الثورة نت:
2025-04-05@06:50:04 GMT

آيزنهاور.. بداية ونهاية

تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT

 

في الحقيقة يملك العالم العربي تاريخًا كبيرًا وعميقًا وممتدًّا، لكن هذا التاريخ بالنسبة لشعوب ودول المنطقة أشبه بمكتبة مذهبة تزخر بالنفائس، لكن عليها لافتة “ممنوع اللمس”، لكن في لحظة ما من صراع “طوفان الأقصى” فإن أطرافًا عربية قد أطلقت شرارة الفكرة العبقرية التي تبعث إلى النفس بزخم من الطاقة الخالصة لكسر هذا الواقع ومحو أزمان كاملة من الذلة والتبعية والهوان، عرفنا بالممارسة الجهادية المستمرة من جبهات الشرف العربي في جنوب لبنان واليمن، أن أهم شرط للوجود هو الوعي، وأن روح هذا الوجود هي الإرادة، وهكذا انطلق محور المقاومة من أطراف كان يُراد تهميشها من مستقبل المنطقة، ودفنها لو استطاعوا، إلى الطرف الأصيل والأول في معادلة القوّة والتأثير، وعبر حدث تاريخي في البحر الأحمر، وباستهداف مدد الإسناد الأمريكي للكيان ومفخرة ترسانته الحربية، حاملة الطائرات دوايت آيزنهاور، بكلّ ما في الاسم والمضمون من دلالات اكتساح وتوغل أمريكي، كان ثابتًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.


إذا أراد طرف ما على وجه الكوكب أن يعرف مفردة “الهيبة الأمريكية” بالمعنى والممارسة والمدلول، فإنه لن يبتعد عن “حاملة الطائرات”، نعم إنها التجسيد الكامل لقوة البطش الأمريكية بالنسبة للعالم ولـ”الحلم الأمريكي”، بالنسبة لهم، ليست حاملة الطائرات مجرد سفينة حربية ضخمة، وإن كانت تستخدم بهكذا شكل، لكنّها أبعد من ذلك، هي رمز للتفوق الأمريكي والتواجد الأمريكي والعقيدة الأمريكية، وفضلًا عن ذلك فهي هدف لا يوضع في حسابات استهداف، رغم أن أقوى دولتين في عالم اليوم روسيا والصين قد أعلنتا مرارًا عن امتلاكهما أسلحة وصواريخ فرط صوتية فائقة التقدم متخصصة في إغراق حاملات الطائرات، فإن طرفًا لم يجرؤ على توجيه رصاصة لحاملة طائرات أمريكية.
كل رمزية توثين الأمريكي يمكن رؤيتها في الهالة المقدسة/المحرمة حول حاملة الطائرات، فقد تحولت لأسطورة أكثر منها سلاح حرب، من سيجرؤ على رفع التحدّي إلى المدى الأقصى بإغراق قلعة فولاذية تحمل آلاف الجنود، أي أنه سيغرق في لحظة واحدة عددًا يساوى كلّ قتلى أمريكا في حرب العراق 2003م، من سيخاطر بشق أفق غير متخيل للمواجهة، مع مفاجأة صدمة مروعة تحقق شرخًا عميقًا، ليس في الفكر العسكري الأمريكي، ولكن في العقل الأمريكي ذاته.
في اليوم الـ 240 للحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزّة الصامد الصابر، وفي إطار الحرب المفتوحة التي أعلنها اليمن ضدّ الكيان ومن يدعمه، باتت أنباء تعرض حاملة الطائرات الأمريكية دوايت آيزنهاور لإصابات أمرًا محسومًا، مع ابتعاد السفينة إلى شمال البحر الأحمر، وكان العميد يحيى سريع- المتحدث باسم الجيش اليمني قد أعلن استهدافها، لكن الأمر استغرق يومين حتّى تبدو إشارات الحدث، مع لجوء أمريكي إلى الصمت أولًا، ثمّ الكذب المكشوف ثانيًا بنشر فيديو قديم لإقلاع طائرات من على متن الحاملة، تبين أنه بتاريخ مارس الماضي.
ما الذي تغيره هذه اللحظة الفارقة في تاريخ المنطقة والعالم؟
لدينا طرف عربي تجرأ على درة تاج إمبراطورية الشر المكنونة، وطال بيديه وأظافره وأسنانه ستائر الهيبة العالية المصونة. أعز ما تملك واشنطن، وأكثر ما تحرص عليه ويمنحها مكانتها في عالم اليوم، اهتزاز المكانة الأمريكية، مع محدودية خيارات ردها على الفعل اليمني غير المسبوق تاريخيًا، سيجعل من أطراف أخرى مدعوة لحفل تحطيم الثوابت، وسيجبر أطرافًا في المنطقة بالذات على إعادة حسابات الرهان على القوّة العالمية التي تتضعضع.
البحرية العسكرية الأمريكية لم تتعرض لحوادث استهداف منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بالنسبة لحاملات الطائرات نهائيًا، لكنّها تعرضت لحوادث مدمرات (المدمرتين مادوكس وتيرنر جوي في خليج تونكين)، ما أدى لاشتعال حرب فيتنام، وإن كانت مصادر حديثة تقطع بأن الحادث مدبر، والأخيرة كانت للمدمرة يو. إس. إس كول في عدن، والتي شهدت بعدها إطلاق غضب الحرب العالمية على الإرهاب ضدّ اليمن عام 2000م، وشنت آلاف الغارات ضدّ الأبرياء بتواطؤ من نظام علي عبدالله صالح.
حاملة الطائرات الأمريكية المعطوبة يو إس دوايت آيزنهاور، هي واحدة من أضخم السفن التي تمخر عباب المحيطات والبحار، قلعة طافية مصممة كي لا تغرق مهما كانت درجة إصابتها، سميت تيمنًا بالرئيس الأمريكي الذي مثّل عملية التحول إلى زمن العلو الأمريكي، الجنرال آيزنهاور- قائد قوات الحلفاء في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، ثمّ رئيس الولايات المتحدة الذي شهد عهده عملية إعادة فك وتركيب المصالح الاستعمارية بحيث توغلت واشنطن في كلّ ركن من أركان العالم، خصوصًا بعد حرب السويس 1956، هذا المدلول العميق جدًا لا يتأتى فهمه بغير “الحكمة اليمنية” التي تعرف ماذا تفعل، وفي أي وقت تفعل وضد من تفعل.
للمرة الأولى على الإطلاق سيدفع داعمو الكيان في الغرب ضريبة إجرامهم، ليس عبر مقاطعة تجارية أو إنسانية –مطلوبة كذلك – لكن عبر دماء تهرق في الصراع وبسببه وحوله، ما نجح فيه الحصار اليمني أنه يهدّد مستقبل واستمرار دعم الكيان في الغرب، وإذا كان بعض طلاب الجامعات الأمريكية تحركوا أمس واليوم نتيجة للمجازر والوحشية والدناءة المرعبة للاحتلال، فإن تراكمات العمليات اليمنية ستضيف أعباء جديدة إلى مواقف قائمة، وتنذر بالمزيد من الرفض لمسألة الدعم المفتوح للكيان.
كاتب مصري

