سعاد خليل التلقي في الفن التشكيلي يطرح إشكاليات بصرية كبيرة ومعقدة تجعل الكثير منا يعجز عن فهم الاعمال الفنية وفك رموزها والتعايش معها جماليا وادراكيا (الامية الايقونية ) مثلما يثير التلقي سؤال الذوق الفني والحاجة الي الإحساس بقيمة الابداع المادي والفضائي كخطوة اولي لبلغ مسالك المنجز التشكيلي ومدركاته المرئية وغير المرئية .
عن المدركات والخواص الجمالية كتب إبراهيم الحسين دراسة في مقال عن اليات التلقي البصري والجمالي من خلال مقاربة اهم المفاهيم والمصطلحات ذات العلاقة المباشرة بخطاب التلقي واقتراح مجموعة من الإجراءات العملية والممارسات النصية لتحليل
العمل الفني وإعادة تركيبه علي قاعدة سيمائية صلدة تأخذ بعين الاعتبار أنواع القراء وسياق القراءة وفضائها المتعددة وزمن الابداع ونوعيته. في التلقي والتلقي التشكيلي: يفترض التلقي وجود مادة ابداعي ة تمثل قناة التواصل بين المبدع والقارئ وقد تكون هذه المادة منطوقة تدخل ضمن نسيج الابداع القولي كالشعر والنثر وفنون السرد اللفظي ، مثلما قد تكون مرئية ذات طبيعة ايقونية ومادية كالصور والملصقات الاعلانية والاشرطة السينمائية واللوحات التشكيلية والمنحوتات والتصاوير والنقوش والزخارف والقصص المصورة وافلام الفيديو والمنشأت التشكيلية والعمارة والقطع التراثية ، وغيرها من الوسائط التعبيرية البصرية والحوامل الثقافية المتعددة . والتلقي التشكيلي معناه التفاعل والكشف والتبصر والتواصل بين المشاهد والمنجز الفني بوصفه نصا بصريا مليئا بتفكير فني وجمالي وأسلوب اشتغال وصيغ معالجة تقنية وسنائد مرجعية ومحتويات تيمائية متعددة وأفكار ومعان .ال غير ذلك من العناصر التعبيرية التي تشكل مفاتيح النص التشكيلي البصري التي تبدأ من كل ما يعكسه النص من خط ولون وكتلة وفضاء وما ينشا عن كل ذلك من علاقات مركبة ، تناغما وايقاعا وتضادا وانسجاما ، ثم ما يحدث من جدل بين هذه العلاقات سواء في العمل الفني ذاته ، او في ما يحدثه في المتلقي انفعاليا ، ولا باس من ان يتفاعل ذلك مع المنظومة القيمية والنفسية والفكرية لدي المشاهدين ، ولا باس أيضا ان يدفعهم الي رفض العمل البصري او قبوله ، وهكذا يبدا استقراء النص من الحواس فالمدركات ثم الفكر ،وصولا الي المشاركة الوجدانية سلبا او يجابا ،وانتهاء بموقف واع من مجمل العمل البصري . ويربط كثيرون التلقي التشكيلي بالتذوق الفني من حيث اعتباره مقدرة علي الإحساس والشعور بالعمل الفني وتلمس قيمته لجمالية واكتشاف سمات الابداع، او النقص فيه . فالذوق الفني، داخل وخارج هذه العلاق يمثل عملية تبادل وجداني وفكري ونفسي لها صفة الترابط الاجتماعي التي هي مناهم وظائف الفن ودوره في توحيد أفكار ومشاعر واحاسيس افراد المجتمع. ولربما كان التذوق نادرا ندرة الجمال ، وهو الذي يجعل كبار الفنانين الذين وهبوا القدرة علي الابداع الفني يهتدون اليه ، كما يقول الرسام الفرنسي اوجين دولاكروا . فهذا النوع من التلقي يقتضي من القاري ء التقاط النقاط المضيئة في العمل الفنية والبحث عن مسالك التذوق الفني كمقدمات ضرورية لفهم بنية العمل الفني ولبلوغ هذا المسعي لا بد من المرور عبر معابر الحساسية الذوقية باستلهام الأثر وتوليف مناهل الرؤي .