليس أمامنا سوى الدعاء والصبر ، علينا أن نشعر ببعضنا البعض ونتفقد الآخرين، شعبنا معروف بالكرامة وأن الواحد منا من الممكن أن يجوع بدون أن يطلب المساعدة، رسالة لتجار الأزمات با٨ن يحسوا بالناس و ( بلاش ناكل بعض)،، نعم للحياة نعم للسلام.

الوسومالبلابسة السلام فدوي فريد فنانة لا الحرب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البلابسة السلام فنانة لا الحرب

إقرأ أيضاً:

الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية

منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة

إعداد وتحرير: سودانايل

مقدمة

الخرطوم 20 يناير 2025 – منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، عرف السودان في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث. ووفقًا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة، تجاوز عدد القتلى المدنيين 24,000 شخص حتى الآن، مع نزوح أكثر من 5.7 ملايين شخص داخليًا وخارجيًا (الأمم المتحدة – نوفمبر 2024). ولم يقتصر عدد الضحايا على القتل الناتج عن تبادل النيران العشوائية، بل تصاعدت الانتهاكات في الآونة الأخيرة لتشمل القتل العمد، واستهداف الأفراد على أساس قبلي وهوياتي، وهو ما يزيد تعقيد النزاع وتأجيجه.

انتهاكات جسيمة تستهدف الهوية

تشير تقارير حقوقية، منها ما صدر عن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى أن عمليات القتل العمد بحق المدنيين والأسرى تستند غالبًا إلى خلفياتهم الإثنية أو القبلية، مما يُنذر بتفاقم الانقسامات العرقية وتعميق جراح المجتمع السوداني. وذكرت منظمة العفو الدولية أن عددًا كبيرًا من حوادث القتل موثقة على أنها جرائم حرب، حيث تُرتكب دون أي مراعاة للقوانين الدولية الإنسانية (العفو الدولية – ديسمبر 2024).

أبعاد الكارثة الإنسانية

يتجاوز النزاع القتل المباشر ليشمل تداعيات إنسانية كارثية. ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني أكثر من 20 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في السودان، مع تحذيرات من مجاعة واسعة النطاق إذا استمرت الحرب دون تدخل دولي فاعل (برنامج الأغذية العالمي – نوفمبر 2024). وفي الوقت نفسه، وثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) حالات اغتصاب وعنف جنسي متزايدة، مع تسجيل أكثر من 200 حالة مؤكدة في المناطق المتأثرة بالنزاع منذ بداية الصراع.

انتهاكات الدعم السريع واستهداف المدنيين على أسس عرقية وقبلية

على الجانب الآخر من النزاع، ارتكبت قوات الدعم السريع انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، اتسمت بالقتل الممنهج والاستهداف المباشر على أسس عرقية وقبلية وجنسية. ووفقًا لتقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، فإن قوات الدعم السريع استهدفت بشكل منهجي مجموعات سكانية تنتمي إلى قبائل محددة، حيث تم توثيق عمليات قتل واغتصاب ونهب في المناطق التي تسيطر عليها هذه القوات (العفو الدولية، نوفمبر 2024؛ هيومن رايتس ووتش، ديسمبر 2024).

استهداف النساء والفتيات

تشير تقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن العنف الجنسي ضد النساء والفتيات قد أصبح سلاحًا حربياً تستخدمه قوات الدعم السريع لترهيب المجتمعات المحلية وإجبارها على النزوح. وتم توثيق أكثر من 200 حالة اغتصاب في المناطق التي سيطرت عليها القوات، مع

توثيق شهادات مباشرة من الناجيات تؤكد أن هذه الجرائم كانت موجهة ضد فئات عرقية معينة. (UNFPA، ديسمبر 2024)

