أجرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقا صحفيا من داخل قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل يُحتجز فيها مدنيون فلسطينيون من قطاع غزة، كاشفة بعض تفاصيل ما يتعرضون له من صنوف التعذيب والانتهاكات والحرمان من التواصل مع المحامين والأقارب.

وأفاد مراسل الصحيفة باتريك كينغسلي، الذي أجرى التحقيق، أن الجيش الإسرائيلي سمح له في أواخر مايو/أيار بزيارة مركز الاعتقال داخل قاعدة سدي تيمان العسكرية جنوبي إسرائيل، لفترة وجيزة أجرى خلالها مقابلات مع قادتها العسكريين ومسؤولين آخرين تحدثوا إليه شريطة الحفاظ على سرية هويتهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غازيتا: مساع بروسيا وكازاخستان لرفع طالبان من قائمة المنظمات الإرهابيةغازيتا: مساع بروسيا وكازاخستان لرفع ...list 2 of 2موقع بريطاني: مقترح إسرائيل لوقف إطلاق النار لا يضمن إنهاء حرب غزةموقع بريطاني: مقترح إسرائيل لوقف إطلاق ...end of list

وأشار إلى أن سدي تيمان كانت ثكنة عسكرية مغمورة قبل أن تصبح مركزا لاحتجاز الفلسطينيين من قطاع غزة، حيث بات محطًّا لاتهامات بأن الجيش الإسرائيلي أساء معاملة المعتقلين، بمن فيهم مدنيون.

آلاف المعتقلين

وقد وصف معتقلون سابقون في مقابلات أجريت معهم ما تعرضوا له من ضرب واعتداءات وانتهاكات لحقوقهم في مركز الاعتقال.

وأوضح المراسل أنه شاهد رجالا يجلسون في صفوف وهم مكبلو الأيدي ومعصوبو الأعين، فيما الجنود الإسرائيليون يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج الشبكي. ومنعهم سجانوهم من التحدث بصوت عال، ومن الوقوف أو النوم إلا في الحالات التي يُسمح لهم فيها بذلك.

وهذا جانب من المشاهد التي وقف عندها المراسل داخل مركز/ثكنة "سدي تيمان" العسكرية التي يُحتجز داخلها زهاء 4 آلاف معتقل من غزة أمضوا فيها قرابة 3 أشهر، من بينهم عشرات اعتقلهم جنود إسرائيليون في اليوم الذي شنت فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجومها على إسرائيل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وعقب الفراغ من استجوابهم، أُحيل نحو 70% منهم إلى سجون مبنية لهذا الغرض لإخضاعهم لمزيد من التحقيق والمحاكمة، بحسب قادة القاعدة العسكرية. وتبقى 1200 منهم (30%) في سدي تيمان بعد أن تبين أنهم مدنيون لا علاقة لهم بحركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى، وأُعيدوا إلى غزة دون توجيه تهم أو تقديم اعتذار لهم أو تعويضهم عما تعرضوا له.

انتهاكات بالجملة

وقال أحد المعتقلين اسمه محمد الكردي (38 عاما)، وهو سائق سيارة، كان محتجزا في سدي تيمان أواخر العام الماضي إن زملاءه لم يكونوا يعرفون إذا ما كان على قيد الحياة أو ميتا، مضيفا أنه قبع في السجن لمدة 32 يوما مرت عليه كأنها 32 عاما، وفق تعبيره.

وخلص التحقيق -الذي استغرق من الصحيفة الأميركية 3 أشهر لإعداده، واستندت فيه على مقابلات مع معتقلين سابقين وضباط وأطباء وجنود عسكريين إسرائيليين خدموا في القاعدة وعلى الزيارة الميدانية، وبيانات عن المعتقلين المفرج عنهم قدمها الجيش- إلى أن هؤلاء المدنيين الفلسطينيين الذين بقوا في سدي تيمان عاشوا ظروفا مهينة دون القدرة على الترافع أمام قاضٍ لمدة تصل إلى 75 يوما.

كما يُمنعون من الاتصال بمحامين لمدة تصل إلى 90 يوما، ويُحجب مكان احتجازهم عن المنظمات الحقوقية وعن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو ما يعد انتهاكا للقانون الدولي.

وكشف 8 محتجزين سابقين أنهم تعرضوا للَّكم والرَّكل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وجهاز كشف المعادن اليدوي أثناء احتجازهم. وقال 7 منهم إنهم أُجبروا على ارتداء "حفاضات" فقط أثناء استجوابهم. وذكر 3 منهم أنهم تلقوا صدمات كهربائية أثناء استجوابهم، فيما كُسرت أضلاع اثنين.

صعق ونزيف

وقد أُحيط مسؤولون من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) علما بهذه الأقوال في مقابلات أجروها مع المئات من المعتقلين العائدين الذين أفادوا بانتشار سوء المعاملة في معتقل سدي تيمان وغيره من السجون الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب واستخدام مسبار كهربائي.