لذلك تظل نظرية التلقي في المحال التشكيلي تمثل الية مبتكرة من اليات الفهم والتفكر والتفكير المنهجي كنتاج منطقي لمساحة التفاعل الثقافي والفكري والجمالي مع مقاييس النزعات المركزية الاوربية بالفن ، سواء اكانت المستلهمة من عصور الاغريق الفلسفية في مقدماتها المنطقية الكبرى والصغرى ونتاج المحاورة الجدلية لمناهل الأفكار اوتلك المستحضرة من الفلسفة العربية الاسلامية المتصلة بشجرة التفرعات الخوارزمية ومداخل النظم الشمولية التكاملية .داخل سياق هذه النظرية ، نتم الاعتراف بالنص التشكيلي texte plastique كمجال حيوي وكفتنة بصرية ضرورية لا بدمن التواصل مع عناصرها ومكوناتها ، بل كمادة إبداعية دينامية لها مقاصد مأمولة قابلة للقراءة والتحليل والتركيب والمعايرة والتذوق والنقد الجمالي . ومن ثم وكما يقول الفنان والباحث الفلسطيني عبد الله او راشد ينبغي النظر الي المنجز التشكيلي كنص وكسرد بصري مفتوح علي القراءة الكاملة لكافة مكونات النص البصري الكلية والفرعية والجزئية. وبالتالي اعداد تأليف انساق البحث البصري المعرفي والجمالي وفق الاتجاهات لحديثة الأوروبية ومذاهب الفلسفة الألمانية الغشتتالت علي وجه التحديد. فالنص التشكيلي يعد بالضرورة الإبداعية عملا فنيا كما انه ليس وسيلة يعبر بها الفنان عن نفسه فحسب ،بل هو وسيلة كذلك تستثير وتوجه في المشاهد نوعا من الخبرة الجمالية ، وتتوجه الي حاسته البصرية او السمعية او الاثنين معا، فتثير بالتالي استجابات اخري ، كالخيال والفهم والعاطفة وبما ان الفن يوجه الي الادراك الحسي والي الأجهزة ا لنفسية والحسية ، فان عمل الفن يتوقف علي طبيعة هذه الأجهزة في المشاهد فهناك حدود تفرضها العين الإنسانية وتقرها عملية الاحساس بفاعلية الصورة والاضواء والحركات في العمل الفني ن وملا علي ذلك، فان العمل الفني التشكيلي يجب ان ينظر اليه كنصر وسرد بصري مفتوح علي القراءة الكاملة لكافة مكونات النص البصري الكلية والفرعية ولجزئية ، ومن ثم إعادة تأليف انساق البحث البصري و المعرفي والجمالي وفق الاتجاهات الحديثة الأوروبية ومذاهب الفلسفة الألمانية الغشتالت علي وجه التحديد . ان اي نص بصري مسرود بوسائط وأساليب الفن التشكيلي ، لابد ان يحتوي علي مناهل معرفية ومرجعيات بصرية ومسالك سرد وفلسفة فن في ابعدها الجمالية المعبرة بشكل ما او باخر علي حساسية ذوقية تذوقيه انفعالية وعقلانية في نهاية المطاف ، تكون مقدمة طبيعية ومنطقية لولادة نظرية التلقي التي تساهم في رفع سوية الذائقة البصرية من انماطها ذات المعابر الحافلة بالانتقائي متصلة بطبقة محددة بعينها ولا تلامس حساسية العامة ، وتغدو في حالة غربة واستغراب علي الشرائح العريضة من بني المجتمع وحتي الفنانين التشكيليين انفسهم . وبالنظر الي الخصوصيات السيميائية الكثيرة التي تسمه، يظل النص التشكيلي يعتمد في المقام الأول علي العين أداة النظر والاحساس كقنطرة اخري مساعدة علي بلوغ المعني ويفهم اخر يعتمد النص التشكيلي علي القاري المتعاون (التعبير للكاتب الإيطالي امبرتو ايكو ) والقاري الضمني الذي يستحضره المبدع خلال عملية الابداع .. لذلك