استهداف القرى والأحياء السكنية

في المناطق الريفية تحديدًا، قامت قوات الدعم السريع بحملات عنف شديدة استهدفت القرى التابعة لقبائل معينة، حيث تم تدمير المنازل ونهب الممتلكات وقتل المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال. وفي بعض الحالات، تم إجبار الناجين على النزوح تحت تهديد السلاح، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وارتفاع أعداد النازحين داخليًا إلى أكثر من 5.7 ملايين شخص (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA، نوفمبر 2024)

انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ود مدني بعد دخول الجيش السوداني:

في أعقاب دخول الجيش السوداني إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة الأسبوع الماضي، تواترت تقارير عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق المدنيين. وأفادت منظمة العفو الدولية باندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في ود مدني، مما أثار مخاوف جديدة على سلامة المدنيين (العفو الدولية، ديسمبر 2024).

من جانبه، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه البالغ إزاء التقارير المتعددة التي تفيد بوقوع تجاوزات واسعة النطاق وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ود مدني خلال الأيام الأخيرة من القتال. وأشار إلى أن الحالة الإنسانية في ولاية الجزيرة، التي تستضيف ما يقرب من نصف مليون نازح داخليًا، “رهيبة ومروّعة” (مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ديسمبر 2024).

في هذا السياق، ندد الجيش السوداني بما وصفه بـ “التجاوزات الفردية” التي حدثت في بعض مناطق ولاية الجزيرة عقب استعادة مدينة ود مدني، مؤكدًا التزامه بالقانون الدولي الإنساني وحرصه على محاسبة كل من يثبت تورطه في أي تجاوزات (الجزيرة نت، يناير 2025).

هذه التطورات تسلط الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه المدنيين في مناطق النزاع، وتؤكد الحاجة الملحة لحماية حقوق الإنسان وضمان المساءلة عن أي انتهاكات تُرتكب.

أدوار الكتائب والمليشيات المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني المنحل

تشير التقارير الميدانية إلى أن العديد من هذه الانتهاكات تُرتكب على يد كتائب ومليشيات مسلحة، في الغالب ذات توجهات إسلامية، أو تدّعي تبنيها لقيم الإسلام، مع انتمائها إلى قيادات الحزب الحاكم المحلول، حزب المؤتمر الوطني. من بين هذه الكتائب، تبرز كتائب البراء المعروفة، التي تنشط في مناطق النزاع، وتتحمل مسؤولية انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. تعمل هذه الكتائب غالبًا تحت مظلة دعم بعض قادة الجيش السوداني، أو على الأقل تحت مرأى ومسمع من القيادات العسكرية دون اتخاذ إجراءات واضحة لردعها أو محاسبتها. وقد أعربت منظمات حقوقية دولية عن قلقها من أن هذه الكتائب، والتي تسهم في تأجيج النزاع عبر ممارساتها التي تنتهك حقوق الإنسان، وتفاقم الانقسامات العرقية والسياسية في البلاد (العفو الدولية، ديسمبر 2024؛ هيومن رايتس ووتش، نوفمبر 2024).

توثيق الانتهاكات عبر وسائل التواصل الاجتماعي

في سياق توثيق هذه الجرائم، نشر عشرات الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر بوضوح انتهاكات جسيمة تُنسب إلى كتائب البراء وغيرها من المليشيات المشابهة. تُظهر هذه الفيديوهات عمليات قتل متعمد وتعذيب للمدنيين ونهب للممتلكات في المناطق التي شهدت نزاعًا مسلحًا. وقد أثارت هذه المقاطع موجة من الإدانات الدولية والمحلية، حيث تمثل دليلًا مباشرًا على الانتهاكات التي تُرتكب بجرأة وعلانية. ورغم ذلك، لا تزال هذه الجرائم تُرتكب دون محاسبة جدية أو تدخل دولي فاعل لوقف هذه الممارسات التي تهدد الأمن والاستقرار في السودان.

