موسكو تتوسع والتنظيمات الجهادية تزداد شراسة
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتضاءل الحضور العسكرى الغربي، وعلى قمته الحضور الفرنسى والألمانى والولايات المتحدة الأمريكية، داخل القارة الأفريقية بعد صعود أنظمة عسكرية جديدة تعلن عدم رغبتها فى البقاء العسكرى الغربى الذى يتمتع بتاريخ استعمارى طويل، ويأتى هذا التضاؤل بالتزامن مع تمدد النفوذ الروسي، حيث تنج موسكو فى وضع أقدامها خلف كل قدم ترحل من بلاد أفريقية، فى المقدمة منها كل من النيجر ومالى وبوركينافاسو.
حكومات الدول الثلاثة، النيجر ومالى وبوركينافاسو، أكدت عزم بلادها مواصلة حرب الجماعات المتمردة والإرهابية، والذهاب لبناء تكتلات اقتصادية وعسكرية مشتركة، وأيضا التوسع فى التعاون مع روسيا، حيث انضمت النيجر إلى جارتيها بعد تولى المجلس العسكرى السلطة، من أجل تشكيل قوة مشتركة فى مواجهة التنظيمات الجهادية.
وأوصى وزراء خارجية هذه الدول، مطلع ديسمبر ٢٠٢٣، بضرورة إنشاء تحالف كونفدرالى يمهد لوحدة بين دول الساحل الأفريقي، لمواجهة التحديات والتغيرات فى القارة الأفريقية.
على الجانب السياسى الروسي؛ فإن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف وصل فى زيارة رسمية إلى العاصمة التشادية، الأربعاء الماضي، وهى المحطة الرابعة فى جولة لافروف الإفريقية، حيث سبق أن زار غينيا والكونغو وبوركينا فاسو، وهو اهتمام روسى بالدول الأفريقية حسب التطورات الجارية. حكومات النيجر ومالى وبوركينافاسو أكدت عزم بلادها مواصلة حرب الجماعات المتمردة والإرهابية
انسحاب بعثة الاتحاد الأوروبى
فى النيجر، تستعد بعثة الاتحاد الأوروبى لتدريب الجيش مغادرة نيامى مع نهاية شهر يونيو، بعد إعلان إنهاء مهمتها العسكرية بعد الوضع فى البلاد المحكوم من قبل المجلس العسكرى الذى صعد للحكم بعد انقلاب العام الماضي، وأنهى الوجود العسكرى لفرنسا والولايات المتحدة.
وفى أعقاب استعداد بعثة الاتحاد الأوروبى لمغادرة نيامى بعد خروج فرنسا والولايات المتحدة من قواعدهما العسكرية، أثبتت روسيا وجودها بإرسال مدربون جدد إلى النيجر فى مطلع مايو الماضي، حيث نقلت طائرتا شحن معدات عسكرية، بينما كان وصول أول مجموعة من المدربين الروس فى مطلع شهر أبريل الماضي، وضمت نحو ١٠٠ مدرب، وسلمت منظومة دفاع جوي، كما وصلت شاحنة مساعدات إنسانية، وهو ما يقلق القوى الغربية فى المنطقة.
وبحسب تقارير فإن روسيا سعت لزيادة نفوذها بإرسال عناصر مجموعة "فاجنر"، وبعد تمرد فاجنر الفاشل فإن عناصر روسية تعمل مجددا تحت مسمى "الفيلق الأفريقي"، ووصل التمدد الروسى لدرجة ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية من "أن جنودا روسا يتمركزون فى قاعدة جوية فى النيجر تنتشر فيها أيضا قوات أمريكية"، وذلك قبل رحيل القوات الأمريكية عن نيامى والذين وصل عددهم قرابة ١٠٠٠ جندى أمريكي.
