لماذا تتجه دولة الاحتلال نحو فشل ذريع على كافة الجبهات؟
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
تتضح معالم الفشل الإسرائيلي جلية على أصعدة عدة، مع قرب دخول الحرب على غزة شهرها التاسع دون تحقيق أي هدف من الأهداف المعلنة، في ظل توتر داخلي وخارجي غير مسبوق، واحتمال توسع المواجهة العسكرية على الجبهة اللبنانية.
وأعرب محلل عسكري إسرائيلي، الجمعة، عن اعتقاده بأن تل أبيب متجهة نحو "فشل ذريع متعدد الأبعاد"، وأنها على المستوى الاستراتيجي "عالقة في جميع الجبهات: غزة ولبنان ودوليا".
وقال المحلل بصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، في تحليل نشره الجمعة: "مع دخول الحرب على غزة شهرها التاسع فإنه من الصعب الإعلان عن وجود أخبار جيدة في الأفق".
وأكمل قائلا: "سلسلة من المناقشات أجريت في الأسابيع القليلة الماضية مع شخصيات رفيعة المستوى في مؤسسة الدفاع تشير بشكل متزايد إلى أن إسرائيل تتجه نحو فشل ذريع متعدد الأبعاد".
وأضاف: "استراتيجيا، نحن عالقون في جميع الجبهات، أكبرها وأهمها جبهة حزب الله في لبنان المهددة بالتحول إلى حريق هائل، إذا حدثت، ستلقي بظلالها على كل ما حدث قبلها".
جبهة غزة
وقال هارئيل: "كما هو الحال في غزة، فإن إسرائيل لا تنجح في ترجمة التراكم الكبير من الإنجازات التكتيكية إلى نصر استراتيجي".
وأوضح أن "النشاط العسكري في قطاع غزة الذي يتركز الآن في رفح ومخيمات اللاجئين في الوسط، يفرض ثمناً باهظاً على حماس، لكنه لا يحقق النصر في الحرب في المستقبل المنظور".
ووصف الوضع في غزة بـ"الأكثر تعقيدا"، مرجعا ذلك لـ"أسباب ليس أقلها اعتقاد حماس أن الوقت في صالحها وأن عملية الجيش الإسرائيلي على الأرض أصبحت متشابكة".
وأضاف حول ذلك: "على الأرض في غزة، فإن حماس لا تنكسر، لقد تدهورت بالفعل العديد من قدراتها العسكرية، مثل المقاتلين المسلحين وأنظمة القيادة والصواريخ، ولكن تم استبدالها بتشكيلات أصغر وأكثر مرونة تركز على البقاء ومحاولة إلحاق خسائر بالقوات الإسرائيلية".
وحول صفقة تبادل أسرى، قال: "يبدو أن المحادثات حول صفقة الرهائن مع حماس دخلت أزمة جديدة، بعد أن بدا للحظة أن خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يخرجنا من المستنقع".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "في ظل الظروف، يبدو أن الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله هو السعي قدر الإمكان إلى صفقة الرهائن، حتى على حساب وقف الحرب".
وأشار إلى أنه "قبل شهرين أو ثلاثة أشهر، عندما كان وضع إسرائيل في الحرب أفضل، ضاعت فرصة التوصل إلى اتفاق بسبب إصرار نتنياهو على تجنب اتخاذ قرار".
جبهة لبنان
في السياق، حذر هارئيل من "من تبعات الحرب مع حزب الله في لبنان"، وقال: "يبدو أن الجمهور لم يدرك بعد الفرق من حيث الضرر الذي يمكن أن تسببه صواريخ حزب الله مقارنة بصواريخ حماس".
وأضاف: "عدد الصواريخ التي أطلقتها حماس في اليوم الأول من الحرب كان 5 آلاف، وهو عدد من الممكن أن يكرره حزب الله كل يوم لمدة شهر؛ والعديد من هذه الصواريخ أثقل، ولها مدى أطول وأكثر دقة أيضًا".
وتابع: "قد تكون تقديرات عشرات الآلاف من الضحايا في العمق (الإسرائيلي) جراء الحرب مع حزب الله مبالغاً فيها، ولكن على أية حال، فإن مدن الشمال والوسط ستواجه تهديداً على نطاق وكثافة لم يسبق لهما مثيل في الماضي".
