شعور إسرائيلي بالخديعة طيلة 17 عاما من الهدوء المضلل في الجبهة الشمالية
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
تزداد التوترات الأمنية الإسرائيلية يوما بعد يوم في الجبهة الشمالية، ويستيقظ الإسرائيليون على احتمال حرب فتحت أعينهم على كوابيس جديدة، وخفضت كل توقعاتهم من مدى ردود الدولة، وصولا إلى شيوع حالة من اليأس، وقبول للوضع القائم، وسط خيبة أمل من نتيجة شعارات الحكومة التي ظلت تردد "النصر المطلق"، حتى تجسّد فعلا في الكارثة المتحققة في مستوطنة "كريات شمونة" وجاراتها الشمالية.
ووصف مراسل "القناة 12" في منطقة الشمال، مناحيم هوروفيتس، الوضع في مستوطناتها قائلا إن "شوارعها تبدو فارغة، والأمكنة خالية، والمستوطنون باتوا يفتقدون الحديث عن عطلة السبت والأعياد اليهودية، وهذه أحد أكبر التغييرات التي أحدثتها الحرب، بجانب نقل الثقل والمسؤولية من الدولة إليهم، من خلال الطلب من المنظمات المدنية الضخمة تقديم حلول لوجستية لعشرات الآلاف ممن تم إجلاؤهم بعد تخلي الدولة عنهم، لكن الشيء الأعمق أن الإسرائيليين عموما باتوا يدركون أن التصريحات والتقييمات والتوقعات التي يسمعونها من رؤساء الدولة ليست توراة يجب تصديقها".
وأضاف هوروفيتس، في مقال ترجمته "عربي21" أنه "كيف لنا أن نقبل حقيقة مطلقة كلاما ممن فشلوا في منع وقوع هجوم السابع من أكتوبر، من سياسيين وعسكريين ومعلقين، ما زلنا نراهم ونسمعهم ونقرأ لهم، والنتيجة أن هذه الحرب فتحت أعيننا، وخفّضت توقعاتنا مما قد يأتينا من الدولة، بعد أن أصابنا اليأس من الواقع، والتشكيك الصريح بالنصر الكامل بعد ثمانية أشهر من القتال المُضني، لكن كريات شمونة لا زالت مهجورة، ولا تزال ضمن النطاق الذي يرغب به حزب الله، من خلال صواريخه المضادة للدبابات وقذائفه وطائرات بدون طيار".
وأوضح أن "التقييمات غير الدقيقة التي تتحدث عن بضعة أسابيع صعبة من القتال المتوقع مع حزب الله لا تبدو قابلة للتصديق، والحديث عن انتهاء الجيش من حماس، ثم التحول للتصدي للتهديد القادم من الشمال، كلام غير منطقي، لأنه لا أحد يتحدث جديا عن إزالة التهديد "مرة واحدة وإلى الأبد".
وذكر "اليوم أدركنا أن دولة الاحتلال غير قادرة على ضمان أمن مستوطنيها الذين يعيشون على الحدود، عرفنا هذا منذ سنوات عديدة، فلدينا تاريخ طويل جدًا من القصف والهجمات حتى في الأوقات الأكثر هدوءً، لكن العدو كان يباغتنا كل مرة من الجانب الآخر من الحدود".
ومن جهته، أكد المراسل العسكري "للقناة 12"، نير دفوري، أن "الصور في شمال فلسطين المحتلة صعبة هذه الأيام، وبينما يبرز السؤال حول التالي فيما يتعلق بصفقة التبادل مع حماس، واستمرار الحرب ضدها، فإن الشمال يحترق بنيران حزب الله، والمستوطنون متعطشون لتغيير هذا الواقع المعقد، لكن في الوقت الحالي لا يبدو ذلك في الأفق، مما كشف عن مرونة مفقودة لدى القيادة التي لا تمتلكها الدولة، بعد أن أثبتت 245 يوماً، أننا لا نواجه حماس في غزة فحسب، بل نواجه أيضاً حزب الله في القطاع الشمالي".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "اندلاع الحرائق في عدة مناطق من الجليل الأعلى، واشتعال مناطق كثيرة، دليل على أن الدولة يتيمة بسبب غياب القيادة، لأنه لو كان هناك "صاحب منزل" لاستطاع الجمهور اجتياز هذه الأيام الصعبة، لكن للأسف ليس هذا هو الحال، في حين أن من يقوم بدور القيادة في مخاطبة الجمهور وعكس الواقع الصعب، هم الجيش ورؤساء السلطات المحلية، في ظل غياب القيادة عن اتخاذ قرارات مهمة، حتى لو كانت صعبة".