وتشير التقارير إلى زيادة معدل الهجمات الإرهابية فى النيجر، خلال مايو الماضي، وذلك بالتزامن مع فك نيامى شراكتها مع الغرب، من أجل أن تتجه لتوطيد علاقتها مع روسيا التى تسعى لزيادة نفوذها مع عدة دول باتت على غير وفاق مع الدول الغربية التى لها تاريخ استعمارى فى القارة الأفريقية.
وغادرت فرنسا بجنودها من مالى وبوركينا فاسو والنيجر، وسلمت قواعدها للجيش. ووفقا لتقرير لموقع "فرانسا ٢٤" فإن "مغادرة ١٥٠٠ جندى وطيار فرنسيين النيجر التى كانت آخر دولة حليفة لباريس فى منطقة الساحل قبل وصول الجنرالات إلى السلطة فى ٢٦ يوليو ٢٠٢٣، تأتى بعد الانسحاب من مالى وبوركينا فاسو اللتين دفعت فرنسا فيهما إلى الانسحاب من قبل المجموعتين العسكريتين الحاكمتين المعاديتين لها.
بذريعة مكافحة الإرهاب ومواجهة التنظيمات المسلحة المتطرفة، أقام الغرب قواعده العسكرية فى دول الساحل الأفريقى التى تعانى ضعفا وهشاشة فى البناء الأمنى ما جعلها عرضة لهجمات التنظيمات المسلحة المتطرفة، إلا أن تغيرات ضخمة ومتتالية وضعت هذه القواعد العسكرية فى أزمة.
إذ سيطر على الحكم فى البلاد مجالس عسكرية أعلنت رفضها للوجود الغربي، وتحديدا الوجود الفرنسي، على أرضيها، مثل مالى والنيجر وبوركينا فاسو، وهو ما أجبر باريس على الانسحاب لترى بأعينها تآكل نفوذها العسكرى والاقتصادى فى أفريقيا، وسط مخاوف جمة من زيادة النفوذ الروسي.
مالى والنيجر وبوركينا فاسو، أبرز ثلاث دول تواجه الهيمنة الغربية فى أفريقيا، وتنظر لهذه القوى بأنها الامتداد العصرى للاستعمار، ولأنها دول تعرضت لانقلابات عسكرية فإن القوى الغربية تستغل هذه النقطة للضغط عليها بحجة العودة إلى المسار الديمقراطى والمدني.
فى مالي، عززت روسيا من تواجدها فى صورة أخرى غير العسكرية، حيث تحاول روسيا إثبات أنها شريك فعال فى مجال خدمة البلاد التى يتعاون معها، خلافا للصورة الشائعة والمعروفة عن الغرب الذى يتعاون من أجل نهب ثروات البلاد الأفريقية، حيث بدأت روسيا فى بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية فى غرب أفريقيا فى مالي. وفى الوقت نفسه، من المقرر أن يتم بناء محطتين للطاقة الشمسية بالقرب من باماكو بمساهمة صينية إماراتية.
أفريكوم تبحث عن بدائل
على الجانب الآخر؛ فإن الولايات المتحدة وقوات الناتو انخرطت فى تدريب "الأسد الأفريقي" الذى جرى تنفيذه فى المغرب، ووفقا لتقرير بموقع هسبريس المغربي، فإن التدريب جاء فى ظل تحول جيواستراتيجى فى المنطقة، خاصة بعد الفراغ الذى تركته فرنسا بعد خروجها من دول الساحل، وهو فراغ حاولت أن تملأه قوى أخرى مثل روسيا”، وتابع: “هذا ما يجعل من المناورات إعدادا لمواجهة هذا التمدد وكل التداعيات الممكنة بعد الفراغ الذى تركته فرنسا.