وبالمقابل قال: "ويتعين علينا أن نأمل أن يدرك حزب الله أيضاً فداحة الخطر، وأن يدرك حجم الضرر الذي سيلحق بالبنية الأساسية في لبنان وبالشعب اللبناني، وأن هذا من شأنه أن يكبح سلوكه".
ووصف الحال بين "إسرائيل" و"حزب الله" قائلا: "كما هو الحال في الأفلام الأميركية القديمة، تلعب إسرائيل وحزب الله لعبة الدجاجة على حافة الهاوية".
وزاد: "لعل القول المبتذل القديم بأن أياً من الطرفين لا يريد حرباً شاملة لا يزال صحيحاً، ولكنهما من المحتمل أن يصلوا إلى تلك المرحلة، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى سوء التقدير".
وأردف هارئيل: "خلافاً للانطباع الذي خلقته بعض التقارير الأخيرة، من الصعب القول إن القيادة الإسرائيلية متحمسة لحرب في الشمال. ومع ذلك، فإن الخطر قائم في أن يؤدي العرض المفرط لقدرات الجيش الإسرائيلي إلى عكس النتيجة المرجوة، ويجعل الحرب الشاملة أكثر احتمالا".
على المستوى الدولي
ورجح هارئيل أن "تجد إسرائيل نفسها في حرب بلا شرعية دولية التي تلاشت بعد 7 أكتوبر عندما اتضحت أبعاد الدمار والقتل في غزة، وبدون دعم أمريكي قوي وفي ظل جيش منهك يكافح من أجل الحفاظ على إمدادات منتظمة من الذخائر وقطع الغيار".
وفسر هارئيل الأسباب التي دفعت الجيش الإسرائيلي إلى استخدام تعبير "هجمات دقيقة" في بياناته الأخيرة.
وقال: "أضيفت مؤخراً فقرة تفصيلية إلى البيانات العسكرية الرسمية حول مثل هذه الهجمات، تقول إن العمليات تمت بأقصى قدر من الحذر ووفقاً لقوانين الحرب الدولية".
وأضاف: "إن ظلال محكمة الجنايات الدولية في لاهاي تلوح بالفعل في أفق الأحداث، وفي بعض المناقشات الأخيرة التي أجرتها الحكومة ومؤسسة الدفاع، ذهل المشاركون عندما اكتشفوا أن أوامر الاعتقال الدولية يمكن أيضاً إصدارها سراً".
وتابع: "من الناحية النظرية، يمكن لضابط عسكري كبير أو وزير أن يزور دولة أجنبية ويجد نفسه مشتبهًا به ومطلوبًا عند هبوطه".
ومن جانب آخر، ذكر هارئيل أن "غياب الأهداف الواضحة بالحرب قد يؤدي إلى تفاقم مشاعر الإرهاق والاستنزاف في كل من الوحدات الاحتياطية والنظامية".
ونهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية على أساس أنها انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية.
ولاحقا تقدمت عدة دول بطلبات الانضمام إلى القضية بينها فلسطين وتركيا وليبيا ونيكاراغوا وكولومبيا والمكسيك وإسبانيا.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تشن دولة الاحتلال حربا على غزة، خلفت أكثر من 120 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وتواصل دولة الاحتلال حربها رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
كما تتحدى طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير حربها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الفشل غزة نتنياهو فلسطين الاحتلال فلسطين غزة نتنياهو فشل الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
WP تنتقد الجنائية الدولية: لماذا إسرائيل وليس الديكتاتوريات في سوريا والسودان؟
انتقدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في افتتاحية حديثة لها، قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف جالانت، زاعمة أن القرار "خطوة تقوض مصداقية المحكمة وتثير تساؤلات حول أولوياتها".
وأشارت الصحيفة إلى أن المحكمة، التي أُنشئت لتحقيق العدالة لضحايا الجرائم الدولية، "لم تتخذ خطوات مماثلة بحق قادة دول متهمين بارتكاب جرائم حرب جسيمة وإبادة جماعية في أماكن مثل سوريا والسودان وميانمار".
وتساءلت الصحيفة عن سبب ترك المحكمة هؤلاء القادة في الدول المشار إليها دون محاسبة، في حين أنها تسعى لملاحقة قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي وصفته "واشنطن بوست" بأنها "دولة ديمقراطية ذات قضاء مستقل"، على حد زعمها.