وأوضح أنه "في غضون ذلك، لا تزال المستوطنات في الشمال تتعرض لإطلاق النار، وتهديد كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن لبنان سيعود بالزمن للوراء إذا ارتكب خطأً ما، قد يتحقق بالفعل هنا في دولة الاحتلال، ومن المهم التأكيد على أن الجيش ليس مسؤولا عن ذلك، فالمقاتلون يخوضون الآن معركة دفاعية في الشمال، لأن هذا ما حدده لهم المستوى السياسي، وهي معركة قاسية، وليست حاسمة، وفي النهاية علينا أن نقرر ما إذا كنا نريد تغيير الواقع، والمضي قدماً في الهجوم، مما يستدعي منه الاندفاع باتجاه عملية واسعة النطاق في لبنان، لأنه من المستحيل الاستمرار في العيش في هذا الواقع الذي يحدث منذ ثمانية أشهر".
لقد أوجدت أكثر من 17 عاما من الهدوء منذ حرب لبنان الثانية لدى الإسرائيليين وهما بأن المشاكل الأمنية قد انتهت، بعد أن أثبت واقع اليوم بأن قوة الردع التي طالما تحدث عنها قادة الاحتلال لم تعد قائمة، رغم أن دورهم هو حماية مستوطني الدولة، ومنع الوضع الذي يتعرضون فيه لتهديد دائم بالحرب والمواجهة، لكن أحداث الشهور الأخيرة على الحدود الشمالية تؤكد أن الدولة لم تعد قادرة على ضمان ذلك بشكل كامل، مما يستدعي ألا ينتظرون تقييمات غير واقعية، وليس لها حسابات سوى الانتخابات واستطلاعات الرأي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلية الجبهة الشمالية كريات شمونة لبنان لبنان إسرائيل الجبهة الشمالية كريات شمونة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله
إقرأ أيضاً:
أوساط الاحتلال تثير تساؤلات عن شعور الفلسطينيين بـالنصر رغم حجم الدمار
توقفت أوساط الاحتلال مطولا عند مشاهد الفلسطينيين العائدين الى منازلهم في شمال قطاع غزة، وهم يرون "فرحة النصر" في عيونهم، رغم أنهم يقفون على أطلال منازلهم المدمرة.
بن درور يميني الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أنه "بينما كانت دموع الإسرائيليين تنهمر في أمام الصور الملتقطة للمختطفات العائدات، كانت الهتافات المفعمة بمشاعر النصر تتعالى في قطاع غزة، مما يدفع للتساؤل عن أي نصر يتحدث الفلسطينيون، رغم أن العالم يرفض أن يصدّق، ويواجه صعوبة في فهم ما يعيشه الفلسطينيون من أحاسيس، دون أن يعلموا أن المكون الرئيسي للهوية الفلسطينية هو التضحية، وهذا مصدر التعاطف الذي يتلقونه في العالم".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الفلسطينيين لعلهم الشعب الوحيد الذي نجح بتحويل التهجير الذي عانوه إلى وقود لتغذية هويتهم الوطنية، ولم يسلّموا بما قرره المشروع الصهيوني من طردهم، وبدأت تضحياتهم منذ وقت مبكر في عام 1948 من خلال "النكبة"، ورغم ما شهده القرن العشرين من خضوع 60- و70 مليون إنسان لعمليات النزوح والطرد والتبادل السكاني بسبب إنشاء الدول القومية، لكن الشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي نجح بتحويل نزوحه ولجوئه إلى تعزيز هويته الوطنية، ورفضوا مقترحات التقسيم".
وزعم أن "حالة البؤس نفسها، ونفس الشعور بالضحية، هو أحد المبررات الرئيسية لاستمرار المقاومة الفلسطينية بشكل عام، والهجوم الذي شنّته حماس في السابع من أكتوبر"، ذاكرا ما أكدته عضو الكنيست السابقة حنين زعبي مؤخرا خلال مؤتمر في فيينا أنه "لا يمكن فصل حماس عن الشعب الفلسطيني، لأن من دخلوا في السابع من أكتوبر، دخلوا بلادهم، حتى أن أفضل المثقفين في العالم يرددون ما تردده دعاية حماس، وحشدوا أنفسهم لتبرير روايتها عن ذلك الهجوم باعتبارها الضحية".
وذكر أنه "من المعروف منذ زمن طويل أن المقاومة الفلسطينية ليست وطنية أو حتى قومية فقط، بل جهادية وإسلامية، ولذلك من المرجح أن يظل نفس المقاتلين من حماس هم حكام قطاع غزة، لأنهم وفقا لأبجديات الفكر الفلسطيني والتقدمي، فإنهم ممثلون مخلصون لسردية التضحية، التي تتضمن حلم تدمير إسرائيل، لكن هذا الحلم صعب عليه أن ينجح بدون الدعم الدولي ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية، والحرم الجامعي، وفي الشوارع، حينها تصبح الأصوات الشجاعة بين الفلسطينيين أقوى".
وأشار إلى أن ما أسماه "التحالف الأخضر والأحمر من التقدميين استولوا على الخطاب الإعلامي المناصر للفلسطينيين، وهم منتشرون في شوارع نيويورك وأمستردام وتورنتو، ممن يمكنون لرواية انتصار السردية الفلسطينية".