محنة أهالي الموصل لم تنته رغم انقضاء سنوات على دحر تنظيم "داعش"
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
يكافح المدنيون العراقيون النازحون من الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، للعودة إلى الحياة الطبيعية في ظل صدمة ما بعد الحرب ومستقبل غامض، بعد مرور نحو 7سنوات على تحرير المدينة من مسلحي تنظيم "داعش". في يونيو 2014، استولت"داعش" على الموصل، حتى استعادتها القوات الحكومية العراقية في يوليو 2017.
أُجبر فلاح حسن، الذي كان في الأصل من سكان الموصل، على مغادرة منزله بعد اجتياح تنظيم "داعش" لمدينته قبل 10 سنوات.
والآن، يعيش حسن وعائلته في فناء صغير في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، على بعد حوالي 80 كيلومترًا شرق الموصل. وبعد مرور عقد من الزمن، لا تزال ذكرى سقوط الموصل المروعة حية في ذهن فلاح.
ويقول فلاح حسن: "منذ شباط/فبراير 2014، أصبحت الموصل مضطربة، مما جعل الناس يشعرون بالقلق. قال البعض إن التنظيم المتطرف سيجتاح الموصل، بينما عارضه آخرون. شعرنا بالقلق وعدم اليقين، ولم نكن نعرف ماذا سيحدث بعد ذلك. في ذلك الوقت، غادر البعض الموصل مبكرًا إلى كردستان. اضطررت إلى الانتظار حتى تنهي ابنتي دراستها الجامعية هناك قبل اتخاذ القرار. بعد ثلاثة أيام من تخرجها سقطت الموصل. وهربنا في الليلة نفسها، التي هاجم فيها التنظيم المتطرف المدينة".
مثل عشرات الآلاف من المدنيين في الموصل، أُجبر فلاح على الفرار على عجل، بعد اجتياح تنظيم "داعش" للموصل، ولجأ إلى أقاربه في محافظة مجاورة.
وفي خضم الاضطرابات المستمرة، فقد فلاح، مثل العديد من العراقيين الآخرين، كل شيء تقريبًا، بما في ذلك منزله وممتلكاته وشعوره بالكرامة.
ويقول فلاح حسن: "لم تتغير حياتنا فحسب، بل انقلبت رأسًا على عقب. والآن، أصبح تركيزي الوحيد هو ضمان سعادة عائلتي وتأمين احتياجاتهم الأساسية. بين عشية وضحاها، عادت حياتي إلى المربع الأول، أو حتى أسوأ من ذلك. في السابق، كنت أمتلك منزلين أو ثلاثة منازل وكنت أعمل في مجال العقارات. كانت لدي سيارتان. كنت أذهب إلى النادي الرياضي وأمارس هواياتي. كان لديّ عملي من قبل. نحن لا نريد الحرب؛ نحن بحاجة إلى السلام والاستقرار. ومع ذلك، ورغم مرور السنين ما زلنا نعيش وسط الاضطرابات".
رغم إعلان الحكومة العراقية تحرير الموصل بالكامل في يوليو 2017، إلا أن فلول التنظيم المتطرف استمرت في شمال العراق، وبالقرب من الحدود السورية في السنوات الأخيرة. ولا تزال تلك الفلول تشكل تهديدًا خطيرًا على سلامة المدنيين، وتعيق جهود البلاد لإعادة بناء المنطقة التي مزقتها الحرب.
شاهد: كنيسة مار توما التاريخية في مدينة الموصل تستعيد رونقهافيديو: بعد أن دمرها داعش..أجراس جديدة تزين كنيسة الساعة بالموصلشاهد: المدينة القديمة في الموصل تعود إلى الحياة بعدما دمرتها الحربوعلى مر السنين، أدى تدخل الولايات المتحدة في العراق وسوريا بشكل مباشر إلى انتشار التطرف في المنطقة، مما أجبر المواطنين على الفرار من منازلهم، وشكل تهديداً خطيراً لأمن العراق واستقراره.
كما أدت الهجمات الإرهابية العديدة والصراعات إلى عرقلة العديد من مشاريع إعادة الإعمار، مما جعل من الصعب عودة حياة الناس إلى طبيعتها.
يعمل فلاح الآن كمدرب لياقة بدنية في قاعة رياضية في أربيل، وهو يعتمد على التمارين الرياضية للحفاظ على التفاؤل والمرونة في مواجهة الشدائد.