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن

اليوم أعلن ترمب الحرب الأقتصادية علي جميع دول العالم وفرض جمارك باهظة علي صادراتها للولايات المتحدة، وهي أكبر سوق في العالم. هذه الجمارك تهز الأقتصاد العالمي، وتربك سلاسل الإمداد وتضرب أسواق أمال العالمية. واهم من ذلك إنها تهدد بتدمير معمار النظام الإقتصادي العالمي الذى ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وكل هذا ستترتب عليه تحولات جيوسياسية جديدة وتسريع لديناميات أخري ولدت قبل إعلان ترمب الحرب الأقتصادية علي الجميع.

ولكن سياسات ترمب أيضا سيكون لها أثار سلبية باهظة علي الإقتصاد الأمريكي مثل إرتفاع معدلات التضخم، وازدياد العزلة الدولية لأمريكا وتراجع أهمية الدولار حول العالم.

فيما يختص بالسودان، قرارات ترمب لا تاثير لها لانه فرض جمارك علي صادرات السودان جمارك بنسبة ١٠% ولن تؤثر هذه النسبة لا في حجم الصادرات ولا علي أسعارها لان تلك الصادرات أصلا قليلة القيمة في حدود ١٣،٤ مليون دولار في العام السابق، أكثر من ٩٠% منها صمغ لا بديل له والباقي حرابيش حبوب زيتية . كما أن السلع المصدرة لا توجد بدائل لها بسعر أرخص إذ أنها أصلا رخيصة ولا تتمتع بمرونة في السعر ولا الطلب.

كما أن إهتزاز أسواق المال والبورصات وقنوات التمويل الدولي لا تاثير لهم علي السودان لانه أصلا خارج هذه الأسواق وخارج سوق المعونات.

ولكن هذه ليست نهاية القصة لان توجهات ترمب الأقتصادية والسياسية تدفن النظام العالمي القديم وتسرع من وتائر تحولات جديدة في غاية الأهمية. وبلا شك فان موت النظام القديم وميلاد نظام جديد وفوضى الإنتقال سيكون لها تاثير سياسي وإقتصادي علي السودان بسبب تبدل البيئة الدولية التي يعمل فيها السودان السياسي والاقتصادي. ولكن هذه التحولات المضرة لن يتأذى منها السودان مباشرة بل ربما يستفيد منها لو أحسن قادته.

علي سبيل المثال النظام الجديد سيكون متعدد الأقطاب وستنتهي فيه الهيمنة الغربية الأحادية وستزداد مجموعة البريكس أهمية وستزداد أهمية تكتلات أقتصادية أخري أخري في الجنوب العالمي مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وفي أمريكا اللاتينية السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور)، وفي المستقبل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية . وجود كل هذه البدائل كشركاء أقتصاديين/تجاريين/سياسيين محتملين يتيح للسودان هامش للمناورة وإمكانية الحصول علي شروط أفضل في تعاطيه الأقتصادي والسياسي مع العالم الخارجي.

ولكن الإستفادة من هذه التحولات يحتاج لرجال ونساء يجيدون صنعة الدولة ولا يقعون في فخاخ ألحس كوعك علي سنة البشير ولا الانبطاح غير المشروط كما حدث في الفترة الإنتقالية التي أعقبت سقوط نظام البشير.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اشتباك استمر ساعات.. الحوثيون يعلنون استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • في اشتباك استمر لساعات.. الحوثيون: استهدفنا حاملة الطائرات الأمريكية «ترومان»
  • ميليشيا الحوثي تستهدف حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان بعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة
  • حصيلةُ عمليات الجيش اليمني ضد حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان
  • اليمن.. تجدد الضربات الأمريكية على مواقع الحوثيين في كتاف بمحافظة صعدة
  • القوات المسلحة تعلن عن عملية عسكرية ضد حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” وقطعها
  • الحوثيون يعلنون استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان”
  • انفوجرافيك.. حصيلةُ عمليات الجيش اليمني ضد حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان خلال أسبوعين من المواجهة
  • ميليشيا الحوثي تعلن استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ترومان