تعاون سري.. هذه محطات التقارب بين إسرائيل والسعودية منذ عقود
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
يتواصل الحديث عن صفقة تطبيع العلاقات المحتملة بين الاحتلال الإسرائيلي والمملكة العربية السعودية، وتعمل الولايات المتحدة التي تلعب دور الوسيط بين الطرفين على إنجاز الاتفاق من بوابة اتفاقية أمنية دفاعية بين واشنطن والرياض، وذلك بالتزامن مع الحرب الدموية التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة.
وفي هذا السياق، لفت تقرير نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية إلى أن العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي والسعودية "أقدم" من المساعي التي بذلها الطرفين للوصول إلى اتفاقية تطبيع، والتي بلغت ذروتها قبل اندلاع العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي، مشددا على أن الجانبين "تعاونا سرا منذ سنوات، مدفوعان بالبراغماتية والحاجة لمواجهة التهديدات المشتركة".
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي جاء تحت عنوان "التاريخ المفاجئ للعلاقة السعودية الإسرائيلية السرية"، أن "البلدين يبدوان عدويين لدودين في العلن"، مشيرة إلى أن "المسؤولين السعوديين أطلقوا على مدى عقود ادعاءات تحريضية حول اليهود، لكن الحقيقة مختلفة خلف الأبواب المغلقة"، على حد تعبيرها.
ولفت التقرير في البداية إلى أن جذور التعاون تمتد إلى عام 1948، حيث كان ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي يبحث عن حلفاء محتملين، بما في السعودية"، معتبرة أنه " كان يُنظر للسعوديين آنذاك على أنهم براغماتيون لا يريدون أن تتمتع الدول العربية الأخرى بقدر كبير من القوة في المنطقة، كما أن وجود دولة صديقة مثل إسرائيل يمكن أن يعزز مصالح المملكة، حسب ادعائها.
ورفض عاهل السعودية حينها الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود جميع المحاولات الرامية لإجراء اتصالات، بل وأرسل قوات للقتال ضد الاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 1948.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية، أن "أولى بوادر العلاقة السرية بين البلدي ظهرت في أوائل الستينيات من القرن الماضي عندما اندلعت الحرب الأهلية في اليمن"، ولفتت إلى أن "المتمردين في تلك الحرب استطاعوا الإطاحة بالحكومة وكانت البلاد في حالة من الفوضى، ولم تكن معظم دول المنطقة، بما في ذلك السعودية والاحتلال، من محبي المتمردين".
وقالت الصحيفة، إن "الرياض عمدت حينها لفتح مجالها الجوي بهدوء أمام الطائرات الإسرائيلية التي أسقطت مساعدات للقوات الحكومية اليمنية"، وأشارت إلى أن "هذه كانت المرة الأولى التي تتوافق فيها المصالح السعودية والإسرائيلية، ولم تكن الأخيرة".
وأَضافت أن "إسرائيل كانت تعمل وراء الكواليس من أجل بناء جسور التواصل مع السعوديين، حيث نقلت معلومات عن محاولات محلية للإطاحة بالحكومة السعودية وحذروا السعوديين من مؤامرة لاغتيال العاهل الأردني".
وزعمت الصحيفة أن "المسؤولين السعوديين أدركوا في نهاية المطاف أن إسرائيل موجودة لتبقى"، لافتة إلى أن "العاهل السعودي اعترف في عام 1977، بأنه لم يعد أحد يحاول محو إسرائيل من على الخريطة بعد الآن".
وأرسلت السعودية اقتراحا ملموسا في عام 1981، مفاده أنه في حال انسحابها من جميع الأراضي التي استحوذت عليها خلال حرب عام 1967 وسلمت القدس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية، فإن المنطقة سوف تعيش في سلام، إلا أن دولة الاحتلال حينها رفضت العرض تحت مزاعم مخاوف بشأن الأمن وأهمية القدس، حسب التقرير.
حرب الخليج
ذكرت التقرير أن "السعوديين والإسرائيليين وجدوا أنفسهم بعد عقد من الزمن، على الجانب نفسه مرة أخرى، وكلاهما مستهدف من قبل نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي غزا الكويت.
وأشارت إلى أن "السعودية انضمت إلى تحالف يضم أكثر من 30 دولة للضغط عليه للخروج وعندما قصف صدام إسرائيل، لم ترد الأخيرة، ما ساهم في عدم إحراج الدول العربية التي كانت منضوية في التحالف".
مؤتمر "مدريد للسلام"
وتابعت الصحيفة الإسرائيلية بالإشارة إلى أن الطرفين جلسا في وقت لاحق "في نفس الغرفة لأول مرة في مؤتمر مدريد للسلام، وذلك بعد جهد مشترك قادته الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق لإنهاء الصراع بين العرب وإسرائيل".