يجب ان يكون المتلقي في ممارسته لعملية لا دراك فنانا من نوع ما ، في ما يختص بالتجربة الحياتية اليومية ليستفيد مما تقدمه ، وان كان يمكن القول إضافة الي ذلك انه في الحياة اليومية يختفي الخط بين الجمالي والعمل الفني ن اذ يقدم العمل الفني في هذا المعني من خلال وسائل جمالية وسائل للاستفزاز ، من شانها ان تخلق إحساسا يستجيب للأنواع المختلفة من التجربة التي تنشا من السياقات الاجتماعية المتفاوتة . ويظل فهم النص لتشكيلي مرتبطا بشروط تتجاوز في الكثير من الأحيان المساحة الإبداعية العامة التي تؤطر العمل الفني لسبب بسيط هوان قراءة النص البصري تعد قراءة متجددة محكومة بعوامل بحث ذاتية خارجة عن نمطية التأليف والتوصيف، وهي نوع مبتكر للرسم بوسائط تعبيرية متنوعة. كما تشكل قراءة وتحليل العمل التشكيلي معضلة أساسية تواجه غالبية الناس، جمهور الفن، بل (هذه المعضلة تطال كثيرا من المتأملين بالثقافة ،، وهذا عائد ال ي مجموعة أسباب تراكمت مع الزمن لتنتج ازمة في القراءة البصرية اذا جاز لنا ان نسميها قراءة ابتداء بالتربية المنزلية ، مرورا بالعرف المجتمعي وصولا الي المدرسة ، عطفا علي أسبابا اخري تخص العمل الفني ومفهومنا للفن ، وهو مفهوم منزلق علي اية حال . يضيف الكاتب إبراهيم الحسين في هذه الدراسة انه من البديهي القول ان للتربية الاسرية دورا مهما في تربي الذوق الفني، كأساس لعملية القراءة البصرية، اذا ان وجود الطفل في منزل يهتم بالجماليات، سينتج بالضرورة كيانا اقدر علي تذوق الفن ، كمقدمة لاستقرائه وينطبق الحال علي المحيط الاجتماعي الذي يشكل الدائرة الأكبر بالنسبة للكائن ، فالمحيط الذي يرسخ قيم التمتع بالجمال ، وبالنظر اليه كقيمة في ذاته ، ليس كمجتمع يقمع هذه القيم ، او يسمح بها ضمن نطاق محدود ، او ضمن سياق قيمي و مادي محدد. اما في ما يخص مفهوم الفن من فرد الي اخري فان إشكالية القراءة للعمل الفني تتوه عبر نظريات ورؤي مختلفة، ولعل اقرب التساؤلات حول ماهي الفن، تربك المختصين حول تعريف كامل شامل لمعني الفن ، ناهيك عن كنهه او ماهيته ، فما بالك بالعامة الذين يفسروا الفن كل علي طريقته واستعداداته وهواه . علي هذا المستوي المتصل بقراءة وفهم المنجز التشكيلي، نقترح خمسة مناح تتفاعل داخل سياق التلقي ، هذه المناحي هي : أ المنحى الفكري: الادبي مجموع الرسائل وأفكار والمعاني الثقافية التي يمكن استخراجها عن طريق قراءة تيماتية للعمل الفني، ولا سيما اذا كان تشخيصيا وتدخل في هذا الجانب التسجيلات الانطباعية والقراءات الشاعرية والوجدانية والوصف الادبي وغير ذلك. ب المنحى الجمالي، البحث في العلائق والانساق البصرية التي تكون العمل الفني، ومحاولة الوصول الي المعاني الايقونية التي تنطوي عليها، باعتماد مناهج تحليل سيميائي يقول علي التوليف بين الدال والمدلول والعلاقات البصرية القائمة بينهما. ج المنحي الوجداني : يرتبط هذا المنحى بالإسقاطات التي يلجأ اليها بعض القراء لاسيما عندما يلمسون نوعا من التقاطع بين موضوع اللوحة او المنحوتة او غيرها وبين واقعهم الاجتماعي والذاتي . فهذا النوع من الابداع يستجيب لربات المتلقي ويحرك شعوره بشكل مباشر