القتل العرقي وتداعياته على السودان

تقوم هذه الجرائم على أساس القتل العرقي والممنهج، مما يشير إلى نقل الحرب إلى مربعات جهوية وعرقية وإثنية خطيرة. وما حدث مؤخرًا في ولاية الجزيرة يمثل دليلًا موثقًا لهذه الانتهاكات، حيث تعرضت مجموعات معينة للاستهداف على أسس إثنية واضحة. هذا التصعيد يهدد بنقل البلاد إلى مرحلة الحرب العرقية، وهي مرحلة قد تطول نتيجة التعدد القبلي الكبير والتنوع الثقافي في السودان.

في ظل هذه الظروف، فإن عدم تدخل السلطات بشكل حاسم يُعد إشارة ضمنية إلى مباركة هذه الجرائم، خاصة في ظل الصمت أو التأييد غير المباشر من رئاسة الدولة ممثلة في مجلس السيادة الانتقالي. هذا الوضع يضع السودان أمام سيناريوهات خطيرة، حيث تتعمق الانقسامات العرقية، وتُزرع بذور حروب أهلية طويلة الأمد، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الانتهاكات ومعالجة جذور الصراع.

مسؤولية القيادات وتفاقم الانقسامات

تعتمد قوات الدعم السريع في عملياتها على قيادات ميدانية تنتمي إلى شبكات قبلية متداخلة، ما يجعل من الصعب فصل الممارسات الفردية عن التوجهات العامة التي تُنفذ بتوجيه أو بغطاء ضمني من القيادة العليا. وقد أدت هذه الانتهاكات إلى زيادة الانقسامات العرقية وتأجيج الصراعات داخل المجتمعات المحلية، مما يُنذر بتفكك النسيج الاجتماعي في السودان.

تداعيات مستمرة لخطر الحرب الممتدة

إن استمرار هذه الممارسات من قبل قوات الدعم السريع، إلى جانب الانتهاكات الموثقة التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية والمليشيات المتحالفة معها، يعمّق الانقسامات العرقية والقبلية في البلاد. ومع غياب أي مساءلة دولية أو محلية جادة، تتزايد المخاوف من أن تتحول هذه الحرب إلى صراعات طويلة الأمد على أسس عرقية، مما يجعل التوصل إلى أي حل سياسي شامل أكثر تعقيدًا.

تصاعد الضغوط الدولية: عقوبات أمريكية تطال حميدتي والبرهان

في تطور لافت، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد قوات الدعم السريع السودانية، محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، في 7 يناير 2025، متهمة إياه بارتكاب جرائم إبادة جماعية خلال الصراع المسلح مع الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من السودانيين (فرانس 24، 7 يناير 2025).

وفي 16 يناير 2025، أعلنت الحكومة السودانية رفضها للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، معتبرة إياها استخفافًا بالشعب السوداني (سودان تربيون، 16 يناير 2025).

هذه الإجراءات تعكس تصاعد الضغوط الدولية على القيادات العسكرية السودانية؛ بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في البلاد.

دور الإعلام في مواجهة الحرب ومخاطر الانزلاق العرقي

في خضم الأزمة السودانية المتفاقمة، يلعب الإعلام دورًا محوريًا في توجيه الرأي العام نحو نبذ خطاب الكراهية ومواجهة الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المتنازعة. تقع على عاتق الإعلاميين والصحفيين مسؤولية كبيرة في تسليط الضوء على هذه الجرائم، وتحديدًا الانتهاكات ذات الطابع العرقي أو القبلي، والتي قد تؤدي إلى تقسيم المجتمع السوداني وإشعال فتيل حرب لا تبقي ولا تذر.

مناشدات للإعلاميين والنشطاء

يجب على الإعلاميين والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة الناشطين المؤثرين الذين يمتلكون أعدادًا كبيرة من المتابعين، الالتزام بخطاب يدعو إلى التهدئة وتجنب تأجيج الصراعات القبلية. هؤلاء الناشطون، بمنصاتهم الواسعة الانتشار، لديهم القدرة على تغيير مسار الخطاب العام من التحريض إلى تعزيز قيم التعايش السلمي ونبذ العنف.