ويختم فلاح حسن كلامه بالقول: "نحن بحاجة إلى الاستمرار في الحياة والمضي قدمًا. وبصفتي مدرب لياقة بدنية الآن، أقول دائمًا للآخرين أن التمارين الرياضية هي أفضل طريقة لشفاء الروح. بغض النظر عن المشاكل التي تعترض طريقنا، قد أسقط، ولكنني سأنهض دائمًا، حتى لو سقطت مرة أخرى، سأقف مرة أخرى."
المصادر الإضافية • أ ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الاتحاد الأوروبي يدعو إلى فتح تحقيق مستقل بعد مقتل نحو 40 فلسطينياً في غارة استهدفت مدرسة للأونروا الأمم المتحدة: 5 ملايين شخص إضافي بحاجة ماسة للمساعدات الغذائية المنقذة للحياة في السودان قائد عسكري إسرائيلي يقول: جاهزون لحرب شاملة ضد حزب الله اللبناني داعش الموصل العراقالمصدر: euronews
كلمات دلالية: روسيا إسرائيل غزة الحرب في أوكرانيا جو بايدن روسيا إسرائيل غزة الحرب في أوكرانيا جو بايدن داعش الموصل العراق روسيا إسرائيل غزة فرنسا جو بايدن فلسطين الحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حكومة قطر قطاع غزة السياسة الأوروبية یعرض الآن Next فی الموصل فلاح حسن
إقرأ أيضاً:
غاب الغذاء وحضرت مكملاته.. كيف تواجه غزة محنة جوع أطفالها؟
غزة- فقدت الفلسطينية هدى الحدّاد اثنين من أبنائها الأربعة، بعد أن قتلهما جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتخشى فقدا آخر لطفليها المتبقيين لها، بعد أن باتا يعانيان من سوء تغذية حاد نتيجة الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة.
وفي مركز إيواء بحي الزيتون شرق مدينة غزة، تقف الأم هدى يوميا في طوابير الانتظار الطويلة للحصول على "مكمّلات غذائية" توزعها المؤسسات الإغاثية، فهي، وإن كانت بسيطة، تمنحها بصيص أمل في مقاومة شبح الجوع الذي يهدد حياة طفليها.
وتقول هدى للجزيرة نت: "قتل الاحتلال طفلي محمد وحنان (14 و13 عاما)، ولم يتبق لي سوى يحيى وزينة (7 و9 أعوام) لكنهما يعانيان من سوء التغذية وقلة الطعام".
وتحصل هدى على عبوات تحتوي على زبدة الفول السوداني المدعمة بالفيتامينات، بمعدل عبوة واحدة لكل طفل يوميا.
وتضيف "لا يوجد طعام مغذٍّ للأطفال، فآخر مرة أكلوا فيها اللحم كانت قبل عام تقريبا، لا يوجد بيض ولا خضروات ولا فواكه، ولا بروتينات أو فيتامينات".
وتؤكد منظمات دولية عديدة أن إسرائيل تمارس سياسة التجويع عمدا بحق سكان غزة، بهدف الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس). كما تحظر ومنذ مطلع مارس/آذار الماضي إدخال أي مساعدات أو أدوية أو طعام لقطاع غزة.
إعلانوتظهر آثار نقص التغذية بوضوح على الطفلين يحيى وزينة، وتتنوع بين وهن في النشاط البدني، وشحوب واضح في الوجوه، وصعوبات في التركيز وحفظ الدروس التي تلقنها لهما والدتهما داخل خيمتهما بمركز الإيواء.
وتحصل هدى على بعض وجبات الطعام من التكايا (مراكز خيرية لتوزيع الطعام) القليلة المتبقية، التي غالبا لا تحتوي إلا على المعكرونة أو العدس.
ورغم أن المكملات الغذائية لا تحدث تحسنا فوريا في صحة الطفلين، فإنها تمنح هدى شيئا من الطمأنينة، رغم أنها تدرك أن لهذه المكملات مخاطر صحية إن لم يتم تناولها وفق التعليمات. ولهذا تحرص المؤسسات الموزعة على توعية الأهالي بكيفية استخدامها، وتشدد على ضرورة شرب كميات كبيرة من الماء معها.