وبحسب مصادر التقرير المشار إليه؛ فإن التحول شمل أيضا فقدان أمريكا أهم قواعدها فى النيجر، وبالتالى فهى تبحث عن مناطق أخرى لإقامة هذه القواعد، سواء فى موريتانيا أو السنغال". وبذلك فإن القوات العسكرية الأمريكية "أفريكوم" التى تواجدت فى بعض البلاد بدافع مواجهة تنامى ظاهرة الإرهاب، تبحث عن بدائل أخرى لاستضافتها بعدما غادرت بعض قواعدها المهمة فى النيجر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: القارة الأفريقية النفوذ الروسي الفيلق الأفريقي وبورکینا فاسو فى النیجر
إقرأ أيضاً:
مبعوث نتنياهو بين موسكو وواشنطن: هل تتخلّى روسيا عن إيران؟
لم تعلن القنوات الرسميّة في روسيا عن زيارة وزير الشؤون الاستراتيجيّة الإسرائيلي رون ديرمر إلى موسكو، ولم تعلّق على رواية الإعلام الإسرائيلي حيال طلبٍ حمله كبير أمناء نتنياهو إلى موسكو "للمساعدة في قطع طرق الإمداد العسكريّة لصالح حزب الله انطلاقاً من الأراضي السورية". قبل زيارة ديرمر بأيام،كان المتحدّث باسم الرئاسة الروسيّة ديمتري بيسكوف يؤكّد أنّ بلاده تواصل بذل كلّ ما في وسعها للمساعدة في حلّ الصراع بين إسرائيل ولبنان، ليبقى الأهم ما طرحه الرئيس بوتين في 18 تشرين الأول الماضي، حيال استعداده للتقدّم بوساطة بين إيران وإسرائيل لمنع التدهور إلى حرب، قائلًا "لروسيا علاقات ثقة مع الدولتين، إسرائيل وإيران، ونعتقد بأنّه يجب وضع حدّ لتبادل القصف بينهما، والتوصّل إلى تفاهمات ترضي الطرفين". بعد موسكو، طار ديرمر اليميني الإيديولوجي المتشدّد والمقّرب من نتنياهو إلى واشنطن، والتقى الرئيس المنتخب دونالد ترامب في منتجع "مار لاغو" في ولاية فلوريدا، قبل أن يبدأ الأخير لقاءاته الرسميّة لاحقا في واشنطن. لماذا تنقّل الوزير الاسرائيلي بين موسكو وواشنطن؟ ما حقيقة الدور الروسي في أيّ تسوية لوقف الحرب على لبنان؟ هل تقبل روسيا بالاصطفاف ضدّ حليفها الإيراني؟ وهل يسمح ترامب لنظيره الروسي أن يكون شريكًا في صياغة المشهديّة الجيوسياسيّة التي تحيكها بالنار إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة؟
نتنياهو يلتقط تحولًا في العلاقات الروسيّة الأميركيّة
كثيرة هي الأسباب التي تدفع الإسرائيلي لاستقطاب القيصر، فروسيا ليست قوّة عظمى تملك حقّ النقض في مجلس الأمن فحسب، بل هي دولة موجودة عسكريًّا في سوريا وتحت تصرّفها ميناء ومطار، وهناك جهاز أمني بين موسكو وتل أبيب ينسّق عملهما العسكري في سوريا، تجنّبًا للتصادم بين قواتهما. بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسيّة، سارع الإسرائيلي للتحرك بين موسكو وواشنطن، نظرًا للتغيير الذي سيطرأ على العلاقات الروسيّة الإميركيّة، وفق مقاربة الخبير في الشؤون العسكرية والقانون الدولي أكرم سريوي في اتصال مع "لبنان 24" لافتًا إلى أنّ التفاوض بين الأميركي والروسي كان شبه مقطوع في عهد بايدن، واقتصر على خطّ عسكري ساخن، كي تبقى الحرب الأوكرانيّة مضبوطة دون سقف حرب شاملة. وبوصول ترامب فُتح الباب أمام آفاق جديدة في العلاقات الروسيّة الأميركيّة، من ضمنها ترتيبات الشرق الأوسط، انطلاقًا من المصالح المشتركة التي تجمعهما، كالحدّ من النفوذ الإيراني في سوريا، وهذا ما يبرر التغاضي الروسي المطلق عن الضربات الإسرائيليّة التي تستهدف مواقع إيرانيّة في سوريا.