في الكثير من الأحيان. د المنحى الفلسفي : يتفق مع هذا المنحى التعبيري التجريدي القائم علي حرية الانتشار الخطي واللوني علي سطح العمل الفني، فهو يتيح للقارئ مكانيات واسعة لأثارة اسئلته البصرية من منظور فلسفي يأخذ بعين الاعتبار تقاطع الأفكار وتضاريها . ه المنحى العلمي : قراءة المنجز الفني من زاوية علمية ترتكز بالأساس علي تفكيك العناصر والمفردات التعبيرية ووضعها في سياق علمي مرجعي مدعوم بمفاهيم ومصطلحات دقيقة لا تقبل الذاتية والتأويل ، ويندرج في هذا المستوي العلاقة الطيفية بين الألوان والابعاد ودراسة المنظور التقليدي ونسب الظل والضوء والعمق والفضاء وغير ذلك . سنكتفي بهذا الجزء من هذه الدراسة وسنكمل في العدد التالي بقية المقال نظرا لان هذه الدراسة طويلة رأيت ان اجزئها الي ثلاثة مقالات حتي يستفيد منها القاري. يتبع 2
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
العمل الفنی
إقرأ أيضاً:
تعليم الفيوم تقيم معارض منتجات مدارس التعليم الفني
عقد الدكتور خالد خلف قبيصي وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم، إجتماع مع مديري مدارس إدارة التعليم الفني على مستوى المديرية، بحضور ريحاب عريق وكيل المديرية ، و محمد عبدالسلام مدير عام إدارة التعليم الفني.
أكد وكيل الوزارة ، خلال الإجتماع على ضرورة الانضباط فى العمل والحضور والانصراف ، وحضور مدير المدرسة وجميع العاملين بالمدرسة طابور الصباح وتحية العلم ، وكذلك إقامة معارض منتجات مدارس التعليم الفني، من خلال عرض كافة منتجات مدارس التعليم الفني على مستوى المحافظة.
وناقش وكيل الوزارة ، تفعيل مبادرة الفيوم تتحدث بمدارس التعليم الفني، وكذلك مشروع رأس المال بالتعليم الفني ، كما ناقش عدد من المعوقات والصعوبات التى تواجه مديري مدارس التعليم الفني ، وتم الوقوف علي كل موضوع وتقديم حلول فورية له.
كما أشار وكيل الوزارة، إلى التأكيد على حضور الطلاب للمدرسة، مشيرا إلى تفعيل الأنشطة التربوية والثقافية والمدرسية والمسابقات المتنوعة للطلاب، وكذلك تفعيل ورش العمل بالمدارس من أجل تحقيق أقصى استفادة للطلاب.
تكريم المتميزين
قام الدكتور خالد خلف قبيصي وكيل وزارة التربية والتعليم بالفيوم بتكريم المتميزين في العمل بمدارس مديرية التربية والتعليم بالفيوم ، وذلك خلال الجولات الميدانية الصباحية المفاجئة بجميع المدارس على مستوى المحافظة ,بحضور الدكتورة ريحاب عريق وكيل المديرية.
كرم الدكتور خالد قبيصي، وكيل الوزارة، محمد زينهم إسماعيل مدير مدرسة الشهيد نعيم عبدالعال خليل (دسيا الإعدادية سابقاً) ، للجهد المتميز المبذول في العمل ، وانضباط وانتظام العملية التعليمية بالمدرسة ، وطلاء الفصول الدراسية ، وتطبيق البرنامج العلاجي للطلاب الضعاف فى المدرسة، وزيادة نسبة حضور طلاب الصف الثالث الإعدادي، وكذلك نظافة المدرسة والفصول الدراسية.
كما كرم مدير تعليم الفيوم، فاطمة عبدالتواب محمد - معلم خبير لغة عربية بمدرسة منشأة سرسنا للتعليم الأساسي ، وذلك للأداء المتميز والإخلاص والتفاني في أداء العمل داخل الفصل الدراسي ، والمستوى المتميز للتلاميذ بالفصل الدراسي.
66
77
888