وفي عام 2002، لفت التقرير إلى أن "الرياض كررت عرضها الذي قدمته في عام 1981، وهو الانسحاب من جميع الأراضي التي تم احتلالها في عام 1967، والتخلي عن القدس، مقابل السلام مع العالم العربي".
وذكرت أن الاحتلال الإسرائيلي "رفض مجددا العرض بسبب مخاوف بشأن الأمن ونتيجة لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية".
التحالف المناهض لإيران
قالت الصحيفة، إن إعادة الاحتلال الإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات "تطلب اندلاع حرب أخرى، وكانت هذه المرة مع حزب الله اللبناني، حيث تم اختطاف جنديين إسرائيليين عام 2006، وردت إسرائيل باستعراض هائل للقوة".
وأضافت أن "الحرب كشفت حينها أن حزب الله المدعوم من إيران كان أقوى بكثير مما كان يتصور الكثيرون، الأمر الذي وضع كلا من السعودية وإسرائيل في نفس القارب المحفوف بالمخاطر، حيث تعرضتا للتهديد المباشر من قبل طهران".
اتفاقيات إبراهيم
أشارت الصحيفة الإسرائيلية، إلى توسط الولايات المتحدة عام 2020 في اتفاق تاريخي بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، اثنتان منها على حدود السعودية، الإمارات والبحرين".
وقالت إنه "رغم أن الرياض لم تكن جزءا من الصفقة، إلا أنه كنت هناك تلميحات إلى أنهم قد يعمدون أيضا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بمجرد أن تحل الأخيرة مشاكلها مع الفلسطينيين".
لكن السعوديين أعلنوا عام 2023 بوضوح استعدادهم لتطبيع العلاقات مع الاحتلال "ما يشير إلى أن البلدين يقتربان من جعل علاقتهما رسمية، لكن أحداث السابع من أكتوبر وما تلاه عرقل الجهود الرامية للتوصل لاتفاق تطبيع مع السعودية"، حسب الصحيفة.
ومع ذلك، ذكرت الصحيفة أنه "عندما هاجمت إيران إسرائيل في نيسان /أبريل الماضي، هبت العديد من الدول العربية، بما في ذلك بعض الدول التي ليس لها علاقات معلنة، للدفاع عن إسرائيل، عبر تقديم معلومات استخباراتية، وسمحت لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي، أو حتى ساعدت بنشاط في تعقب واعتراض الطائرات والصواريخ الإيرانية".
واختتمت الصحيفة العبرية تقريرها بالإشارة إلى أن "ذلك أشار إلى أن العلاقة السعودية الإسرائيلية قد تكون لها جذور أعمق مما كان معروفا من قبل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال السعودية الفلسطينية فلسطين السعودية الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الدول العربیة إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
فورين أفيرز: رهان إسرائيل على السعودية خاطئ.. والمملكة تعزز دورها الإقليمي
شددت مجلة "فورين أفيرز" على أهمية دور المملكة العربية السعودية كعنصر محوري في تشكيل مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن سياسات الرياض تجاه كل من الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في تخفيف التوترات الإقليمية.
وأكدت المجلة في تقرير مطول، أن السعودية تتبع نهجا استراتيجيا متوازنا يهدف إلى تحقيق مصالحها الوطنية، مع الحفاظ على دعمها التاريخي للقضية الفلسطينية.
واستهل التقرير بالحديث عن الموقف الإسرائيلي بعد اتفاقيات التطبيع التي عرفت بـ"اتفاقيات إبراهيم" في عام 2020، حيث افترضت دولة الاحتلال الإسرائيلي أن قوتها العسكرية والاستخباراتية ستكسبها تحالفات أوسع بين دول الخليج، وخاصة السعودية.
كما اعتقد القادة الإسرائيليون، وفقا للمجلة، أن التصعيد الإقليمي، بما في ذلك مواجهة إيران ووكلائها، سيدفع الدول العربية للانضمام إليهم بشكل كامل، خاصة في ظل التحديات الأمنية المشتركة.
وأشارت المجلة إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد هذه الرؤية خلال خطابه في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، حين دعا المملكة العربية السعودية للتحالف مع إسرائيل لمواجهة "المخططات الإيرانية الشريرة".
لكن المجلة أوضحت أن هذه الافتراضات أثبتت خطأها؛ إذ دفعت الحرب الإسرائيلية في غزة، والتصعيد الإقليمي الأوسع، السعودية وإيران إلى التقارب بدلا من التباعد.
وعلى عكس الافتراضات الإسرائيلية، انتهجت المملكة استراتيجية متوازنة تضمنت تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة من جهة، والانخراط مع إيران والصين من جهة أخرى. ورغم أن التصعيد الإسرائيلي ضد إيران أثار قلقا إقليميا، إلا أن الرياض استغلت الفرصة لتكثيف محادثاتها الأمنية مع طهران، مما قد يؤدي إلى تقديم ضمانات أمنية أكثر شمولًا لدول الخليج، حسب المجلة.