دور الصحفيين ووسائل الإعلام

من جهة أخرى، يجب على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، سواء عبر الصحف الإلكترونية أو القنوات الإعلامية التقليدية، الإقليمية منها، والدولية التطرق إلى هذه الانتهاكات بموضوعية ومصداقية. على الإعلام أن يكشف الحقيقة، ويوثق الجرائم التي تُرتكب، مع التركيز على الأبعاد الإنسانية لهذه الكارثة. يجب أن يكون الإعلام صوتًا للضحايا، وأداة للضغط على الأطراف المتنازعة والمجتمع الدولي للعمل على وقف هذه الحرب.

حماية النسيج الاجتماعي

الإعلام مسؤول أيضًا عن التذكير بأهمية حماية النسيج الاجتماعي للسودان، وضرورة عدم السماح بتحويل النزاع إلى صراع قائم على العرق أو الجنس أو القبيلة. عليه أن يواجه محاولات بعض الأطراف التي تسعى لتأجيج الفتنة القبلية لتحقيق مكاسب قصيرة المدى على حساب وحدة السودان ومستقبله.

هذا الدور الإعلامي الحساس يجعل من الصحفيين والإعلاميين شركاء أساسيين في مجابهة هذه الحرب اللعينة، ومنعها من التدهور إلى صراعات قبلية طويلة الأمد، قد تستنزف السودان لعقود قادمة.

الخاتمة

في ظل هذه الأزمات المتفاقمة، يتطلب الوضع في السودان تحركًا جماعيًا من كافة الأطراف، بدءًا من القيادات السياسية والعسكرية إلى المجتمع المدني والإعلام. لا يمكن للسودان أن يتحمل استمرار هذا النزاع الذي يهدد مستقبل أجياله، ويُدمر نسيجه الاجتماعي. إن الحل الوحيد يكمن في وقف فوري لإطلاق النار، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم، والالتزام بتسوية سياسية شاملة تضمن تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان.

على الإعلام، كسلطة رابعة، أن يستمر في نقل الحقيقة بموضوعية وشجاعة، وأن يكون صوتًا للضحايا ومنبرًا للمصالحة الوطنية. فلا يمكن تحقيق السلام دون مواجهة حقيقية للجرائم والتحديات، ودون خطاب إعلامي يوحد السودانيين بدلًا من تقسيمهم.

فهرس المراجع:

العفو الدولية: تقرير حول انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، ديسمبر 2024

هيومن رايتس ووتش: تقارير موثقة عن الانتهاكات الجسيمة من قبل الأطراف المتنازعة، نوفمبر وديسمبر 2024

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA): تقارير حول أعداد الضحايا والنازحين، 2024

صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA): تقرير عن العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في مناطق النزاع، ديسمبر 2024

منتدى الإعلام السوداني

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

الوسومالجرائم والانتهاكات حرب الجيش والدعم السريع منتدى الإعلام السوداني

مقالات مشابهة

  • «التغيير» تنعي مؤسسها الباقر العفيف
  • بشرى تشارك جمهورها كواليس تصوير مسلسل سيد الناس
  • منة عرفة معتذرة لإلهام شاهين: أنا آسفة علي أي حاجة صدرت مني تجاه حضرتك
  • أنغام: أولادي ميتحطوش ‏في مقارنة مع حد
  • شخصية ريم مصطفى بـ «سيد الناس» تثير جدلا بين الجمهور لهذا السبب
  • «يا رب يتقبل دعواتنا».. أحدث ظهور لـ إلهام شاهين من المسجد الحرام
  • إلهام شاهين تؤدي مناسك العمرة وتدعو للأمهات
  • 40 ألف ليرة لليلة واحدة، ولكن لا أمان: تفاصيل مرعبة حول الكارثة التي أودت بحياة 66 شخصًا في تركيا
  • بلاوي السودان كلها في العنصرية البغيضة وقانون الوجوه الغريبة!
  • الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية