ضرب وصعق واعتداءات جنسية .. نيويورك تايمز: هذه تفاصيل جحيم يعيشه معتقلو غزة
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
سرايا - أجرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقا صحفيا من داخل قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل يُحتجز فيها مدنيون فلسطينيون من قطاع غزة، كاشفة بعض تفاصيل ما يتعرضون له من صنوف التعذيب والانتهاكات والحرمان من التواصل مع المحامين والأقارب.
وأفاد مراسل الصحيفة باتريك كينغسلي، الذي أجرى التحقيق، أن الجيش الإسرائيلي سمح له في أواخر مايو/أيار بزيارة مركز الاعتقال داخل قاعدة سدي تيمان العسكرية جنوبي إسرائيل، لفترة وجيزة أجرى خلالها مقابلات مع قادتها العسكريين ومسؤولين آخرين تحدثوا إليه شريطة الحفاظ على سرية هويتهم.
وأشار إلى أن سدي تيمان كانت ثكنة عسكرية مغمورة قبل أن تصبح مركزا لاحتجاز الفلسطينيين من قطاع غزة، حيث بات محطًّا لاتهامات بأن الجيش الإسرائيلي أساء معاملة المعتقلين، بمن فيهم مدنيون.
وقد وصف معتقلون سابقون في مقابلات أجريت معهم ما تعرضوا له من ضرب واعتداءات وانتهاكات لحقوقهم في مركز الاعتقال.
وأوضح المراسل أنه شاهد رجالا يجلسون في صفوف وهم مكبلو الأيدي ومعصوبو الأعين، فيما الجنود الإسرائيليون يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج الشبكي. ومنعهم سجانوهم من التحدث بصوت عال، ومن الوقوف أو النوم إلا في الحالات التي يُسمح لهم فيها بذلك.
وهذا جانب من المشاهد التي وقف عندها المراسل داخل مركز/ثكنة "سدي تيمان" العسكرية التي يُحتجز داخلها زهاء 4 آلاف معتقل من غزة أمضوا فيها قرابة 3 أشهر، من بينهم عشرات اعتقلهم جنود إسرائيليون في اليوم الذي شنت فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجومها على إسرائيل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعقب الفراغ من استجوابهم، أُحيل نحو 70% منهم إلى سجون مبنية لهذا الغرض لإخضاعهم لمزيد من التحقيق والمحاكمة، بحسب قادة القاعدة العسكرية. وتبقى 1200 منهم (30%) في سدي تيمان بعد أن تبين أنهم مدنيون لا علاقة لهم بحركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى، وأُعيدوا إلى غزة دون توجيه تهم أو تقديم اعتذار لهم أو تعويضهم عما تعرضوا له.
وقال أحد المعتقلين اسمه محمد الكردي (38 عاما)، وهو سائق سيارة، كان محتجزا في سدي تيمان أواخر العام الماضي إن زملاءه لم يكونوا يعرفون إذا ما كان على قيد الحياة أو ميتا، مضيفا أنه قبع في السجن لمدة 32 يوما مرت عليه كأنها 32 عاما، وفق تعبيره.
وخلص التحقيق -الذي استغرق من الصحيفة الأميركية 3 أشهر لإعداده، واستندت فيه على مقابلات مع معتقلين سابقين وضباط وأطباء وجنود عسكريين إسرائيليين خدموا في القاعدة وعلى الزيارة الميدانية، وبيانات عن المعتقلين المفرج عنهم قدمها الجيش- إلى أن هؤلاء المدنيين الفلسطينيين الذين بقوا في سدي تيمان عاشوا ظروفا مهينة دون القدرة على الترافع أمام قاضٍ لمدة تصل إلى 75 يوما.
كما يُمنعون من الاتصال بمحامين لمدة تصل إلى 90 يوما، ويُحجب مكان احتجازهم عن المنظمات الحقوقية وعن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو ما يعد انتهاكا للقانون الدولي.
وكشف 8 محتجزين سابقين أنهم تعرضوا للَّكم والرَّكل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وجهاز كشف المعادن اليدوي أثناء احتجازهم. وقال 7 منهم إنهم أُجبروا على ارتداء "حفاضات" فقط أثناء استجوابهم. وذكر 3 منهم أنهم تلقوا صدمات كهربائية أثناء استجوابهم، فيما كُسرت أضلاع اثنين.
وقد أُحيط مسؤولون من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) علما بهذه الأقوال في مقابلات أجروها مع المئات من المعتقلين العائدين الذين أفادوا بانتشار سوء المعاملة في معتقل سدي تيمان وغيره من السجون الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب واستخدام مسبار كهربائي.
ونقلت نيويورك تايمز عن جندي إسرائيلي خدم في القاعدة العسكرية أن رفاقه الجنود كانوا يتفاخرون بانتظامٍ بضرب المحتجزين وشاهدوا علامات على تعرض العديد من الأشخاص لمثل هذه المعاملة.
وقال الجندي -الذي اشترط عدم الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة القضائية- إن أحد المحتجزين نُقل لتلقي العلاج في المستشفى الميداني المؤقت في الموقع وهو يعاني من كسر في العظام أثناء احتجازه، بينما نُقل آخر لفترة وجيزة بعيدا عن الأنظار وعاد وهو ينزف من قفصه الصدري.
وأضاف أن شخصا واحدا توفي في سدي تيمان متأثرا بإصابات في صدره. ومن بين الـْ4 آلاف معتقل في سدي تيمان منذ أكتوبر/تشرين الأول، توفي 35 منهم إما في الموقع أو بعد نقلهم إلى المستشفيات المدنية القريبة، وفقا لضباط في القاعدة تحدثوا إلى نيويورك تايمز.
واجتذبت قاعدة سدي تيمان في الأسابيع الأخيرة اهتماما من وسائل الإعلام، من بينها شبكة "سي إن إن" الأميركية التي بثت تقريرا حولها استشهد به البيت الأبيض لاحقا، وكذلك من المحكمة العليا الإسرائيلية، التي بدأت يوم الأربعاء الاستماع إلى التماس من جماعات حقوقية لإغلاق الموقع.
وقد نفى الجيش الإسرائيلي، في بيان مطول أرسله إلى الصحيفة الأميركية، حدوث "إساءة معاملة ممنهجة"، واصفا ما يتردد بهذا الشأن بأنها ادعاءات فردية "غير دقيقة أو لا أساس لها من الصحة على الإطلاق"، وربما "اختُلقت تحت ضغط من حركة حماس".
ونقلت الصحيفة عن فادي بكر (25 عاما)، وهو طالب بكلية الحقوق من مدينة غزة، قوله إن جنودا إسرائيليين اعتقلوه في الخامس من يناير/كانون الثاني عندما كان عالقا في تبادل لإطلاق النار أثناء عودته إلى منزل عائلته. وقد أُصيب بجروح وكان ينزف بعد توقف القتال، ومع ذلك فقد جرده الجنود من ملابسه وصادروا هاتفه ومدخراته وأوسعوه ضربا واتهموه بأنه مقاتل نجا من المعركة.
ووفق التحقيق الصحفي، فقد استخدمت إسرائيل -بشكل متقطع- قاعدة سدي تيمان العسكرية مقرا لاحتجاز أعداد صغيرة من الأسرى الفلسطينيين، خلال حروبها السابقة مع حماس. وكانت القاعدة مركز قيادة ومستودعا للمركبات العسكرية، وقد اختيرت لقربها من غزة وتضم موقعا للشرطة العسكرية التي تشرف على مراكز الاحتجاز العسكرية.
ومن بين الذين التقاهم مراسل الصحيفة، فلسطيني يدعى يونس الحملاوي (39 عاما)، ويعمل كبيرا للمرضين، قال إنه اعتُقل في نوفمبر/تشرين الثاني بعد مغادرته مستشفى الشفاء في مدينة غزة أثناء غارة إسرائيلية، حيث اتهمه الجنود الإسرائيليون بأنه على صلة بحركة حماس.
وحكى بعض المعتقلين لنيويورك تايمز تفاصيل لاعتداءات جنسية بشعة تعرضوا لها في مركز التعذيب، تسببت في مضاعفات صحية خطرة لعدد منهم، فيما لقي أحدهم مصرعه بسببها.
وذكر الحملاوي أنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصول بالكهرباء، وأنه تعرض للصعق الكهربائي حتى أصبح لا يستطيع التحكم في بوله.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: نیویورک تایمز فی سدی تیمان
إقرأ أيضاً:
قصف بلا هوادة ونسف للخيام والمنازل.. الحياة في غزة تتحول إلى جحيم.. فيديو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تتواصل الهجمات العنيفة على قطاع غزة، حيث يعيش المدنيون الفلسطينيون تحت وابل من القصف والغارات الجوية التي تستهدف المنازل وخيام النازحين على امتداد القطاع.
ومع التدهور السريع في الأوضاع الإنسانية، تحذر الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة من أن غزة تقترب من كارثة حقيقية، حيث باتت الحياة اليومية أكثر قسوة وألمًا لسكانها. وتشير التقارير إلى أن الإمدادات الحيوية مثل الغذاء والدواء توشك على النفاد في ظل الحصار المستمر.
وعرض برنامج "من مصر"، الذي يقدمه الإعلامي عمرو خليل، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، تقريرا بعنوان "قصف بلا هوادة ونسف للخيام والمنازل.. الحياة في غزة تتحول إلى جحيم".
حياة في غزة تتحول إلى جحيمووفقًا لوكالة "أونروا"، فإن الغالبية العظمى من سكان غزة هم من الأطفال والنساء والمدنيين، ويعيشون في ظروف لا يمكن تصورها.
وأكدت الوكالة الأممية أن العقاب الجماعي الواقع على الشعب الفلسطيني غير مبرر بأي حال من الأحوال.
في الوقت ذاته، حذر برنامج الأغذية العالمي من أزمة إنسانية وشيكة، مع اعتماد ما يقرب من مليوني شخص على المساعدات الغذائية التي تتضاءل بشكل متسارع وسط انعدام مصادر الدخل.
وفي إسرائيل، تشهد الشوارع تصاعدًا في وتيرة الاحتجاجات، مع اتساع رقعة المعارضة لحرب غزة. تطالب عرائض شعبية بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين حتى وإن كان الثمن وقف العمليات العسكرية.
زعيم المعارضة يائير لابيد أكد أن سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف تدفع البلاد نحو "كارثة محققة"، بينما وصف يائير غولان، رئيس حزب الديمقراطيين، نتنياهو بأنه خطر على أمن إسرائيل ووجودها.
رغم تلك الدعوات، يتمسك نتنياهو بمواصلة الحرب حتى تحقيق ما يصفه بـ"تدمير قدرات حماس بالكامل"، متجاهلًا حجم الغضب الشعبي المتصاعد.
تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أثارت جدلًا واسعًا، حين أكد أن إعادة المحتجزين ليست أولوية، معتبرًا أن السعي لذلك يعني "سحق قوة الردع الإسرائيلية والخضوع لحماس"، على حد تعبيره.