وأشار التقرير إلى أن السعودية أعادت تأكيد التزامها بقضية الدولة الفلسطينية، وهو ما تجلى في ربط أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. كما واصلت المملكة العمل على تعزيز تحالفاتها الإقليمية والدولية، بما في ذلك التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي والصين.
دور متوازن بين الأطراف المتنازعة
رأت المجلة أن الرياض يمكن أن تلعب دورا وسيطا جديدا في الشرق الأوسط من خلال بناء علاقات متوازنة مع إيران وإسرائيل على حد سواء. وإذا نجحت السعودية في تعزيز هذه العلاقات، فقد تسهم في الحد من التوترات الإقليمية، وتوفير إطار دبلوماسي أكثر استقرارا لحل النزاعات.
ولفت التقرير إلى أن التصعيد الإسرائيلي قد أجبر الرياض على تغيير استراتيجيتها من الدبلوماسية الهادئة إلى اتخاذ مواقف أكثر صراحة لدعم القضية الفلسطينية. ففي خطاب رئيسي ألقاه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمام مجلس الشورى في سبتمبر/أيلول الماضي، أكد أن التطبيع مع الاحتلال سيكون مشروطا بإقامة دولة فلسطينية.
وفي الأشهر الأخيرة، أطلقت السعودية مجموعة من المبادرات لدعم القضية الفلسطينية، بما في ذلك استضافة قمة عربية إسلامية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والتي جمعت ممثلين من أكثر من 50 دولة، ودعت إلى إنشاء دولة فلسطينية. كما أطلقت الرياض التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، وهو مبادرة متعددة الأطراف تهدف إلى تحقيق توافق دولي حول القضية الفلسطينية.
وأوضح التقرير أن هذه الجهود تأتي في سياق سعي المملكة لتعزيز دورها كقوة إقليمية فاعلة. من خلال التوفيق بين دعمها للقضية الفلسطينية وبين حماية مصالحها الوطنية، تعمل السعودية على بناء توازن جديد في المنطقة، يمكن أن يدفع الأطراف المتنازعة نحو الحوار بدلا من التصعيد.
دور الخليج في تحقيق التوازن الإقليمي
بالإضافة إلى جهود السعودية، استعرض التقرير دور بقية دول الخليج في تخفيف التوترات الإقليمية. فقد قامت قطر بدور الوسيط بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، بينما استمرت عُمان في جهودها للتوسط بين الحوثيين وأطراف أخرى.
أما الإمارات، فقد استخدمت عضويتها في مجلس الأمن الدولي للدفع نحو قرارات إنسانية بشأن قطاع غزة، مستغلة علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل تعزيز المساعدات الإنسانية والتفاوض حول "خطة اليوم التالي" لإعادة إعمار القطاع، على حد قول المجلة.
ومع توسع الصراع في المنطقة، وفقا للمجلة، فقد أصبحت السياسة السعودية معرضة لمخاطر جديدة، خاصة مع تصعيد العمليات الإسرائيلية في غزة ولبنان. وأظهر التصعيد الإسرائيلي أن الولايات المتحدة قد تكون غير قادرة أو غير راغبة في كبح جماح إسرائيل، وهو ما دفع الرياض إلى تكثيف جهودها لدعم الفلسطينيين، مع توسيع خياراتها الاستراتيجية بعيدًا عن الاعتماد الكامل على واشنطن.
وأشارت المجلة إلى أن الرياض انتقلت من الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس إلى اتخاذ مواقف أكثر حزما على الصعيد الدولي. ففي أكتوبر/تشرين الأول، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مقال رأي نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" أن أي تطبيع مع إسرائيل لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن السعودية تعمل على تشكيل نظام إقليمي جديد، يعتمد على مزيج من القوة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية. ومن خلال بناء تحالفات واسعة مع دول الخليج وإيران ودول أخرى مثل الصين وروسيا، تسعى المملكة إلى تحقيق توازن إقليمي يحول دون التصعيد، ويدفع الأطراف المتنازعة نحو الحلول السلمية.
وشدد التقرير على أن واشنطن يجب أن تدرك أن السعودية الأقوى تصب في مصلحة الجميع، لأنها قادرة على تقليل نفوذ إيران من جهة، ودفع إسرائيل إلى التوصل لحل مع الفلسطينيين من جهة أخرى.
هذه الديناميكية الجديدة، وفقا للتقرير، تجعل المملكة في وضع فريد لمساعدة الشرق الأوسط على تجاوز صراعاته الحالية نحو مستقبل أكثر استقرارا.