وسلطت الصحيفة الضوء على جرائم حرب موثقة في دول مثل سوريا، حيث استخدم رئيس النظام السوري بشار الأسد الأسلحة الكيميائية وشن حملات تطهير عرقي في صراعه الدموي مع المعارضة، ما أدى إلى مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص، بينهم العديد من المدنيين، حسب "واشنطن بوست".
كما أشارت الصحيفة إلى السودان، وقالت إن الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" وقوات الدعم السريع التابعة له ارتكبوا إبادة جماعية محتملة في دارفور. وفي ميانمار، يستمر الجنرال مين أونج هلاينج في استهداف أقلية الروهينجا ضمن حملة قصف للقرى المدنية.
وتساءلت الصحيفة "كيف يمكن للمحكمة أن تتجاهل هذه الجرائم الفادحة بينما تركز جهودها على ملاحقة قادة دولة ديمقراطية كانت في حالة حرب مع منظمة مثل حماس، التي شنّت هجوما على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023".
وأوضحت الصحيفة أن دولة الاحتلال ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن "مذكرات الاعتقال الصادرة لن يكون لها تأثير عملي كبير سوى منع نتنياهو وجالانت من السفر إلى دول تعهدت بتنفيذ هذه الأوامر". ومع ذلك، رأت "واشنطن بوست" أن هذه الخطوة "تضع قادة إسرائيل المنتخبين في فئة واحدة مع ديكتاتوريين ومجرمي حرب ارتكبوا فظائع واسعة النطاق".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الحرب التي شنتها إسرائيل على حماس أدت إلى خسائر بشرية مروعة في غزة، حيث أفادت وزارة الصحة في غزة باستشهاد أكثر من 44 ألف فلسطيني".
وقامت الصحيفة بالإشارة إلى أن دولة الاحتلال تتحمل "مسؤولية أكبر في تجنب وقوع هذا العدد الكبير من الضحايا المدنيين"، لكنها في الوقت ذاته عادت لتحميل حماس "جزءا من المسؤولية" بسبب ما قالت إنه "استراتيجياتها العسكرية التي تضمنت الاختباء بين المدنيين واستخدام الأنفاق تحت المناطق السكنية".
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تتحمل مسؤولية أخرى تجاه الفلسطينيين النازحين، الذين يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء ويقتربون من حافة المجاعة.
وعلى الرغم من بعض التحسينات الأخيرة، مثل زيادة شاحنات المساعدات وإعادة فتح معابر حدودية، قالت الصحيفة إن تحليلها يظهر أن إسرائيل لم تلتزم بالكامل بالمطالب الإنسانية الرئيسية، بما في ذلك رفع الحصار المفروض على شمال غزة وتسهيل دخول الشاحنات التجارية.
وفي انتقادها لقرار الجنائية الدولية، زعمت الصحيفة أن "إسرائيل لديها الآليات الضرورية للتحقيق في سلوكها العسكري دون الحاجة إلى تدخل المحكمة الجنائية الدولية"، مشيرة إلى أن "لجان تحقيق قضائية وبرلمانية وعسكرية إسرائيلية من المتوقع أن تُجرى بعد انتهاء الصراع، بالإضافة إلى تحقيقات وسائل الإعلام المستقلة النشطة في إسرائيل".
وأضافت أن "بعض الجنود الإسرائيليين قد اعتُقلوا بالفعل بسبب اعتداءات على معتقلين فلسطينيين"، زاعمة أن "هذه الإجراءات تثبت أن القضاء الإسرائيلي قادر على محاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات".
وحول الموقف الأمريكي، قالت الصحيفة إن "الولايات المتحدة كانت دائما حذرة في تعاملها مع المحكمة الجنائية الدولية خشية استهداف أفرادها العسكريين، لكنها دعمت المحكمة في بعض الحالات، مثل إصدار مذكرات اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب جرائم حرب في أوكرانيا".
لكن الصحيفة حذرت من أن "قرارات المحكمة الأخيرة ضد إسرائيل قد تُعيد إحياء موقف إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي فرض سابقا عقوبات على موظفي المحكمة".
وخلصت "واشنطن بوست" إلى أن هذه "الخطوة قد تعيق التعاون الأمريكي مع المحكمة في وقت تزداد فيه الحاجة إلى محاسبة مرتكبي الجرائم في دول مثل روسيا والسودان وميانمار".