ونقلت نيويورك تايمز عن جندي إسرائيلي خدم في القاعدة العسكرية أن رفاقه الجنود كانوا يتفاخرون بانتظامٍ بضرب المحتجزين وشاهدوا علامات على تعرض العديد من الأشخاص لمثل هذه المعاملة.

وقال الجندي -الذي اشترط عدم الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة القضائية- إن أحد المحتجزين نُقل لتلقي العلاج في المستشفى الميداني المؤقت في الموقع وهو يعاني من كسر في العظام أثناء احتجازه، بينما نُقل آخر لفترة وجيزة بعيدا عن الأنظار وعاد وهو ينزف من قفصه الصدري.

وأضاف أن شخصا واحدا توفي في سدي تيمان متأثرا بإصابات في صدره. ومن بين الـْ4 آلاف معتقل في سدي تيمان منذ أكتوبر/تشرين الأول، توفي 35 منهم إما في الموقع أو بعد نقلهم إلى المستشفيات المدنية القريبة، وفقا لضباط في القاعدة تحدثوا إلى نيويورك تايمز.

قاعدة تعذيب

واجتذبت قاعدة سدي تيمان في الأسابيع الأخيرة اهتماما من وسائل الإعلام، من بينها شبكة "سي إن إن" الأميركية التي بثت تقريرا حولها استشهد به البيت الأبيض لاحقا، وكذلك من المحكمة العليا الإسرائيلية، التي بدأت يوم الأربعاء الاستماع إلى التماس من جماعات حقوقية لإغلاق الموقع.

وقد نفى الجيش الإسرائيلي، في بيان مطول أرسله إلى الصحيفة الأميركية، حدوث "إساءة معاملة ممنهجة"، واصفا ما يتردد بهذا الشأن بأنها ادعاءات فردية "غير دقيقة أو لا أساس لها من الصحة على الإطلاق"، وربما "اختُلقت تحت ضغط من حركة حماس".

ونقلت الصحيفة عن فادي بكر (25 عاما)، وهو طالب بكلية الحقوق من مدينة غزة، قوله إن جنودا إسرائيليين اعتقلوه في الخامس من يناير/كانون الثاني عندما كان عالقا في تبادل لإطلاق النار أثناء عودته إلى منزل عائلته. وقد أُصيب بجروح وكان ينزف بعد توقف القتال، ومع ذلك فقد جرده الجنود من ملابسه وصادروا هاتفه ومدخراته وأوسعوه ضربا واتهموه بأنه مقاتل نجا من المعركة.

ووفق التحقيق الصحفي، فقد استخدمت إسرائيل -بشكل متقطع- قاعدة سدي تيمان العسكرية مقرا لاحتجاز أعداد صغيرة من الأسرى الفلسطينيين، خلال حروبها السابقة مع حماس. وكانت القاعدة مركز قيادة ومستودعا للمركبات العسكرية، وقد اختيرت لقربها من غزة وتضم موقعا للشرطة العسكرية التي تشرف على مراكز الاحتجاز العسكرية.

اعتداءات قذرة

ومن بين الذين التقاهم مراسل الصحيفة، فلسطيني يدعى يونس الحملاوي (39 عاما)، ويعمل كبيرا للمرضين، قال إنه اعتُقل في نوفمبر/تشرين الثاني بعد مغادرته مستشفى الشفاء في مدينة غزة  أثناء غارة إسرائيلية، حيث اتهمه الجنود الإسرائيليون بأنه على صلة بحركة حماس.

وحكى بعض المعتقلين لنيويورك تايمز تفاصيل لاعتداءات جنسية بشعة تعرضوا لها في مركز التعذيب، تسببت في مضاعفات صحية خطرة لعدد منهم، فيما لقي أحدهم مصرعه بسببها.

وذكر الحملاوي أنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصول بالكهرباء، وأنه تعرض للصعق الكهربائي حتى أصبح لا يستطيع التحكم في بوله.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات نیویورک تایمز فی سدی تیمان

إقرأ أيضاً:

عاجل - حقيقة اغتيال حسن نصر الله.. نيويورك تايمز تفجر مفاجأة مدوية

أكدت نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين، استهداف حسن نصر الله جاء بعد معلومات بعقد اجتماع قيادي بمنشأة تحت الأرض.

جيش الاحتلال يعلن استهداف قيادات كبرى في حزب الله.. من هم؟

وأعلن جيش الاحتلال، في الساعات الأولى من صباح اليوم، استهداف قائد الوحدة الصاروخية لحزب الله في جنوب لبنان ونائبه حسين أحمد إسماعيل وقضي عليهما، فضلًا عن قتل عدد من قادة حزب الله في جنوب لبنان.