الفرق بين بايدن وترامب في مقاربتها للدور الروسي فق سريوي"أنّ الأول راوده حلم استنساخ تجربة تفكيك الاتحاد السوفياتي عبر تفكيك روسيا وإضعافها. أمّا ترامب فليس لديه هذا التوجه، وهو يرى أنّ مشكلته الأساسيّة مع الصين، وأنّ دفعَ روسيا إلى الحضن الصيني لا يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة. لكن هذا لا يعني أنّ إدارة ترامب ستشرك موسكو بدور فاعل في أيّ اتفاقيّة سلام بين الاسرائيلي والفلسطيني واللبناني، بل ستعمل على حصر الدور الروسي في جغرافيّة سوريا فقط".
اسرائيل تطلب من روسيا قطع خط إمداد السلاح
أمّا بالنسبة للجانب الإسرائيلي، فالروسي مؤثر لعدّة اعتبارات، منها وجود ما يزيد عن المليون اسرائيلي من أصل روسي، وهو عدد كبير، وهؤلاء على تواصل مع أقارب لهم في روسيا. كما تجمع كلًا من موسكو وتل أبيب اتفاقياتٌ أمنيّة وتفاهمات حول الضربات في سوريا، ومصالحُ مشتركة، يلفت سريوي "من هنا نرى العلاقة متينة بينهما، رغم التقارب العربي الروسي. كما أنّ الوجود العسكري الروسي في سوريا منح موسكو دورًا في المنطقة لا يمكن لأيّ لاعب دولي تجاهله. أما زيارة ديرمر فكانت للحصول على ضمانة روسية بقطع خطّ إمداد السلاح من إيران إلى بيروت عبر سوريا، وأن يكون هناك تعاون بذلك من قبل النظام السوري. والأخير فعّل مؤخّرًا إجراءاته الأمنيّة، مقييّدًا من حرّية حركة الحزب في سوريا، لجهة إخراجه من الشام. لكن هذا لا يعني أنّ المصالح انتفت بينهما، على العكس من ذلك، كما أنّ النظام السوري لن يتخلّى عن هذه الورقة بلا مقابل".
بين طهران وموسكو مصالح وتضارب والـ "إس-400"
بالتوازي مع العلاقة التي تربط موسكو بتل أبيب، هناك علاقة تربطها بطهران كذلك، عمرها ثلاثة عقود، على رغم التباين حيال بعض الملفات الإقليميّة والدوليّة. في الشق العسكري، يطالب الإيرانيون روسيا بالمساهمة في رفع مستوى الردع العسكري لمواجهة التهديدات الإسرائيليّة، أبرزها مقاتلات سوخوي-35 ، ومنظومة "إس-400" للدفاع الجوي، التي سبق أن أتمّت إيران صفقة شرائهما. وكانت بعض المواقع الإخباريّة الناطقة بالفارسية قد نشرت تقارير عن وصول دفعة من المقاتلات الروسيّة المتطورة ومنظومة إس-400 للدفاع الجوي إلى إيران، وسط صمت رسمي حيال هذه التسريبات. في السياق يرى سريوي أنّ إسرائيل ستتدخل وتستخدم نفوذها لمنع وصول هذه الطائرات إلى إيران، لأنّ امتلاكها يتسبب بمشكلة للطيران الإسرائيلي والأميركي في حال دخولهما الأجواء الإيرانية.
بالخلاصة، قد تلعب روسيا دورًا في وقف إطلاق النار في لبنان، ولكن ضمن جغرافيّة سوريا. أمّا لاحقًا، وفي حال تمت بلورة رؤية أميركية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ولاية ترامب، يمكن لروسيا أن تساهم بدور أكبر، انطلاقًا من علاقتها مع حماس والدول العربيّة، ولكن ذلك رهن بالحلّ المستقبلي للقضية الفلسطينية.
المصدر: لبنان 24