وسيلة مؤقتةوداخل غرفة أخرى بمركز الإيواء نفسه، كانت منى لُبّد تحاول انتزاع حصتها من المكملات الغذائية وسط زحام شديد من الأهالي، وبعد جهد، حصلت على بعض العبوات تكفي طفليها الصغيرين (عامان وعام واحد).
وتقول لُبّد "أنا متأكدة أن أولادي يعانون من سوء تغذية، نشاطهم قليل ووجوههم شاحبة، وهذا طبيعي من قلة الأكل". وتشير إلى أن سوء التغذية أصبح ملموسا بين جميع سكان القطاع، لكنه يظهر بشكل أكبر على الأطفال.
وتضيف "منذ شهور لم يأكل الأطفال لحوما أو خضروات أو فواكه أو أسماكا أو بيضا أو أي طعام مفيد، هذا سبب رئيسي لسوء التغذية".
ورغم دخول بعض المواد الغذائية خلال فترات وقف إطلاق النار، فإن ارتفاع أسعارها حال دون تمكُّن الأم لُبّد من شرائها، ولذلك، تعتبر المكملات الغذائية بمثابة وسيلة مؤقتة لـ"حماية" طفليها إلى حين انتهاء الحرب والسماح بدخول الطعام.
وتبدي لُبّد ارتياحا نسبيا تجاه تناول المكملات الغذائية، مؤكدة أنها تلتزم بالتعليمات التي تأخذها من الموزعين بدقة، لتجنب أي آثار جانبية.
ويتم توزيع المكملات الغذائية وفق مدير برنامج التغذية في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، إبراهيم إرشي، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، ضمن جهود الاستجابة العاجلة لأزمة المجاعة المتفاقمة في غزة.
إعلانويقول للجزيرة نت: "نوزع المكملات الغذائية لمواجهة المجاعة، ونستهدف بشكل خاص النساء الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الخامسة". ويضيف أن البرنامج يوفر المكملات الغذائية شهريا لحوالي 55 ألف شخص في قطاع غزة.
وفي مراكز الإيواء، يشهد إرشي وطاقمه تزاحما شديدا من الأهالي، ويفسر ذلك بتخوف الأهالي الشديد من تبعات سوء التغذية على حياة أطفالهم.
وفي السياق، يؤكد مدير مستشفى أصدقاء المريض (المتخصص في علاج الأطفال)، الطبيب سعيد صلاح، تزايد حالات الإصابة بسوء التغذية المتوسط والحاد.
ويقول للجزيرة نت "نلاحظ تزايدا في عدد الأطفال الذين يحتاجون للمبيت بالمستشفى نتيجة سوء التغذية، في السابق كنا نستقبل حالة أو اثنتين يوميا، والآن نستقبل نحو 5 حالات".
ويتابع "الوضع خطير، وفئة الأطفال (بين 5 أشهر و5 سنوات) تتجه نحو مجاعة حقيقية قد تؤدي إلى وفاة العديد منهم". ووجه الطبيب صلاح ما قال إنه "إنذار لكل العالم".
ويرى أن دخول مساعدات غذائية محدودة خلال فترات وقف إطلاق النار أظهر بعض التحسن المؤقت، لكن مع تجدد الحصار تفاقمت الأزمة بشدة.
ويستدعي مستشفى أصدقاء المريض يوميا حوالي 200 طفل ممن يشتبه بإصابتهم بسوء التغذية لفحصهم، ويخضع المصابون لبرامج علاجية خاصة. و"أصبحنا ندخل 3 إلى 5 حالات للمبيت يوميا، وهذا رقم كبير" يضيف صلاح.
ويشيد بتوزيع المكملات الغذائية على الأطفال، والنساء المرضعات والحوامل، معتبرا إياها وسيلة لا بد منها لتلافي أخطار سوء التغذية.
وذكر الطبيب صلاح أن كميات المكملات الموجودة في القطاع غير كافية لجميع السكان، وخاصة الفئات الهشة والأكثر احتياجا، مستبعدا وجود أضرار جانبية لها إذا تم أخذها وفق طريقة سليمة.
وتابع "نشجع الناس على أخذ المكملات، وخاصة للأطفال من سنة أو 6 أشهر وحتى 5 سنوات، لأنه لا بديل لها، وهي الوحيدة الموجودة في السوق في ظل عدم توفر الغذاء".
إعلان