بيان عاجل من السفارة الأمريكية في إسرائيل.. ما التفاصيل؟

كما أعلنت السفارة الأمريكية في إسرائيل، منع موظفي الحكومة الأمريكية وأسرهم من السفر خارج تل أبيب الكبرى والقدس وبئر السبع.

ضربة قاضية في الضاحية.. مصير حسن نصر الله المجهول يفجّر الوضع في لبنان

وتضاربت الأنباء حول مصير الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، عقب تنفيذ الجيش الإسرائيلي غارات جوية واسعة النطاق استهدفت المقر العسكري الرئيسي لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت. تأتي هذه الغارات في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، وسط تقارير متناقضة بشأن وضع نصر الله.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية، عن أن الغارات كانت تستهدف بشكل مباشر حسن نصر الله. وفي هذا السياق، أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن الجيش الإسرائيلي ركز غاراته على مقر القيادة المركزي لحزب الله، إلا أنها أكدت أنه لم يتضح بعد ما إذا كان نصر الله داخل المبنى أثناء الهجوم.

فيما نقلت القناة 13 الإسرائيلية أن معلومات استخباراتية أوضحت أن نصر الله كان في المقر المستهدف لحظة الغارات، إلا أن مصيره ما زال مجهولًا حتى الآن، ولم تؤكد مصادر رسمية حتى اللحظة ما إذا كان قد أصيب أو نجا من الهجوم.

من جهة أخرى، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مقرب من حزب الله تأكيده أن نصر الله لا يزال على قيد الحياة، فيما أشار مسؤول أمني إيراني كبير إلى أن طهران تتحقق من وضع نصر الله بعد الغارات. كما أفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية بتعرض نصر الله للإصابة في القصف الإسرائيلي، دون تقديم تفاصيل إضافية عن مدى خطورة حالته.

وكانت الغارات الإسرائيلية قد استهدفت مواقع لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت بشكل مكثف، وتسببت بمقتل وإصابة العديد من المدنيين، حيث أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن 6 أشخاص قتلوا وأصيب 91 آخرون، مرجحةً أن تكون الحصيلة النهائية أكبر من ذلك. وعلى إثر هذه الضربات، دعا الجيش الإسرائيلي السكان في بعض الأحياء القريبة من مناطق الاشتباك إلى إخلاء منازلهم، محذرًا من احتمالية تعرضها للقصف.

يُشار إلى أن التطورات الميدانية وتضارب الأنباء بشأن مصير حسن نصر الله تفتح باب التكهنات حول ردود أفعال حزب الله، وكيفية تعاطيه مع هذه المستجدات، في ظل توقعات بتصاعد المواجهة العسكرية بين الطرفين.

حزب الله يرد على إسرائيل بشأن تدمير مخازن الأسلحة.. ماذا قال؟

ونفى حزب الله اللبناني، في الساعات الأولى من صباح اليوم، وجود أسلحة أسفل المباني التي استهدفتها إسرائيل بالضاحية الجنوبية.

قصف إسرائيلي جديد على الضاحية الجنوبية في بيروت

كما شن جيش الاحتلال، غارات جديدة على مناطق متفرقة من الضاحية الجنوبية لبيروت، في ساعة مبكرة من صباح السبت.

وأعلن جيش الاحتلال، إنه "يقصف حاليا 3 مبان في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يخزن حزب الله صواريخ مضادة للسفن".

وورد في بيان جيش الاحتلال، أنه "يهاجم في هذه الاثناء بشكل موجه بدقة وسائل قتالية تابعة لحزب الله، مخزنة أسفل مبان مدنية في الضاحية الجنوبية لبيروت".

وجاءت الضربة بعد أن دعا الاحتلال، السكان في حيي الليكي والحدث بالضاحية الجنوبية لبيروت لإخلائها، لأنهم "يتواجدون قرب مصالح لحزب الله".

وكتب متحدث الاحتلال، أفيخاي أدرعي في منشور على منصة "إكس"، متوجها لسكان مبان معينة في حيي الليلكي والحدث: "أنتم متواجدون بالقرب من مصالح تابعة لحزب الله. من أجل سلامتكم وسلامة أحبائكم أنتم مضطرون لإخلاء المباني فورا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر"، وعرض خريطة للمباني المعنية.

وكان جيش الاحتلال، قد شن هجوما عنيفا على الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة، مستهدفا مقرا مركزيا لحزب الله.

وقالت وزارة الصحة اللبنانية، إن ما لا يقل عن 6 أشخاص قتلوا وأصيب 91، في الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، مشيرة إلى أن هذه الحصيلة ليست نهائية.

وأثارت ضربة الجمعة الجدل بشأن مصير زعيم حزب الله حسن نصر الله، إذ أشارت تقارير إلى احتمال مقتله.

مقالات مشابهة